بفضل كورونا.. التكنولوجيا تغزو الأنظمة التعليمية في الدول النامية

الثلاثاء 24 مارس 2020 06:34 م

"من رحم الأزمة جاءت الفرصة".. مقولة يتداولها العديد من المهتمين بمجال تكنولوجيا المعلومات هذه الأيام تعليقا على وجه إيجابي نادر في أزمة تفشي فيروس "كورونا" يتمثل في اتجاه كثير من دول العالم النامي إلى إجراء تطويرات تلكأت في اتخاذها على مدى سنوات ماضية.

فبعد أن انقطع عدد غير مسبوق من الطلاب عن مدارسهم وجامعاتهم (تقدرهم إحصاءات منظمة اليونسكو تعدادهم بنحو 422 مليون طالب)؛ بسبب قيام حكومات 61 دولة بإغلاق المؤسسات التعليمية في محاولةٍ لإبطاء انتشار "كورونا"، لجأت العديد من هذه الحكومات إلى الحلول الرقمية لمنع انقطاع العملية التعليمية، عبر توفير موارد التعلم ومتابعة الدروس والامتحانات من خلال شبكة الإنترنت.

وبات مفهوم "التعليم عن بعد" متصدرا لأولويات وزارات التعليم بالعالم النامي، ويعبر عن طريقة يتلقى فيها التلاميذ المفاهيم والمعلومات من المنزل عبر مشاهدة مقاطع الفيديو التعليمية التي تبث عبر الإنترنت، أو عبر تطبيقات تفاعلية بين المعلمين وطلابهم.

وتستند العديد من إجراءات التطوير التي تتبعها العديد من وزارات التعليم حاليا إلى تجارب دول متقدمة في مجال تكنولوجيا المعلومات، منها الولايات المتحدة، لا سيما ذلك النظام الذي طوره الأستاذ في جامعة هارفارد "إريك مازور"، الذي يسمح للأستاذ بتلقي ردود من تلاميذه وأن يكون قادرا على إعداد إستراتيجيات وأنشطة من شأنها سد أوجه القصور المحتملة لدى الطلاب؛ نتيجة عدم لقائهم ببعضهم البعض ومع معلميهم.

كما يشكل النظام الرقمي، الذي ابتكره العلماء في الكلية الرقمية بمقاطعة موسكو، أساسا لمنصة موحدة لتدريس الطلاب عن بعد يتم استخدامها بشكل موسع حاليا.

ولا تسمح المنصة الروسية بتدريس طلاب الكليات عن بعد فحسب بل وعقد مؤتمرات فيديو أيضا، واعتمدتها موسكو كبديل ممتاز لتدريس الطلاب في ظروف انتشار "كورونا" وفرض إجراءات الحجر الصحي.

وإضافة لمزية التفاعلية، يوفر نظام التعليم عن بعد استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإنشاء ومشاركة "عملية التدريس" بين التلاميذ والمعلمين في أي مكان في العالم؛ ما يجعل عملية التعليم أكثر ثراء من جانب، ويوفر إمكانية تطوير سريع لمنهجية التعليم من جانب آخر، وفقا لما أورده تقرير نشرته مجلة "لامينتي إي ميرافيليوزا" الإيطالية.

  • أنظمة جاهزة

وفي هذا الإطار، أعلنت وزارة التعليم في قطر أن جميع طلبة المدارس الحكومية بدأوا في مباشرة دراستهم اعتبارا من 22 مارس/آذار من خلال نظام التعلم عن بعد، على أن يستخدم الطلاب من الصف الأول إلى الثالث برنامج "MS Teams"، في حين سيستخدم طلاب الصفوف من الرابع إلى الثاني عشر نظام إدارة التعلم "LMS".

 ولا توفر هذه الأنظمة خاصية التفاعل والتواصل بين المعلم والطلاب فقط، بل مع أولياء الأمور أيضا عن طريق محادثات التراسل الفوري "Chat"، وفقا لما أوردته صحيفة الشرق (محلية).

وتعد وزارة التعليم القطرية المحتوى التعليمي بأنظمة التعلم عن بعد عبر تصوير وإنتاج فيديوهات يومية يتم التركيز فيها على إكساب الطالب المفاهيم والقيم المستهدفة عبر المنصات الرقمية.

وفي هذه الإطار، جاء إنشاء الوزارة لقناة تعليمية جديدة على يوتيوب بعنوان "Qatars distance learning"  لطلاب التعليم العام (من الصف الأول الابتدائي إلى الصف الثاني عشر)؛ للتأكد من مدى جاهزية الطلبة وأولياء أمورهم والمعلمين لاستخدام نظام التعليم عن بعد.

وتحتوي القناة على حوالي 1700 درس لمختلف المراحل الدراسية، تتراوح مدة كل منها بين 10 - 15 دقيقة.

ولم يقتصر هذا التوجه على الدول ذات الفوائض المالية الكبيرة. ففي مصر أيضا، أعلن وزير التعليم المصري "طارق شوقي" في رسالة مصورة في 19 مارس أن الوزارة نجحت في توفير "مكتبة إلكترونية" بجانب بنك المعرفة المصري "EKB" لمساعدة الطلاب على المذاكرة.

