مأزق إيران الثلاثي.. كورونا والعقوبات وسوء الإدارة

الجمعة 17 أبريل 2020 11:16 م

كان تأثير فيروس كورونا الجديد "كوفيد-19" على إيران، أحد أوائل بؤر التفشي، شديدا بشكل خاص. وتفاقم الوضع في البلاد بسبب عدة عوامل، أهمها عدم الاستجابة السريعة من قبل الحكومة الإيرانية، وآثار العقوبات الأمريكية في إطار حملة "أقصى ضغط" التي تمارسها إدارة "ترامب" على طهران.

ومع وجود أكثر من 74 ألفا و877 حالة مؤكدة، ونحو 4 آلاف و683 حالة وفاة، وفق الأرقام الرسمية وقت كتابة هذه السطور، تعد إيران من بين الدول العشرة الأكثر تضررا.

وما يجعل حالة إيران مقلقة بشكل خاص هو أنه حتى وقت قريب، قللت الحكومة بشكل كبير من التهديد الذي يمثله الفيروس، ولم يتم أخذ احتياطات التباعد الاجتماعي على محمل الجد كما كان ينبغي.على سبيل المثال، قررت الحكومة مؤخرا فقط البدء في فرض قيود على السفر بين المدن الإيرانية، بعد ارتفاع سريع لمدة شهر في عدد حالات الإصابة والوفيات.

وكان ينبغي فرض مثل هذه القيود قبل وقت طويل من عيد "النوروز"، الذي يوافق أول أيام الربيع، عندما يسافر الإيرانيون غالبا بأعداد كبيرة لزيارة العائلة والأصدقاء.

ونظرا للاتجاهات الحالية، من المتوقع أن يصل تفشي المرض إلى ذروته في أواخر مايو/أيار تقريبا. ويخشى الباحثون من أنه إذا لم يلتزم الجمهور والحكومة الإيرانية بتدابير الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي بشكل كبير، فقد تصل الوفيات جراءالفيروس إلى حوالي 3.5 مليون، أو 4.3% من إجمالي سكان إيران.

وتشير التقديرات المتفائلة إلى أن التداعيات الاقتصادية لـ"كوفيد-19" في عام 2020 ستكون تراجعا بنسبة 15% من الناتج الإجمالي المحلي  لإيران.

ومع ذلك، يقدر بعض الاقتصاديين أن الخسارة قد تصل إلى 30% من الناتج المحلي الإجمالي. أضف إلى ذلك حقيقة أن الاقتصاد الإيراني كان بالفعل في حالة سيئة ويتجه نحو الأزمة، فقد تقلص بنسبة 8% تقريبا بين مارس/آذار 2019 وديسمبر/كانون الأول 2019.

ومثل الولايات المتحدة وأوروبا، إلى جانب الشركات الصغيرة وقطاع النقل، كان قطاع الضيافة والخدمات بشكل عام هو الأكثر تضررا في إيران.

وكان توقيت تفشي الوباء سيئا بالنسبة لإيران، لأن رأس السنة الفارسية الجديدة "النوروز"، هي الفترة الأكثر ربحية للعديد من الشركات الصغيرة والنقل البري والجوي والمطاعم والفنادق في إيران.

وأخيرا، كان سوق العمل الإيراني يعاني بالفعل من ارتفاع معدلات البطالة قبل تفشي الوباء، خاصة بين الشباب المتعلمين الجامعيين.

وبحسب أكثر السيناريوهات تفاؤلا، سيعرّض الانكماش الاقتصادي المتوقع في عام 2020 أكثر من 3 ملايين وظيفة للخطر، ما قد يؤدي إلى رفع معدلات البطالة الفعلية غير الرسمية من حوالي 20% الآن إلى أكثر من 35% في غضون شهرين إلى 3 أشهر فقط.

