نيويورك تايمز: العراق يقاوم ضغوطا إيرانية لإعادة فتح الحدود

الأربعاء 22 أبريل 2020 08:56 م

شاحنة وراء أخرى، ومن نقطة حدودية إلى أخرى، يتجلى الصراع بين العراق وإيران حول موعد إعادة فتح الحدود بين البلدين، التي أغلقها العراق قبل 5 أسابيع للحد من انتشار الفيروس التاجي "كوفيد-19".

وتضررت إيران بشدة من الفيروس لكنها تحتاج إلى التجارة مع العراق للمساعدة في استقرار اقتصادها، لذلك تضغط لإعادة فتح الحدود بين البلدين على الفور.

ويقاوم العراق ذلك، حيث يخشى فتح الحدود مع واحدة من أكثر دول المنطقة في عدد الإصابات.

ويأتي هذا النزاع في وقت يتصاعد فيه الضغط في العراق للحد من نفوذ إيران.

ووصل الفيروس التاجي للمرة الأولى إلى العراق من إيران. ومن خلال جهود مضنية أبقى العراق عدد الحالات منخفضا نسبيا.

وتعد إيران واحدة من بؤر الفيروس في العالم، حيث تم الإبلاغ عن أكثر من 75 ألف حالة إصابة و5 آلاف و200 حالة وفاة، حتى وقت كتابة هذه السطور.

وأغلق العراق حدوده مع إيران، التي يبلغ طولها 1000 ميل، أمام الإيرانيين في 8 مارس/آذار. وبعد أسبوع توقف عن السماح حتى للمواطنين العراقيين الذين يعيشون في إيران بالعودة إلى وطنهم.

وحتى ذلك الحين، كانت الحدود يسهل اختراقها إلى حد كبير، حيث كانت هناك عائلات بها أفراد عراقيين وإيرانيين يعيشون على كلا الجانبين، وكان الحجاج الشيعة يتحركون بين البلدين ذهابا وإيابا.

والآن، يعمل قادة إيران يائسين على بدء إحياء الاقتصاد المتدهور في ظل العقوبات الأمريكية وانخفاض أسعار النفط.

وأعادت الحكومة الإيرانية فتح المدن مؤخرا وأنهت سياسة الإغلاق في البلاد لمحاولة إعادة الإيرانيين إلى العمل.

ومع ذلك، فبدون التجارة والحركة بين إيران والعراق، سيكون من الصعب على طهران إعادة تشغيل بعض صناعاتها غير النفطية مرة أخرى.

وقبل الأزمة الحالية، كان العراق سوقا رئيسيا للمنتجات الإيرانية، التي تشمل المنتجات الزراعية ومواد البناء ومنتجات الألبان، وكذلك أسماك المزارع.

وكان هدف إيران زيادة التجارة مع جارتها بقيمة 20 مليار دولار على مدى العامين المقبلين. وقد لا يكون العراق أكبر شريك تجاري لإيران، حيث تحتل الصين هذه المكانة، لكنه يوفر إمكانية الوصول إلى الدولارات التي تحتاجها إيران بشدة.

كما أن إيران مورد رئيسي للغاز الطبيعي للعراق، الذي يعتمد عليه لتزويد محطات الكهرباء في جنوب ووسط البلاد بالطاقة في فترات الاستخدام الكثيف.

وفي حين أن إغلاق الحدود لم يعطل توصيل الغاز، فإن المنتجات الإيرانية الأخرى لم تصل إلى الأسواق العراقية بكميات كبيرة لأكثر من شهر.

والأسبوع الماضي، أعلن رئيس منظمة الحج والعمرة الإيرانية، "علي رضا رشيدان"، أن بلاده تستعد لإعادة فتح الحدود مع العراق.

وشعر المسؤولون العراقيون بالذعر، وأصدروا إنكارا سريعا.

وقال "علاء الدين القيسي" المتحدث باسم سلطة الحدود العراقية: "معابرنا الحدودية البرية مع إيران والكويت مغلقة بالكامل أمام حركة الركاب والتبادل التجاري. وسيستمر هذا الإغلاق حتى إشعار آخر".

وقال "بدر الزيادي" عضو مجلس النواب عن مدينة البصرة الحدودية، وعضو لجنة الأمن والدفاع، إن إيران كانت تمارس ضغوطا وراء الكواليس على وزارة الخارجية العراقية لفتح الحدود.