 وتضم المكتبة مختلف المناهج الدراسية الكاملة للصفوف بداية من رياض الأطفال وصولا إلى المرحلة الثانوية باللغتين العربية والإنجليزية، وتضم كافة الوسائط المتعددة (فيديو، صور، أفلام وثائقية) لشرح الدروس المختلفة، وتتيح أكثر من 80 قاموسا ومعجما.

وبذلك سيكون باستطاعة ما يقرب من 22 مليون طالب مصري، موزعين على ما يقرب من 55 ألف مدرسة، أن يتواصلوا مع المعلمين كما لو كانوا متواجدين في المدرسة، وسيتم من خلال المنصة الجديدة متابعة شرح الدروس والإجابة عن أسئلة الطلاب وإجراء الامتحانات.

وفيما أتاحت وزارة التعليم في لبنان تطبيقا يتضمن معلومات للكادر التدريسي، أطلقت بعض المدارس مبادرات فردية لتقديم الدروس إلى الطلاب عبر منصات "Google Classroom".

ومع إتاحة وزارة التربية والتعليم البحرينية بوابة إلكترونية على موقعها، أعلن معهد البحرين للتدريب تفعيله لنظام التعليم عن بعد باستخدام منصة التعليم الإلكتروني "مودل"، فيما اعتمدت جامعة البحرين على منصتي "مايكروسوفت تيمز" و"بلاك بورد" التعليميتين لمواصلة العملية التعليمية عن بعد.

وحتى في فلسطين المحتلة، التي أغلقت سلطتها الوطنية جميع المدارس والجامعات لمدة شهر اعتبارا من 5 مارس، وجهت السلطة في الضفة الغربية المدارس بالانتقال إلى التعليم عن بعد؛ حيث سيتم تصوير الدروس وبثها عبر اليوتيوب والراديو والتلفزيون للطلاب من الصف الأول إلى الصف الثاني عشر.

كما طلبت السلطة من جميع الجامعات مواصلة المحاضرات عبر الإنترنت اعتبارا من 14 مارس، وذلك باستخدام استراتيجيات مختلفة مثل التعلم المُدمج، والفصول الافتراضية، بالإضافة إلى استخدام تطبيقات مثل "زووم" و"جوجل هانج أوت".

  • تطبيقات الجوال

وإزاء هذا الإقبال على تطبيقات التواصل المختلفة، اتجهت العديد من شركات تكنولوجيا المعلومات إلى توفير بدائل إضافية لتغطية الطلب المتزايد على هذا النوع من التقنيات.

وفي حين أن الظروف الاقتصادية في الدول النامية تحول بين الجميع وبين اقتناء أجهزة متطورة تسمح بتشغيل التطبيقات التعليمية الحديثة، فإن الشركات سعت للتغلب على هذا الأمر من خلال إطلاق تطبيقات يمكنها العمل عبر الهواتف القديمة.

وبات بإمكان مستخدمي هواتف أندرويد من الفئة المتوسطة والاقتصادية التواصل مع الآخرين عبر مكالمات الفيديو بفضل النسخة الجديدة المخففة من تطبيق "كاميرا جو" الذي لا يشغل مساحة كبيرة في الهواتف ذات السعة الداخلية الصغيرة. كما يُمكن المستخدم من التقاط صور بدقة جديدة دون أن يشغل حيزا كبيرا من ذاكرة الوصول العشوائي "الرام".

ويسهل هكذا توجه مهمة التواصل على أصحاب الهواتف الزهيدة الثمن، الذين يفوق عددهم 100 مليون مستخدم حاليا، ويستخدمون أكثر من 1600 طراز من الهواتف المتوسطة، حسب إحصاءات الشركات الأمريكية.

  • زيادة سرعة الإنترنت

ثمة فائدة أخرى لأزمة "كورونا" على مستوى جودة خدمة الإنترنت المقدمة للمعلمين والطلاب؛ إذ سارعت عديد الدول إلى تسريع خدمات الإنترنت بهدف إنجاح "التعليم عن بعد" من جانب، وضمان بقاء أكبر عدد من المواطنين في بيوتهم من جانب آخر، بما يساهم في جهود الحد من انتشار الوباء.

وفي السياق، وفرت وزارة التربية التركية الدخول المجاني للموقع الخاص بالتعليم عن بعد، عبر منح التلاميذ حزمة إنترنت مجانية بسعة 8 جيجابايت، وفقا لما أوردته وكالة "الأناضول".

كما أعلنت وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية زيادة ساعات التحميل مجانا لكل المشتركين في شركات الاتصالات الأربع بنسبة 20% مجانا خلال مارس، على أن يتحمل الجهاز القومي لتنظيم الاتصالات تكلفتها البالغة 200 مليون جنيه (12.5 مليون دولار).

وقررت الحكومة اللبنانية مضاعفة سرعة الإنترنت وحجم الاستهلاك لمشتركي شبكة الاتصالات (أوجيرو) في الأماكن السكنية مجانا حتى نهاية أبريل/نيسان المقبل؛ استجابة لدعوات متتالية بإلزام المواطنين بيوتهم وقاية من "كورونا".

ويبدو أن العديد من مستخدمي الإنترنت في العالم العربي لاحظوا تحسن الخدمة خلال الأيام القليلة الماضية، ولسان مقالهم عبر تعليقات شبكات التواصل الاجتماعي: "رب ضارة نافعة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تكنولوجيا المعلومات كورونا جوجل

الروبوتات للتمريض والدرونز تراقب الحجر.. كورونا يمهد لثورة تقنية جديدة