المونيتور: حماس أمام اختيارين.. إما مصر أو إيران

الأحد 12 يناير 2020 07:51 م

في الأول من ديسمبر/كانون الأول الماضي، غادر "إسماعيل هنية"، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، غزة؛ لحضور سلسلة من الاجتماعات في القاهرة مع المخابرات المصرية فيما يتعلق بالترتيبات بين حركته و(إسرائيل).

وفي نفس المناسبة، أذن المصريون لـ"هنية"، بناءً على طلبه، بالسفر إلى دول إسلامية أخرى، شريطة ألا يزور إيران.

ووافق "هنية" على الشرط، وغادر "غزة"، بعد منعه من الخروج منها منذ انتخابه لمنصبه الحالي في صيف 2017، لأن مصر لم تسمح له بالمرور عبر معبر رفح منذ ذلك الحين.

وكان "هنية" يعتزم استخدام هذا الإذن لمغادرة غزة، لإثبات أنه قادر على جمع الأموال لـ"حماس"، مع "موسى أبومرزوق"، وهو عضو آخر بارز في "حماس"، ويُعتقد أنهما سجلا رقما قياسيا لجمع التبرعات من المؤسسات الإسلامية في جميع أنحاء العالم. حتى إن "هنية" خطط للسفر إلى إندونيسيا.

وتمثل "تأشيرة الخروج" مبادرة حسن نية من قبل مصر أملا في خلق جو أكثر ملاءمة للمساعدة في المضي قدما في ترتيب طويل الأجل بين "حماس" و(إسرائيل).

وفي إطار هذه الخلفية، سافر "هنية" إلى عدد من البلدان، بما في ذلك زيارة كل من الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" وأمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني"، المتبرع الأكثر سخاءً لقطاع غزة.

وفي 3 يناير/كانون الثاني، في نهاية رحلة "هنية"، اغتالت الولايات المتحدة اللواء "قاسم سليماني"، قائد "فيلق القدس" الإيراني، وبعد ذلك، قرر "هنية" المجازفة والسفر إلى طهران لحضور الجنازة، حتى إنه قدم جمل الرثاء.

ورد المصريون الغاضبون بالطبع بفرض عقوبات، فقد رفعت سعر غاز الطهي الذي يتم نقله من مصر إلى غزة على الفور. ويبدو أن ذلك كان البداية فقط.

وأكد مصدر سياسي في "حماس" لـ"المونيتور" أن "هنية" لم يكن لديه خيار آخر، وقال المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: "في اللحظة التي وردت فيها الأنباء عن الاغتيال، اتخذ هنية القرار الصحيح بالتعبير عن الحزن والغضب من الهجوم الأمريكي الفظيع".

وفي المحادثة، حاول المصدر التقليل من عمق الأزمة التي سببتها الزيارة بين المصريين و"حماس".

وقال مصدر أمني إسرائيلي لـ "المونيتور" إنه يتعين على (إسرائيل) الآن، مع دخول محادثات الترتيب المفترض في أكثر مراحلها أهمية، التأكد من خطواتها التالية، في ضوء إظهار "هنية" دعمه العلني لإيران.

فهل تنسحب (إسرائيل) من التفاهمات التي تم التوصل إليها حتى الآن مع "حماس"؟ حسنا، ما زال الوقت مبكرا للغاية لمعرفة ذلك.

بشكل أو بآخر، ستواجه المؤسسة الدبلوماسية والأمنية في (إسرائيل) صعوبة في الترويج للخطوط العريضة للترتيب لدى الجمهور الإسرائيلي بعد أن سافر أحد قادة "حماس" إلى طهران ليقدم تعازيه ويعبر عن حزنه لمقتل أبرز "إرهابي" لديها.

لقد أصبح "هنية" بعد هذه الزيارة شخصية غير مرغوب فيها لدى حكومة مصر، فلقد انتهك الالتزام الذي تعهد به، وكزعيم "حماس" الأبرز في غزة، أثبت ولاءه لإيران.

وهكذا، يبدو أن "هنية" قام في فترة قصيرة بتدمير خطوات استغرقها أعوام من العمل من جانب "حماس" لإرضاء مصر واسترضاء الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي".

فقد عمل "هنية" وآخرون في "حماس" بجد في الأعوام الأخيرة من أجل التقرب إلى مصر، ودخلت قيادة "حماس" في تحالف مع "محمد دحلان"، صديق الرئيس المصري، وهو شخص دائما ما اعتبرته "حماس" شيطانا، وأقنعته بمساعدة "حماس" على تحسين العلاقات مع القاهرة.

