المونيتور: الخطوط الحمراء لبوتين في سوريا تربك أردوغان

الأحد 2 فبراير 2020 06:35 م

استعادت قوات النظام السوري، بدعم من روسيا، "معرة النعمان"، وهي بلدة استراتيجية في محافظة إدلب، وكذلك القرى المحيطة بها، هذا الأسبوع، وتعد "معرة النعمان" منطقة ذات أهمية رئيسية للطريق السريع "إم 5" الذي يربط دمشق بحلب، وهو هدف عسكري سوري طال انتظاره خلال الحرب.

وبالنسبة للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، يبدو أن النصر السوري - الروسي يأتي بتكلفة، فقد شكك حليفه الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، علانية في التزامات روسيا باتفاقات وقف إطلاق النار في سوريا؛ حيث بدأ أحدث وقف لإطلاق النار في 12 يناير/كانون الثاني.

وقال "أردوغان" هذا الأسبوع إنه "لسوء الحظ، لم تلتزم روسيا باتفاقات أستانا أو سوتشي"، في إشارة إلى اتفاقيات وقف إطلاق النار وخفض التصعيد التي تضم ما يسمى بمجموعة أستانا؛ روسيا وتركيا وإيران.

وأضاف "أردوغان": "لقد انتظرنا حتى الآن، ولكن من هذه النقطة، سنتخذ إجراءاتنا الخاصة، هذا ليس تهديدا، ولكن توقعنا أن روسيا سوف تعطي النظام التحذير اللازم، أعلن أن عملية أستانا تحتضر".

وتدعم تركيا بعض جماعات المعارضة في محافظة إدلب، بما في ذلك داخل "معرة النعمان" وما حولها، ولديها قوات تركية متمركزة في المواقع الأمامية في المنطقة، وتخشى أنقرة من تدفق عشرات الآلاف من اللاجئين، أو حتى أكثر من ذلك بكثير، وأغلقت الحدود التركية مع إدلب.

وبالنسبة لـ"بوتين"، يعد كل هذا جزءا من استراتيجيته عالية الخطورة في سوريا، ولدى "أردوغان" عدد قليل من الأوراق لاستخدامها، ويجب أن يعمل مع "بوتين" ومن خلاله.

وقد يعني إعادة الاستيلاء على "معرة النعمان" وطريق "إم 5" منح "بوتين" متنفسا، ومزيد من النفوذ، لاستئناف جهوده للمصالحة من أجل جولة أخرى من الدبلوماسية.

طلب مزعج في دمشق

وبدأ هذا الفصل الأخير بزيارة "بوتين" المفاجئة لدمشق في 7 يناير/كانون الثاني.

وفي حين أن هذا الاجتماع يرمز إلى قوة الشراكة الروسية السورية، فقد جاء "بوتين" ليطلب طلبا كبيرا من "الأسد"، وهو هل يمكن أن يكون هناك وقف لإطلاق النار أو توقف مؤقت للمعارك في إدلب لمجرد السماح لتركيا بنقل بعض الجماعات المسلحة إلى ليبيا، وإجبار الآخرين على الانفصال عن "هيئة تحرير الشام"، بينما يعمل "بوتين" دبلوماسيا على المسار الثاني مع "أردوغان"؟

واعتبر "الأسد" هذا "طلبا مزعجا"، وفقا لما قاله "مكسيم سوشكوف"، وأحس رئيس النظام السوري بوجود فرصة في إدلب، خاصة مع انشغال العالم بالإجراءات الأمريكية في إيران والعراق، في أعقاب الغارة الأمريكية بطائرة بدون طيار التي قتلت قائد قوات "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإسلامي "قاسم سليماني" في 3 يناير/كانون الثاني.

ويبدو أن "الأسد" استجاب بنوع من "سنرى ذلك"، مع العلم أنه ربما كان لديه ميزة في ضبط وتيرة الهجوم الذي بدأ في ديسمبر/كانون الأول.

اجتماع كبار رجال الاستخبارات في موسكو

وكان "بوتين" في تركيا يوم 8 يناير/كانون الثاني، وهو اليوم التالي للقائه "الأسد"، في زيارة مخططة مسبقا.

