ترامب وأزمة كورونا.. تجاهل التحذيرات والقواعد يشعلان سخط الأمريكيين

الجمعة 27 مارس 2020 07:42 م

"ربما لم يتوقع دونالد ترامب ذلك، لكن كثيرا من الأفراد الآخرين في إدارته كانوا يتوقعونه، غير أنهم عجزوا عن دفعه إلى اتخاذ أي شيء في هذا السبيل".. بهذه الكلمات برر مسؤول أمريكي بإدارة الرئيس "دونالد ترامب" الفشل في إدارة أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) رغم ورود تحذيرات استخباراتية بشأنها للبيت الأبيض.

المستوى الذي بلغته الأزمة في الولايات المتحدة أثار سخطا واسعا بين الأمريكيين، خاصة في ظل مؤشرات على بلوغ تفشي الفيروس في بعض الولايات مستويات حرجة.

وعزز من حالة السخط تلك، ما أوردته صحيفة "واشنطن بوست"، الأسبوع الماضي، بشأن ورود التحذيرات الاستخباراتية لـ"ترامب" في شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين، ونقلها على لسان مصدر مطلع أن تلك التحذيرات تضمنت صورة لطبيعة الانتشار العالمي للوباء وكيف تقلل الصين من شأن حدته، بالإضافة إلى توضيح احتمالات حاجة البلاد لإجراءات حكومية لاحتواء الأمر.

لكن هذه التحذيرات لم تترك إلا أثرا قليلا على المسؤولين البارزين في الإدارة الأمريكية، الذين تأثروا بتأكيدات "ترامب" أن كل الأمور "تحت السيطرة الكاملة".

ولتحذيرات الاستخبارات بشأن الوباء خصوصية، حسبما يؤكد تقرير نشرته صحيفة "فيلت" الألمانية، ضاربا المثل بنجاح الحكومة الألمانية في نهاية عام 2002 في مواجهة تفشى أول وباء عالمي في القرن الحادي والعشرين، ألا وهو متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد، المعروفة اختصارا باسم "متلازمة سارس".

وانتشر الفيروس من جنوب الصين آنذاك إلى العالم، ما أسفر عن وفاة حوالي 800 شخص، ومع ذلك، تكتمت الحكومة والحزب الشيوعي الصيني في البداية على خبر انتشاره. لكن جهاز الاستخبارات الخارجية الألماني (بي إن دي) قدم للحكومة معلومات حول سارس وعملية انتشاره قبل أسابيع من الإعلان رسميا عنه، استنادا إلى عمليات "تنصت" أجراها على مكالمات واتصالات لاسلكية للحكومة الصينية.

ولم يمنح هذا الأمر عملاء الجهاز معلومات حول المرض نفسه فحسب، بل أيضا عن الاستراتيجية الأولية للحكومة الصينية للتستر على تفشي المرض.

وبقراءة مقارنة يمكن استنتاج أن تحذيرات الاستخبارات الأمريكية لـ"ترامب" اعتمدت على طريقة مشابهة، لاسيما وأن فيروس كورونا المستجد من نفس عائلة "سارس". ومن المتوقع أن الاستخبارات توصلت إلى معلومات أكثر تفصيلا، خاصة أن الولايات المتحدة واحدة من البلدان القليلة التي لديها جهاز استخبارات خاص بالمعلومات الطبية والصحية، وهو ما يعرف بالمركز الوطني للاستخبارات الطبية (إن سي إم آي) ، الذي يخضع لسلطة وكالة الاستخبارات الدفاعية (دي آي ايه).

دواء الملاريا

غير أن فشل إدارة "ترامب" في التعامل مع الوباء لم يقتصر على تجاهل التحذيرات الاستخباراتية فحسب، بل امتد إلى طريقة إدارته للملف الصحي في الولايات المتحدة، إذ خفّض ميزانية مراكز السيطرة على الأوبئة في هذا العام، وألغى وحدة مكافحة الأوبئة من مجلس الأمن القومي الأمريكي، وجعل تبعيتها لأحد المكاتب الصغيرة بوزارة الداخلية الأمريكية.

وبإضافة أسلوب إدارة "ترامب" الضعيف في إدارة أزمة تفشي الفيروس، الذي صنفته منظمة الصحة العالمية بأنه "جائحة"، رصد المراقبون حالة سخط مضاعف بين الأمريكيين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، خاصة أن الملايين منهم لا يعرفون كيف سيدبرون مصدر دخلهم، حيث توقفت الأنشطة الاقتصادية تماما، متسببة في فقد 3 ملايين أمريكي لكامل أو جزء من دخلهم خلال أقل من شهر واحد.

