دول الخليج على شفا كارثة بسبب حرب أسعار النفط الحالية

الجمعة 20 مارس 2020 09:22 ص

حذر خبراء مما أسموه "السيناريو الأسود" لحرب النفط الدائرة الآن بين روسيا والمملكة العربية السعودية، والمرجح استمرارها خلال الفترة المقبلة، ما لم تتدخل الولايات المتحدة لوضع حد لها.

وقال الخبراء إن استمرار الوضع الحالي والتداعيات المرتبطة بانتشار فيروس كورونا سيؤدي بنا إلى كارثة سيصل فيها سعر برميل النفط إلى ما دون عشرة دولارات للبرميل، وهو ما يعني معاناة دول الخليج من "العوز"، مؤكدين أن أحدا لم يكن يتخيل الوصول إلى حرب الأسعار الدائرة الآن.

وذهب الخبراء للقول إن النظرة المتشائمة من نتاج الحرب التجارية بين أمريكا والصين كانت تقف قبل عام من الآن عند حد عدم صعود سعر البرميل لأعلى من ستين دولارا.

ومع بدء انتشار فيروس كورونا في الصين -أكبر مصدر للمنتجات الاستهلاكية عالميا، وثاني أكبر مستورد للنفط- كانت التوقعات تصب باتجاه عدم انخفاض السعر عن أربعين دولارا، استنادا إلى إمكانية تعويض نقص الاستهلاك الصيني من خلال أسواق أخرى، وكذلك مضي منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) في سياسة خفض الإنتاج.

ورفضت روسيا مؤخرا المضي قدما في سياسة خفض الإنتاج التي اتبعتها منظمة أوبك ومجموعة الدول المستقلة منذ عام 2017، وهو الاتفاق الذي تجدد عامي 2018 و2019، قبل أن يواجه الفشل في مارس/آذار الجاري، لتتهاوى أسعار النفط من 45 دولارا للبرميل إلى ما دون ثلاثين دولارا حاليا.

وخلال الاجتماع الأخير، رفضت روسيا المضي قدما في الالتزام بالاتفاق، كونه يفقدها حصصا سوقية لحساب النفط الصخري الأمريكي، في حين أرادت السعودية استمرار تلك السياسة، بما يسمح بالحد من المعروض والحفاظ على تماسك الأسعار، قبل أن تتجه لسياسة غير مسبوقة وهي الإنتاج غير المشروط باتفاقات أوبك.

وأعلنت السعودية على الفور رفع إنتاجها ليصل إلى 12.2 مليون برميل حاليا، مع عزمها الوصول بإنتاجها اليومي إلى 13 مليون برميل بحلول مايو/أيار المقبل، كما خفضت أسعار الخصم على نفطها، بمقدار يصل إلى عشرة دولارات للبرميل،.

وسيكون على دول أوبك الأخرى -مثل الكويت والإمارات- رفع إنتاجها للحفاظ على الحصص السوقية، فضلا عن إعلانها تخفيض أسعار الخصم، ليعيش الجميع في حرب أسعار تدور في بيئة غير تنافسية لانخفاض الطلب على النفط، وهو ما يعني أن الأوضاع في طريقها لتسوء بشكل أكبر.

ويرى الأكاديمي وخبير اقتصادات النفط "طلال البذالي" أن التوجه السعودي خطير جدا على أسعار النفط، إذ من الممكن أن يهوي بها إلى ما بين 15 و20 دولارا خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، وهو سيناريو أكثر تفاؤلا مقارنة بالتوقعات الأخرى التي تذهب للقول إن النفط سيكون دون العشرة دولارات للبرميل خلال 2020.

"أوبك خليجية"

وفي حديثه لـ"الجزيرة"، يشير "البذالي" إلى ارتفاع المخزون النفطي الأمريكي بمقدار مليوني برميل منذ بداية الأزمة، ومع اتجاه السعودية لإنتاج 13 مليون برميل في اليوم خلال شهرين، فإن الكويت مطالبة الآن بالتوقف عن الالتزام المعمول به مع أوبك بشأن حصتها الإنتاجية ومنافسة الدول الأخرى بتقديم عروض خصم على نفطها بشكل تنافسي، فضلا عن تبني سياسة النفط العائم بإرساله إلى حيث يوجد الطلب بعيدا عن نظام العقود.

ويرى "البذالي" أن دول الخليج يمكنها استغلال الأزمة الحالية لإنشاء منظمة أوبك خليجية، ليكون قرارها بعيدا عن الدول الأخرى، مثل روسيا والمكسيك، وفي هذه الحالة ستتحكم في نحو 53% من احتياطي العالم، ونحو 26% من الإنتاج، وهي نسبة تتيح لها السيطرة بشكل مطلق على الأسعار.

من جانبه، يؤكد خبير استراتيجيات النفط "عبدالحميد العوضي" أن الانخفاض الكبير في أسعار النفط الذي يشكل 65% من حجم التجارة العالمية كان وراء تراجع أسعار الكثير من المشتقات والسلع الاقتصادية العالمية، وهو ما يفسر الهبوط الحاد في العديد من البورصات العالمية.

ويتابع: "سيمنى جميع المنتجين بخسارة من الحرب الحالية، بمن فيهم روسيا وأمريكا، بالنظر إلى أن سعر 25 دولارا للبرميل ربما لا يغطي تكلفة الإنتاج لبعض المنتجين حول العالم".

من حانبه، يؤكد الخبير في تحليل أسواق النفط "كامل الحرمي"، أن الكارثة الأكبر والأضخم ستكون مالية، لأن المعدل التوازني لسعر النفط لمقابلة الميزانيات العامة داخل معظم دول أوبك بين 90 و95 دولارا.

ويذهب للقول إن روسيا تعتمد على النفط لتغطية 40% من ميزانيتها، والمعدل التوزاني بالنسبة لها هو 42 دولارا للبرميل، وهي تستطيع أن تتأقلم؛ إذ بإمكانها خفض قيمة عملتها، ولديها موارد أخرى غير النفط، وبالتالي الضرر كبير على الجميع لكن روسيا الأقل ضررا مقارنة مع دول الخليج، وبالمثل النفط الصخري لن يتضرر لأن الحكومة الأميركية تساند صنّاعه، وتريد حمايته.

ويرى "الحرمي" أن السيناريو الأسود لما نراه حاليا هو وصول سعر البرميل إلى عشرة دولارات، لأن هذا الوضع يعني أن دول الخليج ستصل إلى "العوز"، مؤكدا أننا بحاجة إلى اتفاق عالمي لوضع حد للأزمة.

المصدر | الخليج الجديد+ الجزيرة

  كلمات مفتاحية

المملكة العربية السعودية أسعار النفط أزمة أسعار النفط معركة النفط

الآلاف مهددون بفقد وظائفهم.. كورونا يخنق أسواق العمل بالخليج

بعد كورونا وصدمة أسعار النفط .. لا مجال أمام الخليج لزيادة الإيرادات

النفط يتعافى وترامب يلمح للتدخل في حرب الأسعار بين السعودية وروسيا