التحالف يحقق مكاسب باليمن لكن حلم السلام لا يزال بعيدا

الخميس 20 أغسطس 2015 06:08 ص

تجوب الدبابات الإماراتية المناطق الصخرية بجنوب اليمن، بينما تحلق طائرات الأباتشي، التابعة للتحالف العربي بقيادة السعودية، في سمائها؛ لتساعد «المقاومة الشعبية»، الموالية للحكومة الشرعية، على التقدم في مواجهة المتمردين الحوثيين المتحالفين مع إيران.

وساعدت الأسلحة المتقدمة التي نشرتها دول الخليج العربية عناصر «المقاومة الشعبية» على التقدم إلى أراض يسيطر عليها الحوثيون مما غير دفة الأمور في الحرب المرتبطة بصراع إقليمي على النفوذ بين الدول السنية وإيران.

لكن بعض اليمنيين يخشون الآن من أن رغبة التحالف في تسديد ضربة ميدانية حاسمة قد تقضي على فرص التوصل إلى تسوية يمكن أن تتيح جمع شتات البلد الممزق وتجنب العاصمة صنعاء مواجهة مدمرة.

يقول «محمد العواضي»، وهو صاحب متجر عطارة صغير  في صنعاء، لوكالة «رويترز»: «كل سكان المدينة خائفون من وصول الحرب إلى هنا. الناس تخزن المواد الغذائية، وآخرون هربوا إلى الأرياف».

وواصل حديثه مضيفا: «صنعاء مليئة بالمسلحين الحوثيين المنتشرين في كل مكان».

وقال وزير الخارجية اليمني، «رياض ياسين» إن الحرب قد تنتهي قريبا بالسقوط العنيف لزعيم الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق، «علي عبد الله صالح».

وصرح «ياسين» لصحيفة «عكاظ» السعودية: «بالنسبة للمخلوع صالح أؤكد أنه يعيش حالة بائسة، واعتقد أنه إما أن يهرب إلى دولة خارجية أو أنه يلقى نفس مصير (الرئيس الليبي السابق معمر) القذافي بمعنى يقتل في أحد الجحور أو الأقبية. فيما يتعلق بـ (عبد الملك الحوثي، زعيم الحوثيين) فأعتقد أنه سيهرب إلى إيران، أو سيلجأ إلى منطقة جبلية سيحولها لبؤرة قتال».

ونحى «صالح» و«الحوثيون» سنوات من العداء جانبا ليشكلوا تحالفا لم يكن ليخطر ببال فسيطروا على العاصمة في سبتمبر/أيلول الماضي، ثم تقدموا صوب مدينة عدن، جنوب البلاد، في مارس/آذار من العام الحالي؛ وهو ما أدى إلى التدخل العسكري الذي قادته السعودية بمئات الضربات الجوية.

وخشيت المملكة من أن تؤدي العلاقات بين الحوثيين وطهران إلى أن تقع جارتها الجنوبية تحت النفوذ الإيراني، لكن الحوثيين ينفون أن يكون ولاؤهم لإيران، ويقولون إنهم يحاولون إنقاذ اليمن من «الجهاديين والإمبريالية الغربية».

ولم يطرأ تغير يذكر على خطوط المعركة بعد اندلاع الحرب في 26 مارس/آذار، لكن السعودية والإمارات استغلتا الوقت في تدريب وتسليح المقاتلين الجنوبيين الموالين للحكومة التي يوجد مقرها في الرياض، والذين نجحوا في إخراج الحوثيين من عدن الشهر الماضي.

وعلى الرغم من إحراز تقدم صوب العاصمة على ثلاث جبهات، فإن مقاتلي «المقاومة الشعبية» ربما تواجه صعوبة أكبر في السيطرة على معقل جماعة «الحوثي» في شمال البلاد.

وقال دبلوماسي في الخليج مهتم بالشأن اليمني لـ«رويترز» إن هناك حاجة «لضمان ألا تتطور قوة دفع عسكرية طائشة تتجاهل المخاطر الواضحة للمضي قدما».

