في ألمانيا البلد الصناعي الضخم.. الكمامات أشد ندرة من ورق التواليت

الثلاثاء 14 أبريل 2020 10:19 ص

منذ منتصف شهر مارس/آذار، لم يتوقف هاتف "ديفد شميلتس آيزن" عن الرنين، المتصلون دائماً مشترون من عيادات ومؤسسات طبية ضمن منطقة هاينزبيرج التي شهدت أول اصابة بكورنا في ألمانيا.

المتصلون لديهم سؤال واحد فحسب: هل يوجد مزيد من الكمامات؟ وهم يطلبون مساعدة "شميلتس آيزن" وزملائه في "معهد تقنيات النسيج" بجامعة آخن. هنا قد يحصل المرء على معلومات عمن يمكنه أن ينتج كمامات، وعمن لديه مخزونات منها.

ولتأمين طلبات الزبائن، أنشأ "آيزن" موقعاً يمكن من خلاله تأمين الاتصال بين المنتجين وبين الزبائن وهم الأطباء والمشافي وبيوت التمريض وغيرها من المنشأت الطبية الأخرى.

وفي هذا السياق يقول "آيزن" لـ DW  "جهزنا حتى اليوم نحو مليون كمامة، وأول دفعة كان حجمها 50 ألف كمامة ذهبت إلى منطقة هاينزبيرج".

احذر "غير المحترفين"

منصة need-mask.com التي يملكها "آيزن" تعنى بالدرجة الأولى بسد احتياجات مؤسسات القطاع الصحي وهي غير معنية بتجهيز الصيدليات أو الموزعين التجاريين من نوع أمازون.

لكنّ مشاكل التجهيز تبقى قائمة مع جميع الجهات كما يقول "آيزن" لأنّ السوق قلق، فحتى الزبائن من القطاع الصحي ليس بوسعهم القول بالضبط متى وكيف تصل شحنات الكمامات المرسلة إليهم، وبهذا الخصوص يقول "آيزن" "أسعار الكمامات ارتفعت إلى عشر أضعاف، وهناك الكثير من يعرض الكمامات من المحتالين في السوق اليوم".

وتراقب منصة need-mask.com بانتظام العروض التي تظهر في السوق، لتعرف مستوى جدية الطلبات، قبل أن تطلق إنتاجاً ما. المشافي عموماً تفضل الكمامات عالية التقييم بنوعيها FFP2 و FFP3أما النوعيات المصنوعة من القماش والتي تعرض حالياً بكثرة من قبل منتجين متعددين فلا تناسب الاستخدام الاحترافي، كما يقول "آيزن".

أرقّ من الشعرة بعشرين مرة

هناك فرق شاسع بين أنواع النسيج المستخدمة في إنتاج الكمامات كما يوضح "آيزن". فالكمامات المنتجة لاستخدامات الكوادر الطبية يجري إنتاجها من نسيج خاص من رقائق سنثتيك بوليمرات لتبطين الطبقات الداخلية من الكمامة بما يتيح للمستخدم التنفس وتقلل في نفس الوقت من تدفق الجزيئات المسببة للمرض إن وجدت، "نحن نتكلم عن خيوط يقل قطرها 20 مرة عن قطر شعرة الإنسان، ويحتوي نسيجها على 500 طبقة" كما يقول "بيرند رايفنهويزر" المدير العام لشركة رايفنهويزر المنتجة للمكائن في حديث مع DW، ويمضي بالقول "القطن أقل كثافة من هذا النسيج، كما أن خاصيته التنافذية أضعف".

الشركة التي يقع مقرها في مدينة ترويسدورف بألمانيا مجهز رئيسي لنسيج رقائق سنثتيك بوليمرات في العالم؛ إذ حسب قوله إن 75% من الإنتاج العالمي السنوي من الكمامات الواقية يتم إنتاجه وفق النموذج الذي ابتدعته الشركة. والإنتاج يأتي بشكل أساسي من الصين.

وبسبب النقص الحاد في الكمامات الواقية من فيروس كورونا، فقد أطلقت شركة رايفنهويزر خط إنتاج يصنّع هذا النسيج في ألمانيا، وبلغ مجمل الإنتاج اليومي مليون كمامة، رغم أن الإنتاج ما زال في مراحله التجريبية.

