بعد انهيار أوبك بلس.. تعرف على الرابحين والخاسرين من إغراق سوق النفط

الأربعاء 11 مارس 2020 09:28 م

هبوط حاد لأسعار النفط صدم سوق الطاقة العالمية بدءا من يوم الإثنين، 9 مارس/ آذار الحاري، إثر انخفاض أسعار النفط بنسبة وصلت إلى 30%، على خلفية الزيادة الملموسة للعرض والركود المتزايد في الطلب بسبب فيروس "كورونا" الجديد، والذي أودى بحياة أكثر من 3800 شخص وطرق أبواب ما يزيد على 100 دولة.

وتعود زيادة المعروض النفطي الحالية بالأساس إلى انهيار الطلب الصيني بنحو 25%، من أصل استهلاك يبلغ 13 مليون ونصف مليون برميل يوميا، ما يعني أن الطلب الصيني تقلص إلى 9 ملايين برميل يوميا، بسبب تفشي كورونا.

وتفاقمت المخاوف في أسواق النقط بعد فشل تجمع منظمة الدول المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك+)، في تمديد اتفاق خفض إنتاج الخام، الذي التزمت السعودية وروسيا بموجبه بخفض الإنتاج بنحو 1.7 مليون برميل يوميا منذ 3 سنوات.

وفشلت الدول المنتجة في تمديد الاتفاق بسبب رغبة المملكة في زيادة خفض الإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا إضافية حتى نهاية العالم الجاري، لكن روسيا وشركاء آخريت رفضوا. 

رفض ردت عليه المملكة بإطلاق "حرب نفطية"، حسب توصيف وكالة "بلومبرج" الأمريكية، حيث خفضت الرياض أسعار النفط المطروح لزبائن آسيا بنحو 6 دولارات، وبـ3,1 دولارات في الشرق الأوسط، وبأكثر من 10 دولارات في أوروبا، مما أدى إلى أكبر انهيار في أسعار النفط في يوم واحد، منذ حرب الخليج عام 1991.

هذا الخفض غير المسبوق استهدف، بحسب الخبير في شؤون النفط "بيل فارين-برايس" منافسة الخام الروسي في سوق النفط العالمية، وزيادة حصة السعودية في السوق ومعاقبة موسكو بسبب رفضها تعزيز خفض الإنتاج.

ويهدد رفع الإنتاج، وسط طلب ضعيف بسبب فيروس "كورونا" الجديد، بانهيار لأسعار النفط بشكل وصفه "برايس" بأنه سيكون أشبه بـ "حمام دم".

وتمثل تصريحات وزير الطاقة السعودي، الأمير "عبدالعزيز بن سلمان"، تأكيدا رسميا في هذا الاتجاه، إذ أكد أنه "في سوق حرة، يجب أن يبدي كل منتج للنفط قدرته على المنافسة ويحافظ على حصته في السوق ويعززها"، وفقا لما أوردته وكالة "رويترز"

وفي السياق، تحدثت تقارير إعلامية عن عزم المملكة زيادة إنتاجها من النفط الخام إلى 13 مليون برميل يوميا، خلال الأسابيع القادمة، ما أسهم في مفاقمة الهبوط الحاد في أسعار الذهب الأسود.

في المقابل، لم تبد موسكو تراجعا في مواجهة التهديدات السعودية، بل إن وزير الطاقة "ألكسندر نوفاك"، قال إن بلاده قد ترفع إنتاجها على المدى القصير بواقع 200-300 ألف برميل يوميا، ومن الممكن أن يصل حجم الزيادة مستقبلا إلى 500 ألف برميل يوميا، وفقا لما أوردته وكالة تاس الروسية.

صفقة بلا معنى

ويعود موقف روسيا الرافض لتخفيضات جديدة في الإنتاج النفطي إلى مخاوف من خسارة حصتها السوقية في ظل نمو إنتاج النفط الأمريكي الصخري، وهو ما عبر عنه "ميخائيل ليونتيف"، المتحدث الرسمي باسم "روس نفت"، كبرى شركات النفط الروسية، والتي أكد خلالها أن "صفقة أوبك بلس كانت بلا معنى، حيث تسببت في تراجع حصة روسيا في أسواق النفط لصالح النفط الصخري الأمريكي".

وهنا يبرز أحد أهم جوانب الاختلاف بين هيكل صناعة النفط في الرياض وموسكو، حيث يتم إدارة النفط في روسيا بواسطة شركات خاصة تسعى للربح فقط، بحسب الخبير الاقتصادي، والمهتم بشؤون النفط والطاقة "مصطفى بازركان"، الذي نوه إلى أن التوافق الروسي مع قرارات "أوبك" خلال العامين الماضيين لم يكن تاما، إذ كانت روسيا تعد بالالتزام وبعدها تقدم الأعذار وتؤخر التزامها لشهور.

 فالصيغة التي ارتأتها موسكو مفيدة لمصالحها الاقتصادية تتمثل في المساهمة في ارتفاع أسعار النفط على أن تتحمل دول "أوبك" معظم حصص الخفض وتحافظ روسيا على حصتها السوقية، وهو ما لا توفره صيغة تمديد الاتفاق التي طرحتها السعودية الأسبوع الماضي.

وعليه، يبدو أن الرياض قررت تعديل سياستها وشن حرب أسعار مؤلمة لها ولموسكو في الوقت ذاته، في تطبيق مثالي لسياسة "عض الأصابع" وانتظار من سيصرخ أولا.

