بعد مرور عامين.. ماذا حققت العملية سيناء 2018؟

الخميس 30 يناير 2020 09:35 ص

توشك أن تكمل العملية العسكرية الشاملة التي أطلقها الجيش المصري، تحت شعار "سيناء 2018"، عامها الثاني على التوالي، دون أن تضع أوزارها بعد، لحسم الصراع الدائر في سيناء، شمال شرقي مصر.

وعلى الرغم من استخدام "القوة الغاشمة" بحسب تعليمات الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، فإن العملية لم تتمكن إلى الآن من بسط سيطرتها على تلك البؤرة الساخنة على الخريطة المصرية.

وتشارك في "سيناء 2018"، التي انطلقت بعد نحو 3 شهور من هجوم دموي على مسجد الروضة بمنطقة بئر العبد أدى لمقتل أكثر من 300 شخص، كل أفرع القوات المسلحة المصرية في العملية بإسناد جوي وبحري، وبمشاركة حاملة الطائرات "ميسترال"، وطائرات "الرافال"، وقوات خاصة من الجيش المصري والداخلية.

مكاسب الجيش

من آن لآخر، يعلن المتحدث العسكري المصري، عن تحقيق انتصارات ضد التنظيمات المسلحة في سيناء، وعلى رأسها "ولاية سيناء"، الفرع المحلي في مصر لتنظيم "الدولة الإسلامية".

وينشط "ولاية سيناء" في مدن رفح والعريش والشيخ زويد وبئر العبد، بمحافظة شمال سيناء، وهي الأكثر سخونة، مقارنة بوسط وجنوب سيناء، حيث منتجعات دهب وطابا وشرم الشيخ، والتي تحظى بتأمين أمني عال المستوى.

وخلال عامين، تفيد بيانات الجيش المصري، بتصفية المئات من المسلحين، واعتقال آلاف المشتبه بهم، وتدمير مئات السيارات ذات الدفع الرباعي، وتفجير مخابئ وملاجئ، وأنفاق حدودية، وضبط عبوات ناسفة، وأحزمة متفجرات، وسلاح وذخيرة بكميات كبيرة.

وغالبا ما تتباهى المؤسسة العسكرية المصرية، دون الكشف عن حقيقة خسائرها، بتراجع الهجمات الإرهابية، وانحسار نفوذ التنظيمات المسلحة في سيناء، بعد تصفية المئات ممن تسميهم بـ"التكفيريين"، وهو مصطلح يطلقه الجيش المصري على معارضيه، في تلك البؤرة الساخنة، دون القبض عليهم، أو محاكمتهم أمام القضاء.

وتعد أكبر ضربة تلقاها التنظيم منذ بدء "سيناء 2018" مقتل القيادي "أبوجعفر المقدسي" زعيم التنظيم في مدينة "الشيخ زويد" التابعة لمدينة العريش، يوليو/تموز من العام ذاته، وذلك بعد مقتل "ناصر أبوزقول" زعيم التنظيم في وسط سيناء، أبريل/نيسان 2018.

تكتيك الانسحاب

وفق تكتيكات التنظيم، فإن "ولاية سيناء" يعتمد أسلوب التنقل الدائم بين المناطق في سيناء، في ظل مساعدة الجغرافيا الممتدة لعناصره، ووجود حاضنة شعبية له في بعض المناطق، ما منحه فرصة التخفي ضمن خلايا كامنة، تظهر وفق الظروف المتاحة على الأرض.

ولم يغب التنظيم عن المشهد السيناوي طيلة عامين، رغم تكبده خسائر فادحة، بل ظهر في عدة هجمات عنيفة، كبدت الأمن المصري خسائر فادحة، أبرزها الهجوم على نقطة تفتيش للشرطة المصرية "حاجز الكيلو 17 غرب العريش"، ما أسفر عن سقوط 15 جنديا ما بين قتيل وجريح، أغسطس/آب 2018.

وفي فبراير/شباط 2019، تبنى التنظيم الهجوم على نقطة تفتيش تابعة للجيش، جنوب مدينة العريش، ما أسفر عن مقتل 15 عسكريا مصريا، وإصابة 5 آخرين.

وقتل 14 عسكريا، بينهم ضباط، في هجوم مسلح، استهدف كمين "بطل 14" على الطريق الدائري بمدينة العريش، شمال سيناء، أول أيام عيد الفطر المبارك، يونيو/حزيران الماضي.

