اللجان الإلكترونية في مصر.. التنظيم والتمويل والمهام

الثلاثاء 10 مارس 2020 04:56 م

لم يكن مفاجئا إعلان أكبر شبكة للتواصل الاجتماعي في العالم "فيسبوك"، قبل أيام، حذف نحو 1730 حسابا وصفحة ومجموعة، في شهر واحد لأفراد ولجان وخلايا إلكترونية تعمل في مصر.

ولا يعد هذا الإجراء هو الأول من نوعه التي تتخذه الشركة ضد حسابات مصرية في الأشهر الأخيرة، وسط تساؤلات عن الجهات الممولة لهذه الحسابات وأهدافها.

ففي أغسطس/آب الماضي، حذفت "فيسبوك" 700 حساب في "فيسبوك"، و48 حسابا على "إنستجرام"؛ لمشاركتها في حملة منسقة لنشر معلومات كاذبة، بدأت في الإمارات ومصر، واستهدفت بلدانا في الشرق الأوسط وشمال وشرق أفريقيا.

وفي أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أعلنت "فيسبوك" حذف مئات الحسابات الشخصية والصفحات والمجموعات في كل من مصر والإمارات وإندونيسيا ونيجيريا؛ بسبب "نشر أخبار مزيفة منسقة".

وكانت بعض هذه الحسابات تدار من خارج مصر، لكنها كانت تقوم بنشر محتوى مزيف داعم للإمارات والسعودية ومصر، بجانب توجيه انتقادات لكل من قطر وتركيا وإيران، حسب المسؤول التنفيذي في "فيسبوك"، "ديفيد أجرانوفيتش".

وتعد مصر من أكبر دول العالم التي تمتلك حسابات وهمية على "فيسبوك"، حسب بيانات صادرة عن شركة "سوشيل باكرز" المتخصصة في مراقبة أداء الشبكات الاجتماعية.

  • تحركات منسقة

وتبدو تحركات الذباب الإلكتروني، أو ما يعرف في مصر بـ"اللجان الإلكترونية"، وكأنها منفصلة، لكن النشاط المتزايد في دول بعينها، واستهداف دول محددة عبر مهاجمة سياساتها، كان كفيلا بكشف العديد من تلك الشبكات.

وتبرز مصر والإمارات والسعودية ضمن الدول التي تملك جيوشا افتراضية، أو مقاتلين إلكترونيي؛ حيث تمكنت "فيسبوك" من رصد روابط بين حسابات مزيفة وشركتين للتسويق الإعلامي في مصر والإمارات.

ويركز المحتوى الذي تبثه الكتائب الإلكترونية في مصر، على مهاجة قطر وتركيا وهو قاسم مشترك في أغلب الحسابات التي تم رصدها ووقفها، إضافة إلى دعم حرب اللواء "خليفة حفتر" في ليبيا، وهو حليف للقاهرة وأبوظبي.

كذلك تنشط حسابات الخلايا السوداء في مهاجمة الربيع العربي، وجماعة الإخوان المسلمين، وتأييد المجلس العسكري في السودان، وحرب السعودية في اليمن، ودعم استقلال "صوماليلاند"، وهي منطقة نفوذ مهمة للإمارات في منطقة القرن الأفريقي.

  • "نيو ويفز" و"فليكسيل"

ويقود الكتائب الإلكترونية، على الساحة المصرية، شركتين هما "نيو ويفز" و"فليكسيل"، واللتان كانتا تخفيان هوياتهما، إلا أن تحقيقات "فيسبوك" أثبتت تورطهما في الأمر.

وهناك تقارب بين اسم الشركة المصرية (نيو ويفز)، ونظيرتها الإماراتية (نيو إيف)، وتمتلك كلا الشركتين حسابات مزيفة يزيد عدد متابعيها عن 14 مليونا.

وتعتمد تلك الشركات، المدعومة من أبوظبي، في طريقة عملها على إنشاء حسابات مزيفة، كما تشتري حسابات جماهيرية، وتقوم بتغيير نشاطها بشكل منتظم، وغالبا ما تبدأ بالكتابة عن الموضة والحيوانات والأعمال اليدوية، قبل التطرق لاحقا لقضايا ساخنة، وسياسات إقليمية مؤثرة.

