خبير: تركيا قلبت الطاولة بإدلب وقد تحقق صفقة في موسكو 

الخميس 5 مارس 2020 01:18 م

اعتبر الخبير الأمني الأمريكي "تشارلز ليستر" أن تركيا نجحت عبر تدخلها العسكري في محافظة إدلب شمال غربي سوريا في قلب الطاولة على نظام "بشار الأسد"، وأنها قد تتمكن من التوصل بفضل ذلك إلى صفقة خلال محادثات الرئيسين التركي "رجب طيب أردوغان" والروسي "فلاديمير بوتين" في موسكو الخميس.

وفي سلسلة تغريدات قدم عبرها تحليلا للوضع في إدلب، طالب "ليستر" الولايات المتحدة وأوروبا بالانخراط في إدلب لـ"تفادي موجة أكبر من النازحين وإقناع تركيا بالبعد عن روسيا".

وقال: "قبل أسبوعين، كانت قوات بشار الأسد تتجول بحرية في إدلب؛ حيث كانت تسحق دفاعات المعارضة وتبتلع مراكز المراقبة العسكرية في تركيا تقريبا كما تشاء".

وأضاف: "وقف العالم صامتا تقريبا -أو غير مبال- حيث تم تهجير مليون شخص بشكل منهجي ووحشي من إدلب.. ووسط تقدم الأسد عززت تركيا إمدادات الأسلحة للمعارضة في محاولة لتعزيز قدراتهم الهجومية والدفاعية، ثم تمت إضافة دعم المدفعية TSK، إلى جانب حملة من غارات الطائرات بدون طيار".

وتابع: "كانت تلك التحركات التصاعدية من جانب تركيا مثالا على محاولة التصعيد لوقف التصعيد، لكنها فشلت".

في المقابل، صعدت روسيا بشكل كبير؛ ما أسفر عن مقتل 33 جنديا تركيا في هجوم جوي موجه بالليزر للنظام السوري المدعوم من روسيا ليلا على مقر القيادة التركية. وكانت تلك الحادثة مرتفعة الخسائر، وحفزت تركيا على إطلاق "عملية درع الربيع" في تركيا العسكرية، التي تشمل هجمات مكثفة عبر طائرات بدون طيار، وضربات صواريخ "MRL" طويلة المدى، إضافة إلى عمليات هجومية في الخطوط الأمامية المدعومة بقوات المعارضة.

وقال "ليستر": "للمرة الأولى منذ 9 سنوات، واجهت سوريا حملة عسكرية متواصلة من قبل دولة معادية (تركيا)، وقد عانت بشدة. لقد تم تحطيم ترسانة الأسلحة السورية الثقيلة".

وأضاف: "من المثير للاهتمام أن استخدام تركيا للحرب الإلكترونية، الطائرات بدون طيار المتطورة (Anka وBayraktar TB2) والذخائر الموجهة بدقة طغت على نظام الدفاع الجوي الروسي "Pantsir-S1"  ومقاتلات سوخوي-24" الروسية.

وتابع: "الحملة التي تقودها الطائرات بدون طيار التركية في إدلب تكذب الاقتناع الأمريكي الراسخ في الولايات المتحدة بأن الدفاعات الجوية السورية تشكل تحديا عسكريا كبيرا".

أيضا، لدى روسيا حسابات جغرافية سياسية أوسع؛ حيث تراجعت إلى الخلف وتركت الطائرات التركية وحدها.

وأشار الخبير الأمني إلى أن بعض المحللين والحكوميين السابقين يواصلون كالببغاء ترديد عبارات "لا يوجد حل عسكري"، والدفع بالسماح بدخول المساعدات فقط يدل على أنه لم يتم تعلم أي دروس من آخر 9 سنوات.

وقال: "هناك حاجة ماسة للمساعدات الآن، لكنها عبارة عن إسعافات أولية، وليست حلا".

وأضاف أن الأسوأ من ذلك هو أن الفكرة لا تزال قائمة على نطاق واسع بأن النزوح الجماعي هو أحد أعراض أزمة سوريا، مشيرا إلى أن النزوح هو الهدف المحدد لاستراتيجية "الأسد" الكاملة تجاه المعارضة. إنه يسعى إلى ما يعتبره "تطهيرا" لسوريا من "الخلايا السرطانية".

الأهم من ذلك هو خسائر "الأسد" من القوات العاملة، والتي يبلغ تعدادها على الأرجح أكثر من 1500 منذ بدء القتال في 1 ديسمبر/كانون الأول، إضافة إلى أعداد أكبر من الجرحى.

ومنذ 28 فبراير/شباط، قُتل ما يقرب من 60 من قوات "الأسد"، معظمهم بسبب ضربات تركيا. والآن، التعزيزات هي لمجندين من الشرطة ومراهقين.

