ماذا يجري بين الولايات المتحدة وإيران؟

الخميس 7 مايو 2020 07:59 م

يدق وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" بمساعدة وزير الدفاع "مارك إسبر" طبول الحرب على إيران، فيما يثير رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" شبح هجوم وشيك من قبل "حزب الله" اللبناني في الوقت الذي تواصل فيه قواته ضرب أهداف في سوريا. ومع ذلك، من الغريب أن تشير صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن (إسرائيل) تقدم تحذيرات لـ"حزب الله" من الهجمات لتجنب التسبب في وقوع إصابات.

وتتهم القوات البحرية الإيرانية والأمريكية بعضها البعض بارتكاب ممارسات استفزازية تنتهك القوانين البحرية وأصول الممارسات الملاحية، وقد أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أنه أمر القوات البحرية بضرب الزوارق الإيرانية إذا تطلب الأمر ذلك، فيما أصدرت إيران تصريحات متفاوتة في العدوانية.

حافظت الولايات المتحدة على موقفها من حملة "أقصى ضغط" من خلال منع المساعدات الإنسانية لإيران. وأبلغت واشنطن العراق أيضًا أنها ستمدد الإعفاء من استيراد الكهرباء والغاز من إيران لمدة 30 يومًا أخرى، مما يضع العراق بين اختيار انقطاع الكهرباء على مستوى البلاد أوالعقوبات الأمريكية الكارثية.

وبالرغم أن اقتصادها يبدو على وشك السقوط، إلا أن طهران لم تقلل بشكل ملحوظ من دعمها لحلفائها أو وكلائها في اليمن أو لبنان.

يحدث كل هذا على خلفية كارثتين عالميتين لم يسبق لهما مثيل، قوضتا اقتصادات العالم، وخاصة اقتصادات منطقة الخليج. فقد انهارت أسعار النفط وانزلق سعر خام تكساس إلى الأسعار السلبية أي أن تجار النفط دفعوا فعليًا للعملاء مقابل استلام نفطهم الخام، كما أدى وباء "كورونا" إلى إغلاق عالمي.

لقد عانت إيران من هاتين الكارثتين أكثر من غيرها، ومع ذلك، يبدو أنها غير منزعجة ظاهريًا من الضغط الأمريكي والوباء واقتصادها المنهار، حيث تواصل دعم حلفائها أو وكلائها في الخارج.

يبدو أن الدعم المادي الإيراني، إلى جانب البراعة العسكرية الحوثية والوباء، قد دفعت ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" إلى البكاء "لعمه" والسعي إلى تخليص المملكة من تدخلها المشؤوم في اليمن، وخاصة أن ردود فعل "ترامب" أثبتت أنه يصدر تهديدات دون أن يتابعها عمليا بالرغم من الخسائر في الأرواح الأمريكية في العراق.

ويبدو أن اغتيال قائد فيلق القدس "قاسم سليماني"، عزز قبضة الحرس الثوري داخل إيران. وبينما تتوقع الإدارة الأمريكية كل ساعة أن يركع النظام الإيراني على ركبتيه على طاولة المفاوضات، فإنها تواصل هز سيوفها لبدء الأعمال العدائية.

أوضح الرئيس "ترامب" أنه لا يريد مواجهة مسلحة مع إيران. من المؤكد أنه لن يخاطر بحرب قد تؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح الأمريكية وسط جائحة تهدد بالفعل عملية إعادة انتخابه. وتدرك القيادة الإيرانية أن الولايات المتحدة تفضل إسقاط النظام بوسائل غير عنيفة، ويبدو أن الإيرانيين بدورهم يعتقدون أنهم يستطيعون اللعب مثلهم مثل الأمريكيين.

"كورونا" يعقد المسائل

أدت الأزمة المزدوجة لانهيار أسعار النفط وتداعيات "كورونا" إلى تغيير ميزان القوة الذي يؤثر على الديناميكيات التنافسية بين البلدين. لقد أصاب الوباء بالفعل حاملة الطائرات "روزفلت" مما أدى إلى إزالة واحدة من أربع مجموعات قتالية حربية متاحة للمواجهة مع إيران.

