المظاهرات بعد الحكومة: عودة السياسة إلى العراق؟

الاثنين 11 مايو 2020 09:06 م

المظاهرات بعد الحكومة: عودة السياسة إلى العراق؟

تأليف الحكومة وعودة المظاهرات رغم كورونا والتصعيد الأمريكي الإيراني دليل قوّة إرادة المتظاهرين وعودة السياسة إلى العراق.

محاولات جهات متنفذة كسر الحراك بالقتل والخطف والترويع ومنع تشكيل حكومة جديدة، منهاج نظم قمعية فاسدة يمنع السياسة ويغلب البطش والإرهاب.

ستطرح الانتخابات تساؤلا عن إمكان خلق المحتجين كيانات سياسيّة تعبّر عن الكتلة الوطنية العراقية الأكبر التي كانت ضحية لتحالف الفساد السياسي والإجرام.

*     *     *

لم تكن مصادفة طبعا أن يقوم آلاف المتظاهرين العراقيين باستئناف احتجاجاتهم في وسط وجنوب البلاد بعد إعلان تشكيل حكومة جديدة برئاسة مصطفى الكاظمي، والوقفة الإجبارية التي أجبرتهم على التوقف قرابة شهر ونصف بعد إصدار السلطات قرارات مشابهة لما فعلته أغلب البلدان العربية لمنع انتشار جائحة كورونا في 17 الشهر الماضي.

ومن دون إخفاء أطراف سياسية عديدة، (بينها حكومة عادل عبد المهدي السابقة التي خاضت في دماء المتظاهرين)، الرغبة في أن يكون الوباء إعلانا لنهاية تلك التظاهرات التي أرّقت النظام ورعاته، من جهة أخرى.

تعتبر محاولات الجهات السياسية المتنفذة، التي مثلتها الحكومة العراقية السابقة، في كسر الحراك الجماهيري بالقتل والاغتيالات وخطف الناشطين والناشطات وترويع المتظاهرين، وكذلك في محاولة منع تشكيل حكومة جديدة، منهاجا معروفا للنظم القمعية الفاسدة عنوانه الرئيس منع السياسة وتغليب منطق البطش والإرهاب.

قام رئيس الحكومة المشكّلة حديثا بمحاولة محمودة بمدّ الجسور مع الجماهير العراقية الثائرة بإعلانه إطلاق سراح جميع موقوفي الاحتجاجات، وفتح تحقيق في جرائم القتل التي تعرّض لها المتظاهرون.

وكذلك أعاد اللواء عبد الوهاب الساعدي، وهو شخصية عسكرية لديها مصداقية لدى فئات عراقية عديدة، لكن الحكومة لم تخرج عن كونها محصلة لتوازنات القوى، وللمحاصصة الطائفية الإثنية والمناطقية، إضافة إلى كونها محصلة تفاهم مؤقت بين الخصمين الكبيرين الوازنين في الساحة العراقية: إيران وأمريكا.

كان لافتا في هذا الصدد، أن إعلان الحكومة الجديدة، فتح بابا مواربا بين طهران وواشنطن، وقد سارعت الجمهورية الإسلامية إلى جسّ إمكانياته بتشديدها أمس الأحد على دعوتها لتبادل السجناء مع أمريكا.

وإذا جرت عملية التبادل هذه، فستكون مؤشرا للطرف الإيراني إلى احتمال فتح الباب أكثر مع واشنطن، بعد شهور مرعبة من المواجهات المملوءة بالاحتمالات الخطيرة.

أعلن رئيس الوزراء الجديد في كلمته أمام البرلمان أن حكومته انتقالية إلى حين حصول انتخابات جديدة، وهو إعلان منطقيّ لكن الانتخابات، حتى لو جرت تحت إشراف دولي وراعت المعايير القانونية المتبعة عالميا، ستفتح باب التساؤل إن كان بإمكان المحتجين خلق تمثيلاتهم السياسيّة المعبّرة عن الكتلة الوطنية العراقية الأكبر، التي كانت ضحية لتحالف الفساد السياسي والإجرام، وهي الكتلة التي تمثل فعلا مصالح هؤلاء المتظاهرين..

أم أن المنظومة السياسيّة الفاسدة، والميليشيات الدمويّة التي تحاول كبح الشارع وإسكاته، والقوى الخارجية المرعوبة من خروج العراق من تحت سطوتها، ستتمكن، مجددا، من استغلال حدث الانتخابات، وإحكام قبضتها على الحكم من جديد؟

المطلوب من حكومة الكاظمي «الانتقالية» أكبر بكثير من إمكانياتها على تحقيقه، فتشكيلها على أسس المحاصصات، والذي هو من صلب لعبة المصالح السياسية والفساد والتبعية الخارجية، سيحدّ كثيرا من قدرتها على الحركة، بغض النظر عن الاتفاق على شخص رئيسها، وعن التسوية الاضطرارية بين طهران وواشنطن.

لكنّ تأليف الحكومة وعودة المظاهرات، رغم كورونا والتصعيد الأمريكي الإيراني، دليل على قوّة إرادة المتظاهرين العراقيين، ودليل أيضا على عودة السياسة إلى العراق.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

البرلمان العراقي يمنح الثقة لباقي أعضاء حكومة الكاظمي

أوامر عراقية بمنع قمع احتجاجات 25 أكتوبر في العراق