ولكن مع الأخذ في الاعتبار أن السعودية تحتاج إلى متوسط أسعار يتراوح حول 80 دولارا للبرميل لمعادلة ميزانتها، بينما تحتاج روسيا إلى نصف هذا السعر فقط تقريبا، فإن موسكو تبدو أكثر جاهزية لتحمل أسعار الانخفاض.

وتمتلك موسكو صندوقا ضخمة للاحتياطيات النقدية سوف يتيح له تحمل آلام انخفاض الأسعار إلى مستوى حول 30 دولارا لمدة 6 سنوات كاملة.

ويشير "أندرو ليبو" من مركز "كوموديتي ريسرتش غروب"، في هذا الصدد، إلى أن الأولوية بالنسبة لروسيا (ثاني أكبر منتج للنفط بعد الولايات المتحدة) هي عدم تقديم تنازلات للخصم الأمريكي، الذي يستخرج يوميا أكثر من 13 مليون برميل نفط ويصدر ما بين 3 و4 ملايين برميل يوميا، وفقا لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

ولذا يرى "بازركان" أن الرياض في الواقع تعاقب نفسها، لأن موسكو مستعدة لسيناريو إغراق السوق من جانب، ولأن توسيع حصة السعودية السوقية يحتاج فترة غير قصيرة، في ظل تراجع الطلب على النفط بسبب انتشار كورونا، وفق ما أورده موقع "عربي 21".

ثلاثة رابحين

وإزاء ذلك، يمكن اعتبار روسيا أحد الرابحين من الوضع الحالي للسوق، خاصة بعدما كدست احتياطيات بنحو 570 مليار دولار، وحررت سعر صرف الروبل، ما يسمح له بالتجاوب السريع مع أوضاع السوق.

وفي هذا الإطار يمكن قراءة إعلان وزارة المالية الروسية، الإثنين 9 مارس/آذار، أن موارد صندوق الرفاه الوطني الروسي تكفي لتغطية عجز الموازنة في حال تراجعت أسعار النفط إلى مستوى 25 - 30 دولارا للبرميل.

وفي الأسبوع الماضي، قال وزير المالية الروسي "أنطون سيلوانوف"، متحدثا عن الاحتياطيات: "كثيرون انتقدونا وقالوا إن وزارة المالية تكنز الذهب. لكن الوضع قد يتغير الآن، وسنمول جميع النفقات التي تحملناها، ونحن ملتزمون باستخدام صندوق الكنز هذا".

ثمة عامل آخر لترجيح صمود موقف موسكو أمام حرب النفط السعودية، وهو أن هبوط سعر الخام في الأسواق العالمية لن ينعكس على أسعار البنزين داخل روسيا، وذلك بفضل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الروسية، وهوما عبر عنه وزير الطاقة الروسي بتأكيده على أن صناعة النفط في روسيا قادرة على المنافسة رغم انخفاض أسعار النفط والتقلب الذي تشهده أسواق النفط، لافتا إلى أن تكلفة إنتاج برميل النفط في روسيا تعد واحدة من الأقل في العالم.

أما الرابح الثاني فهي الولايات المتحدة الأمريكية، سواء حافظت روسيا على حصتها السوقية أم لا، وذلك لكونها المنتج الأكبر للنفط والمستهلك الأول له في آن واحد.

ورغم أن انخفاض الأسعار ربما يؤذي منتجي النفط الصخري الأمريكيين، يبدو أن الرئيس "دونالد ترامب" يفضل أسعار البنزين الرخيصة التي يمكن أن تجلب المزيد من الأصوات في انتخابات 2020.

وتعد تركيا ثالث الرابحين من حرب النفط السعودية الروسية، باعتبارها واحدة من الدول المستوردة للنفط بكثافة، ولذا وصف رئيسها "رجب طيب أردوغان" انخفاض أسعار الخام بأنه "مفيدا جدا"، مشيرا إلى أنه "سيعود بالنفع على ميزان المعاملات الجارية"، وفقا لما نقلته وكالة "رويترز".

وبالمثل من المرجح أن فاتورة استيراد المحروقات في مصر سوف تتقلص بشكل كبير حال استمر انخفاض الأسعار، على الرغم من أنه من غير المؤكد إذا ما كان ذلك سينعكس على أسعار المحروقات في السوق المحلي.

متضررون

وتأتي الدول المنتجة للنفط على رأس قائمة المتضررين من انهيار الأسعار، وفي مقدمة هذه الدول تأتي الجزائر، التي لا تملك موارد أساسية أخرى لاقتصادها، ما يعني تفاقم عجز الموازنة.

وإذا كانت السعودية تمتلك احتياطيا يمكنها من الصمود وسط حالة إغراق سوق النفط لشهور قادمة، فإن نقطة التعادل المالي بموازنتها (حوالي 80 دولارا للبرميل) لن تمكنها من الصمود لسنوات، ما يعني أن السعودية يمكن أن تحقق عجزا ماليا من رقمين هذا العام، بحسب ما نقله موقع "عربي 21" عن "مونيكا مالك"، كبيرة الاقتصاديين في بنك أبوظبي التجاري.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أوبك أوبك+ كورونا عبدالعزيز بن سلمان ألكسندر نوفاك دونالد ترامب

ملياردير يرفع شكوى ضد السعودية أمام وزارة التجارة الأمريكية

أسوأ خسارة منذ 33 عاما.. بورصة "وول ستريت" الأمريكية تنخفض 10%

على شفا القطيعة.. تأثير حرب النفط على العلاقات الخليجية الروسية

حرب الأسعار.. من يتحكم بإمدادات النفط بالسوق العالمي؟