وبالنسبة للاعتبارات الاستراتيجية، فإن حاملة الطائرات "فورد" لم تعد تعمل بكامل طاقتها، ومن المرجح أن تخضع حاملتا طائرات لعمليات تطوير رئيسية، فيما يخضع البعض الآخر للصيانة.

في المقابل، أثبتت إيران أنه بالرغم من العقوبات، فإنها تمتلك أنظمة أسلحة مطورة محليًا يمكن أن تتسبب في خسائر كبيرة للقوات البحرية الأمريكية في الخليج وبحر العرب بالإضافة إلى قواعدها الجوية والبرية الأكثر تعرضًا في العراق ودول مجلس التعاون الخليجي.

ومع ذلك، حرمت وفرة النفط في جميع أنحاء العالم إيران من تهديدها الرادع الرئيسي، وهو القدرة على إغلاق الخليج أمام صادرات النفط.

وأشارت مجلة "الإيكونوميست" إلى أن "ترامب" يثير توترات مع إيران لرفع أسعار النفط. يمكن للحرب أن تدمر أي أمل في أن تتمكن إيران من إنقاذ مستوى المعيشة المتدهور في البلاد.

لو كان هذا عالما عقلانيا

يقول المنطق إن واشنطن وطهران لن تسعيان في ظل هذه الظروف الأليمة إلى إثارة الحرب. ومع ذلك، يبدو أن هذا ما يفعلانه.

استغل الحرس الثوري الإيراني الوباء كوسيلة لتعزيز سلطته وتحجيم الحكومة. ويبدو أن المرشد الأعلى "علي خامنئي" أعطى الحرس الثوري الإيراني ضوءاً أخضر في هذا الجهد، ربما لأنه يعتقد أنه لم يعد بإمكانه التحكم في السخط من خلال القنوات المعتادة. قد يرغب الحرس الثوري أيضًا في إثارة مواجهة محدودة مع الولايات المتحدة من أجل حشد المشاعر القومية وقمع المعارضة الداخلية.

في هذا السيناريو، ستحاول إيران تحدي "الشيطان الأكبر" علنًا بقليل من الأعمال العدائية. ولكن الاستعداد الأمريكي للتحكم في هذه اللعبة محير. لقد حاولت الولايات المتحدة، كما ذكرنا، منع أي تخفيف للوباء في إيران، علاوة على العقوبات الاقتصادية التقليدية. ولم يتردد "بومبيو" أبداً في صب الزيت على الحرائق الخطابية.

غالبًا ما يبدو أن الولايات المتحدة محاصرة برغبة شديدة في الانتقام من دراما الرهائن في السفارة قبل 40 عامًا. ورفضت واشنطن محاولات تقارب عديدة من جانب طهران من خلال عرض التعاون أثناء الحرب على المخدرات أو دعم غزو أفغانستان بعد 11 سبتمبر/أيلول.

من منظور علم النفس يجب على المرء أن يلاحظ أن وزير الخارجية "مايك بومبيو" عاش أزمة الرهائن في إيران عندما كان مراهقًا قبل أن ينتقل إلى الأكاديمية العسكرية الأمريكية ويقضى فترة وجيزة كضابط دروع في ألمانيا. تأثر "بومبيو" بحياته في الجيش خلال فترة متوترة بشكل خاص في العلاقات الأمريكية الإيرانية بما في ذلك حرب ناقلات الخليج وتدمير الثكنات البحرية في بيروت والتي ألقي باللوم فيها على وكلاء إيرانيين.

انتهت الاشتباكات القصيرة بين الأمريكيين والإيرانيين (سواء مباشرة أو بين الحلفاء) بعيدًا عن الحرب الشاملة. ويتساءل المرء عما إذا كانت حقيقة أن "بومبيو" لم يشاهد قتالاً قط، قد زادت حدة رغبته في إعطاء "آيات الله" درسا دمويًا.

المصدر | باتريك ثيروس/منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإيرانية الأمريكية المواجهة الأمريكية الإيرانية تداعيات كورونا مكافحة كورونا

إيران ردا على تهديدات ترامب: أنقذ قواتك من كورونا أولا

الهدف الحقيقي وراء مساعي أمريكا لتجديد حظر السلاح على إيران