فوكس: نتنياهو يحاول وضع نفسه فوق القانون

الجمعة 3 يناير 2020 04:12 م

يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" تهمًا بالفساد والرشوة، في الوقت الذي يقوم فيه بحملة لإعادة انتخابه في مارس/آذار 2020. وفي يوم رأس السنة الجديدة، ألقى خطابًا حاول تناول الموضوعين في وقت واحد، مطالبًا البرلمان الإسرائيلي، "الكنيست"، بمنحه حصانة مؤقتة من الادّعاء.

وقال "نتنياهو": "تهدف الحصانة إلى حمايةالمرشحين من التهم المنسوبة إليهم. فأنا أنوي الاستمرار في قيادة (إسرائيل) لأعوامٍ عديدة أخرى".

وتعدّ الجرائم المتهم "نتنياهو" بارتكابها خطيرة، وليست "ملفقة". ومن غير المرجح أن ينجح طلبه في المدى القصير، حيث لا يبدو أن الفكرة قادرة على كسب تأييد الأغلبية في "الكنيست".

ومن الأفضل فهم محاولته كمناورة سياسية على جبهتين. أولًا، يحاول "نتنياهو" إعاقة لوائح الاتهام في الإجراءات البرلمانية، لمنع نشر أي عناوين سياسية ضارة فيما يتعلق بالقضية المرفوعة ضده إلى ما بعد الانتخابات. ثانيًا، يحاول حشد أنصاره المتشددين عبر توضيح أنه لن تكون هناك حصانة له دون الفوز في الانتخابات. وإذا فاز "نتنياهو" وحلفاؤه في انتخابات مارس/آذار، فمن المحتمل أن تكون الحصانة على رأس جدول أعمالهم.

ويشير الوضع برمته إلى اختبارٍ فيما يتعلق بديمقراطية هذا البلد. ومن شأن فوز "نتنياهو" أن يسمح للرجل، الذي هو بالفعل رئيس الوزراء الأطول خدمة في (إسرائيل)، بالبقاء في منصبه ومنح نفسه الحصانة من مزاعم النشاط الإجرامي الخطير، بما في ذلك اتهامان منفصلان يتضمنان استخدام صلاحيات منصبه لشراء تغطية إعلامية ملائمة.

وبعد خطاب الأربعاء، زعم المنافس السياسي الرئيسي لـ "نتنياهو"، زعيم الحزب الأزرق والأبيض، "بيني جانتس"، أن الانتخابات تضع الناخبين الإسرائيليين أمام خيارٍ تاريخي، إما أن يختاروا "مملكة نتنياهو"، أو "يختاروا دولة (إسرائيل)". وهو محق في هذا.

ما هي أهمية طلب الحصانة؟

تغطي لائحة الاتهام ضد "نتنياهو" 3 قضايا مختلفة، بما في ذلك جرائمه المزعومة بتلقيه هدايا غير قانونية من أحد المليارديرات، وترتيباته الفاسدة مع خبراء الإعلام بهدف تحسين تغطيته صحفيًا. وتوجد تهم أخرى تشمل الرشوة والاحتيال وانتهاك ثقة الجمهور، وتعد الرشوة أخطر اتهام بموجب القانون الإسرائيلي. وليس من المستبعد أن يدخل "نتنياهو" السجن، فقد انتهى الأمر برئيس الوزراء السابق "إيهود أولمرت"، في فضيحة رشوة خلال فترة وجوده في منصبه في أواخر العقد الأول من القرن العشرين، بقضاء أكثر من عام في السجن في النهاية.

ومن الناحية القانونية، يتمتع "نتنياهو" بالحق في طلب الحصانة من هذه التهم أثناء توليه منصبه. ويسمح القانون الأساسي لـ (إسرائيل)، الذي يعادل الدستور، لأي من أعضاء الكنيست طلب الحصانة من المقاضاة. وهناك تشريع آخر، يعرف باسم "قانون الحصانة"، يساعد في تدوين كيفية سير هذه العملية.

ويأتي أفضل تفسير فني لكل هذا من "جوناثان ليس"، المراسل في صحيفة "هآرتس"، حيث يصف الأسباب الـ 4 التي يمكن للمشرع من خلالها طلب الحصانة، كالتالي:

  • إذا تم ارتكاب الجريمة كجزء من قيام المشرع بعمله.

  • إذا تم تقديم لائحة الاتهام بسوء نية أو بطريقة تمييزية.

  • إذا تم ارتكاب الجريمة داخل الكنيست، واتخذت الهيئة التشريعية خطواتها الداخلية الخاصة بهذا الشأن.

  • إذا كانت نتائج العملية الجنائية ستنتهك قدرة الكنيست أو لجانها على تنفيذ مهامها.

وفي الممارسة العملية، فإن عملية تحديد ما إذا كانت قضية رئيس الوزراء تفي بأحد هذه الشروط هي عملية سياسية في الأساس، مثل الوضع في الولايات المتحدة.

