صفقة نيوكاسل.. الحرب الباردة بين السعودية وقطر تصل إلى الدوري الإنجليزي

الجمعة 24 أبريل 2020 02:32 م

"فحص دقيق سيتم إحراؤه لعملية الشراء، ولن يكون مجرد عملية بصم".. بهذه الكلمات شدد رئيس رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم "ريتشارد ماسترز"، الخميس (23 أبريل/نيسان)، على أن صفقة شراء صندوق الاستثمارات العامة السعودية لنادي نيوكاسل يونايتد العريق لن تمر في حال عدم استيفاء شرط "صلاحية المشتري" المنصوص عليه في لائحة الرابطة، ما أعاد السجال مجددا حول إمكانية تمرير الصفقة رغم إنهاء إجراءات الاستحواذ السعودي بشكل شبه رسمي بعد دفع قيمة الصفقة (300 مليون جنيه استرليني) وتوقيع العقود.

فشرط الصلاحية يعني أن توافق رابطة الدوري الإنجليزي الممتاز على أهلية أي مشتر لأي من أنديتها بعد "اختبار" سيرته، وهو بند رئيس في صفقة نيوكاسل، ولا قيمة للعقود الموقعة في حال عدم توفره.

ووفق هذا الشرط، جرى تشديد قواعد السيطرة على عمليات بيع وشراء النوادي الرياضية البريطانية منذ عام 2018، وهو ما يعني أن أي مشتر محتمل يمكن رفض طلبه حتى لو لم يكن مدانا على الصعيد القضائي.

وبالنظر إلى سيرة يتخللها اغتيال معارضين وتقطيع جثثهم، على نحو ما جرى مع الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي" داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018، فإن علاقة الملاك المحتملين لنادي نيوكاسل بولي العهد السعودي "محمد بن سلمان"، وعلى رأسهم "ياسر الرميان"، محافظ صندوق الاستثمارات العامة والرئيس المنتظر للنادي في حال إتمام الصفقة، ربما يكون وحده كافيا لرفض الصفقة، حسب تأكيد منظمة العفو الدولية، التي وصف مسؤول حملاتها في بريطانيا "فيليكس جاكنز" شراء النادي الإنجليزي بأنها "محاولة تبييض سمعة"، وفقا لما أوردته وكالة "أسوشيتدبرس".

مأزق مالي

لكن سوابق الانتهكات السعودية تؤكد أن حكومات الدول الغربية تعطي الأولوية لمصالحها الاقتصادية، فما الذي يهدد استمرار صفقة نيوكاسل كحلقة جديدة في مسلسل التواطؤ الغربي مع الرياض.

تكمن إجابة هذا السؤال في التحرك الذي تقوده مجموعة "بي إن" الإعلامية القطرية، التي دعت رابطة الدوري الإنجليزي ورؤساء الأندية إلى تدقيق التحقق من خلفية المالكين والمديرين لصفقة الاستحواذ السعودي على نيوكاسل، لكن من زاوية اقتصادية لا حقوقية.

وفي بيان لها، أرجعت المجموعة طلبها إلى "سابقة قرصنة" لمالكي نيوكاسل المحتملين،  في إشارة إلى شبكة "بي آوت كيو"، التي سطت على حقوق البث الحصرية لإذاعة مباريات الدوري الإنجليزي، المملوكة لشبكة "بي إن" القطرية.

وأظهر تحقيق أجراه الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أن شركة "عربسات"، التي تتخذ من السعودية مقرا لها، لعبت دورا محوريا في عملية القرصنة التي قامت بها "بي آوت كيو"، وأن جهود المتابعة القضائية للقضية تعثرت بسبب رفض مكاتب المحاماة في السعودية تمثيل المنظمات المتضررة، وفقا لما أوردته صحيفة "نيويورك تايمز".

من هنا يأخذ طلب المجموعة القطرية الموجهة لرابطة الدوري الإنجليزي بعدا اقتصاديا مهما، حيث تحذر المجموعة أن صفقة نيوكاسل ربما تهدد العوائد المالية الخاصة بالأندية، باعتبارها صاحبة حقوق البث.

وقام المدير التنفيذي للمجموعة القطرية"يوسف العبيدلي"، بتوجيه رسالة إلى جميع رؤساء الأندية المشاركة بالدوري الإنكليزي الممتاز لكرة القدم، بخصوص "تدقيق اختبار السيرة والتحقيق مع الملاك المحتملين"، الذي تطالب به المجموعة، محذرا من "التهديد الكبير القائم ضد النموذج الاقتصادي لكرة القدم في حال مواصلة إتمام صفقة الاستحواذ على نيوكاسل"؛ لأن "كل مباريات الدوري (الإنجليزي) ستكون متوفرة بطريقة غير شرعية في السعودية، عندما يستأنف الموسم في الأشهر المقبلة"، وفقا لما أوردته صحيفة "ميرور" البريطانية.

وبإضافة أن أندية الدوري الإنجليزي، بما فيها نيوكاسل، تعاني حاليا من مأزق مالي وتصارع لتجنب خسائر بالملايين في ظل تعليق المنافسات منذ مارس/آذار مارس الماضي جراء تراجع إيراداتها من حقوق البث التليفزيوني وتذاكر المباريات وعقود الرعاية، بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد، يمكن قراءة ما وراء سطور رسالة المجموعة القطرية.

الرابطة أم الحكومة؟

ولما كانت مصالح الاقتصاد هي المحرك الرئيس للإجراءات واللوائح والقوانين بالدول الغربية، فقد أسفرت ضغوط "بي إن" عن بدء محاميي رابطة الدوري الإنجليزي لكرة القدم في التحقيق في قرصنة "بي آوت كيو"، وفقا لما أوردته صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، مشيرة إلى أن إقرار الرابطة بتورط السعودية في القرصنة يعني التصديق على خرق ملاك نيوكاسل المحتملين لبند الصدق في المعايير، الذي يتم من خلاله الحكم على صلاحية المشتري.

وبذلك بات الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم أحد ساحات الحرب الباردة بين قطر والسعودية، حسب توصيف صحيفة "نيويورك تايمز"، التي نوهت إلى تعدد فصول تلك الحرب منذ نشوب التوتر بين البلدين الغنيين بالنفط عام 2017 عندما فرضت السعودية و3 دول عربية أخرى (البحرين والإمارات ومصر) حصارا بريا وجويا وبحريا على قطر وقطعت العلاقات الدبلوماسية معها.

ورغم تأكيد وزير الثقافة البريطاني "جون داودين" في لقاء مع لجنة الثقافة والرقمية والإعلام والرياضة بمجلس العموم، أن حسم مصير صفقة نيوكاسل بيد إدارة رابطة الدوري الإنجليزي، وليس بيد الحكومة، سوف تشكف تفاصيل الأيام القادمة مدى دقة هذا التأكيد، وإذا ما كان الأمر سوف يترك للرابطة لتحديد مدى صلاحية الصفقة أم أن هناك مصالح أعلى من كرة القدم سوف تدفع الحكومة البريطانية للتدخل لتمرير الصفقة، وإثبات هيمنة السياسة ممثلة في "دوانينج ستريت" على الرياضة ممثلة في رابطة "البريميرلييج".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

محمد بن سلمان ياسر الرميان مجموعة بي إن بي آوت كيو السعودية

العفو الدولية: الدوري الإنجليزي يغامر بسمعته باستحواذ السعودية على نيوكاسل

ملياردير أمريكي ينافس السعودية في صفقة نيوكاسل