معضلة النفط.. اتفاق أوبك+ لن يعيد النفط الغالي قريبا

الأربعاء 15 أبريل 2020 07:25 م

"تاريخي لكنه غير كاف".. هكذا وصف بنك "جولدمان ساكس" اتفاق دول مجموعة أوبك+ (أوبك بلس) على خفض إنتاج النفط، حيث توقع استمرار هبوط الأسعار لتقديره أن التخفيض المتفق عليه في شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران المقبلين (9.7 مليون برميل يوميا) لن يعوض الطلب المفقود بفعل أزمة تفشي فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19).

بخلاف ذلك، يتوقع البنك الأمريكي أن الدول المنتجة لن يكون بمقدورها الالتزام بالحصص المقررة في اتفاق خفض الإنتاج، وهو ما قد يدفع سعر النفط إلى مستوى 20 دولارا للبرميل لخام برنت. ولما كان الاتفاق لن يدخل حيز التنفيذ قبل مطلع مايو/ أيار المقبل، فإن الدول التي زادت إنتاجها بشكل كبير خلال مارس/آذار الماضي يمكنها الاستمرار في إغراق السوق لمدة 3 أسابيع أخرى تقريبا.

بالإضافة إلى ذلك، فإن قيود الإنتاج، التي ستستمر لمدة عامين تقريباً، لن تكون على نفس مستوى الشهرين الأولين في الاتفاق الجديد. ومن المقرر أن يتم تقليص حجم التخفيضات بعد يونيو/ حزيران إلى 7.6 ملايين برميل يوميا حتى نهاية العام، ثم إلى 5.6 ملايين برميل يوميا في عام 2021.

ومع تراجع الطلب على النفط بمعدل 19 مليون برميل يوميا بسبب جائحة كورونا، وهو رقم مرشح للازدياد إلى 35 مليون برميل يوميا (حوالي ثلث الإنتاج العالمي) وفق تقديرات وكالة بلومبرغ، فإن أي خفض في الإنتاج لن يكون كافيا لإنقاذ الأسعار من الهبوط.

في ضوء ذلك، نشر خبير النفط بمركز دراسات الطاقة الدولي في جامعة كولومبيا الأمريكية بنيويورك "روبرت ماكنلي" تحليلا على موقع المركز الإلكتروني، قدر فيه تراجع الطلب العالمي على الخامات النفطية في الربع الثاني من العام بنحو 16 مليون برميل يومياً، متوقعا ارتفاع المخزونات العالمية بنهاية العام الجاري بنحو 2.5 مليار برميل.

وحتى التحليلات الأكثر تفاؤلا لا تتوقع أن تزيد الأسعار عن 30 دولار للبرميل، وعلى رأسها توقعات بنك "مورجان ستانلي" الذي زاد توقعاته لسعر برنت "في الربع الثالث" من العام الجاري إلى 30 دولارا (من 25 دولارا) وللخام الأمريكي إلى 27.50 دولارا (من 22.50 دولارا).

ويؤكد "فيرندرا تشوهان"، المحلل بشركة "إنرجي آسبكتس"، في هذا الصدد، أن تخفيضات إنتاج النفط المتفق عليها "إذا نجحت في وقف هبوط الأسعار فلن تتمكن من رفعها بقيمة كبيرة في ضوء مستوى الزيادة في المخزونات"، مشيرا بذلك إلى صهاريج وناقلات التخزين البحرية التي يتزايد عددها في مختلف أنحاء العالم وسط تراجع الطلب من جانب المستهلكين.

وهنالك أكثر من 80 سفينة ضخمة عائمة في البحار استخدمها التجار لتخزين النفط الرخيص خلال الأسابيع الماضية على أمل بيعها وتحقيق أرباح ضخمة حينما ترتفع الأسعار. وبعض هذه الشحنات تم شراؤها حين كان سعر سلة خامات أوبك يتراوح بين 17 و18 دولاراً للبرميل.

ووفق هذه المعطيات فإن صفقة "أوبك بلس" سوف تفشل في معالجة أزمة سوق النفط العالمية "الأمر الذي سيبقي على ركود الأسعار"، حسب بيان أصدره "تاكاشي تسوكيوكا" رئيس رابطة البترول اليابانية.

موسكو والرياض وتوقعات الحرب

وفي ضوء ذلك، فإن أعلى تقديرات يمكن أن تبلغها أسعار النفط (حوالي 35 دولارا) لن تكون كافية لتلبية طموح الدول المنتجة. وحتى روسيا، التي قدرت سعر النفط في موازنتها عند 40 دولارا للبرميل، باعتباره رقما متشائما نهاية العامة الماضي، سوف تجد نفسها مضطرة للتعامل مع أسعار أقل للنفط وكميات أقل من الواردات في الوقت نفسه.

وفي المقابل، فإن السعودية ستكون أمام أزمة كبرى على مستوى الميزانية، حيث تعني مستويات الأسعار المتوقعة خسارة السعودية لأكثر من نصف عائدات موازنتها التي تعتمد على النفط بنسبة تفوق 80%. ويرجع ذلك إلى أن موازنة المملكة اعتمدت سعر حوالي 80 دولارا للبرميل، كسعر تقديري في موازنتها الحالية، قبل أن تتهاوى الأسعار بشكل غير مسبوق.

وسوف يتسبب هذا المخزون الكبير في الحد من الآثار الإيجابية لاتفاق خفض الإنتاج الجديد. ويعني ذلك أن السعودية ربما ستجد نفسها مضطرة لخفض إنتاجها بنسبة تتجاوز حصتها في اتفاق "أوبك بلس"، بما يعني خسارة مضاعفة للرياض، وهو ما أعلنه وزير الطاقة الأمير "عبد العزيز بن سلمان"، في 13 أبريل/نيسان، قائلا إن السعودية "تطوعت" بتطبيق تخفيضات أكبر من تلك المتفق عليها مع الدول المنتجة".

وأشار وزير النفط الكويتي "خالد الفاضل"، في هذا الصدد، إلى أن إجمالي تخفيضات الإنتاج قد تصل إلى 20 مليون برميل يوميا، أي حوالي 20% من الإمدادات، وهو المستوى الذي تعتبره "ريستاد إنرجي" لاستشارات الطاقة حدا أدنى لتحقيق استقرار الأسعار.

وإذا بقيت أسعار النفط منخفضة، فإن الاتفاق سوف يفشل عاجلا أم آجلا لأن الدول المنتجة ستسعى لزيادة حصصها السوقية لتقليص خسائرها، وهو ما يعني إغراق الأسواق مجددا وخفض الأسعار بشكل أكبر.

ورغم أن الانخفاض الشديد في الأسعار ربما يدفع العديد من منتجي النفط الصخري بالولايات المتحدة للخروج من السوق، فإن الكثير من المنتجين سوف يتكيفون على المدى المتوسط مع مستويات سعرية أكثر انخفاضا، وسوف يكون ذلك إيذانا بنهاية عصر الهيمنة السعودية على أسواق النفط.

المصدر | منصور الراشد - الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

كورونا جولدمان ساكس أوبك مورجان ستانلي حرب النفط

مجددا..أوبك تخفض توقعها لطلب النفط بسبب كورونا

السعودية وروسيا تؤكدان التزامهما بخفض إنتاج النفط

خلف الكواليس.. السعودية وروسيا في نزال نفطي