وتبدو الحسابات كأنها تابعة لصحفيين وناشطين محليين، لكنها توجه المتابعين إلى مواقع إلكترونية ومنافذ إخبارية محلية، أبرزها صحيفة "الفجر" المصرية، المقربة من أجهزة أمنية في مصر.

ويملك شركة "نيو ويفز" وفق صحيفة "نيويورك تايمز"، ضابط سابق بالجيش المصري يدعى "عمرو حسين"، ويقوم بدفع 180 دولارا شهريا لعناصر تلك الميليشيات لخدمة أهداف على صلة بأجندة المؤسسة العسكرية في البلاد.

أما شركة "فليكسيل"، مجهولة الملكية، فقد حاولت التهرب من اكتشاف "فيسبوك" عن طريق التلاعب في الصور ونصوص المنشورات، لكن مضمون رسالتها الإعلامية كان واحدا وهو مهاجمة الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، حسب موقع الوسائط الأمريكي "سي نت".

وهناك شركات أخرى تقوم بذات المهمة منها "تشارلز" في الإمارات، و"مينتريتش" في نيجيريا، و"إيريب جلوبال" في الهند، وهي شركات تسويق تجاري تعمل لحساب قوى جيوسياسية لها مصالح في المنطقة.

  • مهام سوداء

تقوم هذه الشركات بإنشاء حسابات وصفحات مزيفة على "فيسبوك" و"تويتر" و"إنستجرام" و"تليجرام"، وتستخدمها للتأثير وتغيير بوصلة الرأي العام، أو إثارة حالة من الضبابية والتشكيك حول قضية ما، أو اغتيال رمز ما سياسيا ومعنويا.

وتعكس الرسائل بالطبع أهداف السياسة الخارجية لمصر، وحلفائها، مع إشادات دائمة بإنجازات القيادة السياسية، وترسيخ ثقافة الكراهية ضد المعارضين.

ويكون معدل النشر والتغريد من هذه الحسابات مرتفعا مقارنة بالمعدل البشري الذي يستطيع المستخدم العادي تحقيقه، كما يتم التغريد بنفس المحتوى الذي تنشره حسابات أخرى في نفس الوقت تقريبا.

وتتم إدارة تلك الحسابات الوهمية من قبل "روبوتات الويب" الذي يبرمج مجموعة من العمليات عالية الدقة التي تفضي إلى وضع "إعجابات" و"مشاركات" وإعادة تغريد لحسابات ومنشورات بعينها، لتتصدر قوائم "التريند" العالمية والمحلية.

ومن أبرز اللجان الإلكترونية التي تنشط على الساحة المصرية، صفحة "الجيش المصري الإلكتروني"، التي تدعي أنها ليست تابعة لأي جهة سيادية، وأنها تدار من قبل "شباب مصريين لبوا نداء الواجب لرد الهجمات ضد على الإنترنت".

  • أسرار محمد علي

ويعزز من صحة الاتهامات حول تورط الاستخبارات المصرية في إدارة اللجان الإكترونية، ما كشفه المقاول "محمد علي" أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إبان حملته لكشف فساد الرئيس "عبدالفتاح السيسي".

فمن بين المشاريع العقارية التي كشف عنها "علي"، كان مبنى متعدد الطوابق، تستخدمه المخابرات العامة المصرية لإيواء ما وصفه بـ"جيش السيسي الإلكتروني".

ويقوم عناصر ذلك الجيش بمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، والتفاعل مع الأحداث التي يظهر فيها الرئيس المصري، والتعليق عليها إيجابا.

وجرى تشييد المبنى، بتمويل من الإمارات، ويحتضن مئات الموظفين، تحت قيادة عدد من الضباط، وفق إفادات "علي" لموقع "ميدل إيست آي" البريطاني.

ويتمدد نفوذ تلك الكتائب، وتتوسع مهامها، كسلاح أكثر خطورة، يقوم بنشر شائعات لخدمة رواية الدولة السياسية، أو تسريب فضائح جنسية لابتزاز معارضين، أو التعتيم على مسارات قضايا ساخنة مثل "سد النهضة" والوضع في سيناء، عبر افتعال معارك وهمية، تشغل الرأي العام، وبالتبعية تكون محور التغطية الإعلامية في مختلف وسائل الإعلام.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اللجان الإلكترونية لجان إلكترونية الذباب الإلكتروني ذباب إلكتروني