يكشف "رايفنهويزر" أن ألمانيا حالياً تفتقر إلى بنية صناعية تحتية يمكنها أن تنتج الكمامات المطلوبة "الصناعة الألمانية ركزت جهدها لسنوات طوال على بناء المعدات والمكائن المعقدة، والآن علينا أن نتراجع خطوة إلى الخلف، ونخلق قاعدة استراتيجية منتجة" لغرض إنتاج الكمامات وأشباهها.

وتحت ضغط نقص الكمامات في ألمانيا، وعدت الحكومة بدعمٍ لحكومات الولايات يصل إلى 30% من قيم الاستثمارات للشركات التي تتبنى خطوط إنتاج أنسجة الكمامات. أما الجهات الصناعية من قبيل "غرف التجارة والصناعة الألمانية" والمعروفة بـ DIHK فقد حذرت من الوقوع في فخ السياسات الحمائية في ظل السباق المحموم الجاري لتجاوز الأزمة الصحية.

صنع في الصين 

خطوط إنتاج الكمامات ذات النسيج الخاص تكلّف ملايين اليوروهات، أما خطوط إنتاج الكمامات العادية التي يريدها ملايين الناس فيسهل تأسيسها بكلف أقل بكثير، لكنّ هوامش الربح في الخطين تبدو ضعيفة، وهو السبب الذي دفع بهذه الصناعة إلى الصين حيث أجور اليد العاملة متدنية للغاية مقارنة بمثيلاتها في أوروبا.

وكشف "آيزن" أن خط الإنتاج الواسع لكمامات لا تزيد كلفتها عن بضع سنتات يصعب إرساءه هنا في ألمانيا مضيفاً "ويتفاقم الأمر في حقيقة أن الأوروبيين غير متعودين على ارتداء الكمامات كما هو حال الآسيويين".

شركة Mahle المنتجة لقطع السيارات في شتوتجارت، وبعد أن تدنى الطلب على أجهزة تكييف المركبات التي تنتجها، أطلقت خط إنتاج لفلاتر مخصصة لكمامات FFP3 في شراكة مع مصنع Triumph الذي ينتج المنسوجات "في أقل من أسبوع"، حسب قول المتحدث باسم الشركة "روبن دانش".

خط الإنتاج يطمح لإنتاج 1.5 مليون كمامة  في الشهر، كما جاء في حديث روبن دانش معDW ، لكنه رفض التعليق لدى سؤاله عن مدى مطابقة الكمامات المنتجة لمعايير إنتاج كمامة FFP3.

وتسعى شركة BMW المنتجة للسيارات ومقرها في ميونيخ إلى الدخول في ميدان إنتاج الكمامات، وكشف رئيس مجلس إدارتها "أوليفر تسيبسه" أن الشركة تسعى لإنتاج مئات ألوف الكمامات يوميا.

وفي حديث DW قال المتحدث الرسمي باسم شركة BMW إن الوجبات الأولى من الإنتاج ستخصص لعمال الشركة وموظفيها في معامل السيارات الخاصة بهم.

لكن ماذا عن الدول الفقيرة؟

تخطط الحكومة الألمانية لإنشاء جسر جوي لتأمين تدفق الكمامات وغيرها من مواد الحماية الطبية من ألمانيا بشكل منتظّم.

وأعرب "آيزن" عن اعتقاده أن الدول الصناعية من وزن ألمانيا والولايات المتحدة الأمريكية ستتجاوز عنق الزجاجة في تأمين كمامات الوقاية في مستقبل قريب منظور، لكنّه أعرب عن قلقه بشأن نقص الكمامات المتعاظم الحاصل في البلدان النامية، بما فيها الهند وبلدان أفريقية بدأت تواً فيها أزمة صحية بسبب فيروس كورونا، من هنا فهو يخطط لتوسيع منصته المعروفة بـ need-masks.com لتشمل مجاميع تتخصص في انتاج نسيج الكمامات عبر العالم في مسعى منه لحماية الحلقة الأضعف: البلدان النامية.

 

المصدر | DW

  كلمات مفتاحية

كمامات كورونا خسائر كورونا

أمريكا تشكر تايوان على تبرعها بالكمامات

بعد أزمة كورونا.. أبل تصمم كمامات للعاملين بالمجال الطبي

قناع كورونا المصري يعرض فجر السعيد للسخرية

وزير الصحة الألماني: وباء كورونا بات تحت السيطرة في البلاد