كيف يشعل الاستقطاب الخليجي أزمة الصحراء بين المغرب وموريتانيا؟

الأحد 22 مارس 2020 03:18 م

"موقف موريتانيا من قضية الصحراء الغربية لم يتغير ولن يتغير، وهو الاعتراف بالجمهورية الصحراوية، لأنه موقف من ثوابت السياسة الخارجية للبلد"..

بهذه الكلمات سكب الرئيس الموريتاني "محمد ولد الغزواني" الزيت على نار التوتر بين بلاده والمغرب في أول مؤتمر صحفي يعقده منذ انتخابه رئيساً في يونيو/حزيران الماضي.

ورغم أن "ولد الغزواني" اعتبر خلال المؤتمر الذي عقده في 5 مارس/آذار، أن موقفه ليس سوى تعبير عن "حياد إيجابي"، لكن صدى ذلك لم يصل إلى الإعلام المغربي، الذي اعتبر أن تصريحات الرئيس الموريتاني تأتي بمثابة رد "سلبي" على إعلان وزير الخارجية المغربي "ناصر بوريطة"، خلال زيارته لموريتانيا في 18 فبراير/شباط الماضي، عن رغبته في "علاقات استثنائية" مع جارة بلاده الجنوبية.

وفي هذا الإطار، تحدثت صحيفة "هبة بريس" المغربية عن احتمال عودة العلاقات بين نواكشوط والرباط إلى مربع الصفر، واصفة تصريحات "ولد الغزواني" بأنها "مستفزة" و"ضد الوحدة الترابية للمملكة".

وفي المقابل، منعت موريتانيا وزير ثقافتها "محمد ولد الغابر"، من السفر إلى المغرب للمشاركة في المعرض الدولي للكتاب بالدار البيضاء، الذي اختتم الأحد 1 مارس/آذار، رغم أن موريتانيا كانت ضيفة الشرف، قبل أن تعود الحكومة الموريتانية وتنفي وجود أي توتر بين البلدين.

غير أن مؤشرات التوتر بين البلدين أكثر وضوحا من دعاوى النفي الرسمي، خاصة أن العقد الماضي شهد علاقات فاترة بين الرباط ونواكشوط على خلفية تباين المواقف حول قضية الصحراء والموقف من جبهة البوليساريو التي تدعو للانفصال عن المغرب، إذ ألقت تحركات الجبهة في موريتانيا بظلالها على علاقات البلدين؛ بسبب ارتباطاتها بالنظام والقوى السياسية في نواكشوط.

هذا ما عبر عنه تصريح آخر لـ"بوريطة" قبل زيارته الأخيرة لنواكشوط بأيام في العاصمة الرباط، بحضور وزيرة الخارجية الإسبانية "أرانتشا غونزاليز لايا"، حيث أكد أن "علاقات الجوار التي تجمع بلاده مع إسبانيا أفضل من علاقاته بالجزائر وموريتانيا".

ورقة الصحراء

لكن لماذا استدعت القيادة الموريتانية ورقة الصحراء في هذا التوقيت تحديدا؟ يكمن الجواب الرئيسي لهذا السؤال في الخلاف المتفاقم بين المغرب وموريتانيا حول ترسيم الحدود البحرية والمصالح الاقتصادية المشتركة بين الجارين.

وتشير مصادر مغربية، في هذا الصدد، إلى أن استدعاء الرئيس الموريتاني لورقة قضية الصحراء يأتي في سياق محاولة الضغط على الرباط للرد على ما تعتبره نواكشوط تهميشا وإقصاء لها، بعد قيام المغرب بترسيم حدوده البحرية في الأقاليم الجنوبية دون إطلاع نواكشوط على الخطوة أو التشاور معها، وقصر ذلك على إسبانيا، إضافة إلى رغبة المغرب في دمج السنغال إلى المشروع الذي كان قد طرحه على موريتانيا بشأن تصدير الغاز من حقل "السلحفاة الكبير/احميم" المشترك بين داكار ونواكشوط، والذي سيبدأ الإنتاج فعلياً في أواخر عام 2021، وينتظر أن يقوم بتصدير الغاز إلى أوروبا عبر المغرب.

((1))

في سياق آخر، يتحدث الخبير المتخصص في ملف الصحراء "نوفل البوعمري"، عن "جهات" لم يسمها ترغب في تسميم علاقة المغرب بشركائه وأصدقائه وجيرانه، وعلى رأسهم الجارة موريتانيا الشقيقة، وفقا لما نقله موقع "هسبريس" المغربي.

لكن مراقبين يخشون أن كلا من الرياض وأبوظبي تعمدان إلى تأجيج التوترات بين الرباط ونواكشوط بهدف زيادة الضغوط على المغرب، بسبب موقفها المحايد في أزمة قطر وقرارها الانسحاب من حرب اليمن.

ويرى محللون أنّ المغرب يحاولُ خلق نوع من الموازنة بين مختلف الأطراف في الخليج العربي؛ فمن جهة يحاول التقاط الإشارات التي تأتيه من قطر (وآخرها كان التنسيق الأمني واللوجستي مع الدوحة في ما يتعلق باستعدادات الأخيرة لتنظيم مونديال 2022)، وفي الوقت ذاته يحاول ألا تؤثر هذه الخطوات على العلاقة مع الحلفاء التقليديين مثل الرياض وأبوظبي.

كبح التوترات

في هذا السياق، تسعى الرباط فيما يبدو للتوصل إلى صيغة لحل خلافاتها المكتومة مع السعودية، وهو ما استهدفته زيارة "بوريطة" للعاصمة السعودية، التي تمهد لزيارة أخرى سيجريها الملك "محمّد السّادس" إلى المملكة.

في المقابل، يبدو أن نواكشوط تظهر قدرا أكبر من الاستسلام والتبعية للمقررات السياسية للتحالف السعودي الإماراتي، منذ اختارت قطع علاقاتها مع قطر إبان الأزمة الخليجية في يونيو/حزيران 2017.

وكانت موريتانيا قد انضمت، تزامنا مع اندلاع الأزمة الخليجية، إلى رباعي دول الحصار، وأعلنت قطع علاقاتها مع قطر، ثم شنت حملة حظر وتجريم ضد المؤسسات التابعة لتيار الإسلام السياسي في البلاد، وهو ما لاقى تأييدا قويا من الإعلام الموالي للرياض وأبوظبي.

وعليه فإن نتائج الزيارة المرتقبة للملك "محمد السادس" إلى السعودية لن تحدد آفاق علاقات الرباط مع الرياض وأبوظبي فقط، بل ستحدد أيضا إذا ما كانت التوترات في علاقات المغرب الخليجية سوف تنعكس بشكل أكبر على التوترات الكامنة مع الجيران في محيطه الجغرافي.

((2))

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

موريتانيا: أجهزة فحص كورونا القادمة من الصين غير صالحة

المصالح الاستراتيجية.. ماذا وراء التقارب الإماراتي المغربي؟