4 أسباب وراء تدهور العلاقات الإماراتية المغربية

السبت 14 مارس 2020 06:51 م

قالت وسائل إعلام محلية مغربية مؤخرا إن الرباط قامت بسحب سفيرها من دولة الإمارات العربية المتحدة، وكذا قنصليها في أبوظبي ودبي، وسط أزمة سياسية مكتومة بين البلدين.

ولم يتوقف المغرب عند ذلك الحد، بل أفرغ سفارته وقنصلياته في الإمارات من جميع المستشارين كما قلل من تمثيله الدبلوماسي في أبوظبي ودبي، ولم يترك سوى عدد قليل من الموظفين الإداريين.

وبينما لم تصعد الرباط أزمتها مع أبوظبي إعلاميا بشكل ملحوظ، يقول مراقبون إن الأزمة بين البلدين العربيين تترتبط بالعديد من الملفات الإقليمية مثل الملف الليبي وحصار قطر وحرب اليمن، وكذلك تتعلق بملف العلاقات الثنائية، التي شهدت تدهورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة.

وتشعر الرباط بالغضب إزاء شغور منصب سفير الإمارات في المغرب منذ نحو عام، دون أن تقوم أبوظبي بتعيين سفير جديد.

وفي أبريل/نيسان الماضي، غادر السفير الإماراتي بالرباط "علي سالم الكعبي"، المغرب؛ دون تفاصيل أو أسباب، أو إعلان موعد لعودته.

لكن في يناير/كانون الماضي، زار العاهل المغربي الملك "محمد السادس"، ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد آل نهيان"، في مقر إقامة الأخير في الرباط، دون أن ينجح اللقاء في إذابة الجليد بين البلدين.

والشهر الماضي، استثنى وفد مغربي رفيع المستوى بقيادة المستشار الملكي "فؤاد عالي الهمة"، الإمارات من جولة خليجية شملت السعودية وقطر.

حصار قطر

ويمكن إرجاع أحد أسباب الأزمة المتفاقمة بين البلدين، إلى تغير موقف المغرب من الحصار الرباعي الذي تفرضه كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر على الدوحة، منذ 5 يونيو/حزيران 2017. 

وخلال الأزمة الخليجية، التي توشك أن تكمل عامها الثالث على التوالي، عرض المغرب القيام بوساطة بين أطراف الخلاف، وأرسل طائرة محملة بالمواد الغذائية إلى قطر، وزار العاهل المغربي الدوحة لاحقا في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، في زيارة غير مجدولة وهو ما أغضب أبوظبي، على ما يبدو.

وعلل الملك "محمد السادس" خطوته، بأن الموقف المغربي "يسمو على أي حزازات سياسية وبأنه يتماشى وأخلاق المسلمين ودينهم وقيمهم الداعية إلى صلة الرحم بدل قطعها".

وتشعر أبوظبي بامتعاض، للعلاقات الطيبة التي تجمع المغرب مع قطر، وربما يكون هذا هو ما دفع الإمارات لسحب سفيرها من المغرب لفترة طويلة دون تعيين سفير جديد في البلاد.

اتفاق الصخيرات

في سياق آخر، يعد الملف الليبي أحد نقاط الخلاف الرئيسية بين الرباط وأبوظبي. وترى دوائر مغربية أن أبوظبي تسعى بقوة لإجهاض اتفاق الصخيرات، الذي سعى فيه المغرب إلى دعم استقرار ليبيا، على أساس أنها ستظل جزءا من الكيان المغاربي الكبير (أي المغرب والجزائر وتونس وليبيا وموريتانيا).

ووقع الفرقاء الليبيون اتفاقا سياسيا في مدينة الصخيرات المغربية عام 2015، تم بموجبه تشكيل حكومة الوفاق الوطني بقيادة "فايز السراج"، لكنه لم يفلح في إنهاء النزاع في البلد الغني بالنفط.

وتدعم أبوظبي بقوة حليفها، قائد قوات الشرق الليبي، الجنرال "خليفة حفتر"، الذى يسعى للسيطرة على العاصمة طرابلس، مقر حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا.

ويعني سقوط طرابلس في يد "حفتر"، حال حدوثه، أزمة كبيرة للأمن القومي المغربي، نظرا لعدم الاستقرار الأمني الذي سيصيب دول الجوار الليبي مع تحول ليبيا إلى بؤرة ساخنة تضم ميليشيات مرتزقة من جنسيات مختلفة. 

