لماذا ترغب واشنطن في خفض قوات حفظ السلام في سيناء؟

الاثنين 11 مايو 2020 02:13 م

تثير الخطط الأمريكية لخفض قوات حفظ السلام في شبه جزيرة سيناء المصرية، شمال شرقي البلاد، التساؤلات حول مستقبل تلك القوة، وأسباب توجه واشنطن لتخفيضها في هذا التوقيت.

ويبدو أن المقترحات الخاصة بإعادة النظر في انتشار وتفويض القوة، ستفرض نفسها على جدول أعمال المحادثات بين مصر والولايات المتحدة، وكذلك (إسرائيل)، خلال الفترة المقبلة.

ويقود وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر" حملة لسحب قوات بلاده المشاركة في القوة الدولية، ضمن خطط أمريكية موسعة لخفض عدد الجنود الأمريكيين في الشرق الأوسط.

قوة تاريخية

تشكلت قوة حفظ السلام الدولية في سيناء (MFO) بموجب معاهدة السلام، (كامب ديفيد)، الموقعة بين مصر و(إسرائيل) عام 1979.

ويبلغ عدد أفراد القوة التي تأسست في العام 1982، نحو 1156 عسكريا، بينهم 454 أمريكي، بحسب موقعها الإلكتروني.

وتنتشر القوة المكونة من ممثلين من 12 دولة على مساحة تزيد على عشرة آلاف كيلومتر مربع في سيناء.

وتدير القوة مكاتب اتصال في كل من القاهرة وتل أبيب، وشبكة تضم 35 برج مراقبة ونقطة تفتيش ومركز مراقبة على طول الشريط الحدودي الممتد شرقي سيناء.

وتشمل قائمة الدول المشاركة في القوة إلى جانب الولايات المتحدة، كل من إيطاليا، وفرنسا، و‏أستراليا وكندا وكولومبيا‏ وفيجي وهولندا والمجر‏ ونيوزيلندا والنرويج وأوروجواي‏.

وسبق أن تعرضت قوة حفظ السلام لعدد من الهجمات العنيفة من قبل تنظيمات مسلحة تنشط في سيناء، أبرزها "ولاية سيناء" الفرع المحلي لتنظيم الدولة الإسلامية في مصر.

وقعت أبرز الهجمات فكانت في سبتمبر/أيول 2012، حين اقتحم مسلحون "معسكر الشمال" واستولوا على معدات وتبادلوا إطلاق النار مع القوة، ما أسفر عن إصابة أربعة جنود.

إعادة هيكلة

لا يعد مقترح إعادة هيكلة قوة حفظ السلام بسيناء، جديدا من نوعه، فقبل نحو 5 سنوات جرى طرح الأمر على نطاق واسع، أعقبه تخفيض أمريكي في حجم تلك القوة بأكثر من 30% في 2015.

وجاء الانسحاب الأمريكي الجزئي بعد هجوم تبناه تنظيم "ولاية سيناء" في يونيو/حزيران 2015 ضد وحدات القوة في مطار الجورة، شمالي سيناء، بقذيفة هاون واحدة وصاروخ جراد.

وعلى الرغم من الاعتراض المصري الإسرائيلي على الخطوة، التي نوقشت في اجتماع روما (مقر قيادة القوة)، فقد تم سحب نحو 400 جندى من القوة التي كان وصل عددها في ذلك التوقيت إلى 1900 شخص، واستبدالهم بمعدات مراقبة عن بعد.

وعلى الرغم من أن وحدات الجيش المصري كانت ولا تزال هدفا لـ"الدولة الإسلامية"، لم تكن القوة الأمريكية على رأس أولويات خطط التنظيم الهجومية، رغم تمركزها في مناطق عملياته الرئيسية (شمال شرقي سيناء).

وخلال السنوات الأخيرة، لم تتعرض القوة متعددة الجنسيات لهجمات دامية، وأغلبها كانت هجمات محدودة، وضعيفة المردود، ولم تسفر عن قتلى.

أسباب الخفض

يرى مراقبون أن الاتجاه الأمريكي نحو خفض القوة، ينسجم مع استراتيجية واشنطن الجديدة، الرامية إلى خفض عدد جنودها في سوريا والعراق وأفغانستان والسعودية.

ومنذ عام 2018، تجري الإدارة الأمريكية تقييما لتوزيع قواتها المسلحة وبعثات المراقبة الخاصة بها في كافة أنحاء العالم، ضمن توجه أشمل لتغيير أولويات الموارد بما يتناسب مع مواجهة التهديدات القادمة من الصين وروسيا.

