ماذا وراء اتفاق تشكيل حكومة ائتلافية في إسرائيل؟

الأربعاء 22 أبريل 2020 06:53 م

لا يمكن اعتبار "المخلوق الوحشي" الذي اتفق عليه "بنيامين نتنياهو" و"بيني جانتس" مساء الإثنين "حكومة وحدة" ولا "تحالف طوارئ".

إنه بيان استسلام من قبل "جانتس"، وخارطة تأمين لـ"نتنياهو" للبقاء فترة أخرى في منصبه والتخلي عن جميع الوعود التي قدمها زعيم "أزرق أبيض" إلى ناخبيه.

قدم قائد الجيش السابق خلال الحملة الانتخابية، التزامًا أساسيًا بعدم المشاركة في الحكومة مع رئيس وزراء متهم. وانتهى به الأمر بتوقيع عقد مع الفساد.

تُستخدم ظروف الفيروس لتشكيل حكومة "مصنوعة في الصين"، حيث بدأ الوباء.

أعطى تفشي الفيروس "نتنياهو" حافزًا و"جانتس" عذرًا في خضم أزمة صحية واقتصادية كبرى، لتشكيل أكبر حكومة على الإطلاق: 36 وزيرا مع حقائب مقسمة بدقة لاستيعاب الجميع، و 16 نائب وزير لتعويض نواب "نتنياهو" المحبطين في "الليكود".

سيصبح 60% من الإسرائيليين الذين يؤيدون حكومة الوحدة، التي مزقتها 3 جولات من الانتخابات، أقل حماسة عندما يرون الثمن الذي سيدفعونه مقابل هذه الإغاثة المؤقتة.

ولجعل الأمور أكثر سخرية، بمجرد أن تؤدي الحكومة اليمين الدستورية، سيكون لدى (إسرائيل) رئيسان يحلفان يمينًا معًا: رئيس وزراء (نتنياهو أولاً) و "رئيس وزراء بديل" وهو "جانتس"، الذي سيحل محله في غضون عام ونصف.

يعكس هذا الاختراع الغريب انعدام الثقة العميق بين الاثنين.

هناك أيضًا للمرة الأولى وعد بإقامة رسمية لرئيس الوزراء البديل قبل وبعد التناوب في المستقبل.

لا يوجد بديل للتحالف اليميني الأرثوذكسي القوي الذي يملك 78 نائبا.

لقد انهار حزب العمل، الحزب الذي أسس دولة (إسرائيل).

بدأت عملية الموت البطيئة ببيان "لا شريك للسلام" لزعيم حزب العمل "إيهود باراك" عند عودته من قمة "كامب ديفيد" عام 2000 مع "ياسر عرفات".

لقد انتهى الأمر بعد 20 عامًا، بـ"عمير بيرتس"، الرئيس الحالي للحزب وأحد السياسيين الإسرائيليين الأوائل الذين طالبوا بحل الدولتين، إلى الانضمام الآن إلى حكومة "نتنياهو" التي تم تعيينها لضم مساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة.

يقول "موسي راز" وهو ناشط سلام ونائب سابق في حزب "ميرتس" اليساري: "إنها أول حكومة في تاريخ (إسرائيل) يوجد لديها خطة ضم مكتوبة في اتفاق الائتلاف".

ووفقًا لـ"راز"، فإن المفارقة الأساسية تكمن داخل الحكومة: من خلال فرض تاريخ انتهاء صلاحية في أكتوبر/تشرين الأول 2021 على حكم "نتنياهو"، حيث قتل "جانتس" الأمل في مغادرة "نتنياهو" الآن.

يقول "أليكس كوشنير"، عضو البرلمان عن حزب "يسرائيل بيتنا" القومي: " كان يمكن تحقيق ذلك من خلال سلوك سياسي أكثر حكمة".

وأضاف "كوشنير" لـ"ميدل إيست آي": "لا تعتبر الإدارة الجديدة تحالفا للوحدة، إن حكومة نتنياهو تستخدم جانتس كورقة تين، ولكن حزب يسرائيل بيتنا، بقيادة أفيغدور ليبرمان، الناقد الشرس لنتنياهو، سيبقى خارج الحكومة.

وتابع: "الآن يريدنا جانتس في حكومته أيضًا كورقة تين خاصة به. لن يحدث ذلك".

