في ظل تصاعد موجات الاحتجاجات ضد النظام الانقلابي في مصر، وبسبب فشل الوجوه الإعلامية، وقلة تحمس المصريين لهذه الوجوه، كان البحث عن وجه جديد يتم على قدم وساق داخل أروقة أجهزة "عباس كامل".

جاء ذلك بعدما فقد جهاز "كامل"، جهود "باسم يوسف"، الذي أعلن اعتزاله، وتوقفه عن تقديم برنامجه، ويبدو أن هناك من نصح "باسم"، بالانسحاب والانتقال لأمريكا.

كان لا بد من ملء فراغ "باسم يوسف"، ومن الصعب أن يجيء من يشغل هذا الحيز بسهولة، لذلك كان الاتجاه لإنتاج شخصية كارتونية "دمية"، تقوم بالدور الذي قام به "باسم"، من تهريج ونشر للألفاظ الخارجة، وتنتقل لمرحلة متقدمة من الإباحية على شاشات الفضائيات، ومن هنا ظهرت الدمية "أبلة فاهيتا"، الأرملة الجرئية المتحرشة بذيئة اللسان، وهي خلطة تعجب المصريين وتروق لهم كثيرا.

شريحة المرحوم وبلاغ "سبايدر"

في عام 2014، كانت إطلالة "أبلة فاهيتا" الأولى، عبر إعلان  "شريحة المرحوم"، وهو إعلان لإحدى شركات الاتصالات بمصر، وسرعان ما تحول إلى حالة من إثارة الجدل، بعدما قام المذيع "أحمد سابيدر"، بإحدى قنوات "فلول مبارك"، "الفراعيين"، بإطلاق عدة شائعات حول الإعلان، واتهامه للدمية بأنها تقوم بالتجسس، وتحضر لعمل إرهابي في أحد مراكز القاهرة التجارية.

كان "سبايدر" في تلك المرحلة، شأنه شأن مالك القناة "توفيق عكاشة"، أحد الوجوة السطحية، التي يستخدمها نظام "السيسي"، لإلهاء الناس، وإطلاق الشائعات، والتأثير على الطبقات قليلة الحظ من الثقافة والوعي، لإشعارهم أن هناك مؤامرة كونية فضائية تمارسها الماسونية العالمية لإسقاط مصر ونظامها.

ومن الغريب، أن النائب العام تفاعل مع بلاغ تقدم به "سبايدر"، يتهم فيه الدمية "فاهيتا"، بالإرهاب، وأصدر مكتبه بيانا جاء فيه، أن "إعلانا تجاريا منسوبا لإحدى الشركات تضمن عبارات ورموز غريبة، مما دفع النيابة العامة إلى استدعاء المدير الإقليمي للشركة، لاستيضاح الأمر، كما كلفنا قطاع الأمن الوطني والجهات المختصة بإجراء التحريات بشأن الموضوع".

وبذلك تم ترسيخ قدم الدمية ووضعها في أعلى درجات سلم النجومية، وأخذت شهرتها تتصاعد منذ ذلك التاريخ بين مثقفين يتندرون على دولة هزيلة، وبسطاء يصدقون أكاذيب هذه الدولة، لتتحول بعدها "أبلة فاهيتا"، وبرنامجها "من الدوبلكس"، إلى أحد أهم برامج التأثير، ونشر الوقاحة والبذاءة في مصر.

"صبري" و"مرتضى" يدخلان الملعب

لم يتوقف الأمر، عند اتهامات "سبايدر"، بل وصل إلى المحامي "سمير صبري"، والمعروف بتأييده لانقلاب "السيسي"، وقيامه بتقديم البلاغات الكيدية في المناضلين والسياسيين وغيرهم.

قام "صبري" في 2017، بتقديم بلاغ يطالب فيه، بمسائلة الدمية وعقابها، بسبب تحريضها على الفسق والفجور.

وزيادة في تنجيم "أبلة فاهيتا"، تم دفع "مرتضى منصور"، إلى الاشتباك معها، وسبها بألفاظ  نابية.

ودخل البرلمان المصري على الخط، بعدما تقدم 300 نائب، في إحدى الجلسات، بطلب استجواب للقائمين على البرنامج.

ويكفي أن نشير إلى أن الذي تزعم الاستجواب والتحريض عليه، كان "مصطفى بكري".

الموسم الأخير وإيقاف مؤقت

في عام 2018، وأثناء بث الموسم السادس، طالب المجلس الأعلى للإعلام (حكومي)، من قناة "سي بي سي"، حذف الإيحاءات الجنسية من البرنامج، مع ضرورة وضع اسم الممثل الذي يقوم بالآداء الصوتي للدمية، لتتم محاسبته على المخالفات.

وبعدها تم إيقاف البرنامج، بإيميل رسمي من القناة، إلى أجل غير مسمى.

ومع ذلك كان الترويج خلال العام 2019/2018 لمقاطع البرنامج غير مسبوق على مواقع التواصل الاجتماعي.

"فاهيتا" نجمة دراما

يبدو أن الإيقاف، كان تمهيدا لتلك الخطوة، وهي خطوة الانتقال بها إلى نجمة من نجوم الدراما.

والبداية مع شبكة "نتفليكس"، التي أعلنت في 23 ديسمبر/كانون الأول 2019، عن قيامها بإنتاج مسلسل درامي، بطلته هي الدمية "فاهيتا"، ومغامراتها كنجمة لامعة انقلب حالها رأسا على عقب، بعد أن وجدت نفسها طريدة العدالة والمجتمع.

وفي إشارة إلى أن المسلسل سيكون به مشاكل أخلاقية، جاء تعليق الدمية على اشتراكها في العمل "يهدها النتفليكسة.. هو أنا كنت ملاحقة على البرنامج علشان يخلوني أعمل مسلسل.. يلا اللي شجعني أنه هيتعمل بـ20 لغة".

يشار إلى أن مسلسل "أبلة فاهيتا"، هو ثاني مسلسلات "نتفيلكس" المصرية.