ويعد الوضع الحالي في إيران مثيرا للقلق بشكل خاص لأن الظروف الاقتصادية الضعيفة أعاقت بشدة قدرة الحكومة على معالجة أزمة الوباء، ومن المتوقع أن يزداد الوضع سوءا في الأشهر المقبلة.

ولا يمكن تجاهل الدور المركزي للعقوبات الأمريكية في الاضطرابات التي أصابت الاقتصاد الإيراني مما ساهم في تعطيل قدرة الحكومة على مكافحة جائحة "كوفيد-19" داخل البلاد وعبر المنطقة الأوسع.

وكان فرض عقوبات إضافية على إيران، والضغط على صندوق النقد الدولي لرفض طلب طهران للحصول على قرض طارئ بقيمة 5 مليارات دولار، هي أحدث خطوات إدارة "ترامب" في سعيها إلى خنق الاقتصاد الإيراني في وقت تتعرض فيه البلاد والعالم لجائحة غير مسبوقة.

وفي حين كان صندوق النقد الدولي مترددا في الموافقة على طلب قرض الطوارئ الإيراني، وهي المرة الأولى منذ ما يقرب من 60 عاما التي تذهب فيها البلاد إلى المنظمة للحصول على تمويل، فقد عرضت بريطانيا وفرنسا وألمانيا نحو 5.5 مليون دولار من خلال آلية "إنستكس" التجارية لمساعدة إيران في مواجهة "كوفيد-19"، وبدأت أيضا في إرسال مواد طبية ومعدات واقية إلى طهران.

وهذه هي المرة الأولى التي يتجاوز فيها الأوروبيون حملة "أقصى ضغط" الأمريكية ضد إيران بعد الانسحاب الأمريكي من خطة العمل الشاملة المشتركة في مايو/أيار 2018.

وقدم حتى جيران إيران في المنطقة، الكويت وقطر، مساعدات طبية لطهران لمواجهة الوباء. وبالمثل، عرضت الإمارات تقديم مساعدة طبية لطهران.

وتعد جائحة "كوفيد-9" أزمة عالمية بكل مقياس وتعريف، ويتطلب التصدي لها استجابة منسقة على الصعيد العالمي.

ومع عدد سكانها البالغ 80 مليون نسمة، وموقعها الاستراتيجي في مركز إمدادات الطاقة العالمية، ومجتمع الشتات الإيراني الذي يتجاوز 5 ملايين في جميع أنحاء العالم، فإن لإيران دور مهم في الكفاح العالمي ضد الوباء.

وبالإضافة إلى زيادة الوفيات المرتبطة بالفيروس التاجي في إيران، فإن استمرار العقوبات الأمريكية وحملة "أقصى ضغط" ضد البلاد يمكن أن تقوض بشكل خطير فعالية الجهود العالمية ضد الوباء.

بعبارة أخرى، فإن العقوبات الأمريكية ضد إيران خلال هذه الأزمة الإنسانية الحادة ربما تضر أيضا بالصحة العالمية والرفاهية الاقتصادية حول العالم على المدى القصير والطويل.

والسبب في ذلك بسيط، فإذا استمر الفيروس في التفاقم في دولة كبيرة ذات موقع استراتيجي مثل إيران، يمكن أن يواصل انتشاره في كل مكان في العالم، ما يؤدي إلى المزيد من الوفيات والمزيد من الأضرار الاقتصادية على مستوى العالم.

المصدر | أمين محسني شيراغلو - منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا تداعيات كورونا العقوبات الأمريكية ضد إيران إنستكس

عودة الحياة إلى أغلب المحافظات الإيرانية بعد تراجع وفيات كورونا

كورونا.. الإصابات بإيران تتجاوز 80 ألفا والوفيات 5 آلاف

عدد وفيات كورونا في إيران يتجاوز 5 آلاف

كورونا يمدد إجازات المسجونين وإغلاق المواقع الدينية بإيران

روحاني: ضغوط أمريكا أثناء كورونا غير إنسانية