استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الأنظمة العربية واستثمار كورونا في السياسة

الثلاثاء 14 أبريل 2020 05:43 م

العرب واستثمار كورونا في السياسة

تتسابق الأنظمة العربية بشكل مفضوح وغير مسبوق على استخدام كورونا في الدعاية السياسية للحاكم.  

لدى الأنظمة العربية قدرة هائلة على استغلال الأزمات والكوارث والمصائب والاستفادة منها.

لا يتوقف استثمار أزمة كورونا على أجندات النظام السياسية ككل ففي داخل كل دولة عربية منظومة من الفاسدين المستفيدين!

من يراقب فيروس كورونا حول العالم يظن أن ثمة فصيلة خاصة بعالمنا العربي تختلف عن ذلك الفيروس الذي يغزو العالم!

ما يجري في الدول العربية يختلف كثيراً عن دول العالم ويتم تسويق ما تقوم به الحكومات صوابًا وما دونه خطأ.

*     *     *

أصبح واضحاً أن العديد من الأنظمة العربية جعلت من وباء كورونا موسماً للدعاية السياسية، تريد أن تستفيد من المرض ولا يعنيها كثيراً أن تنجح في مكافحته وتطويقه، فضلاً عن أن بعض الدول العربية تتبنى سياسات مشبوهة، ليست سوى إفراز لصراع طبقي ليس أكثر، أي أنها سياسات تقوم بتغليب مصالح طبقة على حساب أخرى، بدون أن تراعي تحقيق العدالة في المجتمع.

تتسابق الحكومات العربية بشكل مفضوح وغير مسبوق، على استخدام كورونا في الدعاية السياسية، وتُبالغ في تخويف شعوبها من المرض، ليلتف الناسُ بالمقابل حولها.

وبعد ذلك تقوم بمعايرتهم يومياً بأنها تحميهم من المرض، وأنه لولا عبقرية النظام وأجهزته الأمنية والعسكرية والقمعية، لكان فيروس كورونا قد التهمهم واحداً تلو الآخر، وعليه يتوجب على الشعب أن يُسبح بحمد النظام وحاكمه وأجهزته الأمنية، بكرة وعشيا، لأنه يحميه من هذا المرض.

في إحدى الدول العربية، أفردت صحيفة يومية ملفاً من عشر صفحات عن القدرات الخارقة لرئيس تلك الدولة في مكافحة فيروس كورونا، وكيف أن الحكومة والشعب وكل مؤسسات الدولة، كانت تتخبط قبل أن يقرر هذا «الرئيس» أن يقود هذه المعركة بنفسه.

فإذا به يقود السفينة إلى بر الأمان، وينتصر في هذه المعركة بفضل حنكته السياسية والعسكرية، وبفضل جيشه العظيم المغوار، بينما تغرق الدول العظمى مثل أمريكا وبريطانيا بالمرض وتودع قتلاها يومياً بالمئات.

في الدولة العربية إياها يُروج النظام لانتصار القائد الملهم في حرب كورونا، ويزعم تفوقه على أمريكا وأوروبا واليابان وكوريا الجنوبية والصين، وكأن حكومة ذلك البلد أكثر ذكاء من كل حكومات العالم، ووصل الحال بهم إلى ادعاء إنتاج دواء يُعالج المصابين بكورونا.

في حين تشتغل الآلة الإعلامية المحلية في ذلك البلد على ترويج كل ذلك، والاستفادة من صور الجثث والمقابر الجماعية التي تأتي من أوروبا وأمريكا، والترويج إلى أننا – أي تلك الدولة العربية – أكثر تطوراً من كل هذه الدول، وعليكم أن تحمدوا الله ليل نهار، لأن هذا الزعيم الملهم والقائد الفذ هو الذي يحكمكم.

ما يحدث في هذه الدولة العربية يحدث في العديد من أقطارنا العربية، وهو عملية «استثمار المصائب في السياسة»، فالحاكم العربي لا يهمه من يموت ومن يعيش، بقدر ما يهمه أن يهتف الشعبُ بحياته، وأن ينسى الناس المطالبة بالحقوق والحريات ومكافحة الفساد المالي والسياسي.

عملية الاستثمار السياسي الحالية لأزمة كورونا هي استنساخ جديد من استثمار الأنظمة العربية للأزمة في سوريا، فصور القتلى والجرحى والدمار الهائل في سوريا كانت تنزل برداً وسلاماً على الأنظمة العربية، التي تقوم على الفور باستخدامها في وسائل الإعلام لطرح السؤال التقليدي: هل تريدون أن يحدث لكم ما حل بالسوريين؟

وهو السؤال الذي تطرحه الأنظمة العربية وأجهزتها الأمنية، لدفع مواطنيها إلى التراجع عن أي مطالبة بالإصلاح والديمقراطية، أو حتى ما دون ذلك. يتكرر المشهد اليوم ويتم استخدام صور ضحايا كورونا، التي تأتي من إيطاليا وإسبانيا ونيويورك.

ويتم استثمار صور هؤلاء الضحايا في أجندات سياسية بدلاً من الترحم على أرواحهم، فيُقال للمواطن العربي البسيط: إذا خالفتم أوامر الحكومة وتعليماتها، فإنَّ توابيت مثل هذه ستكون في انتظاركم.

حقيقة الأمر أن لدى الدول العربية، قدرة هائلة على استغلال الأزمات والكوارث والمصائب والاستفادة منها، ولا يتوقف استثمار أزمة كورونا على هذه الأجندات السياسية للنظام ككل.

ففي داخل كل دولة عربية منظومة من الفاسدين المستفيدين، ففي إحدى الدول العربية، التي فرضت حظر التجول على مواطنيها، ظهرت عصابة سرية لبيع التصاريح.

وفي دولة أخرى يتم تعطيل منشآت وفتح أخرى بحجة محاصرة المرض ليتبين سريعاً بأن من تم السماح لهم بالعمل، هم طبقة متنفذة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال، بينما لم يكترث أحد بالفقراء الغلابة الذين تم تعطيلهم عن أعمالهم.

وأخيرا من يراقب فيروس كورونا حول العالم، يظن أن ثمة فصيلة خاصة بعالمنا العربي تختلف عن ذلك الفيروس الذي يغزو العالم، إذ ما يجري في الدول العربية يختلف كثيراً عما يجري في دول العالم، ويتم تسويق ما تقوم به الحكومات العربية على أنه الصواب وما دونه هو الخطأ.

* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا ومخاطر تسييس الطب