هل تتجه أمريكا لمحاكاة الاستراتيجية الإسرائيلية تجاه إيران؟

الأحد 10 مايو 2020 06:37 م

تتأرجح الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؛ حيث لا تعكس أفعالها أهدافا أو استراتيجيات متماسكة لتحقيق هذه الأهداف، مع تمحور نهج إدارة "ترامب" تجاه المنطقة حول ما يسمى بحملة "أقصى ضغط" ضد إيران، وهي سياسة فاشلة أخلت المساحة لروسيا والصين وعرّضت الولايات المتحدة للخطر.

و لايعتبر موقف إدارة "ترامب" تجاه إيران انحرافًا كبيرًا عن السابق كما قد يبدو، فلطالما كانت العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران عدائية بشكل علني لأكثر من 40 عامًا، ونادرًا ما كانت بينهما محادثات عدا فترة الولاية الثانية للرئيس "أوباما".

ما فعله "ترامب" ببساطة هو تحويل موقف واشنطن الرسمي المتمثل في تحجيم إيران بالعقوبات إلى ما روج له علنًا باسم حملة "أقصى ضغط"، لكن النتائج أبرزت بشكل قاطع فشل مسار الضغط على إيران.

لم تتهاو الحكومة الإيرانية ولم تتزحزح عن سياساتها الإقليمية والأمنية، وأوضح "كينيث كاتزمان" من "خدمة أبحاث الكونجرس"، أنه بالرغم من حملة "أقصى ضغط"، فقد تمكنت إيران من تحقيق مكاسب استراتيجية وتعزيز وسائلها لردع أي هجوم أمريكي أو إسرائيلي أو سعودي.

ومع ذلك، يسعى البعض في واشنطن الآن لتبرير التصعيد العسكري ضد إيران على خلفية فشل حملة "أقصى ضغط"، وقد انعكس ذلك في تقرير جديد صادر عن "مركز الأمن الأمريكي الجديد" (CNAS) والذي يسلط الضوء على الاستراتيجية الإسرائيلية "معارك (محدودة) بين الحروب" المعروفة بـ"مابام"، والتي تستهدف تحطيم القدرات الإيرانية في سوريا بشكل متواصل وتدريجي.

يؤكد التقرير إجماع الحزبين في بعض الأحيان على التصعيد ضد إيران، وهو يأتي من مؤسسة فكرية وصفتها صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" بأنها "ملاذ للديمقراطيين المتشددين".

في الوقت الذي يحتوي التقرير فيه على رؤى قيمة حول السياسة الإسرائيلية في سوريا وكيف تعمل إيران في المنطقة، فإن هناك جوانب قصور متعددة في فرضيته بحتمية حرب إقليمية تشمل إيران، وأن الولايات المتحدة تحتاج إلى مواجهة إيران عسكريًا لحماية مصالحها.

قد تؤدي محاكاة الولايات المتحدة للاستراتيجية الإسرائيلية إلى مكاسب قصيرة المدى في ساحة المعركة ضد إيران، لكنها ستأتي على حساب المخاطرة بحرب شاملة وإغلاق الأبواب أمام قدرة الولايات المتحدة على تحقيق مكاسب دبلوماسية استراتيجية.

أخطاء التقرير

يجادل تقرير "CNAS" بأهمية استخدام استراتيجية "مابام" ضد إيران في "المنطقة الرمادية"، والتي يعرّفها بأنها مناطق لا يكون فيها طرفا النزاع في سلام أو في حرب مباشرة ولكن يسعى كل طرف لإخضاع الآخر دون الحاجة إلى نشاط عسكري واسع النطاق أو مستدام.

كما يثني التقرير على "مابام" باعتبارها أحد أنجح الجهود العسكرية للرد على إيران في المنطقة الرمادية، ويجادل بأنه لو كانت إدارة "ترامب" قد تبنت سياسة مماثلة، فما كانت سلسلة التصعيد التي انتهت بمقتل الجنرال "قاسم سليماني" لتحدث، وكذلك لم تكن الولايات المتحدة لتصل إلى حافة الحرب مع إيران في يناير/كانون الثاني.

يؤكد التقرير أن ما أظهره الإسرائيليون هو أن الأداة العسكرية لا يجب أن تُزال بالكامل من على الطاولة، كما ينتقد النهج "الحذر" للإدارات الأمريكية السابقة، باعتبار أنه منح إيران مساحة لمواصلة عملياتها.

