كورونا يضع الجيش المصري في اختبار صعب بعد فتكه بلواءين

الاثنين 23 مارس 2020 02:23 م

لم يكن إقرار المتحدث العسكري المصري، في بيان رسمي صدر مساء الأحد 22 مارس/آذار، بوفاة مدير إدارة المياه بالهيئة الهندسية للقوات المسلحة اللواء أركان حرب "خالد شلتوت"، نتيجة إصابته بفيروس "كورونا"، سوى إشارة إلى خطورة وحقيقة تفشي المرض في مصر.

غير أن الأخبار السيئة لم تقف عند هذا الحد، ففي صباح اليوم التالي، تم الإعلان عن وفاة مدير إدارة المشروعات الكبرى بالهيئة الهندسية بالقوات المسلحة اللواء "شفيع داود" جراء إصابته بالفيروس.

ويعد الإعلان عن وفاة "شلتوت"، وبعده "داود"، أول اعتراف رسمي من الدولة بتمدد الوباء إلى قطاعات حساسة وسيادية، ما يؤكد التقارير المتداولة سابقا عن وجود إصابات داخل الجيش المصري.

وعلى الرغم من الإنكار الذي لازم السلطات في بدايات الأزمة، واعتقال بعض الناشطين بتهمة "إثارة الشائعات" حول المرض، فإن الأمور تتجه ربما إلى وضع أكثر خطورة مع تزايد الإصابات داخل البلاد إلى 327 حالة من بينهم 14 حالة وفاة، مع توقعات أن تكون الأرقام الحقيقية أكبر من ذلك.

إصابات أخرى

وتثير وفاة "شلتوت" و"داود" القلق، لا سيما وأن كلا الرجلين كانا ضمن الحاضرين في اجتماع مع الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، لمناقشة تطورات سد النهضة، في 3 مارس/آذار الجاري.

وغاب "السيسي" عن المشهد الإعلامي في البلاد نحو 3 أسابيع، كما تجاهل الظهور في أزمة الأمطار التي ضربت البلاد، وخلفت نحو 20 قتيلا، ليثير الكثير من الشائعات حول مرضه، لكنه ظهر الأحد 22 مارس/آذار الجاري، في اجتماع مع وزراء حكومته، وهو يبتعد بنحو مترين ونصف المتر عن الجالسين إلى جواره يمنيا ويسارا.

ومن اللافت غياب وزير الدفاع، الفريق أول "محمد زكي" عن اجتماع "السيسي"، الأحد الماضي، ما يعزز القول بإمكانية مخالطته مصابين من قيادات الجيش، وخضوعه للعزل الصحي.

وكان "الخليج الجديد"، كشف قبل أيام، نقلا عن مصدر مطلع بمجلس الوزراء المصري خضوع جميع المسؤولين والوزراء لإجراءات احترازية وكشوفات صحية قبل لقاء "السيسي"، وهو الإجراء الذي يشمل أطقم الحراسة والضيافة، وطواقم العمل من الإداريين والسكرتارية بمكتب الرئيس.

قوائم مسربة

تفيد قوائم مسربة -غير رسمية- بإصابة لواءات آخرين بالمرض، من بينهم رئيس أركان إدارة الهندسيين العسكريين، اللواء أركان حرب "محمود أحمد شاهين"، ومساعد مدير إدارة المشروعات، اللواء "محمد السيد فاضل الزلاط".

ووفقا للقائمة التي تداولتها مصادر إعلامية عدة، يصل عدد المشتبه بإصابتهم بـ"كورونا" بين قيادات الجيش إلى 11 شخصا، وسط توقعات بتمدد الفيروس إلى وحدات أخرى في الجيش المصري، والتكتم على أوضاعهم الصحية بعد إحالتهم إلى المستشفيات العسكرية التابعة للجيش حفاظاً على السرية، بحسب "عربي بوست".

كذلك، أثبتت الفحوصات إيجابية عينات جميع أفراد أسرة "شلتوت"، ما دفع إلى حجزهم في مستشفى "أبو خليفة" المخصص للعزل في محافظة الإسماعيلية، شمالي البلاد، وهو تطور يعني أن المخالطين لهم ربما تعرضوا للعدوى.

ومن بين الضباط المشتبه في إصابتهم، كل من اللواء "خالد مبارك حسين" من المكتب الاستشاري للهيئة الهندسية، والعميد "أسامة محمد عبدالحميد" من إدارة المشروعات الكبرى، والعقيد "محمد جمال الدين محمد" من الهيئة الهندسية.

إجراءات مشددة

غالبا ما يتكتم الجيش المصري على طبيعة الإجراءات التي يتخذها في مثل هذه الظروف، لكن تسريبات صحفية كشفت عن إغلاق الكلية الحربية (شرقي القاهرة) لمدة 45 يوماً كإجراء احترازي، ومنع السماح للطلاب بالإجازات أو الزيارات العائلية، وذلك بعد ظهور حالات مشتبه في إصابتها بفيروس "كورونا".

