من يربح المليارات؟.. سباق محموم للفوز بكعكة دواء كورونا

الثلاثاء 17 مارس 2020 09:42 م

"التوصل للقاح ضد كورونا قد يستغرق مدة تصل إلى عام".. هكذا جاءت محصلة أغلب إفادات خبراء الأدوية حول العالم، وسط توقعات بأن تجني الشركة التي ستحقق السبق في إنتاج دواء معتمد مكاسب بقيمة مليارات الدولارات بما يعني أن الدولة التي تنتمي إليها تلك الشركة ستكون مستفيدا فريدا من أكبر أزمة صحية تعرض لها العالم منذ عقود.

ونتيجة لذلك، فإن هناك سباقا محموما يدور الآن بين خبراء الأدوية في الصين وأوروبا والولايات المتحدة للفوز بغنيمة دواء "كورونا"، الذي يمكن أن يحول الوباء إلى فرصة تاريخية للربح.

في هذا الإطار، يتبنى البيت الأبيض خطة لضغط الوقت المطلوب للوصول إلى دواء ناجع للمرض، ومن ثم اعتماده دوليا وطرحه بالأسواق بحلول الصيف المقبل على أقصى تقدير، وهو ما صرح به نائب الرئيس الأمريكي "مايك بنس" خلال اجتماع مع المدراء التنفيذيين لشركات الأدوية الأمريكية في 2 مارس/آذار.

الاجتماع حضره الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، وبحث تفاصيل إنتاج لقاح ضد الفيروس الذي ضرب سائر قارات العالم، ليقدم مدراء الشركات "تعهدا" بالعمل بسرعة من أجل إنتاج لقاح ومن ثم إنتاج مئات الملايين من جرعاته سنويا فور التمكن من تطويره.

وبدا دور البيت الأبيض في الاجتماع "تنسيقيا" خاصة بعدما أكد مدراء الشركات لوسائل الإعلام الأمريكية استعدادهم للتعاون وتقاسم نتائج أبحاثهم بغض النظر عن كونهم يمثلون مختبرات متنافسة.

  • ألمانيا وإيطاليا

وفي أوروبا، تركزت المساعي الحثيثة لإنتاج "الدواء الكنز" في إيطاليا، التي تحولت إلى بؤرة لانتشار كورونا عالميا، وألمانيا، التي تتوقع رئيسة وزرائها "أنجيلا ميركل" إصابة 70% من شعبها بالفيروس، وسط محاولات أمريكية لاستقطاب الشركات التي تعمل على إنتاج العقار في هذا الدول.

وفي هذا الصدد، صعدت إلى السطح خلافات بين برلين وواشنطن حول شركة ألمانية في مقاطعة توبينجن، جنوبي ألمانيا، تدعى "كيور فاك"، يتم العمل فيها على التوصل للقاح ضد "كورونا"، بسبب محاولات "ترامب" شخصيا إغراء الشركة بتحويلات مالية عالية مقابل ضمان اللقاح حصريا لبلاده، وفقا لما أوردته صحيفة "فيلت أم زونتاغ" الألمانية الأسبوعية.

وإزاء ذلك، أعلنت هيئة الأدوية الأوروبية أنها تتخذ خطوات للإسراع في تطوير لقاحات وأدوية لمكافحة "كورونا"، وأنها "مستعدة لدعم مطوري الأدوية بجميع الأدوات التنظيمية المتاحة من أجل تعزيز وتعجيل تطوير إجراءات فعالة لمكافحة ومنع انتشار الفيروس"

وضمن هذا التحرك الأوروبي، أعلنت روما عن محاولة إيطالية لتطوير عقار يهاجم الفيروس بجسم مضاد أحادي النسيلة لبروتين "سبايك" الذي يستخدمه "كورونا" لمهاجمة خلايا جهاز التنفس.

ويمنع المضاد "سبايك" من ربط ارتباط الفيروس بخلايا الجهاز التنفسي؛ ما يوقف عملية تكاثر الفيروس.

وتعتمد تلك المحاولة على بحث نشر على موقع "BioRxiv" من قبل فريق بجامعة أوتريخت الهولندية برئاسة الباحث "شونيان وانج"، بهدف التوصل إلى جسم مضاد لفيروس "سارس" باعتبار أن "كورونا" ينتمي إلى العائلة ذاتها.

