بن سلمان يعزز قبضته على السلطة على حساب استقرار المملكة

الأربعاء 11 مارس 2020 12:39 ص

تقليديا، كان الاستقرار السياسي في السعودية مدعوما بتوافق الأمراء داخل عائلة "آل سعود". لكن ولي العهد "محمد بن سلمان"، بدعمٍ ضمني من والده الملك "سلمان"، يغير النظام بشكل مطرد؛ بهدف تركيز السلطة في شخصه. وكانت الاعتقالات الأخيرة، التي طالت كبار الأمراء، لعبة قوة أخرى مُصممة لضمان ألا يمكن لأي منافس داخل العائلة المالكة أن يتحدى "بن سلمان".

لكن في الوقت الذي تواجه فيه المملكة آفاقا قاتمة بالنسبة لمستقبلها نظرا لانخفاض أسعار النفط والتأثيرات الاقتصادية المتعلقة بـ"كورونا"، يحتاج ولي العهد بشكل متزايد إلى القلق بشأن التحديات التي تواجه حكمه خارج القصر الملكي.

وفي سلسلة من اعتقالات الأمراء البارزين، أظهر "بن سلمان" مرة أخرى أنه لن يقبل بتحدي أي منافس ملكي. وتم اعتقال 4 أمراء كبار على الأقل، هم الأمير "محمد بن نايف" ولي العهد السابق، وشقيقه الأمير "نواف بن نايف"، والأمير "أحمد بن عبد العزيز"، شقيق الملك "سلمان" البالغ من العمر 78 عاما، ونجله الأمير "نايف بن أحمد"، الرئيس السابق لمخابرات الجيش.

كما تم اعتقال عشرات المسؤولين الآخرين من المستوى الأدنى. وذكرت بعض وسائل الأخبار، بما في ذلك صحيفتي "وول ستريت جورنال" و"نيويورك تايمز"، أنه قد يتم إطلاق سراح بعض الأمراء قريبا.

  • قبضة أكثر إحكاما

كانت تلك الحملة القمعية هي الأبرز منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2017، عندما تم اعتقال العشرات من الأمراء رفيعي المستوى وقادة الأعمال خلال عملية مزعومة لمكافحة الفساد واحتجازهم لفترة طويلة في فندق "ريتز كارلتون" في الرياض. ومثل حلقة "الريتز"، يبدو أن الإجراءات الصارمة الأخيرة تهدف إلى تعزيز السلطة في يد ولي العهد نفسه من خلال الإشارة إلى أنه حتى كبار أفراد العائلة المالكة ليسوا محصنين ضد قوات الأمن التابعة له.

ولا يمكن أن تكون الاعتقالات ممكنة بدون سيطرة ولي العهد على قوات الأمن الداخلي، وكذلك دعم والده الملك "سلمان". ومرة أخرى، أثبتت الأحداث أن "بن سلمان" هو مركز الثقل السياسي في المملكة بشكل متزايد، وأنه قادر على القضاء على المعارضين، وتجاوز الاعتبارات الملكية، والحفاظ على الدعم المهم للغاية من قبل الملك نفسه. ويبدو النموذج القائم على الإجماع، الذي دافع عنه الملوك السعوديون سابقا، قد مات، وحل محله نموذج يحرك فيه ولي العهد وأنصاره جميع قرارات المملكة الأساسية.

  • الأساس المنطقي غير واضح

وليس من الواضح سبب حدوث الاعتقالات الآن. وظهرت شائعات عن محاولة انقلاب، لكن هناك بالفعل تقارير تشير إلى أنه قد يتم إعادة تأهيل صورة الأمراء المعتقلين علنا؛ مما يشير إلى أن فكرة الانقلاب لم تكن حقيقية، وإلا فإن العواقب ستكون أشد على الجناة المزعومين. كما يبدو أن الشائعات حول تدهور صحة الملك "سلمان" لا أساس لها أيضا، على الأقل في الوقت الحالي، بعد ظهور صور الملك، البالغ من العمر 84 عاما، التي نشرها الديوان الملكي في نهاية الأسبوع.

لكن ما هو أكثر وضوحا الآن هو أن "بن سلمان" يحتاج بشكل متزايد إلى أن يثبت النظام السياسي السعودي قوته في إطار تنفيذ رؤيته السياسية، حيث أن الانتقادات التي يواجهها ولي العهد ستعززها قريبا التوقعات الاقتصادية المظلمة. والآن، بعد أن أظهر أن لديه القدرة على اعتقال حتى أبرز منتقديه، سيحتفظ معظم الأفراد داخل العائلة المالكة بالهدوء، ولن تظهر محاولات جادة لتنظيم معارضة ضد الأمير الشاب.

لكن الرأي الملكي قد يكون بشكل متزايد مصدر قلق ثانوي لولي العهد ورؤيته للمملكة. ويبدو أن سياسة الطاقة في المملكة تتحول الآن نحو تخفيض أسعار النفط في محاولة لاستعادة جزء من حصتها في السوق.

وستخفض تلك السياسة أسعار النفط، وبالتالي تجفيف الأموال اللازمة للإنفاق في المملكة، وما يتبعه من معاناة للاقتصاد الذي لا يزال يعتمد على كرم الحكومة، خاصة مع انخفاض الطلب المتوقع بسبب ضعف النمو الاقتصادي وسط تفشي "كورونا". إضافة إلى ذلك، تشارك المملكة بشكل متزايد في أساليب الإغلاق المدمرة اقتصاديا، بما في ذلك إغلاق المدارس، وسن حظر السفر، وتنفيذ الحجر الصحي، بينما تحاول الرياض وقف انتشار الفيروس.

نتيجة لذلك، من المنتظر أن يكون المواطنون السعوديون هم من سيتذمرون بشكل متزايد ضد سياسات الرياض وهم يواجهون أزمة اقتصادية. وقد تكون النظرة أكثر تشاؤما تجاه استخدام الإنفاق العام السخي للتعويض عن مثل هذه الانتقادات؛ حيث تسحب أسعار النفط المنخفضة الميزانية إلى أسفل، بينما تسعى الرياض إلى توازن جديد في الإنفاق.

وستضيف الاضطرابات الاقتصادية الناشئة عن تفشي الفيروس إلى السخط العام والمعارضة، بالرغم من أنه من غير المرجح أن ينتقد المواطنون السعوديون السياسات المتعلقة بمكافحة "كورونا" في حد ذاتها. ومع بدء طريق العقد الطويل حتى 2030، وبدء العمل على تحقيق رؤيته لإصلاح الاقتصاد السعودي، وفي حين تمكن ولي العهد حتى الآن من السيطرة على القصر، ستظهر الآن المعارضة الأكثر جدوى لسياساته بشكل متزايد بين الجمهور السعودي.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حملة الاعتقالات في السعودية الأمير محمد بن سلمان

الجارديان: مناقشة حول مجلس البيعة وراء اعتقالات الأمراء بالسعودية

قسوة وتهور ومفاجآت صادمة.. قصة صعود بن سلمان

بن سلمان يلاحق مسؤولا كبيرا في المخابرات السعودية هرب إلى كندا

مستقبل بن سلمان يزداد غموضا وسط كورونا وحرب النفط

الأناضول توجه نقدا لاذعا لبن سلمان: أطماعه تهدد النظام المؤسس

بعد غياب 6 أشهر .. الملك سلمان يظهر 4 دقائق من أجل ولي العهد (فيديو)