كورونا في أفريقيا.. أسباب بطء التفشي والتهديد المرتقب

الأحد 12 أبريل 2020 09:05 ص

عندما كشفت مصر عن أول إصابة بفيروس "كورونا" المستجدّ، في أفريقيا في فبراير/شباط 2020، استعدت بقية القارة لتحمل عبء وباء اجتاح أوروبا والولايات المتحدة، موقعا أكثر من 1.7 ملايين إصابة في أنحاء العالم.

وحذّر خبراء الصحة من التداعيات المدمّرة التي قد تنجم عن الفيروس الفتاك في أفريقيا، حيث تفتقر معظم المستشفيات بشدة إلى المعدات والفرق الطبية المدربة.

وانتشر الفيروس منذ ذلك الحين في 52 دولة أفريقية، لكن على الرغم من الارتفاع المضطرد في عدد الحالات المؤكدة، لا تزال القارة بعيدة عن المنحنى العالمي للإصابات والوفيات.

إلا أنّ منظمة الصحة العالمية، حذّرت الشهر الماضي، أفريقيا من مواجهة تطور مثير للوباء، حتى مع فرض الحكومات قيودا لكبح انتشار الوباء.

وتبدو القارة غير مهيأة لإدارة أزمة صحية كبرى، بينما تحاول جاهدة إجراء فحوص كافية لمراقبة حالات الفيروس.

((1))

ما هو وضع أفريقيا؟

حتى الآن، أصاب المرض التنفسي الجديد أكثر من 12800 شخص في القارة، وقتل 692 شخصا على الأقل، حسب حصيلة مجمعة.

ولم يصل الفيروس القاتل حتى الآن إلى أرخبيل جزر القمر، ومملكة ليسوتو الصغيرة، في أقصى جنوب القارة.

وتعد جنوب أفريقيا الدولة الأكثر تضررا، إذ سجلت حتى الآن أكثر من ألفي إصابة مؤكدة، و24 وفاة مسجلة، وهي أرقام بعيدة تماما عن أكثر من 871 ألف إصابة و71 ألف وفاة في أوروبا.

ومع ذلك، يحذر الخبراء من أن الوباء يتفشى.

وقال مدير برنامج الاستجابة للطوارئ في أفريقيا بمنظمة الصحة العالمية "ميشيل ياو": "خلال الأيام الأربعة الماضية، بوسعنا أن نرى أن الأعداد تضاعفت بالفعل".

وأضاف "ياو": "إذا استمر هذا الاتجاه، فقد تواجه بعض الدول ذروة مهولة قريبا".

ويشاركه القلق مدير منظمة الصحة العالمية في أفريقيا "ماتشيديسو مويتي"، مضيفًا أن انتشار وباء (كوفيد-19) خارج المدن الكبرى فتح "جبهة جديدة في مكافحتنا لهذا الفيروس".

هل تم التقليل من الأرقام؟

لربما تبدو علامة الاستفهام الأكبر فيما يتعلق بالتقديرات بشأن أعداد المصابين بفيروس "كورونا" في أفريقيا، مرتبطة بنقص القدرة على الاختبار على النطاق العالمي.

وعلى الرغم من تبرع الملياردير الصيني "جاك ما"، بأكثر من مليون جهاز اختبار لفيروس "كورونا"، إلا أن معظم الدول الأفريقية تفتقر إلى المعدات اللازمة للكشف عن المرض.

ونجحت جنوب أفريقيا، التي تمتلك نظام الرعاية الصحية الأكثر تطورا في أفريقيا (جنوب الصحراء)، حتى الآن في إجراء اختبارات لحوالي 73000 من سكانها البالغ عددهم 57 مليون نسمة.

وقال وزير الصحة في جنوب أفريقيا "زويلي مخيز"، الذي يهدف إلى توسيع نطاق الاختبار للوصول إلى نحو 30 ألف اختبار يوميا: "هذا منخفض للغاية بالنسبة لنوع التحديات التي تواجهها جنوب أفريقيا".

أما نيجيريا، أكبر اقتصاد في أفريقيا، فلم تجرِ حتى الآن سوى 5000 اختبار لفيروس "كورونا"، لبلد يبلغ عدد سكانه 190 مليون نسمة.

واعترف طبيب يعمل في عيادة خاصة في لاجوس (طلب عدم ذكر اسمه)، بأن "نظام الاختبار تحت ضغط كبير والنتائج تستغرق وقتا".

وأضاف: "هل هي دقيقة؟ لا نعرف".

