استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هزيمة حفتر وانكشاف "فاغنر" بين صُرمان وصبراتة

الأحد 19 أبريل 2020 02:26 م

هزيمة حفتر وانكشاف “فاغنر” بين صُرمان وصبراتة

تركيا هي الوحيدة التي ردت على التحدي مؤكدة أنها لن تسمح بإعادة تشكيل خارطة المنطقة.

حفتر الوجه المحلي لمشروع إقليمي تُروَج له أبوظبي والحرب على طرابلس ثمرة خطط أطلقت منذ 2014 لاقتفاء خطى السيسي.

باتت أجواء ليبية مضمارا للمنافسة بين مسيرات صينية تقدمها أبوظبي لحفتر ومسيرات "بيرقدار" التركية التي تستخدمها حكومة الوفاق.

*     *     *

إذا كان ثمة من قاسم مشترك بين مواقف العواصم الغربية من الصراع في ليبيا، فهو تجاهل ما يجري هناك، وترك الأمور تتعفن، رُبما على طريقة "اشتدي أزمة تنفرجي". لكن الأزمة تتفاقم وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والأمنية ستكون أثقل على الدولة والمجتمع من تأثير جائحة كوفيد-19 نفسها.

أما ما يصدر في بعض العواصم الغربية، من بيانات هنا وهناك، فهو من باب رفع العتب، بدليل أنه كلام لا تترتب عليه أي خطوات عملية لإطفاء الحريق. وما يجري في الواقع الميداني، هو مزيد من التعفن من يوم إلى آخر، ما أوصل البلد إلى حرب مدمرة، تكاد لا تختلف عن الحربين السورية واليمنية، بل تزيد عليهما بكثافة استخدام الطائرات المسيرة.

وباتت الأجواء الليبية أكبر حقل تجارب لذاك النمط من الطائرات، ومضمارا للمنافسة بين الدرون صينية الصنع، التي تقدمها أبوظبي للقائد العسكري للمنطقة الشرقية خليفة حفتر، ومنافستها طائرات "بيرقدار" تركية الصنع، التي تستخدمها حكومة الوفاق.

وقد احتجت الأمم المتحدة على استهداف قوات حفتر مناطق سكنية وهدم بيوت على رؤوس المدنيين، من دون اتخاذ أي إجراء أو عقوبة في حقه، بسبب تلويح روسيا باستخدام حق الفيتو، لمنع أي إدانة صريحة لحفتر.

 

تحالف حفتر والأسد

وفي سياق تعميق هذا التحالف طفا على السطح التقاربُ المفاجئ بين حفتر والنظام السوري، حيث تبدو البصمات الروسية واضحة، بعد زيارة نائب رئيس "الحكومة المؤقتة" غير المعترف بها دوليا، ومقرها في البيضاء (شرق) عبد الرحمن الأحيرش، إلى دمشق، واجتماعه مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم، ليعلن بعد ذلك عن معاودة فتح "السفارة" الليبية في دمشق.

ومن الاستتباعات الرمزية لهذا الحلف الجديد، أن اسم مدينة حلب صار كثير التردد على ألسنة مقاتلي حفتر، الذين باتوا يحلمون بأن “تسقط طرابلس” مثلما “سقطت” عاصمة الشمال السوري. هذا هو المناخ الذي شل يد الأمم المتحدة، في ظل انشغال أوروبا بمشاكلها الداخلية وبحربها على جائحة كوفيد-19 ربما عدا ألمانيا، التي قامت بمحاولة للدفع في اتجاه حوار يضع حدا للحرب، فأخفقت المحاولة، خاصة بعد استقالة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة غسان سلامة.

وطالما كان النفط والغاز يتدفقان من الحقول الليبية، لم تُبد الدول الغربية أي اكتراث بالحرب الدائرة في هذا البلد، وأغمضت عيونها عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي ترتقي إلى جرائم حرب. وحتى بعد غلق الحقول والموانئ النفطية، ما زال الموقف الغربي يتجاهل الأزمة الليبية، بما فيها قطع الماء والكهرباء عن سكان العاصمة طرابلس. أما الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، فاتكأت على أوروبا، تاركة الملف الليبي بين أيدي حلفائها الأوروبيين، مع الاحتفاظ بخطوط تواصل مع طرفي الصراع في ليبيا، وخاصة الحكومة المعترف بها دوليا.