وأسفرت دبلوماسية "بوتين" المكوكية، التي استغرقت يومين مع "الأسد" و"أردوغان"، عن وقف لإطلاق النار، بدأ في 12 يناير/كانون الثاني، واجتماع في موسكو في 13 يناير/كانون الثاني، بين رئيس المخابرات التركية "هاكان فيدان" ونظيره السوري "علي مملوك"، في أبرز اتصال مباشر بين تركيا وسوريا منذ عام 2011.

وحدد "مملوك" موقف سوريا؛ حيث طلب وضع جدول زمني لسحب القوات التركية من سوريا، وكبح جماح الجماعات المسلحة في إدلب.

وقال "فيدان" إن تركيا تريد التنسيق بشأن خطة للتعامل مع وحدات حماية الشعب الكردي، التي تعتبرها تركيا جماعة إرهابية، وهدنة في إدلب لمنع تدفق المزيد من اللاجئين إلى تركيا، وتحسين التنسيق الاستخباراتي، وفك الارتباط العسكري لمنع التصعيد العسكري، وفقا لما ذكره السبق الصحفي لـ"متين جوركان".

ووفقا لـ "فهيم تستكين"، أدت قمة الاستخبارات إلى إجماع تقريبي على عملية إدلب.

فشل آخر لوقف إطلاق النار

وانهار وقف إطلاق النار في إدلب بعد وقت قصير من اجتماع 13 يناير/كانون الثاني، مع اتهامات من كلا الجانبين، مما أدى إلى تسريع أزمة إنسانية ضخمة بالفعل في إدلب.

وفي إحاطة لمجلس الأمن الدولي هذا الأسبوع، قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، "مارك لوكوك"، إن "القتال في منطقة إدلب، خاصة حول معرة النعمان وسراقب وفي غرب حلب، يبدو أنه أكثر حدة مما ينشر".

وأشار إلى أن أكثر من 100 مدني، معظمهم من النساء والأطفال، لقوا حتفهم في الهجوم الذي تم شنه في محافظة إدلب وغرب حلب منذ 1 يناير/كانون الثاني، بالإضافة إلى ألف و500 قتيل منذ أبريل/نيسان 2019.

وأضاف: "تقييمنا هو أن ما لا يقل عن 20 ألف شخص قد انتقلوا من محافظة إدلب في اليومين الأخيرين (منذ 27 يناير/كانون الثاني)، وقد غادر نحو 115 ألف شخص المحافظة الأسبوع الماضي. وفر ما يقرب من 390 ألف شخص خلال الشهرين الماضيين، مع وجود 850 ألف شخص يحتاجون إلى المساعدة في سوريا كل شهر، منذ عام 2019".

وبالنسبة لتركيا، التي تستضيف بالفعل ما يقرب من 3.7 مليون لاجئ سوري، لا يمكن قبول نزوح آخر.

علاوة على ذلك، تتمركز القوات التركية في مواقع مراقبة في محافظة إدلب، وفقا لمذكرة إنشاء مناطق خفض التصعيد في سوريا، التي وقعتها مجموعة أستانا في مايو/أيار 2017. وغالبا ما تكون هذه المواقع الأمامية على مقربة من الهجمات السورية.

وحذرت وزارة الدفاع التركية، في 28 يناير/كانون الثاني، من أن "أي محاولة لتهديد أمن نقاط المراقبة والتحكم، التي تعمل في نطاق اتفاقي أستانا وسوتشي، سيتم الرد عليها بأقوى الطرق دون أي تردد".

"بوتين" و"أردوغان" بحاجة إلى حديث

قد يوفر إعادة احتلال النظام السوري للطريق السريع "إم 5" وقفة لـ"بوتين" ليقوم بدور دبلوماسي آخر مع "أردوغان" و"الأسد"، وكانت الزيارة الدبلوماسية والعسكرية الروسية في سوريا مسعىً محفوفا بالمخاطر بالنسبة لـ"بوتين".

ومن المحتمل أن تكون الخطوط الحمراء الدقيقة للرئيس الروسي في هذه الجولة هي التأكيد على أنه لن تكون هناك هجمات متعمدة أو "عرضية" من قبل القوات السورية المدعومة من روسيا على المواقع التركية، وأن القوات السورية ستعلق الأوضاع بعد الاستيلاء على "معرة النعمان" لتأمين الطريق السريع "إم 5" والحد من تدفق اللاجئين.

وتحدث رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة في روسيا، الجنرال "فاليري جيراسيموف"، عبر الهاتف مع نظيره التركي، الجنرال "يشار غولر"، في 30 يناير/كانون الثاني، لمناقشة هذا المسار على الأرجح.

ويُتوقع من "بوتين" و"أردوغان" الاتصال عن طريق الهاتف، إن لم يكن شخصيا، قريبا جدا، لتسوية الموقف، كما ذكر "سوشكوف".

وقد يكون غضب "أردوغان" مجرد دخان بدون نار، وللاستهلاك المحلي فقط، كما كتب "تستكين"، وهذه بعض جوانب الموقف المعقد لـ"أردوغان". فلم تقاوم قواته التقدم السوري، ولم يقدم الدعم والمدد للجماعات المسلحة التي تدعمها تركيا، وقدم الدعم فقط لبعض الجماعات المحاصرة حول "معرة النعمان".

ويعرف "أردوغان" أنه لا يستطيع تحمل تصعيد الصراع، والمجازفة بمزيد من الضحايا واللاجئين، وتقويض علاقته مع "بوتين"، مع الكثير من القضايا البينية الأخرى، مثل ليبيا، ومشتريات الأسلحة، والعلاقات الاقتصادية، وسوء العلاقات مع الولايات المتحدة، وتصوره عن التهديد الكردي السوري.

ولا يمكن أن يكون "أردوغان" سعيدا أو راضيا عن هذا الأمر، لكن سوريا هي المستنقع بالنسبة له، وليس "بوتين".

ويلعب "بوتين" اللعبة الدبلوماسية في سوريا كما لو كان يقامر بأموال الآخرين، وربما يمكن للمرء تصور سبب المفاوضات الثلاثية بين روسيا وسوريا وتركيا للتوصل إلى بعض التفاهم حول ملف الأكراد.

ويمكن تصور حدوث تقدم دبلوماسي على غرار الخطوط العريضة لوقف إطلاق النار على أساس نسخة محدثة من معاهدة 1998 بين سوريا وتركيا، والتي أنهت دعم دمشق لحزب العمال الكردستاني وطرده خارج البلاد.

وتم تصنيف حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة وتركيا، وتعتبره أنقرة امتدادا لوحدات حماية الشعب الكردية، وتعد وحدات حماية الشعب أيضا العمود الفقري لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، شريك أمريكا في الشمال الشرقي، والتي تسيطر على حقول النفط هناك.

وفي مقابلة حصرية مع الأمين العام لقوات سوريا الديمقراطية "مظلوم كوباني" الأسبوع الماضي، قال إن لـ"قوات سوريا الديمقراطية" علاقاتها مع النظام السوري، وحدد عرضا من قوات سوريا الديمقراطية لتهدئة التوترات مع تركيا.

وكما ذكرنا هنا الأسبوع الماضي، قد يكون عرض "كوباني" مات قبل وصوله إلى أنقرة أو لا، اعتمادا على ما إذا كان "بوتين" سيلتقط الخيط، وتخميننا هو أن الرئيس الروسي قد يدمج لفتة "كوباني" الودية في ترسانته الدبلوماسية.

وبالنسبة للاجئين، كان نداء "بوتين" لـ"أردوغان"، بما في ذلك في بيان مشترك صادر عن مجموعة أستانا في ديسمبر/كانون الأول، أن يعود اللاجئين إلى أماكن إقامتهم الأصلية في سوريا، وليس فقط للمنطقة الآمنة التي تسيطر عليها تركيا في شمال شرقي سوريا.

وحذر وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو"، في بيان صدر هذا الأسبوع، من أنه ردا على التصعيد في إدلب، فإن الولايات المتحدة مستعدة لشن "أقوى الإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية ضد نظام الأسد وأي دولة أو فرد يساعده في أجندته الوحشية".

المصدر | المونيتور -ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

معركة إدلب العلاقات التركية الروسية مسار أستانة

النظام السوري يسيطر على معرة النعمان ثاني أكبر مدينة بإدلب

مقتل 4 جنود أتراك وإصابة 9 في هجوم لقوات الأسد بإدلب