كذلك يفرض الجيش المصري، فحصا مسبقا لجميع الضباط والمجندين العائدين من العطلات، والمترددين على مباني القيادة العامة، إضافة إلى منع الشرطة العسكرية من تسيير دورياتها في المناطق القريبة من تجمعات للمدنيين.

وتطال الإجرات الصحية المشددة، المجندين المنتمين للمحافظات المكتشف فيها إصابات فعلية، كمحافظات الدقهلية (دلتا النيل) والأقصر والمنيا (جنوب)، حيث يتم منعهم من دخول المعسكرات تماما، بحسب "العربي الجديد".

وتخضع قيادة الجيش أسر الضباط الذين طالتهم العدوى لعزل صحي، خشية تفشي المرض في أوساط أسر العسكريين، الأمر الذي -حال حدوثه- قد يثير ارتباكا داخل المؤسسة العسكرية، ويرفع من حدة الاستياء تجاه القيادة السياسية المتهمة بالتأخر في اتخاذ التدابير اللازمة، والسماح بحركة السياح ما تسبب في نقل العدوى إلى محافظات عدة.

أيضا فإن انتشار الوباء في صفوف القوات المسلحة، سيؤثر بلا شك على جهود المؤسسة في مكافحة "كورونا"، مع اندفاع وحدات الحرب البيولوجية والكيميائية لتعقيم المنشآت الحكومية والمرافق العامة.

توظيف سياسي

اللافت أن الجيش المصري سارع إلى توظيف وفاة "شلتوت" و"داود" سياسيا، وتسويق الواقعة على اعتبار كونها ضمن تضحيات الجيش من أجل الوطن، مؤكدا أن وفاة "شلتوت" جاءت أثناء "اشتراكه في أعمال مكافحة انتشار المرض بالبلاد"، وهو ما يخالف ما ذهبت إليه المصادر التي أكدت أن العدوى حدثت بسبب اختلاط القيادات مع ضباط مصابين قدموا من الخارج.

ووفقا للمتابعين، فإن الطريقة الغامضة للإعلان عن وفاة القياديين وكيفية إصابتهما بالمرض، تتوافق مع النهج العام للحكومة وتكتمها الرسمي على مدى انتشار الفيروس في البلاد، وسعيها لمحاصرة التغطيات الإعلامية حول الأمر ومن ذلك سحب ترخيص مراسلة صحيفة "الجارديان" البريطانية في مصر بعد تغطيتها لتقرير كندي زعم أن هناك 19 ألف إصابة بفيروس كورونا في مصر.

ولكن الحكومة المصرية وجدت نفسها مضطرة تحت وطأة الضغوط لاتخاذ إجراءات في محاولة لمحاصرة تفشي الوباء، بدأت مع تعطيل الدراسة وإلغاء الامتحانات، وكخطوة متأخرة جرى وقف النشاط السياحي وحركة الطيران، وتخصيص 100 مليار جنيه (نحو 6.4 مليارات دولار) لمكافحة الفيروس، قبل أن يتم تعليق الصلوات في المساجد والكنائس.

أعقب ذلك تحذير "السيسي" من أن عدد المصابين بالفيروس سوف يصل إلى الآلاف، مطالبا المصريين بالبقاء في منازلهم لمدة أسبوعين، قائلا: "أعداد المصابين بكورونا قد تقفز إلى الآلاف، إذا لم يتعامل المصريون بجدية مع الفيروس. نحن نواجه أخطر أزمة بسبب كورونا، وأدعو المصريين إلى التحلي بمزيد من المسؤولية، حتى تخرج البلاد بسلام من الأزمة الحالية".

ورغم ذلك، لا تزال هناك مخاوف أن انتشار كورونا في مصر يفوق بكثير الأرقام المعلنة، وهي مخاوف تتفاقم في ظل التكتم الشديد على الخريطة الجغرافية لانتشار المرض، وهوية الشخصيات المصابة، ومدى تمدد الفيروس داخل وحدات وقطاعات المؤسسة العسكرية، إضافة إلى السجون المكتظة بعشرات الآلاف من المعارضين السياسيين، وجميعها أمور حساسة تختبر قدرة الدولة المصرية والجيش على محاربة تفشي هذا الوباء.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أنباء عن وفاة ثالث لواء بالجيش المصري جراء الإصابة بكورونا

ميدل إيست آي: السيسي خضع لحجر صحي أسبوعين

الإيكونوميست: الأنظمة العربية تستغل كورونا لزيادة القمع

خاص.. 7 قيادات عسكرية مصرية في العناية المركزة بسبب كورونا