تحركات روسيا وتركيا المقبلة ستحدد نهاية الحرب السورية

السبت 29 فبراير 2020 12:28 م

كانت روسيا وتركيا لأكثر من 3 سنوات تتصارعان بالوكالة في شمال سوريا. في الأسابيع الثلاثة الماضية، تحولت المناورة إلى إطلاق نار مباشر كان الأتراك يوجهون فيه بنادقهم نحو نظام "بشار الأسد" المتحالف مع موسكو، فيما تزايد احتمال المواجهة بين الأتراك والروس.

وحتى مساء الخميس، لم يكن الصراع المباشر بين تركيا وروسيا مرجحا؛ حيث يعتبر الطرفان أن هذا النوع من الصراع خطير للغاية. 

لكن بعد مقتل ما لا يقل عن 30 جنديا تركيا نتيجة غارة جوية روسية على الأرجح (تقول أنقرة إن الغارة نفذها النظام السوري)، يقف كلا الطرفين في مواجهة لا يستطيع أي منهما التراجع عنها.

ما يحدث ابتداءً من الآن سيكون له آثار واسعة على كلا البلدين، وربما أبعد من ذلك. الأهم من ذلك، أن الخطوات التالية ستحدد المراحل المقبلة من الحرب السورية وتحدد مصير ما يصل إلى 3 ملايين مدني في إدلب.

حلقت الطائرات التركية بدون طيار فوق المواقع السورية في جميع أنحاء إدلب بعد الغارة الجوية على القوات التركية، تماما كما كانت تفعل المدفعية في الأسابيع التي سبقت ذلك. كان تقييم أنقرة أنه من الأفضل  استهداف حليف روسيا الأضعف، جيش النظام السوري.

وفي الوقت نفسه، كانت موسكو قادرة على شن هجمات دون دفع ثمن مباشر. كان رد الفعل التركي أكثر جرأة وكشف عن استعداد أنقرة للعمل ضد موسكو. لكن الاتهام المباشر لروسيا سيتطلب ردا تركيا.

يمكن لتركيا، وهي قوة تابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو)، أن تحتج بالمادة 5 من ميثاق الحلف، التي تجبر الدول الأعضاء الأخرى على الدفاع عنها. لكن لا يمكن ضمان الاستجابة من الحلف، والذي يمكن أن ينظر جزء منه إلى الأمر على أنه ليس تهديدا سياديا وليس هناك داع لتدخل "الناتو".

ويبدو أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" غير راغب في متابعة طريق "الناتو"؛ حيث هدد أوروبا بتدفق اللاجئين السوريين الذين تم كبحهم بواسطة جدار حدودي على طول حدود أوروبا الجنوبية. وستكون أي هجرة أخرى من تركيا، مثل الأعداد الهائلة التي ذهبت إلى وسط أوروبا عام 2015، غير مستساغة سياسيا للقادة الأوروبيين وستكون قوة ضغط قوية لتركيا.

بالرغم من انخراط روسيا وتركيا في إدلب بشكل أعمق، بقيت نهاية اللعبة محددة بشكل جيد حيث بدا الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" عازما على إنهاء الحرب بأي ثمن، مستخدما قوة سلاحه الجوي لتحقيق وقف إطلاق النار، ثم تسليم هذه المناطق لزعيم تابع يتم تحريكه من موسكو. وسيتبع ذلك جني مصالح الغاز والنفط، إضافة إلى مكاسب إعادة الإعمار. وستؤمن روسيا أيضا موطئ قدم بارز في الشرق الأوسط.

كانت مصالح تركيا في سوريا أقل وضوحا؛ حيث أنهت الاحتضان الشامل للمعارضة السورية من 2012 إلى 2016، وذلك مع سقوط حلب، واتجهت إلى مراعاة المصالح الوطنية الضيقة. أصبحت مواجهة المليشيات الكردية في المنطقة الحدودية غرب الفرات هو الشغل الشاغل، إلى جانب الوصول الاستراتيجي إلى أقصى شمال سوريا وتأمين الطريق السريع الرئيسي في المنطقة. ولكن كيف سيتشكل ذلك؟ لا يمكن التوافق عليه إلا بعد توقف إطلاق النار.

مع عدم استعداد أي من الجانبين لمواجهة مباشرة، قد يكون هناك أمل في تحقيق وقف دائم لإطلاق النار. لكن ليس قبل أن تنهي تركيا حساباتها مع النظام السوري.

مع سيطرة روسيا على المجال الجوي فوق محافظة إدلب، من المرجح أن يتم نشر الطائرات التركية بدون طيار والمدفعية بشكل مدمر في الأيام المقبلة، لكن ليس ضد القوات الروسية أو ضد القواعد الجوية.

وطالما ظل هذا هو الحال، ستحتفظ روسيا بسلطة على إدلب، وستستمر في قصف خصومها بينما تعيد تنشيط العمليات السياسية الرامية إلى تعزيز سيطرتها النهائية. ستسعى موسكو في نهاية المطاف لتهدئة الأوضاع مع أنقرة، لكن تركيا بحاجة إلى ذلك بشكل عاجل. إن توجيه غضبها ضد أوروبا و"بشار الأسد" بدلا من الدولة المسؤولة عن أكبر الجرائم في سوريا يثبت ذلك.

وسيبقى المحاصرون في إدلب يراقبون تطور الأحداث.

المصدر | الجارديان- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

معركة إدلب الأزمة بين تركيا وروسيا العلاقات التركية الروسية

تركيا تدمر منظومة دفاع سورية في إدلب (فيديو)

كيف تحاول روسيا جذب السعودية والإمارات لدعم سياساتها في سوريا؟

بوتين: روسيا لا تخطط للدخول في حرب مع أحد