وتسعى إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" لخفض تكاليف العمليات العسكرية الأمريكية حول العالم، خاصة أن قوة حفظ السلام بسيناء ليست قوات أممية، بل تمولها واشنطن التي أدرجتها كبند وضمانة في معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية.

ولا يمكن الفصل بين هذه الخطوة، وبين قرار واشنطن قبل أيام بسحب وحدات من نظام باتريوت المضاد للصواريخ من الأراضي السعودية، ضمن اتجاه أمريكي لمراجعة النفقات، وإعادة التموضع العسكري.

ووفق صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، فإن وزير الدفاع الأمريكي "مارك إسبر"، يشعر أن الجهد العسكري الأمريكي في شمال سيناء لا يمثل أفضل استخدام للموارد ولا يستحق المخاطرة.

وفي هذا الصدد، تدرك دوائر أمريكية أن التعاون المصري الإسرائيلي، خاصة على الصعيدين الأمني والعسكري بلغ مرحلة وثيقة وعميقة، تراجعت معها الحاجة للقوة الأمريكية، وأن نظام الرئيس "عبدالفتاح السيسي" ملتزم بأمن (إسرائيل)، وهو ما يعكسه انعدام الخروقات للمعاهدة بين الجانبين.

لكن ليس من المستبعد أن تكون ورقة الانسحاب نوعا من الضغوط الأمريكية على الجانب المصري لتحمل جزء من فاتورة تمويل القوة، وفق المعادلة التي ينتهجها "ترامب" وتتمحور حول سياسة الدفع مقابل الحماية.

رفض مصري إسرائيلي

وفيما يبدو، فإن الخطط الأمريكية بشأن قوة حفظ السلام، لا تحظى بتأييد مصري، وقد تثير استياء القاهرة، التي تدرك ارتباط تواجد القوة بالمساعدات العسكرية الأمريكية المقدمة لمصر سنويا (2.1 مليار دولار، منها 815 مليون دولار معونة اقتصادية، و1.3 مليارات دولار معونة عسكرية).

وتثير الخطوة مخاوف مصرية من حدوث فراغ أمني بمنطقة الجورة شرق العريش، حيث يقع معسكر ومطار القوة، وهو ما قد يستغله تنظيم "الدولة الإسلامية" لصالحه.

 أما (إسرائيل) فقد عبرت سريعا عن انزعاجها من الخطوة، خشية أن تتسبب في زيادة التهديدات الأمنية والعسكرية قرب الحدود مع مصر، داعية إلى مناقشة الأمر مع الجانب الأمريكي.

وصرح عضو مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، وزير الطاقة "يوفال شتاينتز"، قائلا، إن "القوات الدولية في سيناء مهمة والمشاركة الأمريكية مهمة".

وفي وقت سابق، اعتبرت تل أبيب، على لسان جنرال بارز، أن مقترحات خفض عدد القوات الدولية بسيناء ستكون "مكافأة للإرهاب، وأن تفكيك أي موقع للقوة والمراقبين يهدد بتشجيع المتشددين"، بحسب "رويترز".

خيارات محتملة

ومع ذلك، يبدو أن خفض القوات الأمريكية بات خيارا مرجحا بقوة، يدعمه "ترامب" ووزير دفاعه "إسبر"، لكن تحت وطأة الضغوط الإسرائيلية والمصرية، قد يجري تأجيل الخطوة، أو إجراء خفض محدود وغير ملموس.

ووفق تأكيدات عسكرية صدرت في وقت سابق عن "البنتاجون"، فإن واشنطن ليست بصدد انسحاب كلي، بقدر ما هو إعادة تموضع وفقا للواقع الجديد في المنطقة، بما قد يشمل استبدال عدد من الجنود بطائرات دون طيار، وغيرها من أجهزة المراقبة والاستشعار عن بعد.

ويعزز من هذا التوجه، أن قوة حفظ السلام ليست قوات اشتباك من الأساس، بل هي قوات متابعة، معنية بمراقبة وقف إطلاق النار بين مصر و(إسرائيل)، وبالتالي ربما تكون هناك حاجة لتقييم دورها، وإعادة انتشارها، وربما إسناد مهام مختلفة لها.

ومنذ عام 2016، يطالب مسؤولون أمريكيون بنقل القوة إلى معسكر في جنوب سيناء، بعيدا عن أماكن التوتر في الشمال، حيث تنشط بقوة خلايا "ولاية سيناء"، وقد يكون ذلك خيارا مطروحا للتفاوض أيضا.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر سيناء الولايات المتحدة  إسرائيل قوات حفظ السلام

مقتل جندي مصري من قوات حفظ السلام في مالي

بطلب أمريكي.. إسرائيل تنقل لقاحات كورونا إلى سيناء