الهجمات الجوية التركية في سوريا

السبت 15 أغسطس 2015 09:08 ص

الهجمات الجوية لسلاح الجو التركي في شمال سوريا، والتي بدأت في 24 تموز، ونية اقامة منطقة حظر طيران في شمال غرب سوريا، حظيت بعنوان «انضمام تركيا الى التحالف ضد تنظيم الدولة الإسلامية»، هذا رغم أن تركيا عضو في هذا التحالف منذ اقامته في 2014. ومع ذلك فان شركاء تركيا في التحالف برئاسة الولايات المتحدة، لم يكونوا راضين عن اسهامها في الصراع الذي يديرونه، ولكون الحدود بين تركيا وسوريا كانت مخترقة ومفتوحة أمام المتطوعين لتنظيم الدولة الاسلامية.

إضافة الى ذلك فقد كان هناك تعاون بين جهات في التنظيم وجهات خاصة في تركيا (قد يكون أكثر مأسسة)، مثل زبائن لشراء النفط وتوفير ونقل المواد اللوجستية لتنظيم الدولة الاسلامية. والى جانب التغيير في السياسة التركية يطرح السؤال حول التزام تركيا بالتحالف على المدى البعيد.

سؤال آخر هو هل تركيا تعطي الاولوية للصراع مع الاكراد وفرع حزب العمال الكردستاني (بي.كي.كي) في سوريا، في حين أنها تعطي أهمية أقل للصراع مع تنظيم الدولة الاسلامية؟.

بالتوازي مع الهجمات الجوية التركية لاهداف تنظيم الدولة الاسلامية فقد سمح الاتراك لطائرات التحالف باستخدام قاعدة انجرليك العسكرية – الموافقة التي لها مغزى واسع، وكانت مثار خلاف منذ فترة بين تركيا والولايات المتحدة، الخلاف الذي تم حله بشكل يرضي الامريكيين.

خلال زيارة الجنرال المتقاعد جون ألان، المنسق الامريكي للتحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الاسلامية في بداية حزيران في أنقرة، كان يمكن ملاحظة بداية التغير في السياسة التركية.

وفي أعقاب الزيارة سجلت زيادة في عدد الاعتقالات في اوساط الذين ينتمون لتنظيم الدولة الاسلامية في تركيا، وكذلك التشدد في منع الدخول الى تركيا والمراقبة في المعابر الحدودية.

تحليل اسباب التغير لدى تركيا يقود الى الاهمية المركزية للاحداث في تل ابيض في منتصف حزيران، حيث سيطرت القوات الكردية السورية على البلدة التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية، ونجحت في الوصل بين الكانتون الكردي المستقل الشمالي الشرقي (القامشلي) وبين الكانتون المستقل الشمالي الوسطي (الكوباني)، وفي ضمن ذلك تهديدهم بالتقدم غربا لضم الكانتون الشمالي الغربي أفرون الذي هو تحت سيطرتهم.

وبهذا يمكن ايجاد تواصل جغرافي بسيطرة كردية في شمال سوريا. ايضا الضغوط التي مارسها الامريكيون منذ فترة على الاتراك لاظهار التشدد والجدية ضد تنظيم الدولة الاسلامية، أثمرت الآن.

العملية الارهابية التي حدثت في 20 يوليو/تموز في مدينة سروج في جنوب شرق تركيا – مخرب منتحر من تنظيم الدولة الاسلامية تسبب بموت 32 شخصا – ساعدت وشكلت سببا كافيا بالنسبة للجمهور التركي لتغيير السياسة الخارجية.

 الى جانب التطورات في شمال سوريا حدث تدهور في العلاقة بين تركيا والاقلية الكردية في الدولة، حيث يتهم الاكراد في تركيا الحكومة بالتعاون، أو على الاقل تجاهل عمليات تنظيم الدولة الاسلامية على الاراضي التركية.

وقد أعلن التنظيم السري الكردي عن مسؤوليته عن العمليات الاخيرة التي نفذت ضد الشرطة والجنود الاتراك كـ«عمليات رد» على العملية في سروج.

استئناف الهجمات الجوية ضد نشطاء التنظيم السري الكردي الذي يجد ملجأ له في شمال العراق، أدى الى انتهاء اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم الاعلان عنه في آذار 2013.

