لماذا لا تستطيع تركيا توقع الدعم من الناتو في سوريا؟

الأربعاء 11 مارس 2020 08:07 م

بدأ وقف لإطلاق النار في محافظة إدلب السورية بعد التوصل إلى اتفاق بين الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" ونظيره الروسي "فلاديمير بوتين" في موسكو في 5 مارس/آذار.

وتصاعد النزاع في المحافظة بعد أن قتلت قوات النظام السوري، بدعم من القوات الجوية الروسية، 34 جنديا تركيا على الأقل في أواخر فبراير/شباط. وردا على ذلك، طلبت تركيا، العضو في "الناتو"، الدعم من مجلس شمال الأطلسي، الهيئة الرئيسية لصنع القرار السياسي في الحلف.

وبينما أدان "الناتو" علنا الضربات الجوية التي قام بها نظام "الأسد"، المدعوم من روسيا، وحث كل من روسيا وسوريا على احترام القانون الدولي، يجب ألا تتوقع تركيا من الحلف تفعيل المادة 5، التي تعني إطلاق آلية الرد العسكري الجماعي.

استجابة الناتو

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019، عندما شنت تركيا هجوما في شمال سوريا، حث كل من الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو تركيا على ضبط النفس وتجنب أي عمل من جانب واحد قد يؤدي إلى مزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة.

ومع ذلك، لا يزال الحلف يدين الهجوم الذي تم شنه في أواخر فبراير/شباط على القوات التركية في إدلب بعد أن احتجت تركيا بالمادة 4 من معاهدة شمال الأطلسي. وتعتبر "المادة 4" دليلا عمليا على البعد السياسي للتحالف؛ حيث يمكن لأي حليف أن يستشهد بأن قضيته تهم المجلس كلما تعرضت سلامته الإقليمية أو استقلاله السياسي أو أمنه للخطر.

وفي تاريخها، استخدمت دول "الناتو" هذه الأداة السياسية القوية 6 مرات فقط، وبدأت تركيا 5 منها. وكانت إحدى هذه الحالات عام 2012، بعد أن أسقطت قوات النظام السوري طائرة مقاتلة تركية وقتلت قذائف سورية 5 مدنيين أتراك. ووافق حلفاء "الناتو" على زيادة أنظمة الدفاع الجوي لمساعدة تركيا على حماية سكانها وأراضيها، وأعربوا عن دعمهم السياسي القوي لأنقرة. ومع ذلك، فلم يناقشوا إمكانية تفعيل "المادة 5"، التي بموجبها يعتبر الهجوم المسلح ضد أحد الحلفاء هجوما ضدهم جميعا.

وكان رد فعل "الناتو" على الهجوم الأخير مشابها لعام 2012؛ فبالإضافة إلى التعبير عن دعم سياسي قوي لأنقرة، وافق الحلفاء على زيادة أنظمة الدفاع الجوي التركية لمساعدة تركيا على حماية سكانها وأراضيها.

ويعتمد هذا على الدعم الذي قدمه "الناتو" لتركيا منذ عام 2015 لتحسين المراقبة الجوية وتعزيز وجودها البحري وزيادة تبادل المعلومات بين الحلفاء. وفي الأعوام الأخيرة، تلقت تركيا أيضا أكثر من 5 مليارات دولار من "الناتو" لتحسين منشآتها العسكرية.

ما الذي يحكم المادة 5؟

وقام حلف "الناتو" بتفعيل المادة 5 مرة واحدة فقط في تاريخه البالغ 71 عاما، كرد فعل على هجمات 11 سبتمبر/أيلول. ويتطلب أي احتجاج بالمادة 5 إجماع جميع الدول الـ29. ويقتصر تطبيقه الجغرافي على "المادة 6"، التي تحدد المكان الذي يجب أن يحدث فيه هجوم مسلح لتفعيل "المادة 5". ومنها الأراضي التركية وقوات وسفن وطائرات أعضاء "الناتو" في البحر الأبيض المتوسط. لكنه لا يشمل بشكل أساسي الهجمات على القوات التركية داخل الأراضي السورية.

ويعني هذا أن تركيا لا تستطيع الاحتجاج بالمادة 5 على أساس التصعيد في إدلب. وفقط إذا تعرضت تركيا للهجوم على أراضيها من داخل سوريا، أو إذا تعرضت القوات التركية للهجوم في البحر الأبيض المتوسط ​​أو فوقه، فيمكن أن تحتج تركيا بالمادة 5.

خيارات تركيا المحدودة

وفي الأعوام القليلة الماضية، تراجع تماسك "الناتو"، ويعزى ذلك جزئيا إلى انعدام الثقة بين تركيا وبقية الحلف، وتزايد الاختلافات الاستراتيجية بين الحلفاء. وقد جعل هذا دول "الناتو" غير قادرة على معالجة تصعيدات الصراع السوري بشكل فعال بطريقة متماسكة.

وتعود العلاقات المتوترة بين تركيا وبقية الحلفاء إلى الانقلاب الفاشل ضد الرئيس "رجب طيب أردوغان" عام 2016. ومنذ ذلك الحين.

ولا يمكن لتركيا أن تأمل في الحصول على دعم عسكري مباشر من الولايات المتحدة. فبالرغم من أن تركيا طلبت إنشاء منطقة حظر طيران في شمال سوريا، وهو أمر اقترحه أيضا بعض أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، إلا أنه لم تتم مناقشته بجدية في الدوائر الأمريكية أو "الناتو"، حيث يخاطر ذلك بمواجهات مع القوات الجوية الروسية.

ولم تستجب واشنطن رسميا لطلب تركيا من الولايات المتحدة نشر بطاريات صواريخ باتريوت على حدود تركيا الجنوبية، وهو طلب مدعوم من الممثل الخاص للولايات المتحدة لسوريا.

وسيكون هذا النوع من المساعدة العسكرية الأمريكية متناقضا تماما، حيث اشترت تركيا نظام الدفاع الجوي الروسي "إس-400" عام 2017. 

ويُظهر النقاش الدائر حول مشاركة تركيا في سوريا وإمكانية التصعيد التحديات التي تواجه "الناتو". وفي حين أن الوضع الحالي لا يمكن أن يفعل "المادة 5"، سيستمر حلفاء "الناتو" في تقديم الدعم لتركيا في إطار "المادة 4".

وفي الواقع، تسمح إمكانية إجراء مشاورات "المادة 4" لحلف "الناتو" بدعم تركيا دون إثارة التصعيد من خلال إطلاق رد عسكري جماعي، وبشكل يعزز استمرار أهمية التحالف.

المصدر | ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حلف الناتو الحرب السورية معركة إدلب

تركيا تتهم النظام السوري بخرق وقف إطلاق النار في إدلب