من مصر للجزائر.. قبضة القمع تواصل ملاحقة المعارضين العرب

الثلاثاء 11 فبراير 2020 07:17 م

يشعر المعارضون للأنظمة الحاكمة في العالم العربي اليوم أنهم مقيدون، حتى وهم في بيوتهم؛ فالقبضة الأمنية باتت شبحا يلاحق كل صاحب صوت حر في غالبية دول تلك المنطقة من العالم.

فرغم الهزة التي لحقت بعدد من الأجهزة الأمنية في بعض البلدان العربية إبان ثورات الربيع العربي، التي اندلعت في 2011، وإطلاق تلك الأجهزة تعهدات ووعود بتغير عقليتها الأمنية وتعاملها مع المعارضين والحقوقيين، إلا أن ذلك لم يدم طويلا، وسرعان ما عادت هذه الأجهزة إلى سلوكها المعهود من البطش بالمواطنين وسائر المعارضين السياسيين.

وخبت وتيرة الإصلاح في الكثير من البلدان العربية لصالح هواجس الأمن، وأصبح على المعارضين والناشطين الحقوقيين الاختيار بين السجن أو الهجرة أو الصمت أو الموالاة للأنظمة لتجنب بطش أجهزتها الأمنية.

وفى اليومين الماضيين، جسدت واقعتان هذا النهج الأمني. الحالة الأولي كانت في الجزائر حيث اعتقلت السلطات الناشط السياسي الشاب "إسلام طبوش" من مكان عمله، صباح الجمعة، بالتزامن مع الجمعة الثانية والخمسين من عمر الحراك الشعبي السلمي في البلاد.

فيما شهدت مصر الحالة الثانية؛ حيث اعتقلت السلطات الأمنية الباحث الحقوقي "باتريك جورج زكي" في مطار القاهرة الدولي، إثر عودته من إيطاليا التي يدرس فيها، وفق مصادر حقوقية.

  • مصر.. محنة الناشطين تتواصل

الأحد الماضي، أعلنت "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" (غير حكومية) توقيف "باتريك جورج زكي"، وهو باحث يعمل بالقسم الاجتماعي لديها؛ حيث تم احتجازه بشكل غير قانوني دون السماح له بالتواصل مع أهله أو محاميه لمدة تجاوزت 24 ساعة.

وحسب المبادرة، كان "باتريك" قادما من إيطاليا حيث يحضر درجة الماجستير من جامعة بولونيا، وتم توقيفه والتحقيق معه من قبل جهاز الأمن الوطني (استخبارات داخلية) في مطار القاهرة.

وكشفت المبادرة عن تعرض "باتريك" خلال فترة إخفائه التي استمرت قرابة 24 ساعة "للتهديد والتعذيب والصعق بالكهرباء أثناء سؤاله عن عمله ونشاطه" طبقا لمحاميه، قبل أن يظهر لأول مرة صباحا في إحدى نيابات مدينة المنصورة (شمالي مصر).

وقررت النيابة حبس الباحث الحقوقي 15 يوما احتياطيا بتهم أبرزها "إشاعة أخبار وبيانات كاذبة، والتحريض على التظاهر دون تصريح، والتحريض على قلب نظام الحكم، وإدارة حساب فيسبوك بغرض الإخلال بالنظام العام".

في السياق ذاته، قال الناشط الحقوقي المصري "جمال عيد" إنه تعرض، نهاية العام الماضي، إلى اعتداء عليه من قبل أشخاص تابعين لوزارة الداخلية بسكب دهانات على وجهه وملابسه بالقرب من منزله بالعاصمة المصرية.

وكتب "عيد"، عبر "فيسبوك": "سيارات ملاكي بدون أرقام وضباط بالمسدسات واعتداء وإغراق بالبويه، بجانب منزلي، داخلية السيسي أصبحت عصابة.. تسقط الدولة البوليسية".

ونشر "عيد" صورة لوجهه وملابسة وهي ملطخة بالدهان.

