استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

«صفقة القرن» وأوهام ترامب الفاشلة

الثلاثاء 28 يناير 2020 02:39 م

«صفقة القرن» وأوهام ترامب الفاشلة

ينبغي حل السلطة إن لم يتوقف المشروع الأمريكي حتى يدفع الإسرائيليون وحدهم ثمن الاحتلال والصفقة المرفوضة.

تظهر معطيات التاريخ وتجاربه أن فرص نجاح «صفقة القرن» محدودة ولا إشارات على وجود طرف فلسطيني يقبل بهذه الصفقة.

الأمريكيين والاسرائيليين يريدون خليفة لعباس يمرر الصفقة وسيكافئون السلطة بخمسين مليار دولار أي يريد ترامب شراء الحقوق بمال تدفعه دول الخليج.

*     *     *

في تاريخ الشعب الفلسطيني بطوله وعرضه، لم ينجح أي اتفاق أو معاهدة، من دون أن يوافق عليها الفلسطينيون، ويقرروا تمريرها، كما لم تنجح أي قوة عربية أو غربية في فرض إرادتها على هذا الشعب، وقد فشل سابقا العديد من مشاريع التسوية والتصفية، التي كان يحاول الإسرائيليون فرضها، ذلك أن الشعب الفلسطيني لم يكن ليقبل ولا في أي مرحلة من تاريخه النضالي أن يكون مفعولاً به، أو مجرد متفرج على ما يجري في بلده.

في عام 1970 وافقت مصر على مبادرة «روجرز» التي كانت أولى مبادرات التسوية بين العرب وإسرائيل، وكانت مصر يومها تحكم العالم العربي بأكمله تقريباً، بفضل الزعيم الحديدي جمال عبد الناصر، الذي كان يعتلي المنبر فيُنصت له العرب من المحيط إلى الخليج، ورغم ذلك فشلت تلك المبادرة بسبب أن الفلسطينيين رفضوها وتمسكوا بالمقاومة.

وفي عام 2000، أي بعد ثلاثين عاماً من تلك المبادرة حوصر الرئيس ياسر عرفات في منتجع «كامب ديفيد» في الولايات المتحدة لمدة أسبوعين، وتم عزله عن العالم الخارجي لممارسة الضغوط عليه، من أجل تمرير صفقة تسوية أمريكية، لكنّ الرجل الذي وقّع قبلها مع الاسرائيليين 13 اتفاقاً رفض أن يوقع على ذلك العرض بسبب أنه يتجاهل الحق الفلسطيني في القدس، ويتجاهل عودة اللاجئين، الذين ما زالوا ينتظرون في المنافي العودة لمدنهم وقراهم.

ثمة العديد من الأمثلة عبر تاريخ الصراع على مشاريع تسوية فشلت، بسبب أن الفلسطينيين رفضوها، إذ لا يمكن لسياسة الإملاء والأوامر أن تؤدي الى نجاح أي اتفاق، فضلا عن أن رفض «صفقة القرن» لا يتوقف عند الفلسطينيين، وإنما يمتد الى الأردن أيضا، الذي يعتبر أن ما يريد الرئيس دونالد ترامب طرحه، يشكل نسفا لأساسين تقوم عليهما الدولة الأردنية الهاشمية:

الأول هو الوصاية على القدس والمقدسات، والثاني الهوية الأردنية التي بُنيت وتشكلت طوال العقود الماضية، والتي ستتعرض للنسف إذا تخلى العالم عن الاعتراف بحق اللاجئين في العودة إلى فلسطين.

ضمن هذه المعطيات ومع هذه التجارب التاريخية، تبدو فرص نجاح «صفقة القرن» محدودة، ولا إشارات على أن ثمة طرفا فلسطينيا يمكن أن يقبل بهذه الصفقة.

خاصة أن واشنطن حيدت القدس أساسا من أي تفاوض، عندما اعترفت بها عاصمة للدولة الإسرائيلية، وسحبت اعترافها بعدد كبير من اللاجئين، عندما أعادت تعريف اللاجئ، وقلصت المساعدات الممنوحة للأونروا، وهذا معناه أن صفقة القرن لا يمكن أن تتضمن ما يحقق الحد الأدنى من مطالب الفلسطينيين.

في المقابل ومع عدم وجود أي شريك فلسطيني لهذه الصفقة، فإن من الواضح أن الأمريكيين والإسرائيليين سيعملون على تغيير الأمر الواقع، وفرض إرادتهم بالقوة على الأرض، وهذا ما حدث فعلا بالاعتراف الأمريكي بخصوص القدس، ومن ثم اعتزام الاحتلال الاسرائيلي ضم أراضي غور الأردن، وربما لاحقاً ضم أراض أخرى من الضفة الغربية.

أي تجريد الفلسطينيين، من أي أمل بإقامة دولة مستقلة على الأراضي المحتلة عام 1967. وأمام استخدام سياسة القوة وفرض الأمر الواقع وتغيير الجغرافيا والديموغرافيا في فلسطين، فلم يعد لتمسك بعض الفلسطينيين بالسلطة أي معنى.

إذ يتوجب حل السلطة الفلسطينية، والإعلان للعالم بكل وضوح أن الشعب الفلسطيني ما زال تحت الاحتلال، وإن هذا الاحتلال انقض على كل الاتفاقات التي وقعها مع منظمة التحرير، وإننا ـ أي السلطة – لن نكون مجرد أداة لتسيير الشؤون المدنية لشعب يعيش تحت الاحتلال، فهذا مشروع مرفوض ولا يمكن أن يكون الهدف المنشود.

وقد كشفت جريدة «معاريف» الاسرائيلية بكل وضوح أن الأمريكيين والاسرائيليين يريدون خليفة للرئيس عباس، يمرر هذه الصفقة، وأنهم سوف يكافئون السلطة بخمسين مليار دولار، إذا وافقت، ما يعني أن ترامب يريد أن يشتري الذمم والحقوق بالمال الأمريكي الذي ستدفعه دول الخليج.

وهو ما يدفع بالحاح أكثر الى الدعوة لحل السلطة في حال لم يتوقف المشروع الأمريكي، حتى يدفع الإسرائيليون وحدهم ثمن مشروع التسوية المرفوض.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

إسرائيل وصفقة القرن.. انتصار تاريخي أم تهيئة لانتفاضة جديدة؟