وفي سبتمبر/أيلول 2019، أسفر هجوم مسلح على نقطة تفتيش التفاحة، جنوب مدينة بئر العبد، عن مقتل جميع أفراد القوة العسكرية (15 عسكريا)، وتبنى كذلك "ولاية سيناء" الهجوم.

وإلى جانب ذلك، اغتال التنظيم مسؤولا حكوميا مصريا سابقا، في محافظة شمال سيناء، واستهدف مواطنين بزعم تعاملهم مع جهات أمنية، واختطف آخرين، إضافة إلى استمرار عمليات القنص وتفجير العبوات الناسفة، واستهداف مركبات الجيش بقذائف "آر بي جي".

لكن في المجمل، يمكن القول إن عمليات التنظيم في تراجع، ولم تعد بحجم القوة والانتشار السابقين في محافظات مختلفة، مقارنة بتفجيرات الكنائس في 2017، وتفجير الكاتدرائية، وسط القاهرة 2016، وتنفيذ عدد من عمليات ذبح الأقباط في مناطق مختلفة.

تضرر المدنيين

في مقابل مكاسب وخسائر طرفي المواجهة (الجيش، الدولة الإسلامية)، كان المدنيون الأكثر تضررا ودفعا لفاتورة العملية العسكرية المتواصلة في سيناء، وهم الأكثر تكبدا لخسائر تتعلق بالأرواح، والتهجير، وفقدان أبسط حقوقهم الإنسانية.

وتفيد التقارير الصادرة عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"(حقوقية دولية)، بتعرض سيناء لحصار شامل وتضييق على حركة السكان وتجريف آلاف الدونمات الزراعية ومئات المنازل، بالإضافة إلى إزالة مدينة رفح بصورة كاملة إلى جانب الشلل الذي أصاب الحركة الاقتصادية والاجتماعية لأشهر طويلة.

ومنذ بدء العملية العسكرية الشاملة، فرض الجيش المصري الحصار الأطول على سيناء، ما تسبب في موجات نزوح، وفقدان المئات لأعمالهم، وتعطل الدراسة لشهور، ونقص حاد في المواد الغذائية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية، مع انقطاع متكرر لشبكات الاتصالات والإنترنت والكهرباء.

وتقول المنظمة (مقرها نيويورك)، إن سيناء تبدو أكثر بؤساً مما كانت عليه قبل تاريخ التاسع من فبراير/شباط 2018، مؤكدة أن وعود الأمان والرخاء التي روجت لها السلطات المصرية، لتبرير عملياتها، كانت مجرد سراب.

وخلال عامين، وضمن سياسة العقاب الجماعي، شهدت مدن شمالي سيناء، وفق تقارير حقوقية، انتهاكات أمنية شملت مقتل مئات المدنيين بدعوى التورط في أعمال إرهابية، وعمليات تصفية خارج إطار القانون، وزيادة عدد المختفين قسرا، بينهم أطفال، ووجود حالات اعتقال جماعية تعسفية، وهو ما ينفيه الجيش المصري.

وهناك اتهامات حقوقية للجيش المصري بشن هجمات جوية وبرية غير قانونية قتلت العديد من المدنيين، بالإضافة إلى تجنيد وتسليح ميليشيات محلية، تورطت في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان؛ مثل التعذيب، والاعتقالات التعسفية، وغالبا ما تستغل موقعها لتصفية حسابات شخصية.

وصنفت "هيومن رايتش ووتش"، بعض الانتهاكات التي ارتكبتها القوات الحكومية ومقاتلي التنظيمات المسلحة، ضمن "جرائم الحرب"، التي ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية.

حصاد عامين، يؤكد أن النجاح النسبي للحملة العسكرية بسيناء، لم يقض تماما على الإرهاب، الذي تراجعت مستوياته، وسط محاولات من قبل "الدولة الإسلامية" لامتصاص الضربات وإعادة التموضع بميدان العمليات، مع تراجع نشاط ووتيرة "سيناء 2018"، لكن تبقى المحصلة النهائية أن المواطن السيناوي هو الخاسر الأكبر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سيناء 2018 عملية سيناء 2018 تنظيم ولاية سيناء تنظيم الدولة الإسلامية الجيش المصري

الجيش المصري يقتل مواطنين في شمال سيناء

اعتقال 32 سيدة وفتاة من قبيلة الفواخرية بشمال سيناء