«ذي ديلي بيست»: الشركة التي حققت ثراء فاحشا بسبب الحرب على «الدولة الإسلامية»

الثلاثاء 4 أغسطس 2015 05:08 ص

لقد شكل تنظيم «الدولة الإسلامية» الإرهابي منجم ذهب لواحدة على الأقل من الشركات الأمريكية، رغم أن التنظيم بمثابة أكبر كارثة على الشرق الأوسط.

لا تسير الحرب على «الدولة الإسلامية» بالصورة المثلى في الوقت الذي دخل فيه التنظيم عامه الثاني ولا يزال واقفا على قدميه رغم الضربات الجوية الأمريكية التي تشمل كلا من سوريا والعراق.

وقد استفاد مقاولو الدفاع الأمريكيين كثيرا من القتال الدائر في منطقة الشرق الأوسط، حيث تلقت شركة «لوكهيد مارتن» طلبات لشراء الآلاف من صواريخ «هيل فاير». كما أن شركة «إيه إم جنرال» مشغولة في عمليات إمداد العراق بـ 160 مركبة هامفى أمريكية الصنع، وكذلك تبيع جنرال ديناميكس ذخيرة دبابات بملايين الدولارات للبلاد.

وتعدّ شركة «إس أو إس إنترناشونال» في نيويورك أحد أكبر اللاعبين على الأرض في العراق، حيث تقف وراء توظيف معظم الأمريكيين في البلاد بعد السفارة الأمريكية. ومن بين مستشاري مجلس الإدارة نائب وزير الدفاع السابق، «بول وولفويتز»، الذى يعتبر أحد مهندسي غزو العراق، و«بول بوتلر»، المساعد الخاص لوزير الدفاع السابق «دونالد رامسفيلد».

وشملت قيمة «إس أو إس إنترناشونال» التجارية في العراق في عام 2015 فقط نحو 400 مليون دولار. وتشمل هذه العقود 40 مليون دولار لتوفير كل شيء من وجبات طعام وخدمات الأمن والمطافئ والخدمات الطبية في مجمع بسمايا بالعراق، أحد المواقع التي تقوم فيها القوات الأمريكية بتدريب الجنود العراقيين. ومنح البنتاجون هذه الشركة عقد خاصا بقيمة 100 مليون دولار أواخر يونيو/حزيران من العام الجاري، ويستمر حتى يونيو/حزيران 2018، لتقديم خدمات مشابهة في معسكر التاجي.

وبعد عام من بدأ القصف الجوي الأمريكي لمواقع تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق، يوجد هناك 3500 جندي أمريكي ينتشرون في البلاد بغرض تدريب وتقديم المشورة للقوات العراقية. إن العدد الذى لم يلتفت إليه أحد هو العدد المتزايد للمتعاقدين المطلوبين لدعم هذه العمليات. ووفقا للجيش الأمريكي، فإن هناك 6300 متعاقد يعملون داخل العراق في دعم العمليات الأمريكية. وبشكل منفصل، فإن وزارة الخارجية الأمريكية تسعى إلى توظيف آخرين في خدمات النظافة وسائقين ولغويين ومتعاقدين أمنيين للعمل في السجون التابعة لها في العراق.

وبينما تقل هذه الأرقام كثيرا بالمقارنة بـ 163 ألفا كانوا يعملون في البلاد في ذروة حرب العراق، فإن الأعداد تتزايد بشكل مطرد. وفي الوقت الذي يتوقع فيه استمرار الحرب والقتال ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» لسنوات عديدة، فإنها تمثل ايضا فرصة لمقاولي الدفاع والأمن والخدمات اللوجستية، خاصة مع نضوب العمل في أفغانستان.

«يسمح ذلك لنا بالحفاظ على مبدأ لا قوات على الأرض في الوقت نفسه نزيد من تواجدنا»؛ بحسب «لورا ديكنسون»، أستاذ القانون في جامعة جورج واشنطن التي ركزت على تنظيم المتعاقدين العسكريين من القطاع الخاص مؤخرا.

وإلى اليوم، لا تزال أفغانستان تمثل تجارة مزدهرة لمقاولين مدنيين. وفي أحدث تقرير فصلي من القيادة المركزية الأمريكية التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الأوسط، كان هناك 30 ألف من المتعاقدين المدنيين العاملين في أفغانستان في إبريل/نيسان. لكن هذه الأرقام في انخفاض مستمر. على سبيل المثال، في إبريل/نيسان 2014، كان هناك أكثر من 60 ألف متعاقدا يعملون هناك.

وفي الوقت نفسه، يعمل المقاولون في كافة المجالات وبصورة متزايدة، من دعم مبيعات السلاح للحكومة العراقية حتى توفير الأمن الأساسي.

