البحرية القطرية.. قوة صاعدة فوق مياه الخليج

الاثنين 18 مايو 2020 01:44 ص

قبل أن يكتمل العام الثالث من الحصار الرباعي المفروض على الدوحة، تتجه قطر نحو تحديث قواتها البحرية، وإعادة تقديم نفسها كقوة بحرية كبرى في منطقة الخليج.

وترتبط عملية التحديث بخطط جرى إقرارها منذ سنوات، لكن زادت وتيرتها في أعقاب تعرض البلاد لحصار بري وبحري من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، يونيو/حزيران 2017.

ووفق وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع "خالد العطية"، فإنك "لا يجب أن تلقي العبء كله على عاتق أصدقائك وحلفائك.. عند مرحلة ما ينبغي أن تقف وتدافع عن نفسك"، وهي الفلسفة التي ترتكز عليها استراتيجية تطوير القوات المسلحة القطرية.

جهود التطوير

تمتلك قطر قوة بحرية صغيرة نسبيا يبلغ قوامها نحو 3 آلاف شخص مع خطط لرفع تعدادها إلى 7 آلاف بحلول العام 2025.

ورغم ذلك، تحظى هذه القوة الصغيرة بإمكانات متطورة، وكثافة نارية، تؤهلها للعب دور في منطقة ملتهبة، كثيرا ما تشهد توترات سواء على المستوى الخليجي أو على المستوى الإقليمي الأوسع.

وتحتل قطر المرتبة الـ31 عالميا والمرتبة الأولى خليجيا من حيث عدد القطع في قواتها البحرية، حيث تملك نحو 80 قطعة بحرية، وفق موقع "جلوبال فاير باور" المتخصص في رصد القدرات العسكرية حول العالم.

وتأتي الإمارات في المرتبة 33 عالميا، والثانية خليجيا، بنحو 75 قطعة بحرية متنوعة.

وتحل السعودية في المرتبة الـ50 عالميا، والثالثة خليجيا، وتملك نحو 55 قطعة بحرية متنوعة.

أما البحرين فهي تحتل المرتبة 61 عالميا، والرابعة بين دول الخليج، بـ39 قطعة بحرية، تليها الكويت بـ 38 قطعة بحرية، ما يجعلها الخامسة خليجيا، و63 عالميا.

وفي ذيل التصنيف الخليجي، تأتي سلطنة عمان، التي تحتل المرتبة 88 عالميا، بنحو 16 قطعة بحرية فقط.

صفقات ضخمة

خلال السنوات الأخيرة، أبرمت قطر، عددا من الصفقات الضخمة، حققت لها نقلة نوعية في مجال التسليح.

ومن المقرر أن تكون قطر أول دولة خليجية تقوم بتشغيل غواصات بحرية وحاملة طائرات.

ومن المقرر أن تحصل البحرية القطرية، بموجب صفقة مع شركة الدفاع الإيطالية "فينكانتيري" بقيمة 5 مليارات، على سفن حربية وغواصات متطورة، كما تتضمن الصفقة أيضا اتفاقا على إنشاء قاعدة بحرية.

وبموجب الصفقة ذاتها، من المنتظر أن تحصل الدوحة على حاملة طائرات عمودية كبيرة، وأربع سفن حربية، وسفينة برمائية، وسفينتي دعم، بالإضافة إلى خدمات دعم وصيانة لمدة 15 عاما بعد التسليم.

ويوفر البند الأخير، للبحرية القطرية، فرصة لتعويض الفجوة التكنولوجية بين القدرات التشغيلية الحالية والصفقات المستقبلية المتطورة لمدة 15 عاما.

ووفق مسؤول بشركة "ليوناردو" الدفاعية (وهي شركة إيطالية أخرى)، فإن الشركة ستزود السفن بالأجهزة الإلكترونية وأنظمة الأسلحة مقابل نحو ثلث قيمة الصفقة.

وضمن خطط لتنويع مصادر السلاح، حصلت قطر على عدد من الزوارق الاعتراضية السريعة من شركة "يونجا أونيك" التركية، بقيمة 41 مليون يورو.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، تسلم خفر السواحل القطري، السفينة رقم 11 من بين 17 سفينة تركية الصنع، اشترتها الدوحة عام 2014.

كذلك ستحصل البحرية القطرية على عدد من زوارق الاقتحام السريعة شاملة التسليح من شركة "زودياك" الإنجليزية، بقيمة تبلغ 20 مليون دولار.

ووقعت البحرية القطرية، اتفاقا مع شركة الدفاع الألمانية "راينميتال"، تحصل بمقتضاه على معدات حماية للبنية التحتية الحيوية للمنشآت المختلفة، والمواقع العسكرية والاقتصادية في البلاد، تشمل أنظمة أمن ومراقبة متكاملة.

وتوفر اتفاقية مع شركة "كنيتيك" البريطانية، للبحرية الأميرية القطرية، المشورة حول أفضل الاستراتيجيات والممارسات في المحيطات والأنشطة التحويلية.

قاعدتان بحريتان

إلى جانب استراتيجية التسليح التي اتبعتها الدوحة، شهد العام الماضي، نقلة نوعية لافتة، بافتتاح قطر، قاعدة بحرية متخصصة في أمن الحدود وحراسة الموانئ والمنشآت النفطية.

وتقع قاعدة "الظعاين" في وسط الساحل الشرقي للإمارة في منطقة "سميسمة" على بعد نحو 30 كم شمال الدوحة، قبالة إيران التي تبعد نحو 230 كم عن قطر.

وتبلغ مساحة القاعدة نحو 639 ألفا و800 متر مربع، وهي تضم ميناء بعمق 6 أمتار.

وتجري قطر بالشراكة مع تركيا، عمليات إنشاء لقاعدة عسكرية بحرية ثانية، شمالي البلاد تحت اسم قاعدة "بروج"، من المقرر أن يتم تخصيصها للعمليات الخاصة البحرية، وتشمل مركزا للتدريب والتجهيز للدوريات والعمليات البحرية التدريبية.

وإلى جانب القاعدتين، تخصص قطر، سفينة تدريب بنتها تركيا (ضمن عقد ينص على بناء 4 سفن تدريب)، لتشغيل وإدارة تدريبات الكلية البحرية التابعة للقوات البحرية الأميرية القطرية.

وخلال العام الجاري، أنهت القوات الخاصة بالجيش القطري، بمشاركة قوات بريطانية، دورات بحرية خاصة لمنتسبيها، بغرض رفع الجاهزية والكفاءة.

نقاط قوة

بالنظر إلى تلك الصفقات والخطوات، فإن حجم التسليح الذي توفره الدوحة لقواتها البحرية، يجعل منها قوة بحرية استراتيجية تضاهي بحريات سائر دول الخليج، بحسب مجلة "فوربس" الأمريكية.

وتمنح الزوارق الإيطالية الجديدة، البحرية القطرية، قدرات نوعية، في المسح الراداري والتحذير من الغواصات والألغام، ومنظومة الحرب الإلكترونية، وكشف الطوربيدات المعادية وخداعها.

وتحظى حاملة المروحيات القطرية الجديدة، بقدرة على حمل 450 جنديا بكامل معداتهم، إضافة إلى طاقم تشغيل يصل إلى 150 فردا، مع إمكانية إنزال 30 مدرعة، و5 مروحيات ثقيلة.

وتهدف قطر من تطوير قواتها البحرية إلى حماية مواردها الهائلة من الطاقة التي تقدر بثلث الاحتياطي العالمي من الغاز، إضافة إلى تأمين بوارجها النفطية وناقلات الغاز العملاقة.

وتمنح البحرية القوية أيضا البلاد خيارات دفاعية وهجومية عدة، حال تعرضها لهجوم بحري، أو بري، معززة بأسطول جوي يعد من أكثر الأساطيل تطورا في المنطقة.

ولا شك أن الأزمة الخليجية، التي تدخل الشهر المقبل، عامها الرابع على التوالي، دفعت قطر نحو تعزيز قدراتها العسكرية، وتنويع مصادر تسليحها، وتوسيع شراكاتها الاستراتيجية، لتصبح قوة مؤثرها في محيطها الخليجي والعربي.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الحصار

عبر 3 عناصر.. كيف بنت قطر "قوة المياه الزرقاء"لحماية أمنها القومي ومصالح الطاقة؟