خارج التغطية.. كيف تحولت بئر العبد إلى مركز لعمليات ولاية سيناء؟

الاثنين 4 مايو 2020 07:08 م

كثيرا ما تبرز منطقة "بئر العبد" بوصفها أكثر البؤر التهابا في شبه جزيرة سيناء (شمال شرقي مصر)، حيث يعاني الجيش المصري من اختلال السيطرة عليها، وكثيرا ما تكبد خسائر فادحة على أراضيها.

وتبلغ مساحة مركز "بئر العبد" نحو 3857 كم2 ويتبعه قرابة 24 قرية أصغر حجما، وهو يقع على بعد 70 كيلومترًا غرب العريش.

وتكمن أهمية "بئر العبد" في كونه محطة تمر بها خطوط الغاز الرئيسية الممتدة إلى الحدود الشرقية لسيناء مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما جعل منه باستمرار هدفا للعمليات التخريبية.

وتعد مدينة "بئر العبد" آخر مدن شمال سيناء من الناحية الغربية يليها مباشرة الحدود الإدارية لمحافظة الإسماعيلية وقناة السويس، ما يمنح موقعها قيمة استراتيجية مضافة.

نقطة صراع

خلال السنوات الثلاث الأخيرة، برزت المدينة كنقطة صراع بين الجيش المصري، وتنظيمات مسلحة، وقد شهدت الخميس الماضي، هجوما بعبوة ناسفة، أسفر عن مقتل 10 عسكريين مصريين، بينهم ضابطان.

وفي فبراير/شباط الماضي، قتل العميد "مصطفى عبيدو"، قائد اللواء 134 مشاة ميكانيكا التابع للفرقة 18 بالجيش الثاني اليداني، ومرافقه، في تفجير استهدف سيارته بمنطقة التلول شرق مدينة بئر العبد.

وفي الشهر ذاته، استهدف مسلحون أحد أنابيب خط الغاز الرابط بين مصر و(إسرائيل) في المنطقة ذاتها (التلول) بعدة عبوات ناسفة، في هجوم تبناه تنظيم الدولة الإسلامية في وقت لاحق.

وفي سبتمبر/أيلول 2019، كان كمين "تفاحة" العسكري جنوب مدينة بئر العبد، هدفا لهجوم عنيف، راح ضحيته ضابط و9 جنود، وفق المتحدث العسكري المصري، لكن تنظيم "ولاية سيناء"(الفرع المحلي للدولة الإسلامية) أعلن في بيان بثه عبر وكالة "أعماق" التابعة له، عن مقتل 15 فردًا من قوة الكمين المستهدف.

مجزرة الروضة

ويحتضن مركز "بئر العبد" أيضا قرية الروضة التي كانت مسرحا لمجزرة دموية، قتل خلالها 305 مواطنين، وأصيب 128 آخرين، في هجوم على مسجد أثناء صلاة الجمعة، عُرف إعلاميا بـ"مجزرة المصلين"، في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

وفي يوليو/تموز 2019، عادت القرية ذاتها، لتكون هدفا لهجوم استهدف مكتبا للبريد، واستولى خلاله المهاجمون تحت تهديد الأسلحة على مبالغ مالية قُدرت بنحو 80 ألف جنيه مصري (قرابة 5 آلاف دولار).

ويعد تاريخ 11 سبتمبر/أيلول 2017 يوما دمويا لا ينسى في الذاكرة المصرية، حيث شهد وقوع هجوم عنيف لتنظيم "الدولة الإسلامية" استهدف قافلة أمنية أثناء مرورها في منطقة بئر العبد قرب العريش، ما أسفر عن مصرع  18 من رجال الشرطة، وإصابة آخرين.

وشكل الهجوم وقتها ضربة مؤلمة للأمن المصري، الذي وقع في كمين، بمنطقة "ملاحات سبيكة" التابعة لمدينة بئر العبد، حيث جرى تدمير 3 مركبات مدرعة وسيارة تشويش، وأعقب ذلك اشتباكات بين قوات الشرطة والمهاجمين.

وقبل نهاية العام ذاته، أسفر هجوم مسلح، عن مقتل الحاكم العسكري لمنطقة بئر العبد، العقيد أركان حرب "أحمد الكفراوي"، و6 آخرين من أفراد الجيش المصري.

ثغرات أمنية

يحمل هذا الكم المكثف من الهجمات المسلحة التي استهدفت "بئر العبد" خلال السنوات الأخيرة، يحمل عدة مؤشرات ودلالات، أبرزها أن المدينة يبدو أنها تقع فعليا خارج سيطرة الجيش المصري، الذي يشن للعام الثالث على التوالي عمليته العسكرية الموسعة "سيناء 2018"، لكن دون أن ينجح في فرض سيطرته على المنطقة.

