خسائر النفط منذ الإثنين الأسود تهدد موازنات دول الخليج المتعثرة

الأربعاء 11 مارس 2020 06:09 م

يبدد الانهيار الحاصل في أسعار النفط، آمال دول الخليج، في تحقيق نسب نمو أكبر، وعجز أقل في موازنات العام 2020، التي يبدو أنها ستتضرر كثيرا، وبشكل غير مسبوق منذ سنوات.

وتعتمد موازنات كلا من "السعودية، والإمارات، والكويت، والبحرين، وقطر، وسلطنة عمان"، بشكل كبير على عائدات النفط والغاز في تمويل إيراداتها، وكانت تأمل في سعر لبرميل النفط يستقر عند حاجز 70 دولارا.

لكن بين عشية وضحاها، وبعد انهيار اتفاق "أوبك+" مع روسيا، المعني بخفض إنتاج النفط، وقرار السعودية خفض أسعار منتجاتها النفطية، وزيادة إنتاجها إلى 12 مليون برميل يوميا، فإن النفط فقد أكثر من ثلث قيمته، واقترب من حاجز الـ30 دولارا.

السعودية

تعد السعودية أكثر المتضررين، وقد تدفع ثمن حربها النفطية ضد روسيا، وقراراتها التي هوت بأسعار خام برنت القياسي العالمي بنسبة 30%، مع انهيار إيراداتها النفطية بشكل كبير.

ووفق الموازنة السعودية للعام 2020، يبلغ حجم الإنفاق المتوقع نحو 1.02 تريليون ريال (272.3 مليارات دولار)، فيما يبلغ حجم الإيرادات نحو 833 مليار ريال (222.4 مليارات دولار).

ووفقا لهذه الأرقام، كان من المقرر أن يبلغ عجز الموازنة السعودية، خلال العام الجاري، حوالي 187 مليار ريال (50 مليار دولار).

ولكن من المؤكد أن تهاوي أسعار النفط بهذا الشكل، سيضع موازنة المملكة تحت ضغط كبير، يفاقم من معدلات العجز، مع اعتماد سعر (خام برنت) في موازنة 2020 عند مستوى 56 دولارا للبرميل.

ووفق تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن السعودية أكبر مصدر للنفط في العال تحتاج إلى سعر يتراوح بين 80 و85 دولارا لبرميل الخام، لتحقيق التوازن في ميزانيتها.

الإمارات

أما موازنة الإمارات، العام 2020، فهي الأكبر في تاريخ البلاد، بنفقات تقدر بـ61 مليار درهم (16.6 مليار دولار)، ودون عجز.

ويعني تراجع سعر برميل النفط بمقدار 10 دولارات فقط، تقليص الإيرادات الحكومية بنسبة تتراوح بين 2 و4%، ناهيك عن التداعيات السلبية لفيروس "كورنا" على فرص إقامة ورواج معرض "إكسبو 2020" الذي تستضيفه دبي، أكتوبر/تشرين الأول المقبل.

ولكي تصل الإمارات إلى نقطة التعادل (أي التساوي بين الإيرادات والمصروفات)، خلال العام الحالي، فهي تحتاج متوسط سعر لبرميل النفط يقدر نحو 70.19 دولارا.

وتعني خسائر ما يعرف بـ"الإثنين الأسود"(9 مارس/آذار الجاري) أن موازنة الإمارات (تنتج نحو 4 ملايين برميل يوميا) بصدد التعرض لعجز مالي، ربما يخفف منه امتلاكها مصدات مالية ممثلة في صناديق الثروة السيادية التي قد تخفف من أثر انخفاض أسعار الخام.

الكويت

وبحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، فإن الكويت في حاجة لسعر برميل النفط عند 54.3 دولارات من أجل معادلة ميزانية البلاد في 2020.

وتنتج الكويت حاليا نحو 3 ملايين برميل يوميا، وتشكل الإيرادات النفطية نحو 92% من موارد الموازنة العامة، ما يجعلها تحت ضغط كبير، حال استمر نزيف الخسائر.

وتعتمد الميزانية الكويتية على أسس تقديرات سعر برميل النفط عند 55 دولارا، ما يعني أن الأسعار الحالية لا تلبي الطموحات الكويتية، وسترفع من معدلات العجز المقدر أساسا عند 25.4 مليارات دولار.

وفي هذا الصدد، يجدر الإشارة إلى أن سعر خام التصدير الكويتي ارتفع متخطيا حاجز 68 دولاراً في سبتمبر/أيلول الماضي، بينما سجل 34.26 دولار في "الإثنين الأسود".

