الهدف الحقيقي وراء مساعي أمريكا لتجديد حظر السلاح على إيران

الجمعة 15 مايو 2020 07:37 م

تعهد وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" في بيان صادر في 9 مايو/ أيار بمناسبة الذكرى الثانية لانسحاب إدارة "دونالد ترامب" من الاتفاقية النووية الإيرانية، باستخدام جميع الخيارات الدبلوماسية لتمديد حظر الأمم المتحدة على مبيعات الأسلحة التقليدية من وإلى إيران فيما بعد تاريخ انتهائها المقرر في 18 أكتوبر/ تشرين الأول.

ولكن ليس أمام الاستراتيجية فرصة تذكر لمواصلة كبح مشتريات الأسلحة الإيرانية، ويبدو أن الهدف الحقيقي هو القضاء نهائياً على الاتفاقية النووية المعروفة باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة"، قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني.

وإذا خسر "ترامب"، وهو ما لا يبدو مستبعداً الآن، فإن هذا سيصعّب استعادة فوائد الصفقة بالنسبة لإدارة منافسه "جو بايدن".

  • مناورة استعادة العقوبات

تتكون الاستراتيجية التي وضعها "بومبيو" في 29 أبريل/ نيسان من جزأين.

ستقترح الولايات المتحدة قرارا في مجلس الأمن الدولي لتمديد حظر الأسلحة، وعندما يفشل ذلك، سوف تستدعي بندًا من قرار مجلس الأمن رقم 2231 لتحريك آلية إعادة فرض العقوبات تلقائياً، المسماة "سناب باك" عبر تقديم شكوى في سياق الاتفاق النووي الذي انسحبت منه بشأن الانتهاكات الإيرانية المتواصلة.

سيفشل الجزء الأول لأن روسيا والصين لن تؤيدا أي قرار جديد يعاقب إيران على سلسلة من الخطوات الانتقامية التي حفزتها الولايات المتحدة بالانسحاب من خطة العمل الشاملة المشتركة قبل عامين.

أرادت موسكو وبكين إنهاء حظر الأسلحة عندما ظهرت خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015، ووافقوا على مضض فقط بتمديدها لمدة 5 سنوات، وكان من المتوقع لفترة طويلة أن ينتهي الحظر إذا تم التوصل إلى اتفاق نووي.

حتى حلفاء الولايات المتحدة في مجلس الأمن يعارضون هذه الخطوة، وهو ما يفسر لماذا يشير المسؤولون الأمريكيون الآن إلى أنهم ليسوا في عجلة من أمرهم.

قد ينجح الجزء الثاني من الاستراتيجية، وهو استعادة العقوبات، حيث ترتكز على حجة سياسية قد تكون مقبولة قانونًا في الوقت ذاته بالرغم أن الولايات المتحدة لم تعد طرفًا في خطة العمل الشاملة المشتركة.

  • خطة محكومة بالفشل

ومع ذلك، لا يزال من الصعب للغاية استعادة العقوبات بهذه الطريقة.

ستحتاج الولايات المتحدة أولاً إلى إقناع الدولة التي تتولى رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهو منصب يتم تداوله شهريًا، بالموافقة على وضع هذا الإجراء على جدولها.

ومن المؤكد أن إندونيسيا وروسيا، اللتان تتوليان الرئاسة في أغسطس/ آب وأكتوبر/ تشرين الأول، على التوالي، لن تقتنعا، كما إن إقناع فرنسا وألمانيا، اللتان تتوليان الرئاسة في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز، موضع شك أيضا، لكن النيجر، التي ستترأس في سبتمبر/ أيلول، أكثر عرضة للضغوط الأمريكية.

وبالتالي، فإن شهر سبتمبر/ أيلول هو الوقت الأكثر ترجيحًا، لطرح قرار حظر الأسلحة، وبعد ذلك استدعاء العقوبات عندما يفشل ذلك.