ويقدر الباحثون أن الأمر سيستغرق شهورا قبل أن يتوفر الدواء؛ لأنه سيتعين اختباره للحصول على إجابات بشأن مدى سلامته وفعاليته، وفقا لما أوردته لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".

  • روسيا واليابان

وفي روسيا، يعمل موظفو مركز "نوفوسيبيرسك" لعلم الفيروسات والتكنولوجيا الحيوية (فيكتور) على إنتاج لقاحين تجريبيين ضد "كورونا"، حسبما أفاد الموقع الرسمي لأكاديمية العلوم الروسية.

وحسب مدير المركز "رينات ماكسيوتوف"، فإن "فيكتور" يطور لقاحين سيتم اختبار نماذجهما الأولية في يونيو/حزيران المقبل.

يأتي ذلك بينما ركزت محاولات اليابان على تطوير دواء باستخدام أجزاء من الجهاز المناعي يتم أخذها من مرضى سبق لهم أن أصيبوا بـ"كورونا"، وتعافوا منه في نهاية المطاف.

وفي هذا الإطار، تمكنت شركة الأدوية اليابانية "تيكادا" بالفعل من تطوير دواء يعتمد على معالجة "كورونا" باستخدام دم مأخوذ من أناس تعافوا من هذا المرض.

وتعتمد فكرة الدواء على نقل البروتينات المكافِحة للمرض المأخوذة من المتعافين إلى المصابين؛ حيث يمكن لأجسام المرضى بعد ذلك استخدام تلك البروتينات، التي يطلق عليها الأجسام المضادة، من أجل مكافحة المرض.

ورغم أن تلك الطريقة سبق استخدامها في معالجة مرض الإيبولا من قبل، إلا أنها قد تكون غير مناسبة لجميع المرضى؛ حيث تتم الاستعانة بأكثر من متعافي من الفيروس لمعالجة مريض واحد، بما يعني أن احتمالات اعتمادها عالميا تبدو غير مرجحة.

  • أمريكا والصين

السباق الأكبر على ساحة دواء "كورونا" يدور حاليا بين الولايات المتحدة والصين، وتعود أجواؤه إلى عام 2016 عندما تقدمت شركة "جيلد" الأمريكية بطلب إلى بكين للحصول على براءة اختراع لعلاج مخصص للفيروسات دون موافقة من الصين، التي سمحت للعلماء في معهد "ووهان" الصيني لعلم الفيروسات بإجراء تجارب على هذا العلاج؛ حيث تقدموا بطلب مقابل للحصول على براءة اختراع بهدف استخدامه في علاج الفيروس الجديد.

 وذكر المعهد، عبر موقعه الإلكتروني، أنه تقدم بطلب الحصول على براءة الاختراع لدواء "ريمسيفير" بهدف "حماية المصالح الوطنية"، في خطوة يمكن أن تؤجج العلاقات التجارية المتوترة أصلا بين البلدين.

وتحاول الصين استخدام إحدى مواد اتفاقية منظمة التجارة العالمية، التي تعرف بـ"الترخيص الإجباري"، لاستغلال الدواء المحمي بموجب طلب براءة اختراع الشركة الأمريكية، والمسجل منذ عام 2016؛ حيث تنص تلك المادة على أنه "يحق للحكومة السماح باستغلال الاختراع المحمي لديها بدون تفويض أو تصريح أو ترخيص من مالك الاختراع"، وذلك وفق شروط حددها القانون في حالات "الطوارئ والوباء"، على أن تعوض الحكومة الصينية صاحب الاختراع ماديا.

وعليه فإن براءة الاختراع الجديدة، التي ستمنح للعلماء الصينيين، ستكون خاصة فقط بتوظيف الدواء الأمريكي في علاج "كورونا"، وفق ما نقلته صحيفة "الشرق الأوسط" عن مديرة مكتب براءات الاختراع المصري "منى يحيى".

وفي السياق ذاته، أفادت وكالة "شينخوا" الصينية (رسمية) بأن التجارب السريرية لعقار "ريمسيفير" من المقرر أن تشمل 270 مريضا يعانون من الالتهاب الرئوي الخفيف والمعتدل الناجم عن "كورونا".

