هل في يد أردوغان أوراق يمكن لعبها لمواجهة الركود الاقتصادي؟

الثلاثاء 19 مايو 2020 03:32 م

بالكاد تعافت تركيا من أول ركود اقتصادي لها خلال عشر سنوات، ليضربها فيروس كورونا المستجدّ بقوة. فأصبح الاقتصاد على وشك الانهيار مجدداً وخيارات الرئيس "رجب طيب أردوغان" محدودة.

بطالة على نطاق واسع، انهيار القطاع السياحي وعملة غير مستقرة: يلخّص "أتيلا ياسيلادا"، الخبير الاقتصادي في معهد أبحاث "جلوبل سورس بارتنرز"، الحالة في تركيا بالقول إن "الوضع سيء للغاية.

في مارس/آذار، كشف الرئيس التركي النقاب عن خطة لإنعاش الاقتصاد وأعلن رفعاً تدريجياً للقيود في مايو/أيار ويونيو/حزيران لتحفيز القوة الاقتصادية العالمية الـ19 من حيث الناتج المحلي الإجمالي الذي تبلغ قيمته 710 مليارات يورو.

لكن الخبراء الاقتصاديين يتوقعون ركوداً مؤلماً ويتحدث بعضهم حتى عن لجوء تركيا إلى صندوق النقد الدولي، الأمر الذي لطالما رفضه "أردوغان".

وإذا كان الأتراك يعتبرون أن اسم رئيسهم لطالما ارتبط بالازدهار، إلا أن الاقتصاد أصبح "نقطة ضعفه"، وفق قول "سونر كاجابتاي" من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بسبب نمو ضعيف (0.9% عام 2019) ومعدّل بطالة مرتفع (13.6% في فبراير/شباط) وتضخّم هائل (10.97% في أبريل/نيسان).

وبسبب هذه الأرقام السيئة تكبّد "أردوغان" نكسة مدوية في الانتخابات البلدية العام الماضي، وخسر إسطنبول وأنقرة.

وقال "كاجابتاي": “ليس هناك من اقتراع مرتقب في تركيا قبل عام 2023 لكن شعبيته (أردوغان) تتدهور وهو يدرك أنه سيكون من الصعب (…) تجاهل الدعوات لانتخابات مبكرة إذا انهار الاقتصاد”.

وفيما كانت أنقرة تعوّل على معدّل نمو يبلغ 5% لعام 2020، يتوقّع صندوق النقد الدولي حالياً انكماشاً للناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% وبطالة بنسبة 17.2%.

ويعكس تدهور قيمة الليرة التركية بنسبة تقارب الـ15% مقابل الدولار منذ مطلع العام، القلق في الأسواق. مطلع مايو/أيار، بلغت الليرة التركية أدنى مستوى لها في التاريخ، فقد سجلت 7.24 مقابل الدولار الواحد.

وهذا الأمر يزيد الدين الساحق بالعملات الأجنبية الذي يُثقل كاهل القطاع الخاص.

وتضرر القطاع السياحي الذي سجّل أرباحاً بأكثر من 31 مليار يورو في البلاد العام الماضي، جراء تعليق الرحلات منذ شهرين.

صندوق النقد الدولي الحلّ الأخير

ومن أجل تجنّب توقف النشاط الاقتصادي، اختار "أردوغان" أثناء تفشي الوباء تدابير محددة الأهداف، مثل فرض عزل فقط في عطلة نهاية كل أسبوع.

ومقابل الأرقام الاقتصادية القاتمة التي تسجّلها تركيا، يتوقع خبراء أنه لن يكون لديها خيار سوى طلب مساعدة صندوق النقد الدولي.

ولجأت أنقرة إلى هذا الصندوق 19 مرة في تاريخها. لكن بالنسبة لـ"أردوغان" المدافع عن السيادة الوطنية، سيشكل ذلك إذلالاً.

ويعتبر مكتب "كابيتل إيكونوميكس" الاستشاري في مذكرة أن "ذلك سيكون حلّه الأخير (…) سيستنفد كل الخيارات الأخرى قبل أن يطلب خطة إنقاذ".

في الوقت الراهن، تعوّل أنقرة على اتفاقات "مقايضة"، وهي آلية آمنة تهدف إلى تجنّب حصول نقص في التزوّد بالعملات، مع المصارف المركزية الأجنبية، خصوصاً البنك المركزي الأمريكي.

هذا ما يفسّر "تقارب" أنقرة من واشنطن خصوصاً مع إرسال معدّات طبية، وفق قول "كاجابتاي".

ولا يزال في يد "أردوغان" بعص الأوراق التي يمكن أن يلعبها.

ويُفترض أن يخفف تراجع أسعار النفط من نسبة التضخّم، بحسب البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية الذي يتوقع "انتعاشاً قويا" للنمو التركي عام 2021.

ويمكن لأنقرة أن تستفيد أيضاً من نية الشركات الأوروبية أن تقرّب جغرافياً سلاسلها الإنتاجية لكسب أقسام من السوق واستقطاب استثمارات.

ويشير "ياسيلادا" إلى أن "ذلك يخلق فرصاً لتركيا. لديها رواتب متدنية ويد عاملة مؤهلة، وبرزت دائما من خلال تقديم سلع عالية الجودة في الوقت المناسب".

ويرى أن تركيا وبإثباتها صلابة نظامها الصحي، يمكن أن تستفيد أيضاً بعد انتهاء أزمة الوباء، من ازدهار قطاع السياحة الطبية لديها.

وبرزت تركيا بعدد وفيات جراء كوفيد-19 منخفض نسبياً: حوالي 4200 وفاة من أصل 150 ألف إصابة، وفق الحصيلة الرسمية.

 

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

ركود اقتصادي كورونا