رشيدة داتي.. هل تفوز بمنصب عمدة باريس؟

الخميس 12 مارس 2020 12:46 ص

جرت، مساء الثلاثاء، مناظرة تلفزيونية ثانية بين المرشحين السبعة المتسابقين لنيل رئاسة بلدية باريس، في سياق الانتخابات المقررة في 15 و22 مارس/آذار (الدور الأول والثاني). 

ويبدو الصراع - حسب استطلاعات الرأي - منحصرا أساسا بين العمدة المنتهية ولايتها، الاشتراكية "آن هيدالجو" وهي تحمل الجنسيتين الفرنسية والإسبانية، ومرشحة اليمين، مغاربية الأصل "رشيدة داتي".

فهل ستتمكن "داتي"، وزيرة العدل في عهد رئاسة "نيكولا ساركوزي" (2012/2007) من انتزاع الحكم من منافستها الرئيسية واعتلاء هرم السلطة في العاصمة الفرنسية؟

السؤال مطروح بقوة، نظرا لنتائج استطلاعات الرأي، والطموح مشروع لهذه المرأة البالغة من العمر 54 عاما والمتحدرة من أسرة مغربية من الجيل الأول للمهاجرين الآتين من شمال إفريقيا، حيث ترشحها آخر الاستطلاعات للفوز في الجولة الأولى لتخوض دورة ثانية حاسمة أمام العمدة المنتهية ولايتها، "هيدالجو".

   اليمين الفرنسي

يُحسب لـ"رشيدة داتي"، التي تترأس الدائرة الإدارية السابعة في باريس منذ 2009، قدرتها على تحقيق مكسب لليمين في السباق على رئاسة البلدية بالعاصمة الفرنسية، حيث إن التوقعات في البداية كانت مخالفة لذلك تماما، نظرا لاندثار ثقل تيار اليمين في البلاد.

فقد دخلت "داتي" المنافسة وسط شكوك غالبية قيادات اليمين وسخرية البعض الآخر، علما أن هذا التيار قد خسر السباق البلدي في باريس قبل ست سنوات عندما حلت نتالي كوسيوسكو موريزيه ثانية خلف "آن هيدالجو".

لكن بدعم من"ساركوزي" وشخصيات سياسية يمينية بارزة أخرى، وعلى رأسها الوزيران السابقان "غزافييه برتران" و"فرانسوا بروان"، تمكنت" داتي" من جذب الانتباه الشعبي والإعلامي لتتقدم شيئا فشيئا في نوايا تصويت الناخبين ثم تتصدر استطلاعات الرأي.

وحسب آخر استطلاع صدر الأربعاء وأجراه معهد "بي في أ" لشبكة "أورانج" وراديو "أوروب1" تتصدر الوزيرة السابقة التصويت في الجولة الأولى بنسبة 25% مقابل 24% لـ"هيدالجو".

وأمام بروز ترشيحها في عمليات سبر الآراء، قالت "داتي"، مساء الإثنين، في آخر تجمع انتخابي لها بالعاصمة، ساخرة: "قبل أشهر قليلة، ادعى البعض في حزبنا أنه لا داعي من ترشيح شخص من اليمين في باريس متذرعين بعدم وجود ناخبين كثر من اليمين. لكن اليمين موجود وبقوة، ولدينا قيم وأسس إيديولوجية ونظرة مستقبلية".

   نزعة هجومية

وظهرت "داتي" خلال مناظرة الثلاثاء بوجه قوي، إذ تبنت نزعة هجومية أمام منافسيها، مركزة ضرباتها على مرشحة الحزب الحاكم ("الجمهورية إلى الأمام") "أنييس بوزان"، والتي دخلت المعترك البلدي في وقت متأخر إثر انسحاب زميلها السابق في الحكومة" بنجمان غريفو" في 14 فبراير/شباط على خلفية انتشار فيديو إباحي على مواقع التواصل الاجتماعي.

والسبب وراء استهداف "بوزان" يدخل ضمن إستراتيجية تقضي باستبعادها عن السابق من الجولة الأولى لضمان وجودها في الجولة الثانية، ما قد يضمن لها أصوات الناخبين اليمينيين الذين تحولوا في انتخابات 2017 الرئاسية إلى "إيمانويل ماكرون".