وكون المخرب المنتحر في عملية «سروج» هو مواطن تركي من أصل كردي، أظهر تعقيد الامر في الاماكن التي توجد فيها اغلبية كردية، حيث أن شباب اكراد يختارون الانضمام الى تنظيم الدولة الإسلامية.

إضافة الى ذلك فان عدم نجاح حزب العدالة والتنمية في تشكيل حكومة الائتلاف يزيد من خشية الاكراد من اعادة الانتخابات وعدم تحقيق الانجاز الغير مسبوق للحزب المؤيد للاكراد – حزب الشعوب الديمقراطية – في الانتخابات الاخيرة، حيث نجح في تجاوز نسبة الحسم الاعلى في تركيا وحصل على 13% من الاصوات.

جهات في حزب العدالة والتنمية هددت باغلاق حزب الشعوب الديمقراطية بسبب علاقته مع التنظيم السري الكردي، مما يضع قادة الحزب في الصراع بين ولائهم للاهداف الكردية وبين رفضهم طريق الارهاب والرغبة في التقدم في المسار السياسي.

إن التطورات الخارجية تغذي التطورات الداخلية، وهكذا دواليك في دائرة تعمل الآن ضد هدف الحل السلمي لمشكلة الاقلية الكردية في تركيا.

التوافق بين تركيا والولايات المتحدة حاليا حول الصراع ضد تنظيم الدولة الاسلامية يبين أن العلاقات بين الدولتين قد تم تأبينها مبكرا. ومع ذلك هناك اشكالية في الاستراتيجية الجديدة التي وضعتها الدولتان.

من ناحية الامريكيين فان التعاون مع الاكراد السوريين كان ناجحا وساعد في كبح تقدم تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا، لكن من الواضح أن الاتراك يطلبون من الامريكيين الآن كبح تقدم الاكراد من اجل السيطرة على شمال غرب سوريا. لهذا فانهم يفرضون على الاكراد التركيز على المعارك الدفاعية مع تنظيم الدولة الاسلامية، وبهذا يقللون من قوة الردع الكردية، مع أهمية القدرة على القصف الجوي من موقع انجرليك العسكري.

السؤال هو هل الحاق الضرر بالتعاون الامريكي مع الاكراد السوريين يستحق ثمنه. اضافة الى ذلك، في حين أن الاتراك يعتبرون مسألة تنظيم الدولة الاسلامية مشكلة مؤقتة ترتبط باستمرار نظام بشار الاسد، يبدو أن الامريكيين يعتبرونها مشكلة استراتيجية خطيرة وبعيدة المدى.

الأتراك قاموا بتليين موقفهم الذي يقضي بالتفكير في استراتيجية شاملة لإسقاط نظام الأسد، قبل توسيع التعاون مع الأمريكيين. والأمريكيون من ناحيتهم يؤيدون الخط التركي الذي يعتبر أن التنظيم السري الكردي الذي يعمل في تركيا ويجد الملجأ في شمال العراق، هو تنظيم ارهابي ومن حق تركيا الدفاع عن نفسها في هذا السياق.

لكن كما يدعي الأتراك أنفسهم، فان الفصل بين المقاتلين الأكراد في شمال سوريا وبين حزب العمال الكردستاني (بي.كي.كي) هو إلى حد كبير مصطنع.

وفي المثلث بين تركيا والاكراد وتنظيم الدولة الاسلامية، غير واضح كيف سيمر فيه المسار الحالي للحرب ضد التنظيم السري الكردي وتنظيم الدولة الاسلامية في نفس الوقت، وسيترجم بتوجيه الجهود المطلوبة حسب الامريكيين، لمواجهة التحديات التي يفرضها تنظيم الدولة الاسلامية.

  كلمات مفتاحية

سوريا تركيا الأكراد الدولة الإسلامية حزب العمال الكردستاني الولايات المتحدة

«أوباما»: تركيا لها الحق في الدفاع عن نفسها ضد «الكردستاني»

تركيا: منطقة آمنة في سوريا قريبا ولن يسمح لـ«جبهة النصرة» بالتواجد

«أردوغان» و«أوغلو»: لا سلام مع الأكراد مالم يتخذ الشعوب الديمقراطي موقفا من الإرهاب

أنقرة تعلن رسميا توقيع اتفاق فتح قاعدة «إنجرليك» أمام التحالف

«ذا ديلي بيست»: تركيا تخطط لاجتياح سوريا لإيقاف الأكراد وليس «الدولة الإسلامية»