ذا أتلانتيك: استراتيجية ترامب تجاه إيران ليست ناجحة كما يعتقد

الثلاثاء 4 فبراير 2020 06:28 م

أدى مقتل الجنرال الإيراني "قاسم سليماني" في غارة جوية بطائرة بدون طيار أوائل يناير/كانون الثاني، بالإضافة إلى الانتقام الإيراني المحدود، إلى إعطاء الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" سببا للاعتقاد بأن استراتيجيته تجاه طهران ناجحة. وقد واجهت عملية قتل "سليماني" في البداية انتقادات باعتبارها تصعيدا متهورا، لكن هذه الخطوة عطلت طموحات إيران بالفعل، بطريقة خلقت المخاطر والفرص معا.

وحرص الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" (2009-2017) على التركيز على خطر الانتقام الإيراني ضد الولايات المتحدة وحلفائها، وهو موقف جعل إدارة "أوباما" تحجم عن معاقبة إيران على سوء تصرفها في المنطقة. وقد أعطى هذا التردد لإيران مجالا واسعا لتثبيت نفوذها، لكن "ترامب" أرسل رسالة مختلفة.

وكما أشار الجنرال "كينيث ماكنزي"، قائد القيادة المركزية الأمريكية، خلال فعالية استضافها "المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية "، الخريف الماضي، فإن "لدى إيران خيارات للتصعيد، لكننا نملك أعلى درجات سلم التصعيد".

ومع ذلك، فإن التغيير السريع في الزخم لصالح الإدارة الأمريكية لا يعني أن استراتيجية "ترامب" ناجحة بالكامل. وفي الواقع، لا يفكر "ترامب" ومساعدوه في هذا على ما يبدو.

ويستمر إطلاق الصواريخ على السفارة الأمريكية في بغداد؛ مما يشير إلى العودة إلى السلوك الضار من قبل إيران وحلفائها. ولا تزال إيران تحرز تقدما ملموسا نحو الحصول على الأسلحة النووية، وتقلص الوقت الذي ستحتاج إليه لإنتاج 25 كجم من الوقود النووي.

وفي خطاب ألقاه في عام 2018 في مؤسسة التراث، وضع وزير الخارجية "مايك بومبيو" سلسلة من الشروط المهمة لتخفيف العقوبات الأمريكية على إيران، شملت انسحاب القوات الإيرانية من سوريا، ووضع حد لبرامج الصواريخ الباليستية والأسلحة النووية الإيرانية.

وتشتمل استراتيجية الإدارة تجاه إيران على 6 عناصر. أولا: انسحب "ترامب" من الاتفاقية النووية لأنها لم تُقيد برامج الصواريخ الباليستية الإيرانية، وكان لها تاريخ انتهاء. ثانيا: فرضت الولايات المتحدة عقوبات "أقصى ضغط"، عبر خنق الاقتصاد الإيراني؛ لدفع الحكومة إلى التفاوض على صفقة ذات قيود أكبر على برامج الأسلحة النووية الإيرانية وغيرها من "السلوك الخبيث".

ثالثا: تريد الإدارة الأمريكية منع أوروبا من قبول استئناف إيران للأنشطة التي كانت مقيدة بالاتفاق النووي. رابعا: قتلت الولايات المتحدة "سليماني"، القائد القوي الذي كان مسؤولا عن الهجمات على الأمريكيين، ومهندس سياسات إيران المزعزعة لاستقرار حكومات الشرق الأوسط. خامسا: يسعى "ترامب" وفريقه الآن إلى إدارة أي تصعيد محتمل في أعقاب قتل "سليماني". وأخيرا: تأمل الإدارة في تضخيم الاحتجاجات داخل إيران لزيادة نزع الشرعية عن النظام الإيراني.

وحتى الآن، لم تشعر الإدارة الأمريكية الحالية بالسعادة. ولم ترد الولايات المتحدة عندما أطلق "الحوثيون" في اليمن صواريخ زودتهم بها إيران على المطارات المدنية السعودية. ولم ترد على الهجمات الإيرانية على سفن الشحن في الخليج العربي، أو على الهجوم على منشآت "أرامكو" في السعودية. وكان أحد أسباب اعتبار قتل "سليماني" مفاجأة، هو أن الإدارة الأمريكية لم ترد على تلك الاعتداءات السابقة.