لكن "رشيدة داتي"، التي راوحت طيلة سنوات عديدة من شبابها بين العمل والدراسة قبل أن تحصل على شهادتين في الاقتصاد والقانون ثم تلتحق بالمدرسة العليا للقضاة، سعت أيضا إلى تدمير حصيلة "آن هيدالجو" على رأس باريس، فوجهت إليها انتقادات لاذعة لاسيما في مجالات "الأمن والنظافة والسكن الاجتماعي"، وقالت إن مسؤولية المرشحة اليسارية عما سمته "سوء حالة باريس" لا تتوقف عند السنوات الست الأخيرة فحسب، بل تمتد على طوال عشرين عاما بحكم أن"هيدالجو" كانت قبل ذلك نائبة ومساعدة مقربة جدا من سلفها اليساري  "برتران دولانوي".

    شرطة محلية

وجددت "داتي"، خلال مناظرة الثلاثاء، بعض اقتراحاتها لمدينة باريس، ومن بينها تأسيس شرطة محلية مسلحة مهمتها ضمان الأمن في مختلف الأحياء والدوائر، منددة في الوقت ذاته بسياسة منافستها الاشتراكية في مجال الهجرة، وذلك في إشارة إلى مخيمات المهاجرين غير الشرعيين التي انتشرت في بعض أحياء الشمال الباريسي.

وفي هذا السياق، زارت الناطقة باسم "ساركوزي" في السباق الرئاسي 2007 عددا من الدوائر الواقعة في شمال شرقي العاصمة، وهي أحياء شعبية تريد استقطاب أصوات ناخبيها في الاستحقاق البلدي، لتكون خزانا لها في الجولة الثانية المقررة في 22 مارس/آذار الجاري.

وبالتالي، وإن أشارت كل استطلاعات الرأي إلى ترشح "رشيدة داتي" إلى الجولة الثانية، فليس من المستبعد أن يميل الفوز في النهاية إلى "هيدالجو"، نتيجة لما يسمى في التعبير الانتخابي "تحويل الأصوات" والذي يبدو في صالح عمدة باريس الحالية بفضل حلفائها من الحزبين الشيوعي والبيئي.

   حزب البيئة

وحتى "أنييس بوزان"، التي ترشحها الاستطلاعات لاحتلال المركز الثالث بنحو 20% من الأصوات، أكدت في آخر تصريحاتها أنها صوتت دائما لليسار، ما قد يوحي بأنها لن تدعو لدعم مرشحة "الجمهوريون" في الجولة الثانية. 

من جهتها، تسعى " آن هيدالجو"، وهي من مواليد 19 يونيو/حزيران 1959 في مدينة سان فرناندو، لتوظيف خبرتها كعمدة فضلا عن الابتسامة كسلاح ناجح للفوز بولاية ثانية، وهي أول امرأة تترأس بلدية باريس.

وقد ولدت "هيدالجو" في كنف عائلة هاجرت إلى مدينة ليون الفرنسية عام 1961 وظلت في فرنسا حيث حصلت على الجنسية عام 1973، فيما عادت عائلتها إلى إسبانيا، وشغلت عدة مناصب إدارية، منها مفتشة في مجال التوظيف، ومستشارة في مجال التكوين المهني بوزارة العمل، أو كمستشارة في ديوان مارتين أوبري عندما كانت وزيرة العمل والتضامن الاجتماعي في حكومة ليونيل جوسبان (1997/2002).

ولا شك في أن حلم "رشيدة داتي" بانتزاع بلدية باريس من "هيدالجو" يشاركه (ويدعمه) تيار اليمين الفرنسي، الذي يأمل من جانبه في استعادة المنصب من اليسار للمرة الأولى منذ 2001 عندما فاز برتران دولانوي خلفا لليميني "جان تيبيري"، والذي بنفسه خلف في المنصب رجلا اسمه "جاك شيراك".
 

المصدر | أ.ف.ب

  كلمات مفتاحية

بلدية باريس