 

جواب أمريكي مُلتبس

ومما يؤكد هذا الخيار جواب السفير الأمريكي لدى ليبيا نورلاند، على سؤال صحيفة “الوسط” الليبية، في شأن إمكان اللجوء إلى عقوبات في حق المعرقلين لحل الأزمة، إذ قال إن حكومته تحتفظ بخيار فرض عقوبات إضافية على هؤلاء الذين يعملون مع مجموعة "فاغنر" الروسية، مُعتبرا أن "العقوبات وسيلة فعالة، ولكنها تستغرق وقتًا لتنفيذها".

أليس هذا انسحابٌ واضحٌ من المسؤوليات الموكولة لدولة عظمى، تحظى بعضوية دائمة في مجلس الأمن، وهي مسؤولة بهذه الصفة عن الأمن والاستقرار في العالم؟

وقد اكتفى السفير بالعظة التالية، التي تليق برجل دين وليس برجل سياسي: "على الأطراف أن تبادر بتعليق الأعمال العسكرية ومجابهة جائحة فيروس كورونا، وعدم انتظار تطبيق العقوبات".

وأصاب الباحث طارق المجريسي حين كتب أن “ما يجري في ليبيا يبدو كما لو أنه لم يعد يعني أحدا. لكأن الصراع انتهى، فأوروبا تبدو غير مهتمة بالفوضى الزاحفة نحو أبوابها”. ورأى المجريسي، وهو مستشار المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن الاستنجاد بالمرتزقة، الذين يأتون إلى ليبيا في ثوب مستشارين وخبراء عسكريين، أسوة بعناصر شركة "فاغنر" الروسية الخاصة، "يشكل التطور الأكثر مدعاة للقلق والحيرة اليوم في ليبيا".

وأكد الخبير المتخصص في الشأن الليبي في دراسة جديدة، أن الجنرال المتقاعد حفتر "ليس سوى الوجه المحلي لمشروع إقليمي يُروَج له انطلاقا من أبو ظبي" مشيرا إلى أن الحرب على طرابلس "هي ثمرة خطط أطلقت منذ 2014 لاقتفاء آثار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي". ولاحظ أن تركيا هي الوحيدة التي ردت على ذلك التحدي، مؤكدة أنها لن تسمح بإعادة تشكيل خارطة المنطقة.

 

صعوبات وانقطاعات

الأكيد هو أن الاقتصاد الليبي يجابه معضلات كبيرة في وقت واحد، منها تعثر تصدير النفط والغاز، وغلق عدد من المصانع، وشح السيولة في المصارف وفقد كثير من العاملين في القطاع الخاص مورد رزقهم، نتيجة لتوقف الإنتاج، وتقليص بعض المصارف مرتبات موظفيها، بسبب الصعوبات التي تمر بها.

وتجاوزت الخسائر المالية الناجمة عن وقف تصدير النفط والغاز 4.1 مليار دولار، في أعقاب هبوط الإنتاج اضطراريا إلى أقل من 80000 برميل يوميا، بعدما كان يتجاوز المليون برميل. يُضاف إلى تراجع عائدات النفط، قطع الماء والكهرباء على المنطقة الغربية، التي تشمل سكان طرابلس المليونين.

أكثر من ذلك، أعلنت الشركة العامة للكهرباء، صباح الجمعة، أن جميع مولدات الكهرباء، العاملة في محطة الزاوية، غرب العاصمة طرابلس، توقفت عن العمل بسبب قفل صمام الغاز الرئيس، الذي يمدُ المحطة بالوقود.