وكان أخصائي الأمراض المعدية في مركز كاليفورنيا الطبي بجامعة كاليفورنيا، "جورج طومسون"، أحد أعضاء الفريق الذي راقب تأثير "ريمسيفير"على امرأة أمريكية مريضة بـ"كورونا" وساد الاعتقاد بقرب موتها. وبعد 36 ساعة من دخولها إلى المستشفى، حصل الأطباء على إذن باستخدام العقار المطور لعلاجها، رغم عدم إكمال التجارب السريرية، وجاءت النتيجة إيجابية.

وعليه، أبرم الجيش الأمريكي اتفاقية مع شركة "جيلد"، وبموجبها سيتم استخدام "ريمسيفير" لعلاج العسكريين الأمريكيين المصابين بـ"كورونا"، وفقا لما أورده موقع "Washington Examiner".

ولا تعد "جيلد" الشركة الأمريكية الوحيدة التي تأمل تطوير علاج فعال ضد "كورونا"؛ إذ تعمل شركات متنافسة أخرى بينها "جونسون أند جونسون" و"جلاكسوسميثكلاين" على تطوير لقاحات.

وقالت شركة أبفي (AbbVie) أنها رأت نتائج واعدة لعلاج "كورونا" باستخدام مزيج من أدوية مضادة لفيروس نقص المناعة المكتسبة (HIV) وعقار تاميفلو الفعال في علاج الإنفلونزا.

كما أكدت شركة إنوفيو (Inovio) في 10 مارس/آذار إنها توصلت لصيغة للقاح مبدئي لفـيروس "كورونا"، تمت تسميته بـ (INO-4800).

وقال رئيس الشركة ومديرها التنفيذي "جوزيف كيم" إن تجارب العقار ما قبل السريرية تجري حاليًا إذ تم إنتاج عينات أولية، أما تلك السريرية فستبدأ بحلول أبريل/نيسان المقبل داخل الولايات المتحدة.

  • شعوذات شرقية

وبينما يدور السباق المحموم على كعكة دواء "كورونا" المنتظر، تشتعل سباقات من نوع آخر في الدول النامية، خاصة في الشرق؛ إذ ظهرت منافسات حول معتقدات وفتاوى ذات صبغة دينية تعزو انتشار الفيروس إلى "غضب إلهي"، وتدعو إلى أساليب علاجية مريبة لم تخضع لتجارب على الإطلاق.

في هذا الإطار، نظم حزب "الاتحاد الهندوسي لكل الهند" في 15 مارس/أذار حفلا لاحتساء بول البقر وقاية من "كورونا"؛ كون الكثير من الهندوس يعتبرون الأبقار مقدسة، ويؤمن بعضهم بأن لبولها خصائص علاجية.

حضر الحفل نحو 200 شخص، قال أحدهم: "نشرب بول الأبقار منذ 21 عاما كما نستحم بروثها.. لم نشعر أبدا بالحاجة لتعاطي دواء غربي".

وفي الجزائر، أعلن باحث يدعى "لوط بوناطيرو" أنه توصّل لاكتشاف دواء يقضي على "كورونا" مباشرة، زاعما "تجريبه في مخابر غربية حيث أعطى نتائج جيدة".

لكن قطاعا واسعا من الجزائريّين قابلوا تصريح الباحث الجزائري بالسّخرية والاستهزاء؛ لأنه ليس طبيبا، وهو ما تأكد مع نفي وزارة الصحة الجزائرية تحضیر أيّ لقاح مضاد لـ"كورونا".

ووصف الصحفي "رشيد ولد بوسيافة"، "بوناطيرو" بأنه النسخة الجزائريّة لـ"المصري الذّي اخترع جهاز الكفتة"، في إشارة إلى اللواء "إبراهيم عبدالعاطي" الذي روجت وسائل إعلام حكومية مزاعم إنجازه جهازا لعلاج مرض الإيدز وكافة الأمراض الفيروسية عبر تحويل الفيروسات إلى "بروتينات" يتغذى عليها الجسم مثل "الكفتة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دونالد ترامب كورونا مايك بنس

عمران خان: أخشى أن يدمر كورونا اقتصادات الدول النامية

شركة أدوية فرنسية تؤكد امتلاكها دواء ضد كورونا.. وباريس مهتمة

دواء جديد لفيروس كورونا يبدأ تطبيقه بأمريكا