استسلام

يجب أن نقول الحقيقة: "جانتس" هو أول زعيم في التاريخ السياسي الإسرائيلي يحدد تاريخ انتهاء الصلاحية لحكم "نتنياهو".

لم يحقق أحد ذلك من قبل على الإطلاق.  ولكن هذا صحيح إذا كنت تعتقد أن رئيس الوزراء المعروف بإخلاف وعوده سيبقي على هذا الواقع وسيتنحى في عام 2021.

يفتخر حزب "أزرق وأبيض" أيضًا بإجبار "نتنياهو" على التخلي عن حقيبة وزارة العدل العزيزة عليه، والآن هي في أيدي حزب "جانتس". إنها ذات أهمية شخصية قصوى لـ"نتنياهو"، الذي من المقرر أن تستأنف محاكمته منتصف مايو/أيار.

ومع أن "نتنياهو" تخلى عن وزير العدل الودود للغاية "أمير أوحانا"، فقد ضمن لنفسه مجموعة من الضمانات القانونية التي وافق عليها حزب "أزرق أبيض" بالكامل.

وسيكون أول ما يتم اختباره هو الالتماس الذي تم تقديمه إلى المحكمة العليا بهدف تقويض الحق القانوني لـ"نتنياهو" في أن ينتخب رئيسًا للوزراء أثناء اتهامه بتهم الرشوة وخيانة الأمانة. وينص الاتفاق الجديد على أنه إذا أطاحت به المحكمة، فستجرى جولة جديدة من الانتخابات.

ومن غير المحتمل أن يحدث هذا. وقبل 4 أيام فقط، في محادثة خاصة نقلتها صحيفة "هآرتس"، حذر "نتنياهو" من حرب أهلية ستحدث إذا لم يُسمح له بالحكم.

وخلافاً لفرضية حكومة (إسرائيل) الجديدة كونها "حكومة طارئة لمواجهة أزمة الفيروس"، لم يكن الفيروس مشكلة في المفاوضات بين الجانبين. بدلاً من ذلك، كان كل شيء يتعلق بالنظام القانوني والضم المستقبلي للضفة الذي يريد "نتنياهو" أن يصبح إرثا له.

بموجب الاتفاقية، يمكن لرئيس الوزراء الاعتراض على أي ترشيح قضائي كبير -بما في ذلك منصب المدعي العام لـ(إسرائيل)- كما أن ممثل المعارضة في اللجنة المكلفة بتعيين القضاة هو مساعده السابق المحافظ "تسفي هاوزر". 

بعد دقائق من توقيع اتفاقية الائتلاف، غرد "جانتس" مفتخرا: "منعنا الجولة الرابعة من الانتخابات. سنحمي الديمقراطية. سنحارب الفيروس ونعتني بجميع مواطني (إسرائيل)".

ضم أجزاء من الضفة

إن أحد تنازلات "جانتس" العديدة هو موقفه من قضية الضم التي تضمنتها "صفقة القرن" التي أبرمها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لمعالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.وهذا يشمل غور الأردن والمستوطنات غير القانونية أي حوالي ثلث الضفة الغربية.

وردا على كشف النقاب عن الخطة في يناير/كانون الثاني، قال "جانتس" إنه يجب تنفيذها فقط بعد انتخابات مارس/آذار وبالتنسيق مع المجتمع الدولي.

واعتباراً من الأمس، ذهب هذا الموقف أدراج الرياح، ولم تعد موافقة المجتمع الدولي مطلوبة.

ومع أن خطة "نتنياهو" هي تنفيذ الخطوة الأولى في وقت مبكر من بداية يوليو/تموز. تقول مصادر "أزرق أبيض" أنه لا يزال بإمكانهم السيطرة على العملية من خلال مناصبهم الجديدة: "جانتس" كوزير للدفاع و"جابي أشكنازي" كوزير للخارجية.

ومع ذلك، يبدو أنهم أضعف من أن يمنعوا "نتنياهو" المدعوم من "ترامب" إذا كان كلاهما لا يزالان يرغبان في الضم ويحتاجان إليه لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بهما.

ومع ذلك، قد يكون أولئك الذين مكنوا هذه الحكومة مسؤولين عن عواقب مثل هذه الخطوة التاريخية القاتلة واللاأخلاقية والخطيرة.

المصدر | ليلي جاليلي- ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بيني غانتس

محكمة إسرائيل العليا ترفض طلب منع نتنياهو من تشكيل الحكومة

حماس والجهاد تبحثان تداعيات تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة