صدام حفتر - صالح.. هل ينهي صديق مصر الجديد سيطرة الجنرال على شرق ليبيا؟

الخميس 14 مايو 2020 12:33 ص

"لا يوجد ولن يوجد خلاف على المستوى الشخصي.. كل واحد منا لديه رأي، وهذه حرية، ويوجد احترام على أعلى مستوى"..

بهذه الكلمات علق رئيس مجلس النواب في طبرق الليبية "عقيلة صالح"، مطلع الشهر الحالي، على ردود الأفعال على إعلانه مبادرة سياسية للخروج من أزمة البلاد عقب إعلان الجنرال الليبي المتقاعد "خليفة حفتر"، تنصيب نفسه حاكما للبلاد، في خطوة رأى فيها مراقبون ردا على محاولة إسقاط برلمان طبرق الذي يترأسه "صالح"، والانفراد بالسلطة وحده.

خلال الأيام اللاحقة، بات الخلاف بين الرجلين أكثر وضوحا، فرغم إصرار "حفتر" على المضي قدما في تقديم نفسه حاكما منفردا للبلاد، وإسقاط اتفاق الصخيرات السياسي، أعلن "فتحي المريمي"، المستشار الإعلامي لـ"صالح"، تشكيل مجلس النواب المجتمع بطبرق للجنتين بشأن مبادرة رئيس المجلس السياسية، إحداهما لدراسة المبادرة، والثانية للاتصال بكافة الأطراف الليبية ومناقشتها ووضع تصورات حول كيفية تطبيقها.

كما كثّف "صالح" اتصالاته بالأطياف القبلية لشرح مبادرته، والتقى وفودا ممثلة لقبائل المغاربة، والعواقير والعبيد والعرفة والمجابرة والجوازي والعريبات وإجلالات والفوايد، كما التقى رئيس المجلس الأعلى لقبائل الزوية.

وفي المقابل، رد "حفتر" بمحاولة التفاف على القبائل التي أبدت دعمها لـ"صالح"، عبر إعلانه القبول بقرار المؤسسة الوطنية للنفط (مقرها طرابلس) توحيد مجلس إدارة شركة البريقة للنفط، المشغلة للموانئ في منطقة الهلال النفطي، شرقي ليبيا، بما يعني نزع الشرعية عن سيطرة القبائل على منابع النفط في المنطقة، في خطوة قرأها مراقبون على أنها محاولة يائسة للحصول على الدعم الدولي.

وبينما لم يسفر تحرك "حفتر" عن تأييد دولي ملموس لانقلابه السياسي، أثار قراره بشأن حقول النفط حفيظة "صالح" وأنصاره، ونتيجة لذلك، يبدو أن  جهود المصالحة التي تقودها دولة الإمارات بين الرجلين قد تعثرت، خاصة في ظل إصرار "صالح" على تفعيل مبادرته السياسية، معتزماً لقاء أكبر قدر من وفود المناطق والقبائل لحشد الدعم منها بعد تلقيه تشجيعا مصريا وروسيا، بحسب العديد من المصادر.

وقد انعكس هذا الخلاف فيما يبدو على تماسك الجبهة الداخلية في الشرق الليبي التي أصبحت أكثر سيولة وتتبدل فيها الولاءات بشكل سريع.

على سبيل المثال، أعلن قائد كتيبة التوحيد المدخلية (نسبة لربيع المدخلي أحد شيوخ السلفية)، الذي كان داعما تقليديا لـ"حفتر"،  أعلن ولاءه لـ"صالح" في مقطع فيديو قال فيه إن "ولي الأمر في هذه البلاد هو مجلس النواب المتمثل في المستشار عقيلة صالح (..) ولا يجوز الخروج عليه بأي حال من الأحوال، ومن خرج عليه فقد نقض البيعة وهذا من الغدر".

جبهة "حفتر" المتصدعة

وإزاء ذلك، يبدو أن تأييد "حفتر"، المحدود أصلا، في الداخل الليبي، آخذ في التآكل بشدة، خاصة مع فقدانه دعم قبيلة العبيدات، التي ينتمي إليها "عقيلة صالح"، وهو ما يخصم قدرا كبيرا من قوة الجنرال، حسب تقدير نشره موقع المجلس الأطلسي.

وتتمتع قبيلة العبيدات بثقل سياسي كبير في الشرق الليبي، حيث تدير مؤسسات أمنية في طبرق منذ زمن العثمانيين، ولم تكن أبدا على الهامش حتى في وقت الاستعمار الإيطالي.

وبإضافة إعلان أعيان وثوار سبها، في بيان، رفضهم لمشروع "حفتر" العسكري، وتأييد حكومة الوفاق، فإن الوضع بات مرشحا لتغييرات جذرية ليس في مدينة سبها وحدها، بل في كامل إقليم فزان، جنوبي ليبيا.

وعلى المستوى الخارجي، لم يتبق من الداعمين المخلصين للجنرال سوى دولة الإمارات، التي وقعت على بيان صادر عن دول المتوسط شمل مصر وفرنسا واليونان وقبرص، يندد بتحركات تركيا في المتوسط ودعمها العسكري لحكومة الوفاق الليبية، رغم أن الإمارات ليست من دول المتوسط، ولا توجد علاقة جغرافية تربطها بالأراضي الليبية.

وتدعم أبوظبي بقوة عملية "إيريني" الأوروبية، وهو تحرك تقوده فرنسا يهدف إلى عرقلة وصول الدعم التركي عبر البحر إلى حكومة الوفاق وقواتها، حيث يبدو أن أبوظبي لا تنوي التخلي عن الخيارات العسكرية ودعم أي حلول سياسية، حسب تقدير نشرته مجلة "فورميكي" الإيطالية.

وعللت المجلة الإيطالية ذلك بتورط أبوظبي في دفع مليارات الدولارات لدعم "حفتر" وارتهان نفوذها بشخصه إلى حد كبير، ناهيك عن أن الخيارات السياسية المطروحة يمكن أن تفرز شخصيات جديدة وهياكل سياسية قد تتعارض مع أطماعها في ليبيا، مع كون "عقيلة صالح" أقرب إلى القاهرة وموسكو.

جبهة "صالح"

في المقابل، يبدو أن رئيس مجلس النواب يكتسب دعما سياسيا متزايدا، حيث يحظى بقبول لدى موسكو، كما تدعمه واشنطن بقوة كأحد الشخصيات التي يمكن أن تقود توافقا سياسيا مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليا في الغرب.

ظهر ذلك في إعلان السفارة الأمريكية بليبيا، في 1 مايو/أيار، أن السفير "ريتشارد نورلاند" اتفق مع "صالح" على أهمية احترام العمليات الديمقراطية و"ضرورة تجنّب المحاولات الفردية لإملاء مستقبل ليبيا من جانب واحد وبقوة السلاح".

في الوقت نفسه، يبدو أن القاهرة تراجع أوراقها أيضا، بعدما خسرت الرهان على "حفتر" كحام لبوابة مصر الشرقية، خاصة في ظل أنباء عن أسر رائد في الجيش المصري في شرق ليبيا.

وفي هذا الإطار، بدأت مصر في البحث عن حلفاء بديلين في ليبيا استعدادا لمرحلة ما بعد الجنرال، واستقرت فيما يبدو على شخصين هما "عقيلة صالح"، الذي أيدت القاهرة مبادرته السياسية، و"عبدالرزاق الناظوري"، رئيس الأركان المعين من مجلس نواب طبرق، الذي فتحت معه مصر قناة تواصل، كونه شخصية عسكرية لم تشارك في الحرب على طرابلس، وفقا لما نقله موقع "العربي الجديد" عن مصادره.

وسبق أن شارك "الناظوري" في محاولة إسقاط نظام الرئيس الليبي الراحل "معمر القذافي" سنة 1993، وسُجن على أثر ذلك لمدة 13 عاما؛ ليخرج بعدها ويلتحق بالثورة الليبية التي أطاحت بحكم "القذافي" عام 2011.

فيما تبدو موسكو أقرب إلى موقف القاهرة الداعم لـ"صالح"، وهو ما تشير إليه ردود الأفعال الروسية الغاضبة من إعلان "حفتر" تفرّده بالسلطة، وسط تأكيد وزارة الخارجية الروسية والكرملين رفض خيار الحل العسكري وضرورة الحوار السياسي.

ويدعم التقارب الروسي مع تركيا مؤخرا ترجيح تخلي موسكو عن "حفتر"، إذ تقوم مقاربة روسيا على التعاون مع تركيا لـ"منع الأوروبيين من الانفراد بالملف الليبي".

ومع تشكل جبهة داخلية داعمة لـ"صالح" في الشرق الليبي، في وقت تعيد فيه العديد من القوى الدولية مراجعة علاقاتها مع "حفتر"، يبدو أن المشهد في شرق ليبيا سوف يشهد تغييرات جذرية خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خليفة حفتر عقيلة صالح

ليبيا.. ميليشيا حفتر تتلقى "ضربات ثقيلة" بقاعدة الوطية

مباحثات مصرية مع إسبانيا ومالطا حول ليبيا وسد النهضة