«واشنطن بوست»: أغلبية شهداء «رابعة» ينتمون إلى أكثر أحياء مصر تحضرا وثراء

السبت 15 أغسطس 2015 10:08 ص

قبل وعقب فض اعتصام رابعة العدوية في 14 أغسطس/آب 2013، سعت صحف مصرية لترويج ادعاءات بأن المعتصمين في رابعة ليسوا متعلمين وأنهم ينتمون إلى الطبقات الأكثر فقرا في المجتمع المصري، مما يجعل من السهولة خداعهم أو استقطابهم عبر المال، إلا أن دراسة نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» يوم 14 أغسطس/آب الحالي تزامنا مع مرور عامين على المذبحة أظهرت أن شهداء رابعة ينتمي معظمهم إلى طبقات المثقفين والأثرياء.

الدراسة التي أعدها الصحفيان «نيل نيتشلي» و«مايكل بيجز» تحت عنوان «من قُتل حقا في فض رابعة؟» ركزت على تحليل الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للشهداء الذين قتلوا على أيدي قوات الأمن في فض اعتصام رابعة العدوية، وتم تجهيز كشوف بأسمائهم، وخلصت نتائج الدراسة إلى أن شهداء رابعة «ينتمون لأوساط اقتصادية مرتفعة ومستويات تعليمية عالية، بخلاف ما أثير من أنهم من أنصاف المتعلمين الذين جاءوا من المناطق الريفية للمشاركة في الاعتصام».

تقرير «واشنطن بوست» قال إن التقارير التي صدرت من جانب كل من «هيومان رايتس ووتش» و«المبادرة المصرية للحقوق الشخصية» والمجلس القومي لحقوق الإنسان الحكومي، ركزت على الجوانب الحقوقية ومدى شرعية استخدام قوات الأمن المصرية للقوة ضد المعتصمين، ولم يُعرف سوى القليل جدا عن الخلفيات الاجتماعية والاقتصادية للمشاركين في اعتصام رابعة.

وقالت: «المثير للسخرية أن الطريقة التي تم بها فض اعتصام رابعة تتيح لنا استكشاف تلك المسألة التي لم يتطرق إليها أحد، فنظرا لأن قوات الأمن قد أطلقت النيران وبدون تمييز على المعتصمين، كان الضحايا عينة عشوائية يمكن أن تساعدنا على فهم الخلفيات الاجتماعية للمحتجين من مؤيدي الرئيس مرسي ممن تواجدوا حينها في الميدان».

تحليل اجتماعي لـ 710 شهيدا

الصحفيان قاما بدراسة تحليلية، عبر تحديد المناطق السكنية لـ 710 من المعتصمين الذين قتلوا في أحداث رابعة باستخدام البيانات المتعلقة بالسيرة الذاتية لهم مستعينين بما تم جمعه عنهم من معلومات عبر موقع «ويكي ثورة»، في قاعدة البيانات الإلكترونية الخاصة بالمتظاهرين ممن تم قتلهم واعتقالهم في مصر منذ ثورة الـ 25 من يناير/كانون الثاني 2011.

وخلصت نتائج التحليل إلى أن الضحايا جاءوا من أكثر من نصف أحياء مصر، وأن معدل الوفيات لم يكن عاليا في الأحياء التي صوتت لـ«مرسي» في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي جرت في العام 2012، كما تبين مجيء أغلب الشهداء من أحياء بعيده عن القاهرة وأحياء لا تعاني من مشاكل أمنية.

ونشرت الصحيفة رسما بيانيا يوضح العلاقة الحقيقية بين بعد الحي الذي يسكن فيه الضحايا عن رابعة، والمشاكل الأمنية فيه مقارنة بعدد القتلى، وأخذت الدراسة أيضا في الاعتبار وجود اعتصامات أخرى موازية مؤيدة للرئيس المعزول في مدن مصرية أخرى.

الأكثر ثراء وتحضرا

وخلص التحليل إلى أن قتلى رابعة من المحتجين قد جاءوا من أحياء تنخفض فيها معدلات الأمية، أو بعبارة أخرى، الأحياء الأكثر ثراء وتحضرا في مصر.

وقد أشار تقرير «واشنطن بوست» لأن تلك النتائج تتناقض مع كثير من التقارير الرسمية وأيضا التقارير التي يرددها الإعلام الخاص في مصر، والتي طالما صورت أن محتجي رابعة كانوا إما «أنصاف متعلمين» أو «فلاحين» جاءوا من المناطق الريفية، في حين ذهبت تقارير أخرى إلى أن «75% من معتصمي رابعة كانوا من الفقراء الذين غرر بهما قادة الإخوان، عبر الوعود البراقة المزيفة أو حتى من خلال تقديم الوجبات المجانية».

«ميدل إيست آي»: تغيير اسم ميدان رابعة لن يمحو الذكري

من ناحية أخري قال تقرير نشره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني أن محاولة النظام المصري تغيير اسم ميدان المذبحة (رابعة) باطلاق اسم النائب العام السابق عليه لن يمحو الذكري، وأن حكومة مصر «مثل أي نظام سياسي، تحاول محو ما وقع في الماضي واستخدام اسم يتوافق مع سياساتها الحالية».