ولم يتم بعد تأكيد ردود الفعل الأكثر إثارة للقلق على الهجوم الذي طال "سليماني". وقامت الإدارة الأمريكية بعمل جيد في نقل الرسائل إلى الحكومة الإيرانية خلال الأيام المضطربة التي تلت الضربة مباشرة، وأدى هذا بوضوح إلى إعلان إيران أن ردها انتهى بعد الضربات الصاروخية الأولية على القواعد العراقية التي تتمركز فيها القوات الأمريكية. وسرعان ما انفرط التجمع حول العلم الإيراني بسبب الغضب الشعبي بعد أن أسقطت الحكومة طائرة ركاب مدنية، ثم حاولت دون جدوى التستر على تورطها.

ومع ذلك، لا يبدو أن الولايات المتحدة في وضع يمكنها من الاستفادة من قتل "سليماني". فالإيرانيون غاضبون من حكومتهم، لكن حكومتهم لا تزال مستعدة لسجن وتعذيب أعداد كبيرة منهم. ولا يزال من المستبعد أن يؤدي إسقاط طائرة مدنية إلى الإطاحة بالنظام الحالي.

وفي الوقت نفسه، تكثر المؤشرات على المتاعب التي تواجهها واشنطن في المنطقة بعد هجوم "سليماني"؛ فالحكومة العراقية تبدو مصرة على طرد القوات الأمريكية، أو تقييد استخدام هذه القوات بشدة بشكل قد يمنع فعاليتها في قتال تنظيم "الدولة" أو احتواء السلوك الإيراني.

ويشعر الحلفاء الأمريكيون في جميع أنحاء الخليج العربي بأن الولايات المتحدة لم ترد بقوة على الهجمات على السعودية وعلى طرق الشحن؛ ما أثار تساؤلات حول قيمة الضمان الأمني الأمريكي. وتبقى الطريقة المفضلة لدى الإدارة لطمأنة هؤلاء الحلفاء هي نشر قوات عسكرية؛ حيث تم إرسال 14 ألفا من القوات الأمريكية إلى الشرق الأوسط منذ انتخاب "ترامب". لكن هذا النهج أقل أهمية؛ لأن القدرة العسكرية لا تقل أهمية عن الرغبة السياسية في استخدامها نيابة عن الحلفاء. ونظرا لأن الولايات المتحدة تُعتبر غير موثوق بها، فإن ما هو ضروري لطمأنة هؤلاء الحلفاء أصبح أكثر تكلفة.

وفي علامة أخرى مهمة، فإن الدول الوحيدة التي ترغب في الانضمام إلى قوة بحرية بقيادة الولايات المتحدة في الخليج هي ألبانيا وأستراليا والبحرين والسعودية والإمارات والمملكة المتحدة. ويعد أحد مؤشرات القلق بشأن السياسة الأمريكية هو أن المزيد من حلفاء أمريكا التزموا بقوات لصالح تحالف منافس شكله الاتحاد الأوروبي بقيادة فرنسا.

ويعمل الاتحاد الأوروبي وإدارة "ترامب" من أجل أهداف مشتركة بطرق مختلفة. وقد ذهب الاتحاد، الذي فضل "نهج أوباما"، إلى حد بعيد في بناء نظام للدفع من شأنه أن يسمح للشركات العالمية بالتحايل على العقوبات على إيران.

ولم يتم استخدام هذه الآلية لأن الشركات غير راغبة في المخاطرة بالتعرض لعقوبات وزارة الخزانة الأمريكية من أجل التعامل مع شركات في إيران، التي يبلغ حجم اقتصادها نصف حجم اقتصاد ولاية ماريلاند. ومع ذلك، بالنسبة للاتحاد الأوروبي، بقيادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا، فإن تعاون 3 من أصدقاء الولايات المتحدة المقربين لإنشاء آلية للتحايل على السياسة الأمريكية أمر مذهل حقا.

كما أثارت الدول الأوروبية إمكانية إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران، كما فعلت الولايات المتحدة. لكنهم يفعلون ذلك لإعادة إيران إلى الامتثال للاتفاق النووي الذي قاده "أوباما"، وليس لإجبار إيران على تقديم تنازلات أوسع نطاقا تريدها إدارة "ترامب".

باختصار، خلقت سياسات الإدارة الأمريكية بعض الاضطرابات لدى إيران. لكن يبدو أنها لا تقرب الولايات المتحدة من تحقيق أهدافها، بل تجعل الولايات المتحدة تتحمل تكاليف كبيرة من سمعتها عسكريا وأمنيا.

المصدر | كوري شاك/ذا أتلانتيك - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دونالد ترامب الإدارة الأمريكية العلاقات الإيرانية الأمريكية

كيف دفع ترامب دول الخليج لتبني سياسة أكثر واقعية؟

ترامب يبشر باقتصاد مشرق وإنهاء الحروب في خطاب حالة الاتحاد