لكن روسيا ستتحدى هذه الخطوة من خلال إثارة نقاش بشأن ما إذا كانت الولايات المتحدة مشاركًا؛ وبالتالي يحق لها تقديم الإخطار المسبق بموجب الفقرة 11 من القرار 2231.

عندئذ ستكون هناك حاجة إلى أغلبية مؤهلة من 9 من أعضاء مجلس الأمن الـ15 من أجل الحفاظ على قرار رئيس المجلس.

سواء نجحت هذه المناورة أم لا، فإن المضي قدمًا فيها في سبتمبر/ أيلول قد يكون مفيدًا سياسيًا لـ"ترامب". ففي حين أن إعادة فرض جميع العقوبات سيكون مثار جدل سياسي، فإن ربطه بحظر الأسلحة سيكون ذكيًا، نظرًا للدعم الواسع من الحزبين لحرمان إيران من الوسائل الجديدة لقتل القوات الأمريكية والقوات المتحالفة معها في المنطقة.

وكما هللت شبكة "فوكس نيوز"، فإنه حتى النائبة اليسارية "إلهان عمر" وقعت على خطاب لجنة العمل السياسي الأمريكية الإسرائيلية لدعم تمديد حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على إيران، بالرغم أنها وأعضاء آخرين بالحزب الديمقراطي أوضحوا أنهم لا يدعمون استعادة العقوبات.

  • رفع الحظر لن يؤثر

إذا تم رفع الحظر، فسيكون التأثير على شحنات الأسلحة ضئيلاً.

يمكن لإيران الاعتماد على تجاهل الحظر من قبل روسيا والصين - اللتان تستعدان بالفعل لبيع بضاعتهما العسكرية لطهران وتعترضان على التحركات الأمريكية لتقويض خطة العمل الشاملة المشتركة - وستتبعهما الدول الأخرى التي ستستفيد من تجارة الأسلحة مع إيران.

لا شك أن إيران ترغب في تحديث فجوات قدراتها العسكرية، وقد خلص تحليل أجراه المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية عام 2017، إلى أن إيران ستسعى للحصول على أنظمة أسلحة لم تتمكن من إنتاجها محليًا، مثل صواريخ أرض جو وطائرات مقاتلة متقدمة ودبابات وألغام متقدمة وصواريخ كروز مضادة للسفن.

ومع ذلك، فحتى في عام 2017؛ عندما ظلت العقوبات مخففة بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة، فقد قيم المعهد أن اقتناء طهران لأنظمة الأسلحة هذه سيكون محدودًا بسبب تكلفتها العالية.

ومع التدهو الاقتصادي الحالي في إيران نتيجة انهيار عائدات النفط والاحتياجات الاجتماعية المتزايدة، فإن احتمالات شراء الأسلحة الكبيرة محدودة للغاية.

وحتى عندما لم تواجه إيران حملة ضغط أمريكية، فإنها لم تستورد أبدًا الأسلحة على نطاق واسع. وبدلاً من ذلك، اعتمدت استراتيجيتها العسكرية على استخدام الوكلاء الأجانب والأدوات غير المتكافئة الأخرى التي كانت فعّالة للغاية في توسيع نفوذها الإقليمي والدفاع العميق.

ولا يوجد سبب للاعتقاد بأن إيران ستغير هذه الاستراتيجية الناجحة بشكل كبير عند رفع حظر الأسلحة.

في الوقت نفسه، لا يزال الحظر الآخر الذي فرضه مجلس الأمن على تصدير الأسلحة إلى اليمن والكيانات غير الحكومية في لبنان ساريًا (ولا تزال إيران تنتهكه)؛ لذا فإن رفع الحظر عن تصدير الأسلحة الإيرانية لن يحدث أي فرق.