وأضاف: «الهدف العسكري للتحالف، وهو إعادة التوازن على الأرض بحيث يمكن استئناف المحادثات السياسية حين تكون الحكومة في موقع قوة تحقق. وبالتالي فإن من المهم تحويل قوة الدفع العسكرية إلى قوة دفع سياسية».

بنــاء الـدولــة

بالنسبة لدول الخليج العربية الغاضبة من دور إيران في حربين لهما أبعاد طائفية في سوريا والعراق فإن تحقيق مكاسب في اليمن يثبت أنها قادرة على مواجهة عدوتها اللدود على الرغم من توصل حليفتها الولايات المتحدة إلى اتفاق نووي مع طهران الشهر الماضي.

وكتب «أنور قرقاش»، وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي على صفحته على موقع «تويتر»، هذا الشهر، قائلا: «نجاح التحالف العربي الذي تقوده السعودية يغير كثيرا من الأدوات السياسية بالمنطقة. قدرتنا على التأثير على العالم باتت الآن ملموسة».

وأضاف: «عند المقارنة بأزمات أخرى في الآونة الأخيرة.العرب يمسكون بزمام الأمور».

ولكن في حين أن تحقيق مكاسب ميدانية في اليمن إلى جانب الوضع الاستراتيجي في المنطقة شجع أغنى دول العالم العربي فإنها تواجه أول اختبار لبناء دولة في واحدة من البلدان العربية الأكثر خطورة والأشد فقرا.

وظهر فجأة فرع لتنظيم «الدولة الإسلامية» المتشدد في اليمن نفذ تفجيرات استهدفت الشيعة، وهو ما أثار شبح العنف الدموي بين الجماعات الدينية الذي ظل لفترة طويلة احتمالا بعيدا.

ونتيجة للقتال ضد الحوثيين على مدى شهور، وحد مقاتلون من تنظيم «القاعدة في جزيرة العرب»، فرع القاعدة في اليمن، صفوفهم مع رجال قبائل في أجزاء نائية ووعرة من البلاد؛ وهو ما يعزز شرعية هذا التنظيم وتواجده على الأرض.

في الوقت نفسه فإن سكان عدن التي لحقت بها أضرار بالغة نتيجة قصف الحوثيين يقولون إنهم مازالوا يواجهون صعوبات كبيرة بسبب نقص الكهرباء.

وتجوب فصائل مسلحة مختلفة الشوارع في غياب الشرطة والحكومة، وقد يؤثر فراغ السلطة والغموض السياسي على تقدمها شمالا.

وقال المتحدث باسم الحكومة اليمنية، «راجح بادي»، لـ«رويترز»: «مستوى الأضرار والاحتياجات الإنسانية مرتفع جدا في المناطق المحررة. الحوثيون وصالح دمروا الدولة اليمنية والتحدي في الوقت الحالي أكبر من قدراتنا وإن كنا نعمل مع شركائنا الخليجيين لمواجهته».

وأضاف «بادي» أن الحكومة التي تمارس عملها من الرياض تبذل جهودا دبلوماسية لتجنب مواجهة نهائية، لكن بينما تواصل القوات الموالية للحكومة تقدمها يمكن أن يقتنع الحوثيون بالتراجع، وهو أمر على درجة من الأهمية بحيث يمكن أن يحدد مصير البلاد، وقدرة دول الخليج على إحلال السلام فيه.

وتابع: «نأمل أن يستوعب الحوثيون وصالح الدروس من خسائرهم وينسحبوا... كلما اضطروا للتراجع زادت التنازلات التي سيكون لديهم استعداد لتقديمها».

  كلمات مفتاحية

التحالف السعودية اليمن السلام الإمارات الحوثيون ايران التسوية

الحكومة اليمنية تنفي مشاركتها في محادثات مسقط مع «الحوثيين»

اليمن .. معارك في مصلحة العبث

«ستراتفور»: أوراق اللعبة في اليمن تتركز في يد دول الخليج وقوى الحراك الجنوبي

الرئيس «هادي» من قطر: قريبا نرفع علم اليمن في معقل الحوثيين بصعدة

وزير الخارجية اليمني: لا حوار سياسي قبل عودة الشرعية للبلاد

«ستراتفور»: أوراق اللعبة في اليمن تتركز في يد دول الخليج وقوى الحراك الجنوبي