وقالت أن هذه الخطوة لن تسهم في محو الذكرى الأليمة لفض اعتصام رابعة قبل عامين من ذاكرة الكثيرين، رغم تحمس البعض الأخر للقرار واعتباره تكريما لشخصية خاضت معركة مع «الإرهابيين»، بحسب وصفهم.

وقالت أن المراقبين ينظرون إلى الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة المصرية بتغيير أسم الميدان، على «أنها محاولة لطمس ذكرى الفض الأليمة والقمع العنيف الذي استهدف مئات الآلاف من المحتجين على عزل مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين».

وأشارت إلى أن «ميدان رابعة أصبح منذ ذلك الحين رمزا للمقاومة بعد أن شهد، وفقا لتقرير صادر عن منظمة «هيومان رايتس ووتش» المعنية بحقوق الإنسان، مقتل ألف شخص على الأقل، معظمهم من مؤيدي جماعة «الإخوان المسلمين» خلال فض الاعتصام.

وقال «عبدالله فتحي» رئيس نادي القضاة في تصريحات أدلى بها يوم اغتبال النائب العام المصري «هشام بركات» إن «طلب تغيير اسم رابعة العدوية يهدف لمحو ذكرى اعتصام رابعة العدوية من الذاكرة واستبداله بذكرى خالدة أخرى، وهي استشهاد بركات».

ونقل الموقع عن «نزار الصياد» أستاذ العمارة والتخطيط والتصميم الحضري والتاريخ الحضري بجامعة كاليفورنيا في بيركلي أن تغيير اسم «رابعة العدوية» هو تقليد متبع من جانب كافة الأنظمة الحاكمة في مصر، وإنه يعتقد أيضا «أن هذا التغيير لن يتم تطبيقه بسهولة».

وقال «الصياد»: «لا أتوقع أن يختفي اسم رابعة بسهولة فالأشخاص الذين يدعمون النظام سيفرحون لتلك الخطوة، لكن أنصار الرئيس السابق سيستمرون في تسمية الميدان برابعة»، وأوضح أنه عندما وصل «مبارك» إلى سدة الحكم عقب اغتيال الرئيس «أنور السادات»، أقدم الأول على تغيير اسم ميدان التحرير إلى ميدان «أنور السادات»، لكن أحاد لم يستخدم هذا الاسم، و«ما يحدث الآن مع ميدان رابعة شيء مماثل».

ويرى الكثيرون من المصريين أن تغيير اسم ميدان «رابعة العدوية» ما هو سوى رسالة من الحكومة إلى جماعة «الإخوان المسلمين» وأنصارها بأن الأولى هي التي تحكم الآن، لاسيما أن النائب العام الراحل «هشام بركات» كان مسئولا عن أحكام الإعدام التي صدرت بحق مئات الأشخاص من أنصار «الإخوان المسلمين».

ووصف «عبدالرحمن الدهشوري» الطالب في كلية الحقوق لـ«ميدل إيست آي»، هذه الخطوة قائلا: «هذه الخطوة أشبه بكيد النساء»، (وهو تعبير مصري يُستخدم لإظهار المكايدة من النساء خصوصا، حيث يشبه الحكومة بأنها تشبه سيدة عجوز تحاول مضايقة خصومها).

وقال «حسن إبراهيم»، محاسب: «هذا القرار يتسم بالصبيانية، كما أن جماعة الإخوان لم تعلن مسئوليتها عن اغتيال النائب العام الراحل هشام بركات، فهذا قرار ما كان يجب أن تتخذه الحكومة».

وعلى الجانب الأخر، أعرب مواطنون آخرون عن تحمسهم للقرار الذي اتخذته الحكومة بتغيير اسم ميدان «رابعة العدوية»، ومن بينهم أبو بكر أبو المعاطي، 63 عاما، وهو مسؤول حكومي متقاعد، والذي أشار إلى أن «هشام بركات قضى حياته في محاربة الإرهابيين، ولذا ينبغي تكريمه بالصورة اللائقة».

وتعكس تلك الرؤى المتناقضة حول تغيير اسم ميدان رابعة حالة الاستقطاب العميقة في المجتمع المصري والتي يقول المراقبون إنها لن تقل مع تنفيذ القرار، بحسب «ميدل إيست آي».

  كلمات مفتاحية

مصر عبدالفتاح السيسي رابعة العدوية انقلاب هشام بركات اعتصام محمد مرسي الإخوان المسلمين

هل لعبت دول خليجية دورا في مذبحة «رابعة العدوية»؟

10 أسباب.. كي لا ننسى مذبحة «رابعة العدوية»

مصر: دماء وموت وألسنة لهب.. ذكريات مذبحة «رابعة العدوية»

«الإندبندنت»: 6 إبريل وافقت على مجزرتي رابعة والنهضة

بالصور.. تظاهرة أمام قنصلية الإمارات بتركيا في ذكرى مجزرة «رابعة»

ذكرى رابعة وأسئلة الحاضر والمستقبل

«رابعة والنهضة» في ذاكرة الوطن

نشطاء يدشنون وسم «حكايات رابعة» لإحياء الذكرى الثالثة للمذبحة

«رابعة ستوري» تطلق مئات الحقائب التعريفية بالمذبحة في ذكراها الثالثة