ويحتاج "نتنياهو" إلى دعم الأغلبية من أعضاء الكنيست البالغ عددهم 120، وهو لا يملك هذا العدد. وبعد فترة وجيزة من خطاب "نتنياهو" الأربعاء، استبعد "أفيجدور ليبرمان"، زعيم حزب "إسرائيل بيتنا"، القومي العلماني، تقديم الدعم لهذا الطلب، معتبرا ​​أن "دولة إسرائيل أصبحت رهينة لمشكلة نتنياهو الشخصية".

ومن المؤكد أن "نتنياهو" قد عرف أن احتمالات نجاحه في طلب الحصانة كانت منخفضة. لذا يبدو أن هدفه فقط هو تأخير الأمور. وليس من المرجح أن يتناول الكنيست مسألة الحصانة إلا بعد الانتخابات، ولا يمكن المضي قدمًا في عملية المحاكمة إلا بعد حل مسألة طلب الحصانة.

لذا فإنها خطوة سياسية تهدف إلى قلب أرقام استطلاعات حزبه. ولطالما كان "الأزرق والأبيض" ينتقد "نتنياهو" بسبب مشاكله القانونية، ويبدو أن رئيس الوزراء يراهن على أن ضغط زر الإيقاف المؤقت للقضية قد يحد من الأضرار.

وتُظهر استطلاعات الرأي حاليًا أن حزب "جانتس"، "الأزرق والأبيض"، يتقدم في السباق على "الليكود" بزعامة "نتنياهو"، لكن هذا لا يكفي في النظام السياسي المجزأ في (إسرائيل)، فسوف يحتاج أي من الحزبين الرئيسيين إلى دعم من عدة أحزاب أصغر لتشكيل أغلبية في الكنيست تبلغ 61 مقعدًا.

وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه لا توجد أغلبية كافية من كتلة يسار الوسط التي تدعم "جانتس"، ولا الكتلة اليمينية التي تدعم "نتنياهو". لذا فهو سباق وثيق، وكل حركة صغيرة قد تشكل الفارق.

لكن من الممكن أيضًا أن تأتي هذه الخطوة بنتائج عكسية. وتعارض أغلبية كبيرة من الإسرائيليين منح "نتنياهو" حصانة من الملاحقة القضائية. ويمكن لضغط "نتنياهو" من أجل الحصانة أن يعزز الحجة الأساسية لحزب "الأزرق والأبيض" بأن استمرار "نتنياهو" لفترة أخرى سيشكل تهديدًا خطيرًا لبقاء الديمقراطية الإسرائيلية.

ولدى "الأزرق والأبيض" وجهة نظر معتبرة هنا. فقد أقرت (إسرائيل) قانونًا ينص على أن "الحق في ممارسة تقرير المصير الوطني في دولة (إسرائيل) هو حق فريد للشعب اليهودي"، وهي رؤية للهوية الوطنية تستثني العرب والأقليات الأخرى غير اليهودية. كما صدر قانون يهدف إلى إسكات المنظمات غير الحكومية التي تراقب انتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية، وهاجمت حكومته استقلال القضاء.

وقد تكون تهمة الفساد الأخطر رغم أن "نتنياهو" غير في لوائح الصحافة على مدار 5 أعوام، وهو تكتيك استبدادي لتخصيص الصحافة الحرة لصالحه، بما يذكرنا بالمجري المستبد "فيكتور أوربان".

ويحذر خبراء إسرائيليون بارزون من أن منح "نتنياهو" الحصانة، وهو ما سيكون أول عمل له في حال فوزه بالانتخابات في مارس/آذار، سيشكل هجومًا خطيرًا آخر على أسس الديمقراطية الإسرائيلية.

وقال "يوهانان بليسنر"، رئيس معهد (إسرائيل) للديمقراطية، في بيان عبر البريد الإلكتروني: "نظرًا لعدم وجود حدود زمنية لأعضاء الكنيست أو لرؤساء الوزراء في (إسرائيل)، فإن منح الحصانة يعني تأخيرًا غير محدد في الإجراءات القانونية، وسيشكل ضررًا لا يمكن إصلاحه لمبدأ المساواة أمام القانون. وإذا تم تحصين أعلى منصب منتخب من توجيه الاتهام في مثل هذه الجرائم الخطيرة، سيسبب ذلك ضررًا كبيرًا في ثقة الجمهور بسيادة القانون".

لكن "نتنياهو" ليس السبب الجذري للمشاكل الديمقراطية في (إسرائيل)؛ فالأسباب الأساسية للتراجع الديمقراطي في البلاد مرتبطة ارتباطًا عميقًا باحتلالها للأراضي الفلسطينية. وتدير (إسرائيل) دكتاتورية عسكرية على الفلسطينيين في الضفة الغربية. وتبدو إعادة (إسرائيل) من هذه الهاوية مهمة ضخمة، قد لا يرغب أي شخص في السياسة الإسرائيلية في محاولة إنجازها.

لكن مساعي "نتنياهو" من أجل الحصانة تُظهر كيف يمكن لنهجه السياسي أن يضع نهاية سريعة للديمقراطية في البلاد إذا أفلت من العقاب. ويعتمد الكثير على تصويت الناخبين في مارس/آذار.

المصدر | فوكس - ترجمة الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

نتنياهو الانتخابات الإسرائيلية الكنيست تهم فساد