وتوفر شركة «إس أو إس إنترناشونال» مجموعة من المستشارين رفيعي المستوى ممن يعملون مع وزارة الدفاع العراقية وحكومة إقليم كردستان. وفى نهاية يونيو/حزيران الماضي، فازت الشركة بعقد قيمته 700 ألف دولار لتوفير مجموعة صغيرة من مقدمي المساعدة الأمنية والمستشارين على مدى عام. وقد يمتد العقد لأربع سنوات أخرى بقيمة إجمالية تبلغ 3.7 مليون دولار.

يتم نشر متطلبات العمل في الموقع الوظيفي لشركة «إس أو إس إنترناشونال»، وتشمل «سنة واحدة أو أكثر من الخبرة في العمل مع مسؤولي وزارة الدفاع العراقية».

وتتمثل أحد الواجبات المهمة في «إعداد وتقديم إفادات لكبار المسؤولين العسكريين عن حالة الموظفين والنظم والبرامج العراقية والتقدم الانتقالية».

وستقوم الشركة بتوفير مستشار واحد للحكومة الاقليمية الكردية العراقية، وخمسة للحكومة العراقية في بغداد، وفقا لـ«فرانك هيلميك»، الملازم جنرال المتقاعد الذي خدم ثلاث جولات من الخدمة في العراق بين عامي 2003 و 2011، وهو الآن نائب رئيس مهمة الحلول في شركة «إس أو إس إنترناشونال».

«هذه المواقف مهمة جدا. هم ليسوا مجرد مترجمين»، بحسب «هيلميك». وأضاف «إنهم يقدمون المشورة على المستويات حيث يتم اتخاذ القرارات».

وأضاف إنه بالنسبة للجزء الأكبر، فإنهم أمريكيين عراقيين يحملون تصاريح أمنية.

وخلال جولته الثانية في العراق بين عامي 2008 و 2009، كان «هلميك» هو المسؤول عن كل عمليات التزويد بالجنود والتدريب وتجهيز قوات الأمن العراقية، لذلك فإن مهمة اليوم مألوفة للغاية.

«تحركت ذهابا وإيابا إلى العراق خلال العامين الماضيين بصفتي رجل أعمال، وهو الأمر المختلف تماما عن الذهاب بوصفي رجلا عسكريا، ولكن الكثير من نفس الناس الذين عملت معهم بالزي العسكري لا يزالون هناك حتى اليوم»، هكذا تابع خلال حديثه مع صحيفة ذا ديلي بيست.

كما اعترف في الوقت ذاته بأن المتعاقدين يلعبون دورا داعما أساسيا في العراق.

«يعزز وجود المقاولين من حضور الولايات المتحدة»، بحسب «هيلميك» ، الذي أضاف «إذا تم إرسال الجنود إلى هناك لتقديم المشورة والتدريب، فإنهم ليسوا مضطرين لإرسال الناس لطهي طعامهم أو غسل ملابسهم أو تأمين أنفسهم. وبإمكان المقاولون أن يقوموا بمثل تلك المهام. نحن نسمح للولايات المتحدة أو قوات التحالف بالتركيز على الكفاءات الأساسية».

شركة  «إس أو إس إنترناشونال»، ليست هي الشركة الوحيدة العاملة في العراق ولاسيما مع وزارة الدفاع، حيث تشاركها شركة «إيه بي إم»، ومقرها نيويورك أيضا، والتي تعمل على تقديم المساعدة الأمنية والاستشارية، وعملت بشكل وثيق مع مسؤولي جهاز مكافحة الإرهاب العراقي.

وتنطوي المشكلة اليوم على عجز الولايات المتحدة محاربة مسلحي «الدولة الإسلامية» من الجانب اللوجستي. فالولايات المتحدة لم يعد بمقدورها التعاقد مع الشركات لتجهيز فرقها الاستشارية والخدمات الاخرى، وهذا يعني انها لم يعد باستطاعتها الذهاب إلى الحرب مجددا.

ويقول «شون ماكفيت»، أستاذ جامعة الدفاع الوطني ومؤلف كتاب «المرتزقة الحديثة: الجيوش الخاصة وماذا يعني ذلك للنظام العالمي»، لقد أصبح دور المتعاقدين في ساحة المعركة مثيرا للجدل، ويرجع ذلك إلى الهدر والغش وسوء المعاملة الذي أصبح مستشريًا في العراق على وجه الخصوص.

