كورونا يهدد قطاع التكنولوجيا في الصين.. والآثار تمتد لسائر العالم

الاثنين 10 فبراير 2020 02:25 م

تسبب فيروس كورونا في إلحاق أضرار كثيرة بالصين، والعديد من الأماكن الأخرى في العالم، حيث أصاب الفيروس ما لا يقل عن 30600 شخص وأدى إلى وفاة 871 شخصا حتى يوم 9 فبراير/شباط الجاري.

ومع اقتراب نهاية عطلة رأس السنة القمرية في الصين، فإن بكين تستعد لتقييم الضرر الاقتصادي الذي أحدثه تفشي فيروس كورونا هناك، لاسيما وأنها تعد مركزا رئيسيا في قطاع الإلكترونيات وتكنولوجيا المعلومات في العالم.

وبالنظر إلى أن مدينة ووهان الصينية، بؤرة تفشي فيروس كورونا القاتل، تعد لاعبا صغيرا نسبيا في صناعة التكنولوجيا في البلد الآسيوي، فقد نجا القطاع من أسوا أزمة يمكن أن يسببها الفيروس.

لكن الأمر قد يتغير إذا امتد انتشار الفيروس إلى المقاطعات والمدن التي تعد معقل البحث والتطوير في مجال التكنولوجيا، حسبما أشار تحليل نشره مركز "ستراتفور".

النطاق الجغرافي

تعد الصين أحد الفاعلين الرئيسيين في قطاع التكنولوجيا العالمي، ويحمل فيروس كورونا تأثيرا خطيرا محتملا على سلاسل الإمدادات والتوريدات الصينية، لكن بؤرة تفشي الفيروس ليست بنفس الأهمية التي تحظى بها المناطق الصينية الأخرى.

ويعني ذلك أن السلطات يمكن أن تقلل من تأثير الفيروس على صناعة التكنولوجيا، إذا تمكنت من احتواء النطاق الجغرافي للفيروس.

على سبيل المثال، فإن الغالبية العظمى من عمليات قطاع التكنولوجيا، لاسيما في مدن مقاطعة جيانجسو، وشانجهاي، قد تعاني من أضرار محدودة بسبب فيروس كورونا الجديد حال تم منع انتشار الفيروس إلى مناطق جغرافية جديدة.

لكن في النهاية، يعتمد مدى تأثير كورونا على حجم انتشاره خارج موقعه الحالي، فمقاطعة هوبي وعاصمتها ووهان، لا تعدان بمثابة نقاط التقاء مهمة للغالبية العظمى من العاملين في قطاع الإلكترونيات في الصين، لكن المقاطعات المجاورة، بما في ذلك شنشي، وخنان، وجيانجشي، تعتبر جميعها بمثابة أماكن بارزة في قطاع التكنولوجيا العالمية.

وتحتل مقاطعتا تشجيانج وجوانجدونج المرتبة الثانية والثالثة من حيث عدد الحالات المصابة بالفيروس المؤكدة فيها حتى الآن، ويمكن القول إن المقاطعتين السابقتين تعتبران من أكثر المناطق في الصين أهمية بالنسبة للتكنولوجيا، ولكن في الوقت الحالي، لا يزال خطر الإصابة بالفيروس في المقاطعتين محدودا إلى حد ما.

لكن استمرار الأمور على هذا النحو يعتمد على نجاح الاستراتيجية الصينية لاحتواء الفيروس في ووهان، وذلك لأنه إذا استمر تفشي المرض، فسيكون له تأثير هائل على قطاع التكنولوجيا في الصين، وسلاسل التوريد العالمية.

مخاطر الإغلاق

وإذا ظل التأثير المدمر للفيروس متركزا في مقاطعة هوبي، فمن المحتمل أن يظل تأثيره على سلاسل التوريد للصينيين، ومن ثم قطاع التكنولوجيا العالمي، محدوداً نسبياً.

وفي عام 2017، أنتجت مقاطعة هوبي أقل من 1% من إجمالي إنتاج الدوائر الإلكترونية المتكاملة في الصين، و1% من إجمالي المنتجات التليفزيونية، وفي العام التالي (2018)، أنتجت المقاطعة 2.4% من الهواتف المحمولة في البلاد، و3.6% من إنتاج الحواسيب الصغيرة.

ورغم أن مدينة ووهان، مركز انتشار فيروس كورونا في الوقت الراهن، تلعب دورا محدودا في صناعة أشباه الموصلات عالميا، وهي الصناعة التي تعتبر حجر الأساس لجميع الصناعات التكنولوجية، فإن إغلاق المصانع في المقاطعة سوف يكون له تأثيرات لا يمكن تجاهلها.

بادئ ذي بدء، هناك شركتان أساسيتان في مجال أشباه الموصلات تعملان حاليا في المدينة، وهما "شركة ووهان شينشين" (XMC) لصناعة أشباه الموصلات، وشركة "يانغزي لتكنولوجيا الذاكرة" (YMTC).