كان "عيد" قال قبل ذلك إنه تعرض لاعتداءات متكررة تمثلت في سرقة سيارته من أمام منزله والاعتداء بالضرب عليه.

  • الجزائر.. القمع في مواجهة الحراك

وصباح الجمعة الماضية، اعتقلت السلطات في الجزائر الناشط "إسلام طبوش" من مكان عمله، بالتزامن مع الجمعة الثانية والخمسين من عمر الحراك الشعبي السلمي في البلاد.

وكتب الناشط الحقوقي "عبد الغني بادي"، عبر حسابه على "فيسبوك": "اتصل بي إسلام قبل أيام وأخبرني أنه يتعرض لمضايقات أمنية".

وتم اعتقال "طبوش" (30 عاما) ضمن حملة أمنية شملت عددا من الناشطين في مدينة سطيف (270 كم شرقي العاصمة الجزائرية) تزامنا مع دعوات لتجدد الحراك السلمي في الجزائر.

ويُعرف "طبوش" بمواقفه الداعمة للحراك السلمي والمطالبة بمواصلة الخروج للشارع وعدم الكف عن المطالبة بالحقوق عبر الطرق السلمية من خلال التجمهر والمسيرات.

وانتقد سياسيون في الجزائر العقلية الأمنية في التعامل مع "طبوش".

 

وتزامنت هذه الاعتقالات مع قرار الرئيس الجديد "عبد المجيد تبون" (74 عاما) إطلاق سراح ما يقارب 10 آلاف سجين، في إطار عفو عن محكوم عليهم بعقوبات حبس نهائية لا تزيد على 18 شهرا.

ويطالب المتظاهرون في الجزائر منذ أشهر بإطلاق سراح سجناء الحراك الذين تم اعتقالهم بسبب آرائهم السياسية وبسبب دعوتهم الجزائريين للخروج ومواصلة الاحتجاجات السلمية.

  • صورة قاتمة

وفي تقريرها عن عام 2017، رسمت مؤسسة "فريدوم هاوس" الأمريكية، التي ترصد واقع الديمقراطية والحريات في جميع دول العالم، صورة قاتمة لهذا الواقع. وكانت دول في العالم العربي ممثلة بقوة لهذا الواقع القاتم. 

وقالت المؤسسة، في تقريرها، إن "الديمقراطية واجهت في 2017 أخطر أزمة لها منذ عقود؛ حيث عايشت تحديات جدية لضمان إجراء انتخابات حرة ونزيهة، واحترام حقوق الأقليات، وحرية الصحافة، وسيادة القانون".

وطبقا للنتائج التي توصلت إليها "فريدوم هاوس"، سجلت أوضاع الحريات والحقوق السياسية والمدنية تدهورا كبيرا في 71 بلدا، وتحسنت في 35 أخرى. وخلص التقرير إلى أن 45% من دول العالم تتمتع بالحرية، في حين أن 30% منها حرة نسبيا، بينما يفتقر 25% منها إلى كل أنواع الحريات.

وأدرج تقرير المؤسسة الأمريكية ضمن المجموعة الثانية، التي تنعدم فيها الحريات وتُنتهك فيها الحقوق السياسية والمدنية، كلا من الجزائر والعراق ومصر والسعودية وقطر وعمان والإمارات واليمن.

وعزا التقرير هذا التراجع في الممارسة الديمقراطية عبر العالم لما أسماه تخلي الولايات المتحدة عن دورها الريادي في نشر الديمقراطية حول العالم والدفاع عن حقوق الانسان.

وجاء في تقييم المؤسسة إن "إدارة الرئيس الامريكي الحالي دونالد ترامب تخلت خلال عام 2017 قولا وفعلا عن كل المبادئ والقيم التي مثلت جوهر سياسة الولايات المتحدة خلال العقود السبعة الماضية".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حملة الاعتقالات في السعودية قبضة أمنية قوية

إرهاب الدولة في مصر.. هل حان وقت المساءلة؟