قطر

من المتوقع أن تحقق موازنة قطر للعام 2020 (تبلغ قيمتها الإجمالية 58 مليار دولار)، فائضا بقيمة 137.3 ملايين دولار. وتقدر الدوحة سعر النفط في موازنتها عند 55 دولارا.

وتتمتع قطر، التي تنتج نحو 600 مليون برميل يوميا من النفط، بأدنى سعر تعادل لبرميل النفط بالنسبة لدول المنطقة بنحو 45.7 دولارات في العام 2020، ما يقلل من فاتورة خسائرها بشكل كبير، خاصة بالنظر إلى ضآلة حصتها في سوق منتجي النفط.

وانسحبت قطر من عضوية منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك"، منذ يناير/كانون الثاني 2019، في خطوة هدف للتركيز على الاستثمار في قطاع الغاز، كونها أحد ةأكبر مصدر للغاز في العالم، بطاقة قدرها 77 مليون طن سنويا.

كذلك يقلل من تأثر قطر بتداعيات "الإثنين الأسود"، ما تشهده من نمو أعلى بالقطاع غير النفطي، مستفيدة من الإنفاق على مشروعات كأس العالم 2022.

البحرين

أما سعر برميل النفط المقدر في الموازنة العامة للبحرين، فيبلغ 60 دولارا، مع توقعات بتحقيق عجز في الميزانية يصل إلى 1.63 مليار دولار في 2020، وهو رقم مرشح للزيادة مع انهيار أسعار النفط.

ويصل سعر التعادل الذي تحتاجه الموازنة البحرينية، للتساوي بين الإيرادات والمصروفات إلى حوالي 95.14 دولارا.

ويقلل بعض الشئ من تداعيات تأثر البحرين، بحرب النفط، كونها أصغر منتج للطاقة في الخليج، وإنتاجها يقدر فقط بنحو 200 ألف برميل يوميا.

ولكن انهيار أسعار النفط ربما يؤثر على فرص المنامة في الحصول على مزيد من حزم المساعدة المالية من جيرانها الخليجيين، وبخاصة السعودية.

سلطنة عمان

إلى جانب انهيار أسعار النفط، فإن خسائر الاقتصاد العماني، تتزايد جراء ارتباط البلد الخليجي بالصين موطن انتشار فيروس "كورونا"، حيث تصدر إلى بكين 45% من وارداتها الخارجية.

ويبلغ إنتاج عمان من النفط نحو مليون برميل يوميا، وهو لاعب صغير في سوق المنتجين، لكن اقتصادها البلاد سيتأثر بشدة جراء تعدد مصادر الخطر بداية حرب النفط، مرورا بـ"كورونا" وليس انتهاء بأزمة الاقتصاد الصيني.

وتفترض موازنة عمان (عجز متوقع 6.4 مليارات دولار)، سعر نفط عند 58 دولارا للبرميل هذا العام، بينما تحتاج سعر تعادل يصل إلى 87.26 دولارا.

وتقول وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني، إن الأوضاع المالية ستضعف في معظم دول مجلس التعاون الخليجي، ما يواصل الضغط على الميزانيات العامة.

وفي المجمل، وبناء على متوسط إنتاج فبراير/شباط الماضي، فقد أعضاء "أوبك" إيرادات بأكثر من مليار دولار خلال 4 أيام فقط من انخفاض الأسعار.

وتتجلى الخسائر بشكل أكبر بكثير عند مقارنتها مع المستوى المرتفع الذي بلغه خام برنت في يناير/كانون الثاني الماضي عند 71.75 دولارا للبرميل.

ومن المتوقع أن يصل العجز في موازنات الدول الست في مجلس التعاون الخليجي إلى نحو 158 مليار دولار في العام الحالي، وفق التقرير الصادر عن مركز الكويت المالي، وهو عجز من الممكن أن يتضاعف حال ظلت أسعار النفط على حالها.

كذلك تفيد توقعات اقتصادية، بأن دول الخليج ستقترض ما يصل إلى 390 مليار دولار خلال 2020 لتمويل العجز في موازناتها في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط.

ولا شك أن انهيار أسعار النفط، وهو الأكبر على مستوى العالم في يوم واحد منذ العام 1991، سيفرض ضغوطا على موازنات الخليج، ويكبدها عجزا كبيرا، ونقصا في الاحتياطات النقدية، وزيادة في القروض، ربما يفوق كل التوقعات، حال استمرت الحرب النفطية بين منتجي "أوبك بلس". 

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

بعد انهيار أوبك بلس.. تعرف على الرابحين والخاسرين من إغراق سوق النفط

كيف خسر بن سلمان رهانا بـ35 مليار دولار على التكنولوجيا المستقبلية؟