هل تتحول الصواريخ الإيرانية من مصدر للفخر إلى تهديد للنظام؟

السبت 16 مايو 2020 06:08 م

هناك شعور متناقض في إيران تجاه منظومة الصواريخ التي تمتلكها، فبينما تفتخر طهران بمشروعها القومي تسود حالة من الأسف بسبب حالات الفشل المتكررة التي قد تقوض هيبة القوات المسلحة الإيرانية.

وفقًا لوكالة الاستخبارات الأمريكية، تمتلك إيران أكبر قوة صاروخية في الشرق الأوسط. هذا ليس مفاجئا. منذ الوقت الذي تعرضت فيه إيران لحظر دولي على الأسلحة خلال الحرب مع العراق من 1980-1988 ومع افتقارها إلى سلاح جوي حديث، بدأت إيران في الاستثمار بكثافة في تطوير قدرات صاروخية محلية.

واليوم، تبنت إيران الصواريخ باعتبارها المكون الأساسي لردعها الاستراتيجي، ويفتخر الحرس الثوري وكذلك الجيش الإيراني النظامي، بامتلاك هذه الصواريخ وتطويرها. لذلك، فإن نجاح أو فشل الصواريخ له تأثير مباشر على التصور العام لكل من الحرس الثوري والجيش النظامي الإيراني.

تم إثبات فعالية صواريخ كروز الإيرانية وطائرات بدون طيار في 14 سبتمبر/أيلول 2019، مع شن هجمات دقيقة ضد منشأة "أرامكو" السعودية في بقيق وخريص شرق السعودية. وقد أعلن الحوثيون في اليمن مسؤوليتهم عن العملية الناجحة، ولكن لم يكن هناك أي شك في أن الحرس الثوري هو الفاعل الحقيقي.

وفي المقابل، فإن هجوم الصواريخ البالستية في 8 يناير/كانون الثاني على قاعدتين عسكريتين عراقيتين تستضيف القوات الأمريكية، والذي تولى الحرس الثوري مسؤوليته، لم يكن دقيقًا. لم يكن هناك قتلى أمريكيين، الأمر الذي قد يعكس إما نية إيران في الانتقام رمزياً لمقتل اللواء "قاسم سليماني" في 3 يناير/كانون الثاني دون تصعيد الأزمة أو الكشف ببساطة عن عدم دقة الصواريخ البالستية الإيرانية.

وقعت مأساة حقيقية في الساعات المتأخرة من 8 يناير/كانون الثاني عندما قامت قوات الدفاع الجوي التابعة للحرس الثوري الإيراني بإسقاط طائرة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 بطريق الخطأ، مما أسفر عن مقتل 167 راكبًا و9 من أفراد الطاقم. في البداية، نفت سلطات الطيران في الجمهورية الإسلامية أن صاروخًا أصاب الطائرة، لكن وكالات الاستخبارات الغربية كشفت أن الطائرة أسقطت بصاروخ أرض-جو من نوع  "Tor-M1" الذي أطلقته إيران.

اعتذر الرئيس "حسن روحاني" عن "الخطأ البشري"، وتحمل العميد "أمير علي حاجي زاده"، قائد القوة الجوية التابعة للحرس الثوري الإيراني، المسؤولية الشخصية في 11 يناير/كانون الثاني. وفي الوقت نفسه، أثار إنكار النظام وخداعه احتجاجات حاشدة لمدة 5 أيام متتالية حيث نزل الإيرانيون من الطبقة المتوسطة والعليا إلى الشوارع.

مع إطلاق الحرس الثوري الإيراني القمر الصناعي العسكري (نور) في 22 أبريل/نيسان، نهض "حاجي زاده" من رماد مأساة الطائرة المدنية إلى نصر جديد. وقال "حاجي زاده" في تعليقاته الأولى إن الوصول إلى الفضاء الخارجي "ليس خياراً، بل ضرورة". وهنأ قائد الحرس الثوري اللواء "حسين سلامي" المرشد الإيراني "علي خامنئي"، وقال إن "الإطلاق الناجح يرفع جوانب جديدة من القدرات الدفاعية الإيرانية".

وتمكنت ماكينة الدعاية التابعة للحرس الثوري الإيراني من الاستفادة من إدانة واشنطن لإطلاق القمر، حيث أبدى المسؤولون الأمريكيون، خشيتهم من استخدام تكنولوجيا الصواريخ الباليستية بعيدة المدى المستخدمة في وضع الأقمار الصناعية في المدار أيضًا لإطلاق رؤوس حربية نووية، وجادلوا في أن إطلاق الصواريخ ينتهك قرار مجلس الأمن رقم 2231. فيما، صورت دعاية الحرس الثوري إطلاق الصاروخ على أنه تحدٍ واستخدمت خطاب القومية الإيرانية.

وقد خلق الإطلاق الناجح بعض الإثارة والفخر في المنشورات باللغة الفارسية، ولكن على عكس الاحتجاجات الغاضبة بعد إسقاط الطائرة الأوكرانية، لم تكن هناك تجمعات عامة احتفالية.

تسبب أداء القوات المسلحة الإيرانية في مأساة جديدة في 10 مايو/أيار، حيث أصابت صواريخ انطلقت من الفرقاطة "جاماران" سفينة الدعم اللوجستي البحرية "كوناراك"، التي كانت تضع أهدافا في الماء كجزء من مناورة بحرية في خليج عمان، ما تسبب في مقتل 19 بحارا إيرانيا وإصابة 15 آخرين في الحادث.

وبينما صور الناشطون الإيرانيون المعارضون الحادث على أنه مثال آخر على فشل النظام، كافحت وسائل الإعلام الإيرانية التي تخضع لرقابة الحكومة لإيجاد طريقة لتدوير القصة لتقليل إحراج النظام. وكان الحادث مصدر إحراج كبير لنظام يهدد قادته السياسيون والعسكريون غالبًا بإغلاق مضيق هرمز أمام حركة الشحن الدولي.

ومن غير المعروف ما إذا كانت الحادثة الأخيرة ستثير موجة أخرى من الاحتجاجات المناهضة للنظام، لكنها تظهر التناقض الصارخ مع صورة الكفاءة وإتقان التكنولوجيا التي يصدرها الحرس الثوري والجيش النظامي.

من الواضح أن خسارة "كوناراك" و 19 بحارًا جراء نيران صديقة هي واحدة من الحوادث التي تحول مصدر الفخر الرئيسي للنظام الإيراني إلى عبء.

المصدر | علي الفونه - معهد دراسات دول الخليج- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

برنامج الصواريخ الإيراني صواريخ باليستية إيرانية قمر صناعي البحرية الإيرانية

كيف أصبحت القدرات الصاروخية العمود الفقري للاستراتيجية الإيرانية؟

فورين أفيرز: الحرس الثوري يستعد للسيطرة الكاملة على إيران

الطموح يصطدم بالواقع.. هكذا ستتصرف إيران بعد رفع حظر الأسلحة