ولدى البلدين علاقة معقدة، مع تداخل العلاقات والعداوات منذ مئات السنين. وفي الآونة الأخيرة، مارست إيران ضغوطا سياسية واقتصادية على العراق يعتقد الكثير من العراقيين أنها ليست في مصلحة البلاد. 

وخلال الاحتجاجات المناهضة للحكومة في العراق في الخريف الماضي، ظهرت مشاعر معادية لإيران.

وقال "عباس كاظم"، مدير مبادرة العراق، لـ"أتلانتيك كاونسيل": "خلال الاحتجاجات، بدأت الدعوة لشراء المنتجات العراقية، ورأى الكثير من الناس أنه عمل وطني، بل ازداد الطلب على بعض المنتجات العراقية بالفعل".

لكن المشاعر المعادية لإيران اقتصرت على مجموعة صغيرة نسبيا.

والآن، في عصر "كورونا"، ومع التهديد المحتمل لصحة العراقيين، اكتسبت جهود إبعاد البلاد عن إيران جاذبية أوسع.

وقال "كاظم": "لا يتحدث الناس عن (إغلاق الحدود) لأنهم معادين لإيران. لكن الناس يتحدثون عن صحتهم. سوف يدعمون إيران، ولكن ليس على حساب صحتهم".

وفي جنوب العراق، قامت مدن، بما في ذلك النجف وكربلاء، برد الشاحنات المحملة بالبضائع الإيرانية، التي كانت تحمل في معظمها المواد الغذائية.

والأسبوع الماضي، عندما وصلت 20 شاحنة بضائع إلى بوابات مدينة النجف، أوقفها المحافظ. وحدث الشيء نفسه في كربلاء، التي هي، مثل النجف، مدينة تمتلئ بالأضرحة الشيعية ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على الحجاج الإيرانيين.

وقال نائب محافظ كربلاء "جاسم آل علي"، إن "محافظة كربلاء تمنع دخول كثير من المواد الغذائية، سواء من إيران أو من دول مجاورة أخرى، لاحتمال أن ينتقل الفيروس التاجي إلى هذه المنتجات أو عبرها. ويتم ذلك تماشيا مع توجيهات الصحة العامة في العراق".

وأضاف: "لا تسمح كربلاء لأي زائر إيراني بالدخول، فنحن نريد منع انتشار الفيروس التاجي في المدينة".

وقال "أبو جاسم الكوفي" وكيل شركة الألبان "كالي"، التي تنتج اللبن والجبن، إن الشركة قامت بتسريح العمال في إيران بسبب انخفاض الطلب العراقي وتقييد المرور في المعابر الحدودية.

ويرى مراقبون أن مقاومة العراق لإعادة فتح الحدود إشارة على أن العراقيين لم يعودوا يريدون أن تفترض إيران أنها تستطيع الحصول على ما تريده من بلادهم عندما تريد.

وهذا هو الحال بشكل خاص فيما يتعلق بالجهود الإيرانية للسيطرة على السوق العراقية عبر منتجات الألبان ومواد البناء، مثل الطوب، الذي تبيعه إيران بسعر أرخص، ما يضر بالإنتاج العراقي.

وقال "ياسين البكري"، أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين ببغداد، إن "الفيروس أعطى العراقيين غطاء ومبررا للتعبير عن مشاعرهم بشأن العلاقة بين العراق وإيران".

وأضاف: "يدرك الكثير من العراقيين أن هناك جوانب سلبية عديدة في هذه العلاقة تضر بالعراقيين، لكن لديهم مخاوف بشأن ذكر هذه الأمور علنا. لكن اليوم أعطاهم الفيروس فرصة لقول ذلك".

وقال الشاب العراقي "حسن محمد" البالغ 31 عاما، وهو موظف حكومي في النجف، إن عائلته أعطته مؤخرا تعليمات واضحة عندما ذهب للتسوق.

وقال: "قبل أن أذهب إلى السوق، أخبرتني عائلتي ألا أشتري منتجات الألبان أو الجبن أو أي أطعمة أخرى من إيران، بسبب وجود العديد من المصابين في إيران".

المصدر | أليسا روبين- نيويورك تايمز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا تداعيات كورونا الحدود العراقية الإيرانية إغلاق الحدود

العراق يتخذ إجراءات وقائية بعد كورونا إيران.. ومطالبات بإغلاق الحدود