دبلوماسية الكمامات.. قوة تركيا الناعمة تغزو العالم

الثلاثاء 28 أبريل 2020 04:35 م

أعلنت الحكومة التركية أنها أرسلت مساعدات ومستلزمات طبية إلى 54 دولة لدعم جهود مكافحة وباء "كورونا"، ما يثير تساؤلات حول مغزى هذه الخطوة ودلالاتها، وإذا ما كانت تركيا تسعى للاستفادة من الأزمة لتعزيز حضورها العالمي.

وتحتل تركيا المرتبة السابعة عالميا في قائمة الدول الأكثر تضررا بوباء "كوفيد-19" من حيث عدد الإصابات، بواقع أكثر من 112 ألف إصابة.

وتحل الولايات المتحدة في المرتبة الأولى عالميا من حيث الإصابات بالفيروس بواقع أكثر من مليون إصابة، تليها إسبانيا بـ232 ألف إصابة، وإيطاليا بـ199 ألف إصابة، وفرنسا بـ162 ألفا، وألمانيا بـ157 ألفا وبريطانيا بـ152 ألف إصابة.

دول أوروبية

اللافت أن الدول التي تلقت مساعدات تركية، ضمت بلدانا أوروبية عريقة، وقوى كبرى في موازين السياسة والاقتصاد، من أبرزها بريطانيا والولايات المتحدة.

وشملت المساعدات المقدمة لبريطانيا، شحنات ضخمة من الكمامات من طراز "N95" وسترات واقية.

وتوالت شحنات المساعدات التركية، المحملة بالكمامات والمعقمات والمواد الطبية وأدوات الفحص، وصولا إلى إسبانيا وإيطاليا، مطلع أبريل/نيسان الجاري.

وشملت المساعدات الطبية التركية أيضا دول مقدونيا، والجبل الأسود، وصربيا، والبوسنة والهرسك، وكوسوفو، والتي طلبت دعم أنقرة لمواجهة وباء "كورونا".

ووفق رئيس دائرة الإتصال في الرئاسة التركية، "فخر الدين ألطون"، فإن بلاده قدمت المساعدات الطبية لنحو 54 بلداً حول العالم، تعبيرا عن المسؤولية الإنسانية لأنقرة في ظل الوضع الصعب الذي يعاني منه العالم.

وجدد "ألطون" تأكيد بلاده على عدم حاجتها لأي مساعدات خارجية أو إمدادات طبية، في استعراض للقوة يبدو أنه يستند إلى مقومات حقيقية.

بنية تحتية صحية

على الرغم من وجود أكثر من 112 ألف إصابة بـ"كورونا" في تركيا، فإن البلاد سجلت فقط 2900 حالة وفاة بمعدل وفيات يبلغ 2.5%، مقارنة بمعدلات وفيات تبلغ 6.5% في الولايات المتحدة، و10% في أسبانيا، و12% في بريطانيا، و13% في كل من إيطاليا وفرنسا.

ونجحت تركيا عبر سلسلة من التدابير الصارمة، شملت إجراء أكثر من 30 ألف فحص للفيروس يوميا، من الاكتشاف المبكر للحالات المصابة وتقديم الرعاية الطبية لها في الوقت المناسب، ما مكنها من تجنب معدلات الوفيات العالية التي شهدتها الولايات المتحدة وأوروبا.

وفي إشارة لافتة على حجم التطور التركي في المجال الصحي، جاء افتتاح الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، مدينة باشاك شهير الطبية، قبل أيام، بطاقة تمكنها من تقديم الخدمة إلى أكثر من 32 ألف مريض يوميا، مع تزويدها بـ2640 سريرا.

ولا شك أن افتتاح المدينة الطبية الجديدة (مقامة على مساحة مليون متر مربع)، بطاقة أكثر من 10 آلاف موظف، بينهم 4300 طبيب وممرض وأخصائي من المهن الطبية المساندة، سينعكس على جهود البلاد لمواجهة تفشي "كورونا".

وتلعب قدرة الدولة على استيعاب تدفقات المرضى، دورا رئيسا في تحديد مستوى كفاءة نظامها الصحي في احتواء الأزمات الوبائية.