وقال: "حتى وقت قريب، كانت معركة إدلب معركة استنزاف، لكن المعارضة المدعومة من تركيا كانت في وضع غير مؤات، لكن بفضل الدعم الجوي والمدفعي في تركيا، تم قلب الطاولة، ومن غير الواضح ما إذا كان بإمكان الأسد أم لا الحفاظ على معدل الاستنزاف هذا دون خسارة".

وأضاف: "في الأيام الأخيرة، تشير التقارير إلى أن الوكلاء الإيرانيين خاصة حزب الله قاموا بدور أساسي في عمليات المواجهة، لا سيما في مناورات القيادة والهجوم، وهذا مؤشر واضح على قصور القوات العاملة السورية لكنه يثير أيضا تساؤلات حول إيران".

وتابع "ليستر": "حتى يناير (كانون الثاني)، ظلت إيران خارج حملة إدلب، لم تعد سوريا الآن من الاهتمامات الحاسمة لطهران".

وأوضح قائلا: "إطلاق الأسد لهجوم في حلب جلب إيران ووكلائها؛ لأن تأمين حلب هو أولوية استراتيجية للإيرانيين، لكن الآن هم أبعد من ذلك".

وتساءل: "إلى متى يمكن أن يعتمد الأسد على إيران لجلب القوات العاملة ذات القيمة الإقليمية على جبهة تمثل الآن ساحة معركة سوريا مقابل تركيا؟".

وقال: "قتلت ضربات القوات التركية العشرات من الميليشيات من حزب الله وفاطميون في الأيام الأخيرة، وستتسارع تلك الخسائر الآن.. وسيجتمع أردوغان مع بوتين الخميس للتفاوض حول إدلب". وأضاف أن هذا الاجتماع يوضح كيف أثرت الحملة العسكرية لتركيا على رفض روسيا السابق لاجتماع شخصي مع "أردوغان".

لكن هل تغير ما يكفي لتأمين صفقة "جيدة"؟

وأجاب: "بالنسبة لأردوغان أصبح مصير إدلب قضية ذات أهمية وجودية محليا في تركيا؛ فمنطقة حدود بعمق قليل ليست كافية".

ويمكن التوصل لحل وسط عن طريق رسم خط بطول الطريقين السريعين M5 وM4؛ مما يجعل لتركيا منطقة بعمق حوالي 35 كم جنوبا إلى مدينة إدلب. لكن من المستحيل تقريبا توقع سيناريو يوافق فيه "الأسد" على التنازل عن منطقة أوسع، إلا إذا استمرت الحملة التركية والتكاليف. وهذا سيعني أن إيران وروسيا ليس لهما خيار سوى فرض المشكلة عن طريق توفير ما يحتاجه "الأسد" (الطائرات والقوات) للقتال.

وقال الباحث الأمريكي إن "كل هذا يعني أنه في حين تغيرت الديناميكيات بشكل كبير في الأيام الأخيرة، لا أعتقد أننا سنشهد وقفا دائما لإطلاق النار أو ترتيبا متفق عليه في موسكو الخميس.. ربما سنشهد صفقة، لكنها ستكون قصيرة الأجل".

وأضاف أن "أردوغان"، عندما أطلق "درع الربيع"، خطط أنه إذا سارت الحملة بنجاح فإنه يمكن إدامتها لزيادة نفوذ أنقرة أكثر.

واعتبر أن تصريحات "أردوغان" أمام حزب "العدالة والتنمية" الحاكم في تركيا والرسائل الأخيرة له تظهر  أن "درع الربيع" لا يبدو أنها حملة قصيرة الأمد.

وقال: "هذا يعني أنه لا يزال أمام الولايات المتحدة وأوروبا نافذة للانخراط: لفعل الخير لإدلب وتفادي موجة أكبر من النازحين وإقناع تركيا بالبعد عن روسيا".

وتوقع "ليستر" أن تكون لأزمة إدلب تداعيات عالمية على نطاق أوسع. وقال: "الحرب لم تنته، إنها تتغير، ويجب على الولايات المتحدة أن تواصل الضغط الدبلوماسي والاقتصادي على نظام الأسد في وقت تضعف فيه قدراته الاستراتيجية أمام أعيننا".

ولفت في هذا الصدد إلى أن قانون "سيزر" يمنح الولايات المتحدة أكثر من سبب لبدء معاقبة روسيا على جرائم الحرب التي ارتكبتها في سوريا.

 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تركيا’ إدلب نازحو إدلب عملية إدلب جبهة إدلب

أردوغان: قتلنا 3 آلاف من عناصر الأسد بإدلب.. ولن نترك دماء شهدائنا

واشنطن تضغط على الأوروبيين للتوصل لاتفاق جيد بشأن ⁧‫سوريا‬⁩

الخوذ البيضاء: 612 مدنيا قتلوا بإدلب خلال شهرين

أردوغان وبوتين يتفقان على وقف إطلاق النار في إدلب

ستراتفور: الاتفاق التركي الروسي يمهد لجولة جديدة من التصعيد