وتتحالف الإمارات مع مصر والسعودية لفرض أجندة معينة في ليبيا، بينما تتجاهل مطالب دول الجوار، بدعم حل سياسي في البلاد، ووقف لإطلاق النار، وإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية تحت إشراف أممي.

حرب اليمن

ولا يمكن التغاضي أيضا عن انسحاب المغرب في العام الماضي من حرب اليمن، التي يشنها تحالف عربي بزعامة السعودية والإمارات، وقراره وقف مشاركاته في الاجتماعات الوزارية المتعلقة بالحرب.

ووجه قرار المغرب سحب 1500 من جنوده المشاركين في الحرب ضربة قوية لجهود التحالف العاجز عن حسم المعارك ضد الحوثيين، منذ نحو 5 سنوات.

وبررت الرباط موقفها، بأن التدخل العسكري الذي رفع شعار "إعادة الشرعية" قد حاد عن أهدافه، بعد توجه أبو ظبي لتعزيز سيطرتها على مناطق ومرافئ بذاتها في السواحل اليمنية.

وخرج حينها وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربي، "ناصر بوريطة"، على قناة "الجزيرة" القطرية، متحدثاً عن مآس إنسانية يعيشها السمين، قائلا إنه أصبح من الضروري أن يأخذ المغرب هذه الأمور بعين الاعتبار.

"العربية" و"سكاي نيوز"

وتلعب وسائل إعلام محسوبة على الإمارات و(السعودية) دورا في استمرار الأزمة السياسية بين البلدين بسبب تحريضها ضد المغرب.

ففي العام الماضي، بثت قناة "العربية" (سعودية تبث من أبوظبي) تقريراً يتحدث عن الصحراء الغربية، حيث تبنى التقرير رواية "غزو المغرب للصحراء سنة 1975 بعد خروج الاستعمار الإسباني منها".

ووصف التقرير جبهة "البوليساريو" بأنها الممثل الشرعي للشعب الصحراوي، في تناقض واضح مع موقف المغرب في قضية شديدة الحساسية بالنسبة للمملكة.

وزاد الطين بلة، سعي أبوظبي للتمدد إعلاميا على الساحة المغربية، بإطلاق قناة "سكاي نيوز المغرب" لتكون فرعاً لقناة "سكاي نيوز" الرسمية التي تمولها أبوظبي.

ومن المتوقع أن تطلق "شبكة MBC" محطة تلفزيونية جديدة موجهة للمغرب، تحمل اسم "MBC Morocco"، في ما اعتبر توجها إماراتيا سعوديا لامتلاك أذرع إعلامية موجها خصيصا للمغاربة.

ضوابط مغربية

وفيما يبدو، فإن الرياض صارت ترى أن الضغوط التي تمارسها الإمارات والسعودية عليها للتماشي مع مواقف الدولتين الخليجيتين أصبحت تمثل انتهاكا واضحا لسيادة الرباط. ولذا كان "بوريطة" واضحا حين وضع 4 شروط مسبقة لاستمرار التنسيق مع الإمارات والسعودية، وذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الأردني "أيمن الصفدي" بالعاصمة الرباط، مارس/آذار 2019. 

الأول أن السياسة الخارجية تعد مسألة سيادة بالنسبة للمغرب، وثانيها أن التنسيق مع دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، يجب أن يكون وفق رغبة من الجانبين.

أما الشرط الثالث، فهو أن التنسيق بين الطرفين يجب ألا يكون حسب الطلب، في إشارة إلى مزاجية القرار الخليجي بالتفاهم مع المغرب حال الاحتياج له مثلا في حرب اليمن، وتجاهله في قضايا أخرى.

والشرط الرابع الذي وضعه "بوريطة" أن التنسيق يجب أن يشمل جميع القضايا المهمة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا مثل الأزمة الليبية.

يرغب المغرب إذن، وبشكل علني، في أن تكون له سياسته المستقلة عن ضغوط الدول الخليجية، ويبدو أن هذه الرغبة لا تلقى قبولا لدى أبوظبي وحليفتها الرياض، لذا يبقى من المرجح أن موجة التوترات في العلاقات الإماراتية المغربية سوف تستمر حتى إشعار آخر.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الصباح المغربية: أزمة غير مسبوقة بين الرباط وأبوظبي

الإمارات تكثف حملاتها الإعلامية على حكومة المغرب.. ما السبب؟

تقرير: الإمارات فشلت في اختراق الإعلام المغربي