وفي خطوة مفاجئة في ذلك الوقت، أعلنت "حماس" قطع العلاقات مع حركتها الأم، "جماعة الإخوان المسلمين"، وهي جماعة يكرهها "السيسي".

وعلى المرء أن يتذكر أن مؤسس حماس، الشيخ "أحمد ياسين"، أسس الجماعة الإسلامية، التي نشأت منها "حماس"، باعتبارها الفرع الفلسطيني من جماعة "الإخوان المسلمين".

ومع ذلك، فهم "ياسين" دائما دور مصر المهم في المنطقة، وتجنب إظهار الدعم المباشر لإيران، على الرغم من إعجابه بالثورة الإسلامية الإيرانية وحماسه لها.

ويعد رد المصريين على زيارة "هنية" لإيران أمر مثير للاهتمام بشكل خاص، وعلى المدى الطويل، قد يعتزم المصريون التأثير على العملية التي تبدأ هذا العام لاختيار ممثلين في مجلس الشورى والمكتب السياسي التابعين لـ"حماس".

وتعد الانتخابات غير علنية، حتى إن هويات الناخبين المؤهلين تظل سرية، في تقليد للمنظمة التي طالما عملت في السر خشية اغتيالات (إسرائيل).

وفي مسألة ذات صلة، وفقا لتقرير صادر في 26 ديسمبر/كانون الأول، فإن رئيس المكتب السياسي السابق لحماس، "خالد مشعل"، مهتم حاليا بالترشح لمنصبه القديم، وبالنسبة للمصريين، يمثل "مشعل" شوكة في حلقهم، ودمية يديرها خصوم مصر، قطر وتركيا، والآن، انضم "هنية" إليه في قائمة أعداء القاهرة.

ويعد "يحيى السنوار"، رئيس حركة "حماس" في غزة، هو الزعيم الوحيد الذي يفهم وضع الحركة، وهو محاصر بين المطرقة والسندان، أي إيران ومصر.

وكعضو بارز في الحركة منذ أيام "ياسين"، ومؤسس مشارك للجناح العسكري لحركة "حماس"، يعلم "السنوار" أنه لا ينبغي وضع كل البيض في سلة واحدة.

وتعد إيران صديقة، لكنها بعيدة، بينما مصر قريبة، وقد تتسبب العقوبات التي فرضتها القاهرة في خنق غزة، ويعلم "السنوار" جيدا أنه لا يجب إغضاب "السيسي"، خاصةً بعد الاستثمار الضخم الذي تم في رحلة إرضائه وجعل مصر بمثابة وسيط مع (إسرائيل) لضمان بقاء الحركة.

وقال مصدر أمني إسرائيلي إن مصر لديها وسائلها لإلحاق الضرر بـ"هنية" سياسيا؛ حيث يمكنهم ألا يجعلوا من الصعب عليه مغادرة غزة فحسب، بل يمكنهم إغلاق معبر رفح تماما أمام الحركة الفلسطينية.

ويمكنهم التلميح أيضا إلى أن "هنية" ورفاقه في المعسكر الموالي لإيران وتركيا هم المسؤولون عن هذا الوضع، لأنهم افتقروا إلى الحكمة الدبلوماسية وفشلوا في فهم ما يتطلبه الأمر لإدارة غزة بشيء من المسؤولية.

وبهذا يجعل المصريون "حماس" تدرك أنه إذا بقيت الحركة مهتمة ببقائها، فيجب أن تختار قيادتها المستقبلية الجانب الصحيح من المعادلة، أي مصر، عبر فك الارتباط عن إيران.

فهل تفعل "حماس" ذلك؟ حسنا، لقد أثبتت "حماس" منذ تأسيسها أنها حركة ترغب في النجاح والبقاء على قيد الحياة.

وهي تغير آفاقها وتخفف حتى أيديولوجيتها المتشددة وفقا للظروف والاحتياجات، وبالتالي، يعرف كل مرشح لمجلس شورى الحركة أن مصر تتحكم في إمداد غزة بكل ما تحتاجه للبقاء على قيد الحياة، وأنه لا يوجد تحالف يستحق الوقوف ضد القاهرة.

المصدر | شلومي إلدار | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

إسماعيل هنية حركة حماس خالد مشعل يحي السنوار

وفد حماس يعود إلى غزة بعد جولة خارجية

حماس تنفي وجود أي توتر في علاقتها مع مصر