ويتميز القطاع الصحي في تركيا، ببنية تحتية صلبة ومتطورة، إذا يضم 1518 مستشفى تضم 240 ألف سرير، إضافة إلى 40 ألف سرير في وحدات العناية المركزة.

ويعمل في القطاع الصحي التركي، نحو 165 ألف طبيب، إلى جانب 205 آلاف ممرض وممرضة، و360 ألف فرد دعم.

إنتاج محلي

بموازاة ذلك، أظهرت تركيا جانبا آخر من قدراتها، بعد أن أعلنت تطوير أجهزة تنفس صناعي محلية الصنع، ضمن خطط لتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج المعدات الطبية.

ووفق وزير الدفاع التركي، "خلوصي آكار"، فإن تصنيع جهاز التنفس "صحرا" تم بتصميم وإنتاج محلي ووطني بشكل كامل، فضلا عن أن تكلفته أقل من تكلفة الأجهزة المناظرة في العالم.

وتخطط تركيا لتدشين خطوط إنتاج للجهاز، بطاقة 500 جهاز أسبوعيا كمرحلة أولى، على أن يصل الإنتاج إلى 5 آلاف وحدة شهريا، بحلول مايو/أيار المقبل.

والشهر الماضي، أعلن وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي "مصطفى ورانك"، أن وزارته بدأت بإنتاج أجهزة تنفس، وأنه سيتم خلال فترة قصيرة تزويد وزارة الصحة بألف جهاز.

ووفق تقارير غربية، فإن أنقرة ستزود الولايات المتحدة بقطع غيار أجهزة التنفس الصناعي؛ لمكافحة تفشي فيروس "كورونا".

كذلك تستخدم وزارة الصحة التركية، أدوات مختبرية تستطيع تشخيص فيروس "كورونا" في غضون 15 دقيقة، دون الحاجة للانتظار الطويل للحصول على النتيجة.

وحسب تصريح لـ"أردوغان"، فإن بلاده لديها من الكمامات في خطوط الإنتاج والمخازن ما يكفي لجميع مواطنيها حتى نهاية الجائحة، مضيفا أن بلاده "تعتمد على ذاتها، وتُظهر قوتها في زمنٍ فقدت فيه المنظمات الدولية بوصلتها".

قوة ناعمة

تشير المعطيات السابقة إلى الجاهزية الفائقة للقطاع الطبي والصناعي في تركيا للتعامل مع الأزمات الوبائية، وهو ما مكن أنقرة من تقديم المساعدات إلى العالم في وقت تنزوي فيه معظم الدول على نفسها، مع انهيار خدماتها الصحية.

إزاء ذلك الواقع، كان من المنطقي أن يوجه حلف الناتو، رسميا في بيان، الشكر إلى تركيا لدعمها دول الحلف في مواجهة جائحة "كورونا".

وقبل أيام، اعتبر الأمين العام للحلف "ينس ستولتنبرج" أن إرسال القوات المسلحة التركية مساعدات طبية إلى إيطاليا وإسبانيا "يعنبر مؤشرا واضحا على تضامن الحلف".

إلى جانب ذلك، توالت الإشادات من منظمة الصحة العالمية والعديد من رؤساء وزعماء العالم بالدعم التركي للدول الموبوءة.

في ضوء ذلك، ليس من المبالغ القول، إن المساعدات التركية خلال الأزمة أظهرت جانبا من القوة الناعمة لتركيا، وقدمت استعراضا حقيقيا لقدرات أنقرة على مختلف المستويات.

لكن الرسالة الأبرز التي أبرقتها دبلوماسية الكمامات وأجهزة التنفس الصناعي، أن الاتحاد الاوروبي الذي يرفض منح تركيا عضويته، منذ أكثر من 3 عقود، سقط في اختبار مواجهة "كورونا"، وأن أنقرة هي من قدمت له يد العون والإغاثة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

‏ تركيا كورونا أوروبا كمامات الولايات المتحدة

مسؤول تركي: نسعى لإعادة فتح الاقتصاد نهاية مايو

رغم وجهه القبيح.. كورونا يخدم مصالح تركيا في ليبيا

الصيدليات التركية توزع 40 مليون كمامة على المواطنين مجانا

كندا: لن ندفع للصين كامل ثمن 8 ملايين كمامة لا تفي بالمعايير