وأجبر عدم القدرة على اختبار الفيروس العديد من البلدان على التعاطي مع تقديرات غامضة ومضللة في بعض الأحيان.

فتوقعت كينيا، على سبيل المثال، أن يصل عدد حالات الإصابة بالفيروس إلى 10 آلاف بحلول نهاية أبريل/نيسان.

لكن بعد مرور 10 أيام من الشهر، ظل عدد الإصابات المكتشفة أقل من 200.

وأوضح المدير العام لوزارة الصحة الكينية "باتريك أموث": "السبب هو أننا لم نجرِ اختبارات مجتمعية".

وتابع: "لذا لا نزال نقف عند توقعاتنا السابقة.. لا نعرف ماذا سيحدث".

واعترف رئيس المراكز الأفريقية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها "جون نكينجاسونج"، أنّ إحصائيات فيروس "كورونا" في أفريقيا بعيدة عن "الكمال".

وصرّح بالقول: "نفتقر إلى الوسائل".

الإغلاق وحظر التجول

أعطى الانتشار المتأخر لفيروس كورونا المستجدّ الدول الأفريقية بعض الوقت لتطبيق نفس الإجراءات المطبقة في أوروبا للقضاء على الوباء.

واستجابت الحكومات بأرجاء القارة في وقت مبكر، وأغلقت الحدود وفرضت عمليات الإغلاق وحظر التجول، عندما تم الكشف عن عدد قليل من الحالات.

وكانت هذه الإجراءات صعبة التطبيق في الأحياء الفقيرة والمكتظة بالسكان، حيث تزدحم المنازل، ويمتهن معظم سكانها وظائف غير رسمية، ما يجعل خيار البقاء في المنزل مستحيلا.

وحذّر "مويتي" من منظمة الصحة العالمية، من أنه "من السابق لأوانه تحديد"، ما إذا كانت إجراءات مكافحة فيروس "كورونا" تبطئ الوباء في أفريقيا.

وفي وقت سابق من الأسبوع الجاري، قال رئيس جنوب أفريقيا "سيريل رامافوسا"، إن هناك "أدلة كافية" تظهر أن الإغلاق على مستوى البلاد "كان ناجحاً".

وأوضح "رامافوسا"، الخميس، مع إعلانه تمديد الإغلاق البالغ 21 يوما: "قبل أسبوعين من الإغلاق كان متوسط الزيادة اليومية في الحالات الجديدة حوالي 42%، ومنذ بدء الإغلاق بلغ متوسط الزيادة اليومية حوالي 4%".

وقت الاستعداد

لكن الوقت الذي كسبته الحكومات الأفريقية يمكن أن يذهبه نقص الوسائل أدراج الرياح.

وقالت منظمة الصحة العالمية، في بيان إنّ "هناك نقص حاد في مرافق العلاج لحالات (كوفيد-19) الحرجة".

وبحسب المنظمة، يوجد بالكاد 5 أسرّة للعناية المركزة لكل مليون شخص في أفريقيا، مقارنة بـ4 آلاف سرير في أوروبا.

ولا يوجد في المستشفيات العامة، سوى ألفي جهاز تنفس طبي لخدمة القارة بأكملها.

وليس بمقدور أحد التنبؤ بشأن نسب الإصابات التي يمكن أن يصل إليها الفيروس في أفريقيا.

وأكّدت منظمة الصحة العالمية، أن 31 دولة في القارة لديها أقل من 100 حالة مؤكدة، مشيرة إلى أن "الاحتواء ممكن".

لكنّ التهديد لا يزال قائما.

وقال "مويتي" من منظمة الصحة العالمية إنّ وباء "(كوفيد-19) لديه القدرة على التسبب في آلاف الوفيات... وإحداث دمار اقتصادي واجتماعي".

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

كورونا فيروس كورونا إصابات كورونا وفيات كورونا خسائر كورونا تداعيات كورونا مكافحة كورونا

تأثيرات فيروس كورونا على الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

كاف يؤجل دوري الأبطال والكونفدرالية الأفريقية

الشبح الاقتصادي لكورونا يهدد القطاع غير الرسمي في أفريقيا

ملايين الأفارقة يواجهون الجوع مع عزل المدن بسبب كورونا

جوتيريش يحذر من تفشٍ متوقع لكورونا في أفريقيا

تحذير أممي: كورونا قد يقتل 300 ألف شخص في أفريقيا

وفيات كورونا في أفريقا تتجاوز الألف وتوقعات بالمزيد