تخبرنا العمليات الكثيفة في هذه المنطقة أيضا أن تنظيم "ولاية سيناء" ربما يحاول تركيز عملياته غربي سيناء، على مقربة من الطريق الدولي (القنطرة - العريش)، وحدود محافظة الإسماعيلية وقناة السويس، ما يعني أن التنظيم يبحث عن صدى إعلامي مؤثر عبر شن عمليات بالقرب من الممر المائي الدولي المهم.

ومع توالي نصب الأكمنة في منطقة "التلول" تحديدا، و"سبيكة" و"السبيل" وغيرها، يبدو أن ثمة قصور في المنظومة الأمنية المصرية، يتعلق أولا بالرصد وجمع المعلومات، وإجهاض الهجمات قبل وقوعها، وثانيا العجز عن تأمين ممرات آمنة لدوريات الجيش والشرطة، وتوفير غطاء جوي لها، في مواجهة عدو على دراية كافية بجغرافية المكان.

وبالنظر إلى تكرار الهجمات في بئر العبد وقدرتها على إصابة أهدافها في كل مرة تقريبا، فإن هناك مخاوف جدية حول وجود "معلومات مسربة" عن تحركات الأمن المصري، وخط سير الدوريات في المنطقة.

ويعزز تلك المخاوف، تمتع التنظيمات المسلحة في سيناء بقدرات تقنية متطورة، ووسائل تجسس، تمكنها من التنصت على أجهزة الإرسال اللاسلكية، التى يتم توجيه سير العمليات والتحركات الأمنية من خلالها، ومن ثم إعداد كمائن استباقية للدوريات العسكرية.

وأخيرا، من الأهمية بمكان النظر إلى متوسطات أعمار ضحايا الهجمات المتتالية في بئر العبد والتي تتراوح غالبا حول 20 عاما، وهو رقم يخبرنا أن الجيش يدفع بالمجندين الجدد إلى تلك البؤر القتالية الخطيرة، دون خبرة أو تدريب كافيين، ما يسهل استهدافهم، في حين أن هناك علامات استفهام كبرى حول غياب وحدات القوات الخاصة وفرق مكافحة الإرهاب المدربة عن المواجهات في المنطقة.

تكتيكات مختلفة

في مقابل تلك الثغرات في أداء الجيش المصري، هناك تطور في استراتيجية وتكتيكات تنظيم "ولاية سيناء" الذي يعتمد على تكتيكات الحرب غير النظامية من أجل إيقاع المزيد من الضحايا بين صفوف الجيش المصري.

ويتجنب التنظيم المواجهات العسكرية المباشرة، والتحرك في المناطق المكشوفة التي يمكن استهدافها من قبل الطيران، وفي المقابل، فإنه يعتمد على تكتيكات مثل تفجير العبوات الناسفة عن بعد، وقنص الجنود، واصطياد دوريات متحركة لا تحظى بغطاء من سلاح الجو.

ووفق استراتيجية التنظيم التي تستخدم في أوقات "عدم التمكين"، ينفذ عناصر "ولاية سيناء" هجمات على أهداف ضعيفة نسبيا يتم رصدها بعناية، يمكن من خلالها إظهار  القوة والتفوق بتكاليف منخفضة.

وفي ظل هذه الاستراتيجية، يوفر الفراغ الأمني في بئر العيد فرصة ثمينة لعناصر التنظيم لزرع العبوات الناسفة، التي باتت تمثل كابوسا جديدا للجيش المصري (عمليتان نوعيتان في غضون 3 شهور).

بخلاف ذلك، يخبرنا هذا التركيز الجغرافي لولاية سيناء على بئر العبد أن التنظيم بدأ يفقد قوته في مناطق نفوذه التقليدية في رفح والشيخ زويد، ولذا فإنه قرر نقل مركز عملياته غربا إلى المنطقة الحيوية التي باتت أشبه ببئر لا ينضب من الدماء.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

و. س. جورنال: أمريكا تخطط لسحب قواتها من سيناء

جماعة مسلحة تقتل شابا في سيناء لتعاونه مع الجيش

مصادر: حملة عسكرية للجيش المصري في سيناء بمشاركة البدو

بالأسماء.. ضحايا هجوم سيناء 10 عسكريين على الأقل

ولاية سيناء يعدم ضابطا مصريا بعد اختطافه في كمين للتنظيم

الطيران المصري يقصف قرى شمالي سيناء

أنباء عن انسحاب حملة للجيش المصري من قرية بسيناء تحت سيطرة تنظيم الدولة

بينهم 3 ضباط.. مقتل 8 عسكريين مصريين في هجوم شمالي سيناء