أكد التقرير أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة كانت تعتمد بشكل مفرط على العقوبات الاقتصادية، والتي يقول إنها أداة غير فعالة نسبيًا لمواجهة ما هو في النهاية استراتيجية غير مكلفة ماليًا لإيران.

ومع ذلك، يبالغ التقرير في تقدير نجاح "مابام"، ويقدم وصفة للحرب التي يتمنى هو تجنبها.

الحقيقة أن "مابام" فشلت في هدفها الأساسي المتمثل في عرقلة نقل الصواريخ الموجهة بدقة إلى لبنان، كما أنها لم تمنع إيران من تحقيق أهدافها الأكبر في سوريا، مثل توطيد حكم نظام "الأسد".

يعترف التقرير أن "مابام" هي "حملة تكتيكية محدودة قد تحقق أو لا تحقق أهدافًا طويلة المدى"، كما يعترف أن إيران بدأت في تطوير أسلحة موجهة بدقة داخل لبنان.

أفضل ما قد تكون "مابام" فد حققته هو تأخير نقل بعض التكنولوجيا والأسلحة الإيرانية إلى لبنان والإحباط المؤقت لجهود الترسيخ الإيراني في سوريا.

ومع ذلك، فإن التقرير يستشهد بالتكتيكات العسكرية لتوبيخ إدارة "ترامب" على عدم اتخاذ إجراءات عسكرية ضد إيران في بعض المراحل، مثل تلك التي أعقبت هجمات سبتمبر/أيلول الماضي على منشآت النفط السعودية.

استراتيجية غير مجدية

يقول التقرير: "ربما كان الرد المناسب هو القيام بضربة سرية على منشأة نفطية إيرانية، ثم إيجاد طرق هادئة لإعلام الإيرانيين بأن الولايات المتحدة قد اتخذت إجراءات لإعادة وضع خط أحمر".

إن الاقتراح القائل بأن هجومًا أمريكيًا على إيران من شأنه أن يزيل التوترات الحالية بين الولايات المتحدة وإيران يتجاهل أيضًا الدور الحاسم لحملة "أقصى ضغط" في زيادة الإجراءات التصعيدية الإيرانية.

أحد الحقائق المهمة؛ أن طهران تعتبر السياسة الأمريكية تهديدًا وجوديًا  وهو تصور تم تعزيزه من خلال خطاب تغيير النظام الذي يتبناه وزير الخارجية "مايك بومبيو".

وبالتالي، لم يكن من المفاجئ أن ترد إيران عبر رفع تكاليف حملة "أقصى ضغط" على الولايات المتحدة.

فقبل هذه السياسة، لم تكن هناك أي ناقلات نفط تنفجر في الخليج، ولم تتعرض منشآت النفط السعودية للهجوم بطائرات بدون طيار وصواريخ كروز، ولم تكن الصواريخ الباليستية تُطلق على القواعد التي تستضيف القوات الأمريكية.

لن يُستعاد الردع مع التصعيد عسكريا ضد إيران الآن، كما يزعم تقرير "CNAS"، حيث لم يعد للنظام ما يخسره، ولكن ذلك سيؤدي بالتأكيد إلى نزاع أمريكي إيراني مدمر مباشر.

يسلط تقرير "CNAS" الضوء على أن الهاجس إزاء إيران ظل يشغل التفكير الاستراتيجي الأمريكي لعقود، مع أن القدرات العسكرية للبلاد أو التهديد الفعلي الذي تشكله لمصالح الولايات المتحدة، أمر لا يستحق هذا.

ومع ذلك، استمرت العلاقات العدائية بين الولايات المتحدة وإيران حتى عندما أصلحت الولايات المتحدة علاقتها مع الحكومات الأخرى التي كانت في حالة حرب معها في السابق والتي أودت بحياة الآلاف من الأمريكيين، مثل فيتنام.

المصدر | سينا توسي | ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المواجهة الأمريكية الإيرانية دونالد ترامب العلاقات الإيرانية الأمريكية الاستراتيجية الإسرائيلية

هل تفسح تغريدة لخامنئي المجال لتقارب إيراني أمريكي؟

تقرير: هجوم إلكتروني إيراني على البنية التحتية لمياه إسرائيل

الهدف الحقيقي وراء مساعي أمريكا لتجديد حظر السلاح على إيران