أوراسيا ريفيو: كيف فقدت الشعوب العربية الثقة في جيوشها؟

الأحد 2 فبراير 2020 06:04 م

تسبب عقد من الاحتجاجات المناهضة للحكومات في العالم العربي في إلقاء ثقة الشعب في الجيش في صندوق القمامة وقوض موقع الجيش باعتباره أحد أكثر المؤسسات ثقة، وولت منذ زمن طويل الأيام التي ردد فيها المحتجون في ميدان التحرير في القاهرة "الجيش والشعب يد واحدة".

تغير التصورات عن الجيوش

في عام 2011 ، كسر المتظاهرون حواجز الخوف، الذي رسخه الحكام الاستبداديون، ومنع الساخطين طويلًا من الاعتراض على مظالمهم في الشوارع.

وفي عامي 2019 و2020، تم تقليص تلك الحواجز مع رفض المتظاهرين التراجع بالرغم من استخدام قوات الأمن للقوة الوحشية في لبنان والعراق وفي أماكن أخرى من العالم العربي.

كان تغير تصورات الشعب عن الجيش هو النتيجة، حيث يُنظر إلى الجيش في أحسن الأحوال على أنه يقوم بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من نظام قديم وفي أسوأ الأحوال كقوة إنفاذ لنظام كريه.

وقال "علي هاشم"، وهو أحد المحتجين في بغداد، متحدثًا بعد أسبوع واحد فقط من القتل الجماعي في ديسمبر/كانون الأول: " لقد كسر العراقيون أغلال الخوف ووصلوا إلى نقطة اللاعودة، لن يتوقف الحراك، ولن يتم إسكات الشعب العراقي أبدًا".

في الاشتباكات العنيفة في بيروت في وقت سابق من هذا الشهر، سعى المتظاهرون دون جدوى لإقناع قوات الأمن التي يهاجمونهم بأن مطالبهم بالانفصال التام عن النخبة السياسية اللبنانية كانت في صالح رجال الأمن والجيش كذلك.

وقالت الباحثة في الشرق الأوسط "ميشيل دان": "من بين أهم الدروس التي نوّه إليها المتظاهرون السودانيون والجزائريون حتى الآن، أن خطط الانتقال التي صممها الجيش - خاصة المقترحات لإجراء انتخابات سريعة - يمكن أن تكون فخاً".

يكافح الرئيس الجزائري المنتخب حديثا "عبدالمجيد تبون" لكسب الشرعية مع استمرار الاحتجاجات الجماهيرية بعد 9  أشهر من الإطاحة بـ"عبدالعزيز بوتفليقة".

صوت الناخبون بالرحيل في الانتخابات الرئاسية التي أجريت الشهر الماضي حيث امتنع 60% عن التصويت.

ضغط الجيش الجزائري بقوة لإجراء الانتخابات للالتفاف على المتظاهرين من خلال إجراء التصويت قبل أن تتاح لهم الفرصة للتحضير له.

وكان هناك مسمار حاسم في نعش فكرة وحدة الهدف بين المتظاهرين والقوات المسلحة مع حدوث الانقلاب العسكري في مصر عام 2013 الذي أنتج واحدة من أكثر الأنظمة القمعية في العالم العربي في عهد الجنرال "عبدالفتاح السيسي".

الاستفادة من الدروس

يدرك المحتجون بعد ما يقرب من عقد من الزمان من احتجاجات عام 2011 التي أعلن فيها المتظاهرون النصر بمجرد استقالة قادة أمثال المصري "حسني مبارك" والتونسي "زين العابدين بن علي"، أن فرصتهم الوحيدة للنجاح هي الاحتفاظ بقوتهم في الشوارع حتى يتفق النخب، بما في ذلك الجيش - كما يبدو الحال في السودان - لإجراء عملية تحول حقيقية.

وعلى عكس مصر في عام 2011، لم يترك المحتجون ومنظمات المجتمع المدني الشوارع في السودان، قبل ضمان حصولهم على مقعد على طاولة التفاوض.

تصاعدت الاحتجاجات في لبنان نتيجة لمحاولة النخبة معالجة الأزمة بتعيين "حسان دياب" رئيسًا للوزراء، حيث يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه مرتبط بـ"حزب الله" (الميليشيا والجماعة السياسية المدعومة من إيران).

لن يساهم العنف المتصاعد في شوارع لبنان والعراق والذي قتل فيه أو أصيب مئات المحتجين، في إعادة بناء الثقة في الجيش وقوات الأمن المتحالفة معها.

وإذا كان هذا يعني شيئًا، فهو يعني أنه من المحتمل أن تتصاعد الاشتباكات في لبنان والعراق وتترك ندوباً عميقة.

وقال متظاهر ملثم في شوارع بيروت: "خياراتنا محدودة وليس لدينا شيء نخسره، نحن نقاتل نظامًا له تاريخ من الفساد عمره 40 عامًا".

مواجهة مع الجيوش

ووفقًا لتحليل الباحث "رامي خوري" فقد أصبحت الجيوش أداة لنظام سياسي مستبد أنتج سوء إدارة اقتصادية واجتماعية.

وقال "خوري": "النخب الحاكمة العربية والإيرانية ومواطنوهم يتقاتلون الآن بشكل علني ويقاومون بعضهم البعض، سعياً لتحديد هويات وسياسات بلدانهم. ربما تكون هذه هي المعركة الأيديولوجية ذات العواقب الأكبر في الشرق الأوسط منذ تأسيس نظام الدولة قبل قرن من الزمان".

إنها معركة ملحمية حولت الجيش الذي كان يحظى بالتقدير إلى مؤسسة أخرى تجد نفسها على الجانب الخطأ من التاريخ.

وفيما أوضح المحتجون العرب ذلك في شوارع الخرطوم والجزائر وبيروت وبغداد، طالب الطلاب الإيرانيون بمغادرة الحرس الثوري وزواله في المظاهرات المناهضة للحكومة قبل وبعد مقتل الجنرال الإيراني "قاسم سليماني" مؤخراً.

وقال بيان للطلاب الإيرانيين طالبوا فيه بوضع حد لجميع التدخلات الأجنبية في شؤون المنطقة: "السبيل الوحيد للخروج من مأزقنا الحالي هو الرفض المتزامن لكل من الاستبداد الداخلي والغطرسة الإمبريالية. نحن بحاجة إلى سياسة لا تطالب فقط بالأمن والحرية والمساواة لمجموعة أو فئة مختارة، ولكن تفهم أن هذه الحقوق غير قابلة للمصادرة وأنها لجميع الناس".

المصدر | جيمس دورسي | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الجيوش العربية الثورات المضادة الربيع العربي

حصاد 2019.. موجة الثورات العربية الثانية قيد التشكل