لكن دور المتعاقدين المدنيين في ساحة المعركة لا يزال مثيرا للجدل، ويرجع ذلك في جزء منه إلى النفايات والاحتيال وسوء المعاملة التي أصبحت متفشية في العراق وأفغانستان على مدى العقد الماضي. وبحسب لجنة مختصة بمتابعة ومراقبة أداء الجيش الأمريكي في العراق شكلها الكونجرس في عام 2008، فان الولايات المتحدة خسرت في العراق وأفغانستان معا حوالي 31 الى 60 مليار دولار لإزالة النفايات والتعاقد مع شركات توفر الدعم اللوجستي للجيش.

ويستمر المتعاقدون الأمنيون في مواجهة التدقيق الخاص بعد سلسلة من الانتهاكات على مدى السنوات القليلة الماضية. وما حطم سمعة الصناعة بشكل خاص ما حدث في ساحة النسور من إطلاق للنار في عام 2007 من قبل حراس يعملون لحساب شركة بلاك ووتر على مدنيين أردوا منهم 17 قتيلا.

وبسبب هذه الفضائح، هناك زيادة آنية في الإشراف على المتعاقدين المدنيين على المستوى الوطني والدولي. وعلى سبيل المثال، قامت وزارة الدفاع الأمريكية بالعديد من التغييرات الداخلية لتحسين الطريقة التي يتم فحصها من المقاولين واستخدامها.

وقال «هيلميك» إنه شاهد ما أحدثه المقاولون في عملية تغيير العراق عندما قام بزيارة بغداد لأول مرة في عام 2003 وحتى اليوم. وعلى سبيل المثال، كما يقول، فإن نسبة المقاولين بالنسبة لأعضاء خدمة الولايات المتحدة انخفضت إلى أقل من واحد إلى واحد، على الأقل بالنسبة لشركة «إس أو إس إنترناشونال». وفي ذروة الحرب في العراق وأفغانستان، فاق عدد المتعاقدين تجاوز القوات الامريكية. وفي حين أن شركة «إس أو إس إنترناشونال» قد خفضت نسبتها لتظل قادرة على المنافسة، استنادا إلى إحصاءات وزارة الدفاع الأمريكية الخاصة، فيبدو أن المقاولين يفوق عددهم عدد القوات الامريكية في العراق في الوقت الحالي.

وقال «هيلميك» إن بيئة الأعمال اليوم هي أكثر قدرة على المنافسة، مضيفا: «هناك الكثير من الشركات تتنافس من أجل الحصول على هذا العمل».

وقال «وليام بيفر»، رئيس شركة تنظيف المناطق الخطرة بالعالم، لقد نما السوق بشكل كبير بسبب وجود مجموعة كبيرة من المقاولين الذين كانت 14 سنة من الحروب كفيلة بتكوينهم، وكثرة تقاعد قدامى المحاربين الذين تركوا الجيش وهم يبحثون اليوم عن سبل للعمل، وفي الوقت نفسه يبحثون عن طرق جديدة للعمل في الخارج.

وقد أدى ذلك إلى انخفاض بالغ في الرواتب.

ولكن الشيء الوحيد الذي لم يتغير هو انعدام الشفافية في الحصول على العقود مع الدول. ليس هناك قاعدة بيانات عامة مركزية لمعرفة من يفعل هذا العمل، لذلك من الممكن فقط الحصول على عرض مبعثر من عمليات البحث على  الإنترنت، وإعلانات عقود يومية للبنتاغون ومجالس العمل المختلفة.

على سبيل المثال؛ من غير الواضح ما إذا كان أي من المتعاقدين يدعمون الولايات المتحدة وتحالف الطاقم العسكري في الوقت الذي يتم فيه تدريب المتمردين السوريين المعتدلين.

وما هو معروف هو أن المقاولين جزء لا يتجزأ من الفرق التي تدير طائرات الاستطلاع بدون طيار وتحليل لقطات الفيديو التي تم جمعها، وتوفير القوة العسكرية اللازمة التي يحتاجها لاستهداف مقاتلي« الدولة الإسلامية» في ساحة المعركة في سوريا والعراق. وفي الوقت الذي لا تستند فيه على الخارج، ومن ثم غير موجودين في أي إحصاءات رسمية، فإنها تدعم مباشرة مهمة تفضي إلى هزيمة «الدولة الإسلامية».

ومنذ البداية؛ حذر قادة عسكريون أمريكيون من أن الحرب ضد مسلحي «الدولة الإسلامية» ستكون طويلة جدا، وقد ينتهي عقد خدمات شركة «إس أو إس إنترناشونال» في معسكر التاجي في عام 2018. ومن المؤكد أن الشركات سوف تعثر على عمل كلما احتدمت المعارك بالمنطقة العربية.

  كلمات مفتاحية

لوكوهيد مارتن بلاك ووترز الشركات الأمنية الجنود المرتزقة الدولة الإسلامية

أحكام بالسجن بحق «مرتزقة» من «بلاك ووتر» قتلوا مدنيين عراقيين عام 2007