كيف أصبحت القدرات الصاروخية العمود الفقري للاستراتيجية الإيرانية؟

الجمعة 26 يونيو 2020 12:41 م

تخضع القوة الصاروخية الإيرانية (وهي الأكبر في الشرق الأوسط وفقًا لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية) للمراقبة الدقيقة من قبل خبراء غير إيرانيين، ولكن ما الذي تكشفه المجلات العسكرية المنشورة في إيران عن ذلك؟ تم تحديد 6 مقالات عن برنامج الصواريخ الإيراني في مسح تجريبي عن هذا الموضوع في المجلات الأكاديمية لجامعة "الإمام الحسين" التابعة للحرس الثوري.

وبحسب الباحثين غير الإيرانيين، فإن مقالات المجلات تستند إلى حد كبير مصادر باللغة الإنجليزية، بدلاً من الاعتماد على أبحاث المحللين الإيرانيين. ومع ذلك، لا تزال المقالات تلقي بعض الضوء على وجهة نظر القيادة الإيرانية حول دور الصواريخ في الردع الاستراتيجي.

وبحسب مقال في مجلة "آفاق أمنية" عدد مايو/أيار 2019 فإن جذور برنامج الصواريخ الإيرانية تعود إلى حرب 1980-1988 مع العراق. حيث كانت إيران غير قادرة على الرد على استخدام العراق المنهجي للصواريخ البالستية، وغير قادرة على تمويل مشاريع تحديث القوات الجوية. ولكن بحلول منتصف الثمانينيات، بدأت الجمهورية الإسلامية برنامجًا محليًا لمواجهة التهديدات المستقبلية حيث اعتمد البرنامج إلى حد كبير على الهندسة العكسية للصواريخ البالستية السوفيتية والكورية الشمالية وصواريخ كروز الأمريكية التي تم شراؤها من سوريا وكوريا الشمالية ومن المجاهدين الأفغان.

تقدم مقالة في أغسطس/آب 2018 من مجلة "سياسة الدفاع" تصحيحًا باعتبار جذور برنامج الصواريخ الإيرانية يعود لأواخر السبعينيات. وبحسب المقال، فإن نظام الشاه "محمد رضا بهلوي" تواصل مع واشنطن لشراء صواريخ "لانس" قصيرة المدى أرض-أرض. وعندما رفضت واشنطن طلب الشاه، قالت إيران و(إسرائيل) إنهما وقعتا مذكرة سرية عام 1977 للانخراط في برنامج مشترك لتطوير الصواريخ الباليستية وتطويرها. في نفس الوقت تقريبًا، تابعت إيران برنامجًا نوويًا عسكريًا سريًا، بالتوازي مع برنامجها النووي المدني.

من الناحية السياسية، يقدم هذا المقال طرحا مهما لأنه يتعارض مع الرواية الرسمية بأن نظام "بهلوي" كان مجرد عميل للولايات المتحدة. كما يقدم رواية مهمة حول سعي إيران للحصول على قدرة صاروخية محلية باعتبارها طموحًا طويل الأمد لقوة إقليمية وليس مجرد رد فعل على الحرب مع العراق أو وظيفة ذات طبيعة ثورية للجمهورية الإسلامية.

بالانتقال إلى العصر الحالي، يخلص المقال إلى أن إيران جعلت قدراتها الصاروخية العمود الفقري لسياستها الدفاعية، وذلك بسبب التكلفة المنخفضة للصواريخ وتأثيرها المرتفع، إلى جانب إمكانية نقل الصواريخ إلى جهات من غير الدول، بما في ذلك قوات "الحشد الشعبي" العراقية و"حزب الله" اللبناني و"الحوثيين" في اليمن، و"حماس" في فلسطين، مما يغير ديناميكيات القوة في منطقة الشرق الأوسط. ويعتبر هذا المقال دليلا مهما لأنه منذ أن زودت الجمهورية الإسلامية "حزب الله" بالصواريخ منذ فترة طويلة كانت تنفي بشدة أنها تفعل الشيء نفسه فيما يتعلق بالمتمردين الحوثيين في اليمن.