وتقوم الشركتان حالياً ببناء منشأتين كبيرتين جديدتين ستعززان الطاقة الإنتاجية الإجمالية لمقاطعة هوبي بحوالي 15 ضعفا، ما يجعل ووهان في نهاية المطاف أحد أعمدة الصين طويلة الأجل لتحقيق قدر أكبر من الاعتماد على الذات، والبروز العالمي في قطاع أشباه الموصلات، فضلاً عن كون ووهان مدينة رئيسية في مبادرة صنع في الصين 2025.

بخلاف ذلك، تركز كلا الشركتين بشكل كبير على تصنيع رقائق الذاكرة "ناند" ثلاثية الأبعاد، التي تعد مكونا لا غنى عنه في الهواتف الذكية والأجهزة المحمولة الأخرى.

جدير بالذكر أنه لا يوجد سوى عدد قليل فقط من الشركات التي تتخصص في تصنيع هذه الرقائق عالميا، مثل شركة سامسونج في كوريا الجنوبية، وتوشيبا في اليابان، وإنتل وميكرون في الولايات المتحدة، ما يعني أن الإغلاق المطول لمصانع الشركتين سوف يؤثر على سوق الهواتف والحواسيب الذكية على المدى الطويل.

بخلاف ذلك، من المرجح أن إغلاق المصانع في ووهان سوف يكون له تأثيرات حادة على صناعة الألياف البصرية في الصين، حيث يستأثر المقاطعة بحوالي 20% من إجمالي إنتاج الصين في هذا القطاع.

وباعتبارها نقطة محورية لصناعة الألياف البصرية في الصين، فإن منطقة دونجو لتطوير التكنولوجيا الجديدة في ووهان تعد أكبر مورد في العالم للمواد المستخدمة في تصنيع كابلات وتقنيات الألياف الضوئية عالميا.

ورغم أنه قد يكون هناك بعض المخزونات العالمية التي يمكنها الصمود أمام التوقف المحدود، لمدة أسابيع على سبيل المثال، فإن الإغلاق المستمر لأكثر من بضعة أسابيع قد يضر بسلاسل التوريد في هذه الصناعة بشكل كبير.

في سياق آخر، تعد ووهان أحد المراكز الرائدة في مجال البحث والتطوير في قطاع التكنولوجيا في الصين.

وعلى المستوى الجامعي، تستضيف المقاطعة جامعة ووهان، التي تصنف باستمرار بين أفضل 5 جامعات في البلاد، وكذلك جامعة هواتشونج للعلوم والتكنولوجيا، التي تعد دائماً من بين أفضل 10 جامعات بحثية في الصين، والتي تدير مختبر ووهان الوطني للإلكترونيات الضوئية، بما يعني أن تفشي المرض سيؤدي لوقف كثير من عمليات البحث والتطوير خاصة إذا ظلت ووهان تعاني من انخفاض طويل الأجل في عدد الزوار الأجانب بسبب تضرر سمعتها بفعل الفيروس.

وإذا استمرت المقاطعات التي تقع خارج مقاطعة هوبي فى تعليق أنشطتها الصناعية خوفا من انتشار المرض، فلن يكون مثيرا للدهشة أن التداعيات على الصين، ستكون أكثر بكثير، فالعديد من جيران هوبي تعد مراكز مهمة للتكنولوجيا، كما أن المقاطعات الثلاث التي شهدت أكبر عدد إصابات بعد هوبي، وهي تشغيانغ، وغوانغدونغ، وخنان، تعد جميعها من اللاعبين البارزين في هذا القطاع.

وقد قامت معظم الشركات في هذه المناطق بتأخير استئناف عمليات الإنتاج بعد انتهاء عطلة السنة القمرية الجديدة كإجراء احترازي.

اضطرابات محتملة

ورغم ذلك كله، يبقى من المرجح أن تأثير الفيروس الجديد على سلاسل الإمداد في قطاع التكنولوجيا خارج ووهان سيكون محدودا، طالما أن عدد حالات الإصابة بالفيروس لم تصل للمستويات الكارثية، وفقا لـ"ستراتفور".

وفي الوقت الحالي، فإنه يبدو أن الفيروس قد أدى فقط لوقف بعض عمليات التصنيع خارج المقاطعة لمدة 10 أيام، وذلك بالنظر إلى أن العديد من المصانع تخطط لاستئناف عملياتها الأسبوع الجاري.

لكن هذا الاستئناف يبقى مهددا حال تم رصد عدد كبير من الإصابات خارج ووهان، وفي حال انتشر الفيروس بشكل أكبر مما هو متوقع، فإن قطاع التكنولوجيا الصيني بأكمله تقريباً سيكون معرضاً لخطر حدوث اضطرابات أكثر حدة، إما من خلال التأثير المباشر لعمليات إغلاق المصانع أو بسبب قيود التوريد خوفا من انتشار المرض.

وفي مثل هذه الحالة، فإن التأثير المدمر لكورونا سوف تلمس آثاره في مختلف أرجاء قطاع التكنولوجيا حول العالم.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

كورونا فيروس كورونا وفيات كورونا أنظمة تكنولوجيا المعلومات منتجات تكنولوجيا المعلومات

كورونا يودي بحياة 97 شخصا في يوم واحد بالصين

الصحة العالمية تحذر من تفشي كورونا بواسطة أشخاص لم يزوروا الصين