لم يكتف "ترامب" بذلك فحسب، ولكنه قرر أن يتجاهل السياسات المتعارف عليها لتطوير العقاقير الآمنة والفعالة، عندما ظهر، مساء الخميس (20 مارس/آذار)، خلال مؤتمر صحفي في البيت الأبيض، متحدثا عن دواء، لم يبثت فعاليته بعد، ليطالب بإقراره كعلاج ضد فيروس كورونا.

وخالفت تصريحات "ترامب" تلك كل قواعد إدارة الغذاء والدواء تقريبا، مثل تجنب الوعود، خاصة تلك التي لا يمكن الوفاء بها، بحسب موقع "ستيت نيوز" الأمريكي، الذي أشار إلى أن تصريحات الرئيس تعبر عن عدم درايته بالطريقة التي يتم بها إقرار صلاحية العقاقير والأدوية، خاصة أنه سبق أن انتقد عملية الموافقة "البطيئة والمرهقة" في الولايات المتحدة قبل إقرار الأدوية للبيع في الصيدليات.

وكان "ترامب" قد دعا في مناسبات عدة إلى تمرير ما يسمى بقانون "الحق في المحاولة"، الذي يتيح للمرضى المحتضرين تناول أدوية لم تبثت فعاليتها ولم تكمل سوى التجارب السريرية الأولية، لكنه استضم بمعارضة قوية من المجموعات التي تعنى بشؤون المرضى.

وإزاء ذلك، أكدت مصادر صحفية وفاة رجل أمريكي بعد تناوله عقار "الكلوروكين"، الذي روج له "دونالد ترامب" كعلاج معجزة لفيروس "كورونا" المستجد رغم تحذيرات مسؤولي الصحة حول آثاره الجانبية.

ومادة "الكلوروكين" تستخدم بالأساس كدواء مضاد لمرض الملاريا وبعض أمراض المناعة الذاتية، ولا يزال الباحثون يختبرون مدى فاعليتها في مواجهة كورونا.

فشل ذريع

من هنا جاء تقييم "مايكا زينكو"، في مقال نشره بمجلة "فورين بوليسي" لأداء "ترامب" في أزمة كورونا بأنه "فشل ذربع"، مشيرا إلى أن المسؤولين في إدارته أصدروا سلسلة من الأحكام التي قللت من مخاطر كورونا، واتخذوا قرارات بطيئة لا تتلاءم مع الوضع الطارئ، و"هو ما عرض أمريكا للخطر وجعلها أقل أمنا".

ويعزو "زينكو" تفشي المرض في الولايات المتحدة إلى غرور "ترامب" وتمسكه برأيه حتى لو كان غير صحيح وقائما على معلومات خاطئة، وهو داء ينتقل كالعدوى إلى كل مسؤول أو مستشار يحيط به.

ويشير الكاتب في هذا الصدد إلى أن "أي شخص لا يقلد ما يقوله الرئيس مثل الببغاء فإنه يتم عزله أو يتم تسريب معلومات عن أن عزله بات قريبا"، ضاربا المثل بتقارير صحفية أمريكية تحدثت عن "عدم تحمل الرئيس لمدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، أنتوني فوسي".

ويحذر "زينكو" من أن هذا النهج يمكن أن يفسد منظومة صناعة القرار في الحكومة الفيدرالية كلها، مضيفا: "في العادة، يقود المؤسسات الفيدرالية أشخاص يعتقد البيت الأبيض أنهم قادرون على تنفيذ السياسات، ويكون لدى هؤلاء المسؤولون لديهم هامش من الاستقلالية، لكن ليس في عهد ترامب. فحتى المنظمات غير الحزبية، مثل الأمن القومي والمخابرات، باتت مليئة بأشخاص يدعمون البيت الأبيض بدلا من تميزهم بالخبرة والتجربة التي تحتاجها أعمالهم".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

دونالد ترامب كورونا

حصيلة إصابات يومية قياسية بكورونا في أمريكا.. كم وصلت؟

‏ترامب يعلن مقاطعة كولومبيا منطقة كوارث

نائبة ديمقراطية تصف ترامب بالأحمق بسبب تعامله مع كورونا