وقد أثيرت مسألة إمكانية نقل إيران للصواريخ إلى الحلفاء سابقًا في مقال في نوفمبر/تشرين الثاني 2016 في مجلة "آفاق أمنية"، حيث يؤكد المؤلفون أن عمليات نقل الصواريخ الإيرانية إلى الخارج ليست على مستوى استراتيجي، وأن الجمهورية الإسلامية لا تشارك في نقل تكنولوجيا الصواريخ. ومع ذلك، فإن الموضوع الرئيسي للمقال هو نظام مراقبة تكنولوجيا الصواريخ وأنظمة مراقبة الأسلحة الأخرى، والتي تتعلق بإضفاء الطابع المؤسسي على احتكار القوى العظمى للأسلحة النووية وغيرها من الأسلحة المتقدمة، بحسب المقال.

ويتحدى برنامج إيران الصاروخي المحلي هذا الاحتكار ويعمل بمثابة معادل للقوة، ويقلل من الفجوة بين إيران والقوى العظمى، ويرى المقال أن: "أي إجراء، محتمل أو فعلي، لكبح جماح القدرة الصاروخية أو السيطرة عليها يساوي نزع السلاح واستسلام إيران في مواجهة التهديدات المختلفة".

يتناول مقال في عدد نوفمبر/تشرين الثاني 2016 من مجلة "سياسة الدفاع" القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط على وجه التحديد ، والتي، من وجهة نظر "سيد جواد صالحي" و"عباس فرح بخش"، تزود الجمهورية الإسلامية بأهداف محتملة، وبالتالي، تساهم في الردع ضد العدوان الأمريكي على إيران.

ففي مقالهما المفصل في عدد مايو/أيار 2018 من مجلة "سياسة الدفاع"، قال "علي قديم مولالو" و"سيد أصغر جعفري" من جامعة "مالك عشتار" للتكنولوجيا التابعة لوزارة الدفاع، إنهم قاموا بتوسيع قائمة الخصوم لتشمل (إسرائيل) واستنتجوا: "من خلال تطوير الصواريخ وتعزيز القدرة الهجومية، تجبر إيران أمريكا والنظام الذي يحتل القدس على التصرف بحذر أكبر ... ويمكنها إلى حد كبير منع الحرب".

وفي المقابل، يجادل مقال في عدد يونيو/حزيران 2019 من مجلة "سياسة الدفاع" بأن القلق بشأن برنامج الصواريخ الإيراني هو في الغالب نتيجة "إيران فوبيا" التي ترعاها الولايات المتحدة والغرض من هذه الدعاية، كما يقول "عيسى محمد حسيني" و"سيد جواد إمام"، هو "إضفاء الشرعية على وجود أنظمة الدفاع العسكري والصواريخ الأمريكية في الدول العربية، علاوة على ذلك، فإن تهديد الصواريخ الإيرانية يساعد الولايات المتحدة على بيع المزيد من الأسلحة لدول المنطقة".

ومن اللافت للنظر أن المقال اختتم بالتأكيد على مدى ودقة الصواريخ الإيرانية وبالتالي نقض السردية التي تم تصديرها في بداية المقال باعتبار الخوف من البرنامج الصاروخي الإيراني نابع من "إيران فوبيا".

يوضح المسح التجريبي للمجلات الأكاديمية بجامعة "الإمام الحسين" حدود الحرية الأكاديمية في الجمهورية الإسلامية. بدلاً من استخدام المصادر الأولية مثل تصريحات المسؤولين الإيرانيين، والتغطية الإعلامية لمختلف الأحداث المتعلقة ببرنامج الصواريخ الإيراني مثل اختبارات الصواريخ ونوع الوقود والمواصفات الفنية، تعتمد الدوريات على البيانات المقدمة في مصادر باللغة الإنجليزية نشرت في الخارج.

وينطبق الشيء نفسه، إلى حد ما، على التحليل، الذي يقوم على نظرية العلاقات الدولية الغربية وأدبيات الدراسات الاستراتيجية، باستثناء بعض الأجزاء التي تعكس وجهة نظر القيادة الإيرانية حول دور الصواريخ في الردع الاستراتيجي. في الوقت الحالي، توفر المعلومات من المصادر المفتوحة الفارسية (سواد كانت أكاديمية أو غير ذلك) النافذة الوحيدة المتاحة لمعرفة طريقة التفكير الاستراتيجي في طهران.

المصدر | علي الفونه/معهد دول الخليج في واشنطن- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

برنامج إيران الصاروخي البرنامج النووي الإيراني معادلة الردع

إيران لمجلس الأمن: سنواصل برنامج الصواريخ الباليستية

تقارير إسرائيلية: مصنع إيراني بسوريا يمد حزب الله بالصواريخ

إيران تزيح الستار عن 4 معدات عسكرية جديدة (صور)

إيران تطلق صاروخين جديدين للفضاء خلال أشهر