وأكدت أن توقف الإنتاج في المحطة يتسبب بعجز كبير عن تلبية الطلب على الطاقة الكهربائية. ثم أعلنت ظهر اليوم نفسه عن استئناف الإنتاج في المحطة، وقد نُسبت هذه العملية إلى “مجموعة مجهولة” غير أن بصمة قوات حفتر واضحة في العملية، فمن سواها يتجاسر على قفل صمام غاز بهذه الأهمية؟

 

ما بعد انتهاء الحجر

من القطاعات الاقتصادية المتضررة أيضا، إضافة للنفط والغاز، القطاع الصناعي بعد اضطرار كثير من المصانع للتخلي عن عمالها، أو منحهم إجازات بنصف راتب.

لكن الأصعب سيكون استئناف العمل والإنتاج، خاصة في القطاع الصناعي، بعد انتهاء فترة الحجر الصحي، فتوقيف مصنع عن العمل سهل، أما استئنافه فأمرٌ بالغ التعقيد، لأن قسما من العمال قد ينتقل إلى العمل في قطاعات أخرى، والإمكانات المالية ستغدو محدودة وشحيحة، بعد توقف عمليات البيع طيلة فترة الحجر الصحي.

وتجابه المصانع صعوبات أخرى لأنها لا تستطيع الاستعداد لمعاودة الانتاج، بعد انتهاء الحجر، طالما أنها لا تستطيع الحصول على المبالغ اللازمة من الحكومة أو من المصارف، لاستيراد أدوات الإنتاج والمواد الخام التي تحتاج إليها. من هنا يبدو المشهد أكثر قتامة في المستقبل.

على أن حل كل هذه القضايا، وإن جزئيا، يبقى مرهونا بمصير الحرب المفتوحة على طرابلس، فاستعادة مدينتي صرمان وصبراتة الاستراتيجيتين (على التوالي 60 و70 كلم غرب طرابلس) إلى جانب مدن أخرى على الشريط الساحلي الغربي، يُؤمِن المنطقة الممتدة من طرابلس إلى الحدود التونسية، وهو شريان أساسي يربط العاصمة بالعالم الخارجي.

واعتبر خبراء عسكريون أن السيطرة على الساحل الغربي، أهم نصر حققته القوات الموالية لحكومة الوفاق، بعد أشهر من الكر والفر، منذ السيطرة على مدينة غريان (80 كلم جنوب طرابلس) في حزيران/يونيو الماضي، والتي كانت قاعدة متقدمة لقوات حفتر. ومنذ استعادة غريان، لم تتمكن القوات المهاجمة من السيطرة على أي مدينة أخرى عدا سرت، ربما مؤقتا.

غير أن الثابت أن حفتر، الذي أعلن النفير العام، قبل أسابيع، متوعدا باقتحام طرابلس، بات بعيدا عن الوصول إليها، وأن الوعود التي أعطاها للذين استحثوه على الاسراع بحسم “معركة طرابلس” ظلت بلا إنجاز.

وربما يأتي الفرنسيون بين أوائل الذين خاب ظنهم بقدرات حليفهم حفتر، وهو ما عكسته التقارير المتشائمة في الصحف القريبة من الخارجية الفرنسية عن معركة صرمان – صبراتة. 

كما يجوز القول إن تلك الهزيمة العسكرية كشفت النقاب عن حدود مرتزقة "فاغنر" الروس، الذين سبقت وصولهم إلى ليبيا، لتعزيز قوات حفتر، روايات خيالية عن "خبرتهم" الحربية.

لكن لا ينبغي أن تغتر حكومة الوفاق بالانتصارات التكتيكية التي تحققها قواتها، إذ أن الموازين العسكرية ما زالت متقاربة، ويبدو أنها ستظل كذلك، بالرغم من أن الإمارات تُعوض لحفتر بدل الطائرة المُسيرة طائرتين. واستطرادا فإن الحرب ستستمر سجالا، وستستمر معها الحرب على جائحة كوفيد-19 لكن من دون أمل في "هدنة صحية" قريبا.

*  رشيد خشانة كاتب صحفي تونسي

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

أردوغان: أدعو العالم لمواجهة حفتر وسنفسد المؤامرات بالمتوسط

طبيب أوكراني يكشف تزييف إعلام حفتر خبر مقتله

موقع فرنسي يكشف سبب زيارة مدير الاستخبارات الأمريكية إلى ليبيا