ستستمر أيضًا اللوائح الأمريكية لتجارة الأسلحة التي تؤثر على إيران، بما في ذلك العقوبات على فيلق الحرس الثوري ووزارة الدفاع الإيرانية والقوات المسلحة الإيرانية.

وبالتالي فإن التأثير الحقيقي والغرض الحقيقي لاستراتيجية حظر الأسلحة، سيكون قتل الاتفاقية النووية قبل انتهاء فترة ولاية "ترامب".

يسعى مؤيدو العقوبات إلى بناء "جدار عقوبات"، على حد تعبير "مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات" المناهضة لإيران، لتعسير استعادة العلاقات الدبلوماسية مع إيران على الإدارة التي تلي "ترامب".

  • أسوأ النتائج المحتملة

إن إعادة فرض جميع عقوبات ما قبل خطة العمل الشاملة المشتركة سيكون أمراً كارثياً فيما يخص الانتشار العالمي للأسلحة والدبلوماسية المتعددة الأطراف والسلام الإقليمي.

وبالفعل، وجهت إيران تهديدات ذات مصداقية ليس فقط باستئناف تخصيب اليورانيوم على نطاق صناعي، ولكن أيضًا بالانسحاب من معاهدة عدم الانتشار وأي التزام بقبول عمليات التفتيش.

وكما حذر منسق وزارة الخارجية الأمريكي السابق للملف النووي الإيراني، "جاريت بلانك" مؤخرًا، فإن استراتيجية "ترامب" باستعادة العقوبات تنطوي على العديد من المخاطر الهامة الأخرى، مثل: أزمة تضع الولايات المتحدة ضد الأمم المتحدة، ونزع الشرعية عن حظر الأمم المتحدة، وإضعاف أداة العقوبات بما يعيق استخدامها في مكان آخر وتسريع مبيعات الأسلحة.

يشير آخرون إلى أن مناورة إدارة "ترامب" يمكن أن تقلص نفوذ الولايات المتحدة ما يضعف قدرتها على التفاوض على أي قيود أخرى والتي قد تكون أكثر فعالية.

لتجنب هذه النتائج الأسوأ، يفكر المسؤولون الفرنسيون والألمان في خيار يسمح بانتهاء حظر الأسلحة بعد استبداله بترتيب جديد بين اللاعبين الرئيسيين من شأنه الحفاظ على جوهر الحظر.

وكما اقترح "إيلي جيرانمايه"، وهو زميل بارز في السياسة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، يمكن لمجلس الأمن الاتفاق على مجموعة جديدة من الشروط الصارمة لمبيعات الأسلحة لإيران في المستقبل.

يمكن للدول المصدرة الرئيسية للأسلحة لإيران أن توافق على تدابير مخصصة ضمن هذا السياق، فمثلًا؛ سيكون من المفيد للغاية إبرام صفقة مع روسيا بعدم بيع صواريخ كروز "ياخونت" مضادة للسفن لإيران، فيما سيكون بمثابة تطور يغير قواعد اللعبة في المنطقة.

يجب على الدول المعنية أيضًا السعي إلى تقييد بيع أنظمة الأسلحة غير المأهولة بالبشر والتي تتجاوز قدرة الإنتاج المحلي لإيران.

بدلاً من التحركات الصاخبة لقلب اللعبة لأسباب رمزية وسياسية، فإن المطلوب هو الدبلوماسية الهادئة لمعالجة المشاكل الحقيقية.

أفضل ما يتم فعله هو العودة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة من قبل كل من الولايات المتحدة وإيران والمفاوضات بينهما لحل القضايا المثيرة للقلق، ويجب تجنب الإجراءات التي تجعل هذا مستحيلاً.

المصدر | مارك فيتزباتريك/ المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني العقوبات على إيران العلاقات الإيرانية الأمريكية السياسة الخارجية الأمريكية

ماذا يجري بين الولايات المتحدة وإيران؟

إيران تحمل الأوروبيين عواقب أي تمديد لحظر التسلح